تختار لون ثوبها، وهي تنظر للمرآة،لقد جاء لها بثلاثة فساتين، تبدو تضاريس جسدها جميلة ومتسقة، تتأمل الثوب . يقف خلفها وهو يتطلع إليها في شبق . تتذكر فجأة أباها وهو يشتري لها أول فستان تتذكره، وهي تميل في حذر و تهمس أحمر يلتفت أبوها للثوب ولونه شديد الحمرة وقتها، ثم يهزّ رأسه بالرفض، تعود للأثواب الأخري تتأمل فيها، ثم ترجع لنفس الثوب من جديد وهي تهمس : أحمر يأخذها من يدها بعد أن يضع الثوب أمام البائع شاكرا وينصرف، لم يحب اللون الأحمر قط، وهذا ما لم تفهمه الصغيرة، التي كادت أن تقاوم دفعه لها خارج المحل حتي لو أحست بأنه يدفعها برفق، زميلتها ترتدي الثوب الأحمر، وتميل إلي تصديق أن الأحمر هو كل حياتها . يأخذهما الطريق إلي شوارعه، التي تتراقص فيها كافة الألوان، تري الصغيرة أن الأحمر طاغ بشدة وأنه لغة التفاهم ، تقف هي وأبوها أمام فاترينة محل آخر . يتطلع إليها أبوها ويري عينيها وهما تلمعان عندما تشاهد ثوبا آخر أشد احمرار، تهمس لأبيها مرة أخري أحمر .. رافضا يسحبها ويمضي . تعبت قدماها الصغيرتان من كثرة الوقوف أمام واجهات المحلات، والتي يختفي خلف زجاجها كل الألوان بينما يلمع الأحمر في عينيها . أخيرا يختار لها أبوها ثوبا أبيض اللون، تحاول الرفض، ولكنه يصمم ؛ فتستسلم .. حياتها تمضي، سنوات تجر سنوات، وكل عام يختار لها أبوها فستانا أبيض، حتي ملت الأبيض . يوم عرسها تتذكره الآن، وتتذكر أنها رغبت بشدة أن يكون فستان زفافها أحمر، ولكن صديقاتها ضحكن، وهن يهمسن لها بكلمة احمر لها وجهها .. اختاره أبوها لها أيضا، رجل يكبرها بعشر سنوات، دقات الدفوف، ثوب عرسها الأبيض، تُقفل الأبواب والضجيج يزداد، تمتد يد زوجها إلي فستانها، تخاف دون سبب، تبعد يده في رفق وهي تهمس، سوف أخلعه ..لا ينتظر، يمد يده يمزق فستانها بعنف لم تفهم مبرره، يقذف بها للسرير وقد تمزق الثوب وهي تحاول أن تلمه بيديها، أتت صرختها ضعيفة وفزعة وهي خائفة أن يسمعها الناس، يمد يده بعنف إلي منطقة عفتها، يلوث جزءا من فستانها الأبيض بالدماء التي لم تبد في عينيها وقتها حمراء، تئن وتكتم دموعا تفر، وزوجها يسلم قطعة القماش لأمه ، ثم ترتفع الزغاريد بعنف، ويزداد الضجيج ..بينما يعود زوجها ليلتهم فريسته .. تعود لواقعها وهي تري لون الفستان بين يديها، أخيرا تملك فستانا أحمر .. تشعر أنه يستحق طول هذه المعاناة .. يتطلع إليها وهي ترتدي الفستان وتدور به حول نفسها، يضحك بشدة وهو يهمس : طفلة أنتِ تقبله بعنف وهي تقول : سأذهب، أنت تعلم زوجي يعود في العاشرة .. تبدأ في خلع الثوب الأحمر، وترميه علي السرير ثم تعود لترتدي فستانها الذي جاءت به، بينما تلمع في ذاكرتها كل الألوان ..والأحمر يطغي بشدة .