يجلس الآن سلمان رشدي بجانب وكيله الأدبي علي كنبة بشقة في إحدي بنايات مانهاتن، ليسجّل السنوات الصعبة التي قضاها مختبئاً بعد الفتوي التي أطلقها آية الله خميني عام 1989، رداً علي رواية "آيات شيطانية". يقول رشدي:"مع بداية هذا العام بدأت أشعر أنني مستعد لمواجهة التحدي"، وأضاف:"لم أشك لحظة في أنني سأكتب حياتي، خاصة ما حدث لي في هذه السنوات، من هروب مستمر، وحراس خاصين، والحياة المتوقفة لرجل مهدد بالقتل، لكن الأمر كان يحتاج للهدوء". ويوضح:"ولأنني صرتُ حدثاً دعائياً نادراً في التاريخ الحديث، كان يصدمني سؤالي ماذا يتبقي كي أحكيه". وبينما يعمل في مذكراته التي أعلن أنه علي وشك الانتهاء منها، يصدر كتابا جديدا للأطفال هو كتابه الثاني، عنوانه"لوكا ونار الحياة"، وهي رواية للأطفال محكية بمصطلحات سردية خاصة بالبلاي ستيشن وغير محددة الزمان والمكان، ربما في نفس فترة شهر زاد ألف ليلة وليلة. لا يعتبر هذا المزج الغريب بين الأنواع الأدبية هو ما يجعل رشدي أكثر من أسطورة أخري للقراء غير الخبراء، وإنما حياته العاطفية المضطربة. هذه الرواية يهديها لابنه ميلان(11 عاما ) وتعتبر استكمالاً لكتابه السابق"هارون وبحر الحكايات" التي صدرت في التسعينيات وأهداها لابنه البكر زفار، البالغ الآن 32 عاماً، وهو نتاج زواجه من امرأة أخري(تزوج رشدي من أربع نساء، كل واحدة أصغر من الأخري وأكثر منها جمالاً) . يقول رشدي عن رواية الأطفال الأولي:" عندما كنت أكتب آيات شيطانية قال لي زفار: بابا، ألن تكتب شيئاً أفهمه؟ فوعدته حينها أن سأحاول أن أفعل ذلك. بعدها حدث ما حدث، وعندما كنت متورطاً في هذه الأحداث الخيالية، قررت أن أنفذ وعدي". وكنوع من السلوي، فاز سلمان رشدي في 2008 بجائزة البوكر عن روايته"أبناء منتصف الليل" التي صدرت سنة 1981، والذين يؤمنون كثيراً بالجوائز الأدبية يمكنهم أيضاً أن يصدقوا أنها أفضل رواية كُتبت بالإنجليزية في الأربعين عاماً الأخيرة. وحينها قال رشدي:"لم تكن الفتوي سوي تحذير، ما جاء بعد ذلك كان أسوأ". وكضحية سألناه:"هل تعتقد أن المملكة المتحدة كانت علي مستوي قضية الحرب ضد الإرهاب؟". فأجاب:" أعتقد أن توني بلير رجل شريف. ليس صديقاً، فلكي يكون كذلك يجب أن أقابله ثماني أو تسع أو عشر مرات. مأساة حياته أنه ارتكب أكبر خطأ ممكن، وهو حرب العراق. وكأديب، يمكنني أن أقول إنه ماكبث. قال ونهض ودار، أخذ سيف ديموكليس من نصله، واحضر كتاباً لشكسبير من مكتبته الضخمة، وصار مجري الحوار حياة ومعجزات " الرجل الذي عاش في القرن السادس عشر وكتب كل شيء عن كل شيء".