في ظل الوضع الراهن للمرأة العربية وتأرجحها ما بين المكاسب التي أفرزتها والصعوبات العديدة التي لا تزال تحاصرها في شتي المجالات: التعليم والعمل والمشاركة السياسية والثقافية، يصبح السؤال المطروح: ماذا قدمت المرأة العربية للصحافة والإعلام؟ كانت المشاركة النسائية في الصحافة أسبق من كافة الميادين إذ بدأت في نهاية القرن 19 في مصر حيث برزت هند نوفل في القناة (1891) ولبيبة هاشم 1906 (النهضة النسائية، ثم بلسم عبد الملك في (المرأة المصرية) وتفيدة علام في (أمهات المستقبل) ومنذ عام 1908 توالت الأسماء النسائية جميلة حافظ وفاطمة نعمت راشد ومي زيادة ووداد سكاكيني وجميلة العلايلي وأسماء فهمي ومنيرة ثابت وسهير القلماوي وبنت الشاطئ وفاطمة اليوسف التي أسست أول مجلة سياسية في العالم العربي هي روزاليوسف عام 1925. وإذا كان لمصر السبق في ظهور الصحافة النسائية في نهاية القرن 19 فإن القرن العشرين شهد ظهور الصحافة النسائية في سائر الدول العربية وتتصدرها لبنان ثم سوريا 1910 (مجلة العروس) وفي العراق 1923 وتركز الاهتمام علي قضايا تعليم المرأة (في مصر) وفي لبنان ترقية المرأة ثقافياً أما سورياوالعراق فقد انحصر في القضايا الأسرية ودور المرأة في تربية أبنائها ورعاية زوجها. وكان لثورة 1919 واشتراك المرأة المصرية فيها تأثير حاسم في طرح قضايا جديدة تمثلت في حق المرأة في المشاركة السياسية وكانت المبادرات القروية هي الغالبة في تلك الفترة (مجلة الأمل 1925 الحقوق السياسية) أما الثلاثينات فقد شهدت ظهور الصحافة النسائية في دول المغرب الغربي وبالتحديد تونس خامس دولة في إصدار المجلات النسائية. كما شهدت هذه الحقبة ظهور الأدب النسائي في الصحافة واستمرار الاهتمام بقضايا تعليم المرأة وتحريرها من المعوقات الاجتماعية وتشجيع نزولها للعمل شهدت الأربعينات صدور عدد كبير من الصحف النسائية لكن تركز اهتمامها علي الأدوار التقليدية مثل الأزياء وصحة الأم والطفل ما عدا مجلة بنت النيل التي سعت إلي المطالبة بالحقوق السياسية للمرأة وبنت الوادي في السودان التي طالبت بتعليم وعمل المرأة. شهدت الخمسينيات دخول دول عربية جديدة في مجال الصحافة النسائية مثل الأردن التي أصدرت مجلة قناة الغد عام 1950. وشهدت هذه الفترة التزاوج بين القضايا التقليدية والمطالبة بتعليم المرأة ودخولها ساحة العمل وذلك علي مستوي الصحافة النسائية العربية ككل كما شهدت ظهور دور الجمعيات والاتحادات والمؤسسات الصحفية في إصدار المجلات النسائية صدرت حواء عن دار الهلال عام 1957 ومجلة هوريزون اللبنانية ومجلة الاتحاد النسائي العراقي في بغداد. شهدت الستينات ظهور الصحافة النسائية في ليبيا والكويت التي تعد رائدة في منطقة الخليج العربي. وغالب علي هذه الفترة التيار التقليدي المتأثر بالفكر الغربي النسوي ومن أبرز الأمثلة مجلة "هي" الصادرة عن أخبار اليوم والتي كانت تركز علي المطبخ الغربي والأزياء الغربية مما لا يتناسب مع ظروف المرأة العربية ومجلة الحسناء اللبنانية. كما شهدت ظهور مجلات نسائية تهتم بدور المرأة السياسي والتنموي في التنمية مثل السودان وشهدت المجلات النسائية المرتبطة بالسياسة الرسمية للدولة مثل مجلة (المرأة العربية) في سوريا ومجلة المرأة في تونس المرتبطة باتجاهات الحكومة التونسية تميزت السبعينات بقلة صدور المجلات النسائية في وادي النيل والمشرق العربي وتزايدها في منطقة الخليج خلال الحقبة النفطية. والاهتمام كان مركزاً علي القضايا الاجتماعية وقضايا الأسرة مثل تحديد النسل والطلاق والعنف الواقع علي المرأة والطفل العربي. وظهرت في هذه الفترة مجلات تعكس واقع النضال الفلسطيني ودور المرأة الفلسطينية مثل مجلة الفلسطينية الثائرة كما صدرت بعض المجلات التي تعتمد علي الهبات الحكومية مثل مجلة مشوار اللبنانية (هبات من السعودية والكويت) وعائشة في المغرب (هبات ملكية) وقد توقفت بتوقف هذه الهبات. أما الثمانينات حقبة التجارب الجادة والراديكالية في تاريخ الصحافة النسائية مثل مجلة نون في مصر ونور وعفاف في لبنان ومجلة الفلسطينية المهمومة بقضايا وطنها المحتل وبرز الاهتمام بقضايا الأسرة والتوعية لكل من المرأة والرجل. وتتميز التسعينيات بقلة الإصدارات النسائية مقارنة بالمراحل السابقة وكان التأكيد علي شعار المرأة والأسرة العربية وأبرزها مجلة نصف الدنيا في مصر صدرت عام 1990. في ضوء المسيرة التاريخية للصحافة العربية تبرز أمامنا أهم التيارات الفكرية التي سيطرت علي توجهات هذه الصحف وحكمت ممارساتها وتتراوح بين ثلاثة تيارات التيار التقليدي وهو السائد الذي يحصر المرأة في أدوارها الأسرية والتيار الاجتماعي المستنير الذي يركز علي الأدوار المجتمعية للمرأة في مجالات العمل والمشاركة السياسية والثقافية والاجتماعية والتيار المتغرب. والتيار التقليدي لا يزال مسيطراً ويركز علي مراحل معينة في حياة المرأة وفترة الخصوبة كزوجة وأم ويركز علي نجوم المجتمع في الفن والرياضة والدبلوماسية ويتجاهل هموم النساء من المهنيات والمبدعات والفلاحات والعاملات. ولا يطرح رؤية متوازنة لأدوار ووظائف ومسئوليات وحقوق كل من المرأة والرجل والطفل داخل الأسرة العربية. كما تتميز السياسات الإعلامية بالانتقائية والتحيز ضد الإناث في معظم الموضوعات الصحفية والإعلامية حيث يتم توظيف تراث الحكم والأمثال والقصص الشعبي في إعادة إنتاج الصورة التقليدية للعلاقات بين المرأة والرجل كما يتجاهل نساء الريف والبوادي ويركز علي الأدوار الاستهلاكية للمرأة والطفل من خلال الإعلانات والأعمال الدرامية التي يتم توظيفها لإعلاء صوت الاستهلاك والفردية والإثراء السريع والقيم الريفية سواء في الأفراح وأعياد الميلاد أو الوفاة خصوصاً في ظل العولمة التي تستهدف برمجة البشر في منظومة ثقافية ترسخ النزعة الاستهلاكية وتنشر قيم الفردية والروح النفعية لصالح السوق العالمية والمحلية. وهذا يقودنا إلي طرح التحديات التي لاتزال تواجه الصحافة النسائية منذ نشأتها وتتلخص في ثلاثة تحديات: (1) تحديات ثقافية واجتماعية وتتمثل في الموروثات التاريخية التي تكرس فكرة النقص الأنثوي ولا تزال تؤثر في العقل الجمعي في المجتمعات العربية وتستمد مشروعيتها من الموروثات الثقافية والتفسير الذكوري للأديان والخضوع النسائي لمنظومة القيم والتقاليد المنهجية ويستفيد منه مقولاتها التيار العولمي الذي يكرس الدور الاستهلاكي للمرأة ويستثمرها كمادة إعلامية جذابة وكقوة عمل رخيصة ويقف في مواجهة التيار الاجتماعي المستنير الذي ينادي بضرورة تمكين المرأة من الحصول علي حقوقها المجتمعية من خلال إدماجها في كافة الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية. (2) تحديات مهنية تتعلق ببيئة العمل الإعلامي والصحفي تتعلق بموقف القيادات الإعلامية من قضايا المرأة وعلاقات العمل مما يؤثر بصورة سلبية علي الأداء المهني للصحفيات والإعلاميات مصادر المعلومات. (3) تحديات تتعلق بافتقار الصحفيات العربيات وإسهامهن بوعي أو بدون وعي في إعادة إنتاج القيم المعوقة للتطور وخضوعهم لمنظومة القيم التقليدية المهيمنة علي المجتمعات العربية إلي الوعي الثقافي والمجتمعي بقضايا المرأة والمجتمع ولا شك أن كثرة الضغوط الاجتماعية والمهنية تصيب الصحفيات بالإحباط والسلبية مما يحول دون بروز قدراتهن الإبداعية رغم أن الصحفيات العربيات يشكلن 25٪ من الصحفيين العرب ولكن نسبة المبدعات لا تزيد علي 5٪. الخاتمة: يلاحظ من خلال تتبع مسيرة الصحافة النسائية العربية: (1) اعتمادها علي الجهود الفردية خصوصاً في بدايات صدورها إلا أن ذلك لم يحل دون الاهتمام بطرح الكثير من القضايا الجوهرية مثل التعليم والعمل والسفور والمشاركة السياسية والاجتماعية. (2) رغم اشتراك الاتحادات والجمعيات والمؤسسات الصحفية في إصدار المجلات النسائية منذ نهاية الخمسينات إلا أنه شابها كثير من السلبيات التي تمثلت في غلبة الطابع التقليدي والدعاية للأنظمة والحاكمة وللجمعيات النسائية علاوة علي سيطرة الإعلانات وتأثيرها السلبي علي تكريس الصورة التقليدية للمرأة كعنصر استهلاكي أو كعامل جذب جنسي. (3) وقد اعتمدت الصحافة النسائية علي مواد الرأي والقصص القصيرة حتي الأربعينيات ثم ظهرت مختلف الفنون الصحفية مثل التحقيقات والحوارات والأحاديث والتقارير الإخبارية. (4) الحقيقة البارزة هي أن الصحافة النسائية ارتبط ازدهارها ورواجها مدي شيوع حرية الصحافة في المجتمعات العربية فكلما سادت حرية التعبير وصدرت القوانين والتشريعات التي تشجع علي حرية الإصدار ازدهرت الصحافة العربية عموماً وفي قلبها الصحافة النسائية وبقدر النجاح الذي تحرزه حركة تحرير المرأة العربية بقدر ما ينعكس ذلك إيجابياً علي صورة المرأة في الصحافة من ناحية وعلي فرص التحقق والإبداع للصحفيات العربيات من ناحية أخري. فالمسألة الإبداعية شديدة الارتباط بالواقع المجتمعي ككل. في إطار المرحلة التي ساد فيها الإبداع الفردي طرحت جميع القضايا الجوهرية. في إطار المرحلة التي ساد فيها المشاركة الجماعية ودخلت مؤثرات سلبية مثل تقليد التيارات النسوية الغربية وترسيخ الصورة التقليدية للمرأة كعنصر استهلاكي ثلاثة معوقات: سيطرة حركة الموروثات التاريخية. غياب الديمقراطية. النظام التعليمي الاساسي. سيطرة أيدولوجية السوق من خلال الإعلانات. التأثير السلبي الأيديولوجي. من الجدول رقم (1) يمكن أن نستنتج أن إجمالي الصحفيات المشتغلات (وفقاً لتواريخ التسجيل حتي سنة 2000) بلغ 1123 بنسبة 28.06٪ من إجمالي المشتغلين وهم 4002، أما إجمالي الصحفيين المشتغلين فبلغ 2879، بنسبة 71.93٪. يبلغ إجمالي عدد الصحفيين والصحفيات بدار التعاون 159 منهم 36 صحفية (تندرج في المناصب السابق ذكرها وبالنسب الموضحة في الجدول رقم (2). كما يشير أيضاً الجدول السابق إلي أن نسبة عدد الصحفيات (في مختلف المناصب) هو 11.46٪ بينما تصل نسبة الصحفيين إلي 77.54٪. وجاءت نسبة المحررات في المرتبة الأولي بنسبة 11.32٪ تلتها نائبة مدير التحرير بنسبة 5.03٪، وجاء في المرتبة الثالثة نائبة رئيس تحرير بنسبة 3.15٪، وفي المرتبة الرابعة رئيسة قسم بنسبة 1.97٪، وفي المرتبة الخامسة سكرتيرة تحرير بنسبة 0.63٪، ومديرة التحرير في نفس المرتبة بنسبة 0.63٪، وفي المرتبة الأخيرة رئيسة تحرير بنسبة صفر ٪. ملاحظات علي الجدولين رقم (1)، (2) الخاصين بأعداد أعضاء نقابة الصحفيين (ذكور وإناث) وتواريخ تسجيل الأعضاء. لقد كانت المشاركة النسائية في الصحافة المصرية أسبق في كل الميادين، فمنذ نهايات القرن 19 احتلت الصحافة النسائية موقعها علي ساحة العمل الإعلامي المصري، حيث برزت هند نوفل في مجلة الفتاة 1892 ولبيبة هاشم في مجلة النهضة النسائية 1906 ثم بلسم عبد الملك في (المرأة المصرية) وتفيده علام في (أمهات المستقبل)، ومنذ عام 1908 توالت أسماء الكاتبات والصحفيات جميلة حافظ وفاطمة نعمت راشد ومي زيادة ثم جميلة العلايلي ووداد سكاكيني وأسماء فهمي ومنيرة ثابت وسهير القلماوي وبنت الشاطئ وأمينة السعيد. وقد تزايدت المشاركة النسائية في الصحافة المصرية علي امتداد العقود الأربعة الماضية، إذ بلغت النسبة 28.1٪، وتراوحت النسبة ما بين صفر ٪ في بعض الصحف الصغيرة و44.1٪ في صحيفة مايو. هذا وقد لوحظ أن الصحف القومية (9 صحف) تستأثر بأكثر نسبة من المشاركة النسائية إذ تتراوح ما بين (38.1٪) في مجلة الإذاعة تليها مباشرة وكالة أنباء الشرق الأوسط (38.1٪) ثم مجلة روزاليوسف (33.7٪) وتشغل الأهرام الترتيب الرابع إذ تبلغ النسبة (32.7٪) وتنخفض النسبة بصورة ملحوظة في جريدة الجمهورية إذ لا تزيد علي (18.9٪). أما بالنسبة للصحف الحزبية (6 صحف) فقد لوحظ انخفاض نسبة المشاركة النسائية بصورة عامة وقد يرجع ذلك إلي حداثة هذه الصحف واعتمادها جزئياً علي الكوادر الصحفية العاملة في الصحف القومية وتبلغ أعلي نسبة للمشاركة النسائية في صحيفة العربي رغم أنها أحدث الصحف الحزبية في تاريخ الصدور وتبلغ النسبة (21.1٪) في حين تقل النسبة في كل من الشعب (11.9٪) والأحرار (12.6٪) أما باقي الصحف المصرية التي يطلق عليها اسم مستقلة أو خاصة ويصل عددها إلي 65 دورية تصدر باللغة العربية فيما عدا دوريتين يصدران باللغة الإنجليزية فإن الوضع يختلف بالنسبة للمشاركة النسائية إذ تصل إلي نسبة 100٪ في العديد من هذه الدوريات والصحف وتبلغ أدني نسبة في الميدان (4.5٪). هذا وقد لوحظ أن هناك 36 صحيفة تخلو من المشاركة النسائية مثل صوت الأزهر وصوت العرب وأخبار الأسبوع والأمة الإسلامية... الخ. هذا ويلاحظ تزايد نسبة المشاركة النسائية في المجال الصحفي منذ حقبة الأربعينيات إذ لم تزد علي 2.72٪ فيما تزايدت في حقبتي الخمسينيات والستينيات إلي 51.93٪ ويعزي ذلك إلي السياسات التعليمية لثورة يوليو التي فتحت المجال واسعاً أمام التعليم المجاني، مما أتاح الفرصة للفتيات للالتحاق بالجامعات، ومن ثم الاشتغال بالصحافة بصورة متزايدة. هذا فيما انخفضت هذه النسبة في الفترة التالية (السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات) إذ لم تزد نسبة المشاركة النسائية في الصحافة عن 9.42٪. ويمكن تفسير ذلك في ضوء التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي طرأت علي المجتمع المصري بعد إعلان سياسة الانفتاح الاقتصادي 1974 مما أدي إلي انحسار فرص التعليم الجامعي أمام الفتيات في ظل غياب مجانية التعليم (بمعناها الحقيقي) وتفضيل تعليم الذكور علي الإناث وانعدام فرص العمل أمام الخريجات في ظل انتشار البطالة وضيق سوق العمل الصحفي أمام الخريجين عموما والخريجات علي وجه الخصوص. وفيما يتعلق بالكليات والمعاهد التي تخرج منها (الصحفيون والصحفيات)، المؤسسات الصحفية المختلفة فقد تراوحت بين كلية الإعلام، وكلية اقتصاد وعلوم سياسية، وكلية الآداب قسم إعلام، وكلية الآداب قسم لغة عربية، وكلية الآداب لغات، وكلية الآداب قسم فلسفة، وكلية الآداب قسم (فرنسي)، وكلية الآداب قسم مكتبات، وكلية الحقوق، ومعهد التعاون، وكلية تربية رياضية، ودبلوم فني تكنولوجيا البترول. وتشير الملاحظة الإجمالية إلي أن الغالبية العظمي من العاملين في المؤسسات الصحفية تخرجوا في كليات الإعلام، وآداب قسم إعلام، ونظراً لعدم رصد الأعداد والنسب الخاصة بهذه الفئة في سجلات نقابة الصحفيين مما حال دون التعرض لها بالتفصيل.