محافظ الدقهلية ورئيس هيئة السكك الحديدية يفتتحان وصلة خط قطار بلقاس - المنصورة    كامل أبو علي يعلن إنشاء ملعبين عالميين على نفقته الشخصية للنادي المصري    التضامن الاجتماعي: صرف 100 ألف جنيه لأسرة كل متوفي بحادث المنوفية    محافظ الدقهلية يتفقد حملة التبرع بالدم بمستشفى بلقاس «تبرعك بالدم حياة»    وزير الزراعة يبحث مع نظيره الهولندي تعزيز التعاون المشترك بين البلدين    نجم مانشستر سيتي يكشف خطة بيب جوارديولا للفوز على يوفنتوس    مدرب بالميراس: لن نُغيّر أسلوبنا أمام بوتافوجو وسنسعى لإيقافهم    أيامه أصبحت معدودة.. تفاصيل العروض الخارجية لضم وسام أبو علي من الأهلي    الحرس الثوري الإيراني: ردنا سيكون أشد قوة إذا تم الهجوم علينا مجددا    عودة الهضبة وعمرو مصطفى للتعاون الفني.. أبرز ملامح ألبوم عمرو دياب الجديد    شيماء عبد الحميد.. من مدرسة الصنايع إلى كلية الهندسة ثم وداع لا يُحتمل    أحمد السقا يشوق الجمهور لفيلمه الجديد مع أحمد فهمي "أحمد وأحمد"    "زيلينسكي" يعيد تشكيل هيئة أركان الجيش ويعين قائدا جديدا للقوات المشتركة    وزير التعليم العالي ومحافظ دمياط ورئيس جامعة دمياط يفتتحون ويتفقدون عددًا من المشروعات التعليمية والصحية بجامعة دمياط    تحذيرات من عواصف وأمطار رعدية في الصين    تعرف على شهيدات الكرامة والعمل.. قصص ضحايا حادث المنوفية الإقليمي    الثانوية العامة 2025|التعليم تنفي إصدار قرارات بمجازاة مسؤولين في امتحان الفيزياء    هشام عاصي: مسئولو محافظة المنوفية يتهربون من الحديث عن كارثة حادث الإقليمي ولا يردون على اتصالاتنا    آخر موعد لتقديم إنهاء طلبات المنازعات الضريبية    الطائفة الإنجيلية تنعى ضحايا حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية    الاتحاد الإفريقي يرحب بتوقيع اتفاق سلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    احتجاجات في إسرائيل للمطالبة بصفقة تبادل ووقف حرب غزة    نقل حي ومُباشر لمبارايات الأدوار الإقصائية لكأس العالم للأندية من أمريكا حصريًا على شاشة MBC مصر2    نادر السيد: مشاركة الأهلي في مونديال الأندية مشرّفة.. والزمالك أولوية نجلي    عاجل| الحكومة تقرر صرف 1500 جنيه لهؤلاء المواطنين بعد شهريين: شوف لتكون منهم    نقيب المحامين ينعي ضحايا حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية    مصر تدين اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية    وزيرة البيئة: "جرين شرم" يقود تحول شرم الشيخ لأولى الوجهات السياحية الخضراء    الأرصاد تحذر: حرارة محسوسة 39 درجة بالقاهرة الكبرى.. وارتفاع الرطوبة يزيد الإحساس بالطقس    الحبس سنة لمتهم قتل شخصا في الإسكندرية.. ووقف تنفيذ العقوبة لمدة 3 سنوات    إسفكسيا الغرق وراء وفاة شاب بمياه الرياح الناصري    "الفنية العسكرية" توقع اتفاقين لدعم الابتكار في المسابقة الدولية التاسعة    حقيقة خصخصة الجامعات الحكومية وإلغاء مجانية التعليم| مجلس الوزراء يكشف    قصة كفاح مهندسي مصر من أجل تحقيق حلم.. 8 سنوات تلخص رحلة إنشاء مصيف مطروح.. 25 مليون جنيه تكلفة المشروع    وزير الثقافة يشهد احتفالية البيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية بذكرى 30 يونيو    في هذا الموعد.. شيرين عبدالوهاب تحيي حفلًا غنائيًا في مهرجان موازين ب المغرب    12 أكتوبر.. روبي تحيي حفلا في فرنسا    تحت رعاية وزير الثقافة.. انطلاق التحضيرات لمهرجان أكاديمية الفنون للعرائس وتعيين إدارة تنفيذية جديدة    عاجل... مجمعة التأمين تصرف 100 ألف جنيه لكل متوفى بحادث المنوفية    رونالدو: لسنا سعداء ولكنني أؤمن بمشروع النصر    "الصحة" تعلن توقيع 10 بروتوكولات ومذكرات تفاهم بمؤتمر صحة إفريقيا    للتخلص من السعال وبرد الصيف.. طبيبة تنصح بتناول هذا المشروب    اليوم، امتحان مادة "اللغة الإنجليزية" لطلاب القسم العلمي للثانوية الأزهرية    الأهلي يتحرك لحسم ملفات الموسم الجديد.. جلسة فنية بين ريبيرو ويوسف.. الأحمر ينهي صفقة جديدة.. إغراء أبو علي للاستمرار مع الفريق.. واجتماع حاسم للإدارة    6 علاجات منزلية للتخلص من أعراض القولون العصبي    الدقهلية تستعد لاستقبال رئيس هيئة السكة الحديد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 28-6-2025 في محافظة قنا    مع شروق الشمس.. أفضل الأدعية لبداية يوم جديد    إذا أردت أن تتصدق علي صحة جسدك.. فعليك بإقامة تلك الصلاة    صاحب الفضيلة الشيخ سعد الفقى يكتب عن : شهداء لقمة العيش!    رسميًا.. موعد صيام يوم عاشوراء 2025 وأفضل الأدعية المستحبة لمحو ذنوب عام كامل    حزب الجبهة الوطنية يعلن تشكيل أمانة البيئة والتنمية المستدامة    واشنطن تؤكد لمجلس الأمن: استهدفنا قدرات إيران النووية دفاعًا عن النفس    «الجبهة الوطنية»: صرف 100 ألف جنيه لأسر المتوفيين و50 ألف للمصابين بحادث المنوفية    رسميًا.. موعد إجازة ثورة 30 يونيو 2025 للقطاع العام والخاص بعد قرار رئيس الوزراء    ستجد نفسك في قلب الأحداث.. توقعات برج الجدي اليوم 28 يونيو    حسام الغمري: «الاختيار» حطم صورة الإخوان أمام العالم (فيديو)    مدارس البترول 2025 بعد الإعدادية.. المصروفات والشروط والأوراق المطلوبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن نبوءة طه حسين وثورة المعلومات :
في انتظار مشرو ع ثقافي نعرف أنه لن يأتي !
نشر في أخبار الأدب يوم 30 - 10 - 2010

Photo: Ralph Gibson نشرت أخبار الأدب بعددها رقم 899 الصادر بتاريخ 10 أكتوبر 2010 تغطية للقاء التحضيري لمؤتمر المثقفين الذي تتبناه وزارة الثقافة وتدعو لعقده خلال ثلاثة شهور أو نحوها من الآن، ولا شك فيما بذله الأستاذ محمد شعير من جهد كبير حتي يلخص وقائع أكثر من ساعتين من المناقشات في نحو صفحة واحدة، بدءاً من كلمة الأستاذ السيد ياسين، وانتهاءً بكلمة الدكتور جابر عصفور، مروراً بكلمات عشرات المشاركين وقد كنت منهم؛ ومن الطبيعي أن تسقط عند التغطية بعض الكلمات، أو أن يتبادل بعضها الآخر المواقع عن غير قصد؛ فجاءت بعض العبارات المنسوبة إلي شخصي وقد غمض معناها، وجاء بعضها الآخر وقد سار بالمعني عن غير قصد في غير الاتجاه الذي كنت قد وجهتها إليه؛ ولا أراني ألوم الأستاذ شعير علي ذلك، فأنا لا أشكك في صدق مقصده ولا في حسن نواياه، وإنما أقدر صعوبة أن يلتقط المرء كل الكلمات بترتيبها كما جاءت علي لسان قائلها، خاصة حين تكون التغطية تلخيصاً أساسه الحذف والانتقاء لا سرداً تسجيلياً لوقائع يرتجلها أصحابها دون نص مكتوب يستعين به صاحب التغطية.
وأستأذن الأستاذ محمد شعير، كما أستأذن القارئ الكريم، في أن أعيد العبارات المنسوبة إلي شخصي لسياقها ولأصلها اللفظي الذي نطقتها بها، فأزيل الغموض عن مقصدها عله يكون مادة للتفكير في مقاصد حياتنا جميعاً ونحن علي أعتاب مرحلة حرجة من مراحل تطورنا الحضاري؛ فقد أشرت في كلمتي موضوع التغطية إلي أنه لا يجوز لنا الخوض في تفاصيل المؤتمر التي قد تغرقنا قبل أن نستقر علي موضوعه، ومن ثم علي عنوانه الذي كان قد اقترحه -أو وافق عليه- أعضاء المجلس الأعلي للثقافة؛ وقد كان العنوان المقترح المسجل ببطاقة الدعوة لحضور الاجتماع التحضيري هو "مستقبل الثقافة المصرية"، وهو كما نري عنوانا يحمل مضموناً مخالفاً لمضمون مؤتمر عنوانه "أزمة الثقافة المصرية" أو "الثقافة المصرية والثقافات الجديدة" أو " الثقافة المصرية في خطر"، إلي آخر المضامين التي استعرضها بعض أعضاء اللجنة التحضيرية علي غير اتفاق فيما بينهم!!

كل عنوان من هذه العناوين لابد وأن يأخذ المؤتمر في اتجاه يخالف ما تأخذه إليه العناوين الأخري، ويُحَمِّله بمضمون ثقافي يختلف عما تُحَمِّله إياه غيره من العناوين؛ ولا شك عندي في أن مؤتمراً يحمل عنواناً يحاكي عنوان الكتاب العمدة للدكتور طه حسين _ أعني "مستقبل الثقافة في مصر" _ إنما يحمل مضموناً يفيد البحث في مشروع قومي للثقافة المصرية، وهو توجه استنكرت في كلمتي أن يُحَمَّل به مؤتمر ترعاه وتتبناه وتدعو إليه الدولة المصرية في نهاية عهد من عهودها لا يملك صاحبه الزمن ولا هو يمتلك التفويض اللازمين لتدشين مشروع حضاري مستقبلي؛ فكل المشاريع الحضارية المستقبلية _ والمشاريع الجيلية خاصة _ إنما صارت بالمنطقين التاريخي والحضاري مسؤولية عهد قادم، حتي وإن كان العهد القائم قد امتلك فيما مضي من أيامه كل الزمن وكل التفويض اللذين مكناه من تدشين وتنفيذ مشروعه الثقافي المستقبلي الذي لم يعد بحكم الأيام التي انقضت _ وبعد مرور جيل كامل _ يصلح لأن يكون مستقبلاً، وإنما هو بمنطق الأشياء قد صار مستدبَراً استوفي شروطه التاريخية والحضارية كاملة، أو هو ينقصه فقط بعض لمسات أخيرة تظهر ملامحه إذا ما رأي القائمون علي هذا المشروع الثقافي الذي انقضي أن إظهار ملامحه يحتاج مثل هذه اللمسات الأخيرة.
قلت في كلمتي إن كتاب طه حسين، الذي يحمل مشروعه الثقافي، إنما صدر في أعقاب توقيع مصر لمعاهدة 1936 بالتزامن مع اعتلاء ملك جديد لعرش مصر، ومن ثم كان طه حسين يستقبل بمشروعه الثقافي عهداً جديداً من عهود الدولة المصرية؛ فالمشاريع المستقبلية الجيلية التي تستدعي دور الدولة إنما تصاغ جميعها في بدايات العهود لا نهاياتها، وهو ما دفعني للتساؤل في كلمتي عما إذا كنا في بدايات عهد، أم في نهايات عهد، أم نحن بصدد بدايات متجددة لعهد لا ينقضي أجله أبداً؟!
لم أقدم إجابة السؤال، وإنما اكتفيت بالقول إنه في بدايات العهود تسنح الفرصة للحالمين لرسم ملامح مستقبل جديد، أما في نهايات العهود فيعمد الحكماء إلي وضع اللمسات الأخيرة لملامح المستدبَر؛ فما كان مستقبلاً منذ ربع قرن قد صار مستدبَراً بالضرورة، ومن ثم تساءلت مستنكراً عن مغزي عقد مؤتمر يتناول "مستقبل الثقافة المصرية" بعد أن صار العهد _ بحكم سنن التاريخ _ يقترب حثيثاً من خط النهاية، حتي وإن ابتعد عنا هذا خط بمسافة شهور أو بضع سنين، وعند خط النهاية أو علي مشارفه تستوي وتستقر ملامح المستدبَر، لا تولد وتتكون ملامح المستقبل كما قد يوحي العنوان المقترح للمؤتمر الذي يرعاه عهد وزاري يُدبِر زمانه ولا يُقبِل!!

ما نسبه الأستاذ شعير لشخصي من قول بأننا لا ننظر للمستقبل وإنما "ينبغي" أن نرمم الحاضر، هو قول لم يصدر عني بهذه الصيغة، وإنما قلت إن ما سيق من مبررات لعقد المؤتمر، من ثورة معرفية وانتشار للفضاء المعلوماتي، كما جاء في كلمة أستاذنا السيد ياسين _ وهو أستاذ تتلمذنا وما زلنا علي كتاباته وأفكاره - إنما تبدو عند التدقيق فيها غير مقنعة، فما نشهده من ثورة تكنولوجية ليس مستحدثاً، وإنما هو قائم منذ عقود، بل أحسبه قائماً علي مستوي الأفكار منذ القرن التاسع عشر عندما عرضت ليدي لافلاس (آدا بايرون _ ابنة الشاعر الأشهر لورد بايرون) أفكارها عبر رسائلها المتبادلة مع مخترع الحاسبات الآلية تشارلز باباج؛ بل إن طه حسين نفسه كان قد تنبأ بثورة المعلومات والثورة المعرفية وثورة الاتصالات والعولمة في كتاب صغير له هو "قادة الفكر"، كان يدرسه تلاميذ المرحلة الابتدائية في منتصف الربع الثاني من القرن العشرين، في عصر لم يكن قد انطلق فيه صاروخ واحد إلي الفضاء!!
قلت ما أومن به من أن أمثال آدا بايرون وطه حسين يستشرفون المستقبل الثقافي والحضاري ويرسمون ملامحه، أما ما تفضل به الأستاذ السيد ياسين من حديث صحيح عن ضرورة اللحاق بعصر المعلومات والثورة المعرفية فأخشي أن يكون _ علي أهميته وضرورته _ مجرد ترميم للواقع لا بناءً للمستقبل! ويبدو لي الفرق كبيراً بين أن أقول بينبغية ترميم الواقع، نافياً النظر إلي المستقبل، وبين أن أميز ما يبني ثقافة المستقبل عما يرمم ثقافة حاضر نعلم جميعاً ملامحه، ونألم كلنا للحال التي هو عليها علي سلم الحضارة الإنسانية.

كلمة أخيرة أتمني أن ترفع اللبس عما أقصده بحديث المستقبل والمستدبر، فهو حديث يتناول المشاريع المستقبلية عند بدايات ونهايات العهود، لا المثقفين عند هذه البدايات والنهايات، فهم ليسوا بأصحاب عهود تبدأ ثم تنتهي، وإنما المثقف _ رغم تحفظي علي المصطلح - هو عقل ووجدان حر، يضخ الأفكار ويربط بين المعاني، ومن ثم فهو يبقي مستمراً ما استمرت الأفكار التي يضخها علي قوتها، وما بقيت المعاني التي يربط بينها تلقي بظلالها علي الواقعين الإنساني والحضاري؛ فطه حسين وآدا بايرون مازالا جزءاً من أحلامنا بالمستقبل، وكلنا _ بمن فينا صاحب العهد الذاهب باعتباره إنساناً _ يحق لنا أن نحلم بملامح المستقبل، لكن العهود لا يحق لها هذا عندما تحين لحظة الأجل؛ فالدولة الفاطمية لا يحق لها أن تضع لنا مشروع مستقبلنا الثقافي، ولا هي تمتلك بيزنطة هذا الحق؛ وربما كانت هذه هي أزمتنا الثقافية الحقيقية، أعني أننا لا نجيد رسم الحدود بين العهود، ومن ثم نتركها تتداخل بغير منطق تاريخي أو حضاري! وما أري مؤتمراً يحشد المثقفين عند نهاية العهد إلا سحابة دخان تعمينا عن حقيقتين، أولاهما أن ننشغل عن ملامح المستدبَر إن هي كانت قبيحة بملامح مستقبل نزينه في العيون جميلاً، وثانيهما أن نمنح العهد الذي حضر كتابه كتاباً جديداً لم يطمسه حبر من قبل ولا "جان"، فيمتد به الأجل حتي ننسي في زحام العهود وتداخلها من تراه يكون "الجاني"، ومن تراه يكون "المسؤول"؟! وما أكثر الجناة الذين أوصلونا لهذه "الكارثة الثقافية" التي تحدث عنها الدكتور جابر عصفور في كلمته، وإن كان قد تحاشي الإشارة للمسؤول عنها! ولا أقصد بالمسؤول شخصاً بعينه، أو جملة أشخاص دون غيرهم؛ وإنما أقصد عهداً ثقافياً وحضارياً بأكمله، كان له ذات يوم مشروعه المستقبلي الذي صار اليوم بمنطق الأيام مستدبَراً، وليس من الحكمة أن نجعل من المستدبَر دستوراً يحكم نظرتنا لمستقبل الأيام، ولا أن نجعل من المستقبل قرباناً نتوسل به لإنقاذ ما استدبرناه من أيامنا!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.