كان من صاغ مصطلح "الواقعية السحرية" ناقداً فنياً أراد أن يصف الموجة الجديدة من التصوير الزيتي في ألمانيا في العشرينات من القرن العشرين. لقد ابتعد العمل عن "التعبيرية" المتقلبة هذه الأيام، مركزاً علي الواقع المادي حتي حينما ينفتح علي الغيبية المراوغة في ترتيب نسق الأشياء الحياتية. وبالرغم من ذلك، أحياناً يحك الخيال مرفقيه بالواقع: في إحدي اللوحات تشارك اللامبالاة المتضخمة علي المائدة مع رجال لا رؤوس لهم وهم يرتدون حللهم الرسمية. في الأدب مثلما هو الحال في الفن التشكيلي، يسيطر الرجال علي النوع الفني. كذلك ابتكر النقاد مسمي "النسوية السحرية" فقط من أجل سجلات أسرة متعددة الأجيال، تجسد إرادة قوية للنساء تشتبك في العادة مع علاقات الحب المغري ضد خلفية الحرب والثورة السياسية. إن كل هذه العناصر حاضرة في روايتها الأخيرة "جزيرة تحت البحر" التي تدور أحداثها في "هاييتي" في أواخر القرن الثامن عشر. البطلة هي خلاسية اسمها "زاريتي"، خادمة لدي زوجة مزارع قصب، يصيبها الجنون بالتدريج (يبدو أن منطقة الكاريبي كان لها تأثير قوي مشوش علي النساء في الخيال منذ "جين إير" وطالع). وحتي قبل وفاة ربة المنزل تصبح "زاريتي" خليلة لسيدها "فالموراين"، مستسلمة لهذا الدور عبر عقود وحدود، حتي حينما يفر إلي "نيوأورليانز" بعد ثورة العبيد، 1791. صورت اللوحة التي أنتجتها "آليندي" ما لا يقل عن تاريخ ثوري لأول جمهورية سوداء في العالم، كما صورت الفصائل المختلفة في الجزيرة: الجمهوريون في مقابل الملكيين، السود مقابل الخلاسيين، المنادين بإلغاء العبودية مقابل المزارعين، العبيد مقابل الأسياد. إنها تعربد في تفاصيل الفترة: قبعات ريش النعام، ثياب عالية الخصر، وجبات تضم الخنازير الرضع بالكرز. ملامح وجهها تعادل نبض الحياة: المومس السوداء القوقازية والضابط الفرنسي الذي يتزوجها؛ زوجة "فالموريان" الثانية حاكم "كريول لويزيانا"؛ المتمرد عشيق "زاريتي" الذي التحق ب"توسانت لوفرتور"في التلال. لكن بسبب اكتساح الرواية وغمرها لمساحات شاسعة، تفتقر القصة إلي تعقيد الشخصيات وتأصيلها. كما أن أسلوبها تقليدي. ما تستعجب له هو الرجال بلا رؤوس أو في حالة "آليندي" نساء بلا رؤوس؟ أين الواقعية السحرية؟ ما هو "سحر" موجود في الرواية، يظهر في تقاطع التاريخ الهاييتي والفلكلور المتأثر بالسحر والشعوذة. صحيح أن "هاييتي" هي الملهمة للاستخدام الأدبي المبكر لمصطلح "الواقعية السحرية". فبعد رحلة الكاتب الكوبي "آليجور كاربنتيير" إلي هناك عام 1943، حيث كتب مقالة مؤثرة ترصد المشاهد الطبيعية والسياسية في الأمريكتين؛ كان الواقع بالفعل خيالياً. إن تعبيره الخيالي لهذه الحجة، "مملكة هذا العالم" التي تميز أيضاً ملامح ثورة العبيد، هو الذي ألهم "آليندي"، مباشرة. كلتا الروايتين تحتويان علي حادثة تمثل دور "ما فوق الطبيعة" في التاريخ الهاييتي، لكن "آليندي" دافعت عن منهج يعكس انحرافاً عن الطريقة التجريبية التي تميز عملها المبكر. ففي عام 1758، أحرقت الطبقة الحاكمة من الملاك الزراعيين قائد التمرد "فرانسويز ماكندال"، أحد العبيد المسلحين الهاربين من كهان السحر والشعوذة، أحرقته حياً. وتجعله الأسطورة يهرب من النيران عن طريق تحويل نفسه إلي بعوضة. وتفسر رواية "كاربنتيير": "يدخل ماكندال غالباً إلي العالم الغامض للحشرات، حيث يتشكل بفقد الذراع الإنساني مع امتلاكه لعدة أقدام وأربعة أجنحة وقرون استشعار طويلة". لكن "آليندي" في عرضها أو طرحها الفني يكون هذا هو كل شيء، بشكل محبط، مجرد مسألة منظور: "البيض... رأوا ماكندال جثة متفحمة. الزنوج لم يروا شيئاً سوي موقعاً فارغاً". وفي مراجعة ترحيبية، تضع "آليندي" النساء في صدارة قصة التمرد. فهي تستبدل إله الحرب "أوجون" الأفريقي بإلهة الحب "إيرزولي". (وفي أحد الأحداث التي يقترب معظمها من الواقعية السحرية، يمتلك "إيرزولي" "زاريتي"، لكن حتي حينئذ لا يكون من الواضح ما إذا كان هذا يحدث فقط في مخيلة "زاريتي"). لكن "آليندي" في النهاية قايضت بلغة وتقنية مبتكرتين في الأساس مقابل فخامة وأبهة تاريخية صريحة. فهناك فيض من الميلودراما والمصادفات في رواية "جزيرة تحت البحر"، لكن ليس كثيراً من السحر.