تحاول نجلاء سعيد _ ابنة المفكر الفلسطيني الراحل ادوارد سعيد _ العودة إلي جذورها العربية الفلسطينية بعد فترة من التخبط والاغتراب من خلال مسرحيتها "فلسطين"التي عرضت بمدينة نيويورك ، حيث قامت نجلاء بالدور الرئيسي والوحيد فيها ،تعبر نجلاء عن صحوتها الثقافية من خلال عرض مسرحي فردي جذب الانتباه ، وتناولته جريدة ناشيونال نيوزبيبرز الأمريكية تحت عنوان " ابنة ادوارد سعيد تعيد لأبيها الحياة علي خشبة المسرح" ،حيث كتبت شارميلا ديفي عن نجلا قائلة : " بدت نجلاء سعيد ،ابنة ادوارد سعيد_ منهكة ،فقد ظلت تتكلم لساعات قبل افتتاح العرض المسرحي الفردي الخاص بها في 17 فبراير بمدينة نيويورك ،والذي كان عنوانه "فلسطين"،وكانت نجلاء خائفة من أن تفقد صوتها بعد أدائها لبروفات المسرحية لليالي عديدة قبل العرض". لقد استمر ظهورها علي خشبة المسرح لمدة ساعة وأربعين دقيقة في مسرحيتها "فلسطين"، والتي تضمنت ذكرياتها الشخصية عن نشأتها كفتاة ثرية ومدللة في شمال الضفة الغربية وزيارتها الأولي والوحيدة لموطن أبيها، ورعونتها وسوء تصرفها في هذا الوقت حيث كانت لا تزال فتاة مراهقة خرقاء لم تتعد الثامنة عشرة من عمرها تعاني من فقدان الشهية. وتعلق شارميلا علي صحوة نجلاء قائلة : " والآن وبعد أن أصبح عمرها خمسة وثلاثين عاما جاء الوقت لأن تفكر مليا في علاقتها المعقدة بفلسطين ،بالإضافة إلي التغلب علي ذلك الشعور القاسي بالحزن علي فقدان والدها الذي توفي بسبب "اللوكيميا "وتحاول نجلاء غالبا استحضار روح والدها ،وتتبني لهجته البريطانية عندما تعيد إلقاء عباراته الساخرة واللاذعة". تقول نجلاء: "من ناحية إعادة الحياة لروح أبي فإن هذا شيء غير محزن، ولكن الصعب في الأمر أني أتحدث عن موت والدي، وأنا أحاول تخطي هذا الجانب في كل مرة ". وعلي خلاف العديد من أفراد الأسرة الباقين، نأت نجلاء سعيد بنفسها عن العمل التقليدي في مجال التجارة أو المجال الأكاديمي ،وبحثت عن العمل في مجال التمثيل بعد دراستها للأدب في جامعة برنستون بنيوجيرسي. "فلسطين" قصة شخصية استمدتها من يومياتها، وهي تخطط لأن تحولها إلي كتاب . تقول نجلاء: " أنا أحتاج لأن أعتني بنفسي ليس فقط بدنيا، ولكن أيضا لأن المسرحية تشتمل علي عمق انفعالي آخر " وتضيف " لقد قمت بتقديم عرض فردي قبل ذلك، ولكن هذا العرض شديد الخصوصية قطعا " . ومن خلال المزج بين الفكاهة والغضب تظهر المسرحية مدي احساسها بالتميز لنشأتها في نيويورك، وشعور الحرج الذي كان ينتابها كمسيحية أمريكية عربية محاطة في مدرستها برفاق يهود. كذلك الأجازات الصيفية التي كانت تقضيها بلبنان، وتتذكر زيارتها الأولي والوحيدة إلي الضفة الغربيةالمحتلةوغزة، واشمئزازها من الحالة التي وجدت الفلسطينيين عليها، ولكنها أيضا تتذكر كيف أرادت وقتها فقط ان تكون مراهقة أمريكية عادية أسرتها تركتها بمفردها لكي تذهب إلي الضفة. وتلقي نجلاء الضوء من خلال المسرحية علي حادث منذ عام 2000 عندما تم تصوير والدها وهو يلقي بالحجارة علي الجنود الإسرائيليين المهزومين، وهو التصرف الذي تلقي بسببه الكثير من النقد في الولاياتالمتحدة. وهي توضح أنه كان ببساطة منغمسا في مباراة في إلقاء الأحجار مع ابنه. وقد كان محطما بسبب ما وجه إليه من نقد ،وتعلق نجلاء قائلة أن هذا كان " بداية النهاية لروح أبي". وتري شارميلا أن مسرحية "فلسطين" تهدف إلي أن توصل للمشاهدين في الولاياتالمتحدةالأمريكية بطريقة بديلة قصة الكفاح في الشرق الأوسط، حيث قال ستورجز وارنر ، وهو مخرج المسرحية وشارك نجلا في كتابتها :" أنا لست خبيرا في شئون الشرق الأوسط، أنا مجرد شخص مغرم بالمسرح، ولكني كنت أوجه لنجلاء بعض الأسئلة وبناء عليها كانت تذهب وتكتب" ويضيف "اننا نحتاج لأن نسمع قصص أكثر من مختلف الأطراف، وقد كان عنوان المسرحية مثيرا جذب انتباه الكثيرين، حيث قال الأفراد الذين يقومون بتوزيع اعلانات المسرحية أنهم كانوا يتلقون أحيانا ردود أفعال عميقة من الأفراد الذين كانوا يتلقونها بلهفة . وقد علق علي موقف بعض اليهود اليمينيين الذين شاهدوا المسرحية قائلا بأنهم كانوا علي أقل تقدير متأثرين بسبب قصة مستهم حتي لو كان هذا لن يغير شيء في سياستهم، وقد قالت نجلاء في نفس الوقت أن أم صديقتها المقربة وهي يهودية قالت أن المسرحية حركتها. ولقد قال وارنر أنه كان مصمما علي إخراج المسرحية بعد أن تم تأجيل مسرحيته التي كان عنوانها " أنا اسمي راشيل كوري" إلي أجل غير مسمي، وقد كانت المسرحية تتحدث عن ناشطة أمريكية قتلت في غزة بالبلدوزر الإسرائيلي في عام 2000 . وقد تكلفت مسرحية "فلسطين" ثلاثون ألف دولار وقد تم الحصول علي المبلغ من خلال المتبرعين، ومنها خمسة عشر ألاف دولار من دانيل بارينيوم وهو يهودي وكان أقرب أصدقاء ادوارد، حيث أنشأوا معا في عام 1999 فرقة موسيقية مكونة من شباب فلسطيني واسرائيلي. وبالرغم من أن نجلاء سعيد اعتادت أن تقضي أجازتها في لبنان، فقد قررت أن تكرر زيارتها إلي فلسطين ، حيث تقول:" أنا جبانة مقارنة بأخي الذي قضي وقتا طويلا هناك، وأنا كامرأة ليست لديها أسرة أحتاج لوجود أناس حولي" وتستطرد " إنه شيء مخيف بالنسبة لي لأن الأجواء هناك شديدة التوتر، ولكن إذا تمت دعو تي ،فأنا أحب أن أذهب". وتحت عنوان "فلسطين" تناولت صحيفة :تايم أوت" الأمريكية المسرحية، حيث يقول ديفيد كوت، كاتب الموضوع: " في هذا العمل المسرحي الفردي "فلسطين" اوالذي تقوم ببطولته نجلاء سعيد وتخبرنا من خلاله كيف انتقلت من شمال الضفة الغربية وهي فتاة مدللة لتولد مرة أخري كفلسطينية لبنانية. ويتناول بعدها الكاتب تعريف الاستشراق من وجهة نظر ادوارد سعيد بأنه يعبر عن الطرق التي أسيء من خلالها فهم الشرق الأوسط وآسيا تاريخيا كمواطن للخيال الأسود، والوحشية، والنشاط الجنسي الغريب. ويعلق قائلا: " وحديثا،بالطبع، أصبحت مناطق عديدة تعرف علي أنها الأرض التي تنبت من خلالها بذور الإرهاب، وتستخدم نجلاء سيرتها الذاتية مسرحيا لدحض هذين التصورين ". يتجه بعد ذلك إلي نجلاء وظروف نشأتها _ باعترافها _ كطفلة أوروبية علمانية لم يكن يزعجها أن تعرف بأنها أمريكية عربية أو فلسطينية . وعندما سافرت في رحلة إلي غزة أثناء شبابها شعرت بالاشمئزاز والخجل بسبب الفقر والقذارة المنتشرة في الأرض المحتلة، وقد التقت بالإضافة إلي والدها برئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، وأصبحت وقتها أكثر وعيا بذاتها ومظهرها الغربي ورغبت بشدة في العودة إلي الأمن في نيويورك. ثم يتعرض إلي صحوة نجلاء وحنينها للشرق الأوسط، وكيف غيرت الهجمات الإرهابية للحادي عشر من سبتمبر كل شيء ،لتجد نجلاء نفسها تناصر وتؤيد جذورها الفلسطينية . ويصف أسلوب نجلاء في الحكي قائلا:"تحكي نجلاء سعيد صحوتها الثقافية والعرقية في ابتهاج بينما تجنبت الخوض في السياسة.وإذا كان قد ينظر إلي نجلاء سعيد علي أنها نرجسية، فهي تؤدي مسرحية فردية عن قصة حياتها، وإذا بدت نجلاء أقل جاذبية فإن من يشاهد المسرحية سوف يجدها هي أيضا أقل جاذبية ". ويتجه إلي تقييم المسرحية من زاوية أنها كان يمكن أن تستخدم سيناريو حواري ووجهة أقوي، إلا أنها كانت جذابة إلي حد ما وتثقيفية للمشاهدين الذين لا يعلمون شيئا عن الموضوع، مثل تقديم شرق أوسط خالي من خداع المستشرقين. ويختم المقال بعبارة عن ادوارد سعيد تتضمن أن الفرد عليه أن يفكر في أن والد نجلا شخصية تستحق الثناء.