زينب حسن أبو زيد كشفت دراسة بعنوان »النصاري في الاندلس منذ بداية عصر الطوائف إلي نهاية عصر الموحدين، عن عدم اضطهاد المرابطين والموحدين لنصاري الأندلس مثلما ادعي بعض المؤرخين الغربيين أمثال »سيمونيت« في كتابه »تاريخ المستعربين النصاري« في أسبانيا. قدمت الدراسة الباحثة زينب حسن أبوزيد للحصول علي درجة الدكتوراة لتستكمل ما بدأته في رسالتها للماجستير عن أهل الذمة في الاندلس. الباحثة أشارت إلي أن حياة نصاري الأندلس منذ الفتح الإسلامي إلي نهاية الدولة العامرية حفلت بالكثير من مظاهر التعايش السلمي بين المسلمين والنصاري بالأندلس مؤكدة - بمصادرها - أنه لما قدم المسلمون إلي الاندلس أبقوا علي التنظيمات الادارية السائدة وأعطوا لقيادات هذه التنظيمات الحرية في السير وفقا لأعرافهم وقوانينهم، ومن مظاهر ذلك إبقاؤهم علي وجود منصب »القومس« Comes، علي رأس التنظيم الاداري للجماعة النصرانية في كل مدينة، ليكون حلقة الوصل بين الجماعة النصرانية. وربطت الدراسة الماضي بالحاضر، فلم يكن القرن التاسع الميلادي ببعيد عن القرن الحادي والعشرين، في بناء المساجد بجوار الكنائس، فذكرت المصادر - كما جاء في الدراسة - أنه في القرن التاسع الميلادي سقطت منارة الجامع الأكبر في طليطلة، وكان بجواره كنيسة، فطلب أهل طليطلة من الأمير محمد بن عبدالرحمن أن يعطيهم إذنا لإعادة البناء، وقد أرفقوا مع الطلب إذنا بإعادة بناء غرفة الصلاة بالكنيسة. وأشارت الدراسة إلي أنه في تلك الفترة لم يحرم النصاري من تولي المناصب المختلفة بالدولة حتي أنه عهد إلي بعضهم بجباية الضرائب من المسلمين مثل »ربيع القومس« زمن الحكم الربضي، كما وصل الود بين المسلمين ونصاري الأندلس في زواج العرب من نصرانيات. ولم تغفل الدراسة التنويه عن مشاركة نصاري الأندلس في الصراعات التي نشأت في تلك الفترة. بهذه التفاصيل الدقيقة مهدت الباحثة لسرد القضايا التي تناولتها في فصول الدراسة الثلاثة. ففي الفصل الأول تناولت الحياة الخاصة للجماعة النصرانية من حيث التنظيمات الإدارية والمدنية، فأشارت إلي منح نصاري الأندلس الحرية في اختيار منصب حاكم الجماعات النصرانية ومن أشهرهم ابن القلاس »زعيم الجماعة النصرانية بغرناطة« والذي حمل لقب »كونت« وهو أشهر المتآمرين علي الدولة الإسلامية في الأندلس. المصادر شددت علي أن النصاري في المدن ظل عددهم الكبير يتناقص تدريجيا وسكنوا المناطق الريفية بأعداد كبيرة، وعادة ما كانوا يعيشون في محيط كنائسهم. وكان النصاري لا يجدون غضاضة في التعلم علي أيدي أساتذة مسلمين ومن هؤلاء الأساتذة عبدالله بن سهل الغرناطي، محمد بن أحمد بن أبي بكر، كما تعلم المسلمون علي أيدي أساتذة نصاري مثلما تعلم أبوعبدالله الكتاني علم المنطق علي يد أستاذ نصراني هو أبوالحارث الأسقف. واختصت الباحثة الفصل الثاني من الدراسة عن الحياة العامة لنصاري الأندلس فأشارت فيه علي علاقة النصاري بالدولة والتي تم تنظيمها - منذ الفتح - وفقا لبنود المعاهدات المبرمة بين الطرفين، والتي كفلت لهم حرية المعتقد، وتوفير الحماية والأمن مقابل أداء الجزية. وجاء الفصل الأخير من الدراسة ليتناول دور نصاري الأندلس في الحياة السياسية. تم مناقشة الرسالة أمام لجنة حكم بكلية الآداب جامعة القاهرة ضمت د.عبادة كحيلة »مشرفا«، د.محمود اسماعيل ،د.عبداللطيف عبدالحليم »مناقشين«