أضل الطريق أحيانا وفي اللحظة التي أتأكد فيها أنني تهت تنبت علي شفتي ابتسامة كسولة ودودة باهتة ابتسامة لن يفهمها غيرك توحي للآخرين بأنك علي ما يرام وأنك مهموم باشياء ليس مهما ان تتحدث فيها مع أحد وعندما تستوعب المكان الذي تهت فيه ترفع رأسك قليلا وتكف عن تفادي النظرات التي كنت قبل لحظات حريصا علي تفاديها وربما وقعت عيناك علي بيت ... يفرض ايقاعه علي البنايات المجاورة الحديثة ولا يدعي أكثر مما خلقت البيوت له وربما لافتة مكتوبة بفيض عظيم أحيانا تغفر الموسيقي "للأماكن" باذخة الإضاءة وتمنحك وأنت تتأمل حركة المكان المفاجئ ثقة مفاجئة كأن تغازل واحدة بطريقة بدائية .. هي تعرف انك تعرف انك أخطأت وتبطئ من خطواتها قليلا وأنت لا تعرف كيف تختفي ؟! ومرات تنتقي مقهي أو مطعما لكي ترتب ابتسامتك ... أو حانة اذا كان المكان الذي ضللت فيه به حانات وهذا لا يحدث إلا نادراً لأنك لا تشعر في الأماكن القديمة انك تهت وتعرف أيضا انه لا يوجد أشخاص ودودون في الأماكن الجديدة يعتقدون أنك عابر ولا يأخذون مودتك محمل الجد وخصوصا اذا دخلت عليهم متأخرا المودة تأتي ربما .. بعد ذلك عندما يكتشفوا احتياجك للمكان يحلو الذهاب الي الأماكن الجديدة في الهزائم وعندما يبوخ الكلام في الأماكن القديمة التي يعيش فيها أصدقاؤك وأقاربك وأعداؤك وتكون مضطرا الي المشي بمفردك تماما أنت لا تشكو من شئ محدد وتشفق علي الذين لم يضلوا أبدا ولكنك مضطر لمجاراة موسيقي لا تعنيك تخرج من الأماكن الجديدة التي لم تكتشف ايقاعها بعد رغم الإضاءة المفتعلة القديمة والتي تشعر أصحاب الجديدة بالزهو وأنت تائه لا تفكر في الإحتفاظ بذكريات مع المكان الذي تهت فيه أنت تستعرض فقط صورا لا تلوح لك الا هناك ترتبط معظمها باللحظات .. الكثيرة التي كنت تنسحب منها حزينا وغاضبا اللحظات التي كنت تتمني أن تبكي فيها بصوت عال وفي أي مكان ولا تصير هكذا! اللحظات التي كنت تنتظر أن يكافئك الآخرون فيها علي ايقاعك وانت تتفاداهم اللحظات التي تضعها جنب بعضها عندما تريد أن تقيس زمنك في الأيام الأخيرة أنت فرحان لأنه يوجد ما يدعو للفرح تتفقد وسط المدينة (مدينتك القديمة) بروح حزين وتشعر أنك تفتقد الإبتسامة الكسولة الودودة الباهتة والتي لن يفهمها غيرك .