لم يتنبه الكافة إلي أهمية ميدان التحرير، وتمركزه لجميع مداخل ومخارج منطقة وسط البلد، وما يرمز إليه إلا بعد يوم الخامس والعشرين من يناير عام 2011 اليوم الذي استيقظ فيه الشعب المصري من غفوته الطويلة، بعد أن نفد صبره وتحمله للطواغيت الذين نهبوا خيرات الوطن بل سرقوا أحلامه، انطلق الشباب ليثبتوا- للعالم- أنهم يعشقون ثري وطنهم، وأن أبسط المطالب العادلة هي: التغيير، الحرية، العدالة الاجتماعية، وقفوا يجأرون من قلوبهم بحقهم، بهتافاتهم الدالة، دون عنف- سلمية.. سلمية- المسلم بجوار المسيحي لا فرق بين هذا وذاك المحك هو الوطن- الكل يدٌ واحدة- الفتي بجوار الفتاة، لا تحرش وإنما وئام ووطنية، يصرخون بأعلي صوت: "تحيا مصر.. ارحل.. ارحل". بطبيعة الحال، لا بد أن تؤثر هذه الثورة الخلاقة في الإبداع والمبدعين؛ الكل يعبر بموهبته عن الحدث الفارق في تاريخ مصر الحديث، الفرحة العارمة تتغلغل إلي القلوب المكلومة. فتفرز إبداعًا يؤطر لهذه الثورة الشعبية، ولقد صدر مؤخرًا عن الدار المصرية اللبنانية رواية "7 أيام في التحرير" للكاتب هشام الخشن، نسجها بقلبه وعواطفه الجياشة قبالة ثورة الشباب في الخامس والعشرين من يناير، قسمها الكاتب - كما يبين من اسمها - سبعة أيام ثم فصل منفرد موسوم البداية، لا تسرد الرواية أحداثا متعاقبة وإنما أيام بعينها من أيام الثورة - 18 يوم - بدأها (اليوم الأول الاثنين 24 يناير2011) في هذا الفصل رسم ملامح الشخصيات الأساسية للرواية - التي نجدها في باقي الفصول بصورة تراتبية - نجد باسم ووالده الدكتور أحمد، وصديقته وجارته شيرين، رامز وأسرته، إلهام وزوجها رجل الحزب الوطني عبد الحميد، شريف طالب الشرطة وأخوه عادل ضابط أمن الدولة، خالد مدير شركة سياحية وزوجته كارول، عبد الله الشاب المتدين المنضم للإخوان المسلمين، تسرد فصول الرواية ما حدث لمجموعة من الشباب مختلفي الأهواء والانتماءات، وتوحدهم في رؤاهم - رغم اختلافهم في البداية -، لقد وحدت الثورة أفكارهم وبينت ضرورة اتحادهم، فظهر الإصرار علي التغيير، وهرب الخنوع والضعف من النفوس، الكل انصهر في بوتقة الوطن. لا أحب أن ألخص الرواية في بضعة أسطر، وأفسد متعة من يقرأها، لكن ثمة ملاحظات مهمة لا تقلل من جودة العمل الروائي، لقد أفرط الكاتب في استخدام (كان) بصورة لافتة في السرد الروائي علي طول صفحات الرواية (151صفحة)، مثال ذلك: الصفحة الثالثة عشر كرر (كان) سبع مرات، دون مبرر فني أو لغوي. الحوار في الرواية، صاغه الكاتب علي غرار الحوار المسرحي، اسم الشخصية بجوارها الحوار، فضلاً علي أن الحوار يحتاج إلي إعادة صياغة لاتسامه بالمباشرة في أحيان كثيرة، ولكونه حوارا زاعقا، ولا يتناسب مع بعض شخصيات الرواية مثل عم عبده والأسطي عزيز. والجدير بالذكر أن الإبداع الروائي لا يحتاج بالضرورة مقدمة من المؤلف، قبل الولوج إلي أحداث الرواية. علاوة علي أن نهاية الرواية لم تكن موفقة، فالرواية تنتهي باليوم السابع، أما الفصل المعنون: البداية لا ضرورة فنية له، وبه تزيُّدٌ لا طائل منه في السرد الروائي. وائل وجدي