تفاصيل الجلسة العامة لمجلس الشيوخ اليوم بحضور وزيرة البيئة.. صور    رئيس الشيوخ يهنئ الرئيس والشعب المصري بحلول عيد الأضحى المبارك    إرتفاع أسعار الذهب في مصر بقيمة 75 جنيهًا    رئيس جامعة أسيوط التكنولوجية يشارك في ورشة عمل الفضاء والتنمية المستدامة    مواعيد عمل البنوك بعد عيد الأضحى المبارك    دبلوماسي إيراني: طهران سترفض المقترح النووي الأمريكي    يديعوت أحرونوت: وفد إسرائيل لن يذهب إلى الدوحة للتفاوض    فليك يتوج بجائزة أفضل مدرب في الدوري الإسباني    مجدي عبد العاطي يعلن استقالته من تدريب الاتحاد    بعثة الحج السياحي تواصل معاينة وتجهيز مخيمات منى وعرفات    وزيرة التنمية المحلية توجه برفع درجة الاستعداد بالمحافظات لاستقبال عيد الأضحى    هنو في مناقشات أزمة بيوت الثقافة: بعض الموظفين لا يذهبون لعملهم منذ 7 سنوات.. ومسلم يرد: مسئولية الحكومات المتعاقبة    وزير الصحة يستقبل الرئيس التنفيذي لجهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة لبحث الفرص الاستثمارية وتطويرها    رد حاسم من لامين يامال بشأن انتقاله إلى ريال مدريد    ارتفاع أسهم شركات الصلب بعد مضاعفة ترامب الرسوم الجمركية على المعادن إلى 50 %    محلل سياسي: انتخاب نافروتسكي رئيسا لبولندا قد ينتهي بانتخابات برلمانية مبكرة    صدمتهما سيارة «نقل ثقيل».. إصابة سائحين بولنديين في حادث بطريق سفاجا - الغردقة    تسرب 27 ألف متر غاز.. لجنة فنية: مقاول الواحات لم ينسق مع الجهات المختصة (خاص)    برواتب تصل إلى 350 دينارا أردنيا.. وظائف خالية اليوم    تخفي الحقيقة خلف قناع.. 3 أبراج تكذب بشأن مشاعرها    وزير الثقافة ينفي إغلاق قصور ثقافية: ما أُغلق شقق مستأجرة ولا ضرر على الموظفين    دعاء السادس من ذي الحجة.. اغتنم هذه الأيام المباركة    في أول أيام تشغيله بالركاب.. «المصري اليوم» داخل الأتوبيس الترددي (تفاصيل)    الأرض تنهار تحت أقدام الانقلاب.. 3 هزات أرضية تضرب الغردقة والجيزة ومطروح    السجن 3 سنوات لصيدلى بتهمة الاتجار فى الأقراص المخدرة بالإسكندرية.. فيديو    أسعار النفط ترتفع 3.7%.. وبرنت يسجل 65.16 دولاراً للبرميل    الهيئة العامة للأوقاف بالسعودية تطلق حملتها التوعوية لموسم حج 1446    ريوس يبرر خسارة وايتكابس الثقيلة أمام كروز أزول    بوستيكوجلو يطالب توتنهام بعدم الاكتفاء بلقب الدوري الأوروبي    للمشاركة في المونديال.. الوداد المغربي يطلب التعاقد مع لاعب الزمالك رسميا    عاجل| "أزمة غزة" تصعيد متزايد وموقف بريطاني صارم.. ستارمر يحذر من كارثة إنسانية ولندن تعلّق اتفاقية التجارة مع إسرائيل    تخريج 100 شركة ناشئة من برنامج «أورانج كورنرز» في دلتا مصر    دنيا سامي: مصطفى غريب بيقول عليا إني أوحش بنت شافها في حياته    السيسي: ضرورة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط    وزير الخارجية: هناك تفهم مشترك بين مصر وواشنطن حول الأولوية الكبرى للحلول السياسية السلمية    حزب السادات: فكر الإخوان ظلامي.. و30 يونيو ملحمة شعب وجيش أنقذت مصر    مصمم بوستر "في عز الضهر" يكشف كواليس تصميمه    «تعليم الجيزة» : حرمان 4 طلاب من استكمال امتحانات الشهادة الاعدادية    الشيوخ يبدأ جلسته لمناقشة بعض الملفات المتعلقة بقطاع البيئة    مدير المساحة: افتتاح مشروع حدائق تلال الفسطاط قريبا    "الأونروا": لا أحد أمنا أو بمنأى عن الخطر في قطاع غزة    التضامن الاجتماعي تطلق معسكرات «أنا وبابا» للشيوخ والكهنة    بى بى سى توقف بث مقابلة مع محمد صلاح خوفا من دعم غزة    كي حرارى بالميكرويف لأورام الكبد مجانا ب«حميات دمياط »    آن ناصف تكتب: "ريستارت" تجربة كوميدية لتصحيح وعي هوس التريند    تحكي تاريخ المحافظة.. «القليوبية والجامعة» تبحثان إنشاء أول حديقة متحفية وجدارية على نهر النيل ببنها    توريد 169 ألفا و864 طنا من محصول القمح لصوامع وشون سوهاج    مصادر طبية فلسطينية: 35 قتيلا بنيران إسرائيلية قرب مراكز المساعدات خلال الساعات ال 24 الأخيرة    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو الماضي    تعليم دمياط يطلق رابط التقديم للمدارس الرسمية والرسمية لغات    «الإصلاح والنهضة»: نطلق سلسلة من الصالونات السياسية لصياغة برنامج انتخابي يعكس أولويات المواطن    موسم رحمة وبهجة لا تعوض.. كيفية إحياء يوم النحر وأيام التشريق    هيئة الشراء الموحد: إطلاق منظومة ذكية لتتبع الدواء من الإنتاج للاستهلاك    وزير الصحة: 74% من الوفيات عالميًا بسبب الإصابة بالأمراض غير المعدية    تكريم الفائزين بمسابقة «أسرة قرآنية» بأسيوط    لطيفة توجه رسالة مؤثرة لعلي معلول بعد رحيله عن الأهلي    «من حقك تعرف».. ما إجراءات رد الزوجة خلال فترة عِدة الخُلع؟    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكايات شعبية إيرانية
ابن ملك الجان

ننشر هنا عددا من النصوص الخاصة بالتراث الشعبي الإيراني، وما ارتبط به من حكايات تعبر عن عادات وتقاليد هذا الشعب، وعلي حد تعبير المترجمة هبة فتحي أن هذه الحكايات كاشفة عن طرق معيشتهم وثقافتهم والتجائهم أحيانا للسخرية والتهكم للترويح عن النفس.
هذه الحكايات موجودة ضمن حكايات أخري في كتاب »دمية حجر الصبر.. حكايات إيرانية« جمع أبو القاسم إنجوي الشيرازي، ترجمة هبة فتحي بخيت، مراجعة محمد نور الدين عبد المنعم، ويصدر قريبا عن المركز القومي للترجمة.
كان لرجل وامرأة سبع فتيات، وذات يوم جمع الرجل زوجته وصغاره، وقال: "أريد أن أسافر، وكل واحدة تقول كل ما تريده وسأحضره لها".
خلاصة القول: كل واحدة طلبت شيئاً حتي جاء الدور علي الفتاة الصغري، فقالت: "أريد عقدا من اللؤلؤ، وإذا لم تحضره أو نسيت فعند العودة سيكون جانبك الأيمن ماء، وجانبك الأيسر نارا".
وبعد التوديع، سافر الأب، وعند العودة رأي في طريقه أن عاصفة شديدة قد هبت، واشتعلت النيران من ناحية، وظهر بحر كبير من الناحية الأخري، ارتعد قلبه، وتذكر كلام ابنته، فسالت دموعه، وبكي بصوت عال، وطلب من الله المساعدة، فجأة ظهرت له يد من بين أمواج البحر، وأعطته العقد اللؤلؤ، ووصل صوت إلي أذنه كان يقول: "أستطيع أن أنقذك بشرط أن تعطيني ابنتك بعد عام". وافق الرجل المسكين الذي كان في ذلك الوقت لا يفكر إلا في نجاته، وأخذ العقد من تلك اليد، لم تمر طرفة عين حتي اختفي عن نظره عالم النار وبحر الماء المخيف، وبعد عدة أيام وصل إلي المدينة وسعدت زوجته وبناته لرؤيته. وفي الصباح الباكر، وقبل أن تذهب الفتيات إلي المدرسة، نادي عليهن ليعطيهن الهدايا، وأخذت واحدة واحدة هديتها حتي جاء الدور علي الفتاة الصغري، فقال لها عندما أعطاها العقد: "حافظي عليه جيدا، فلقد تعبت كثيرا في الحصول عليه، إذ كان هو العقد اللؤلؤ الوحيد في تلك المدينة".
ذهبت الفتيات إلي المدرسة، وحكت كل واحدة منهن للفتيات الأخريات عما أحضره والدها لها، ولم تكن أي هدية أروع من العقد، فتعلقت به أعين الجميع.
مضي عام، وذات يوم في الصباح الباكر عندما أراد والدهن أن يذهب لعمله رأي غلاما واقفا عند الباب.
وبعد السلام، قال: إنني صاحب ذلك العقد، وأنا الشخص الذي أنقذك من محنتك، والآن جئت حتي تفي بعهدك، وتعطيني ابنتك".
كاد الأب يغيب عن الوعي، لأنه لم يكن يتخيل قط أن يأتي مثل هذا اليوم، ولم يكن يعرف ماذا يفعل، هل يستطيع أن يقول لزوجته إنني قد أخذت هذا العقد اللؤلؤ مقابل ابنتنا؟ ماذا يمكنه أن يفعل؟
اضطر الرجل أخيراً أن يقص الموضوع علي زوجته، ووعد الغلام - بمرارة شديدة - أنه سيعطيه الفتاة حين ترجع الفتيات من المدرسة.
جلس الغلام عند الباب، حتي جاء الظهر ، وجاءت الفتيات، وعرف الغلام الفتاة الصغري من العقد اللؤلؤ الذي كان برقبتها. شرح الأب الأمر للفتيات، فبدأن في العويل، ولكن لم تكن هناك حيلة، فالرجل كان قد وعد، ولايستطيع إخلاف وعده، فاضطر أن يعطي ابنته للغلام.
خلاصة القول: بعد البكاء والنواح الكثير، ودع الجميع الفتاة، وأخذها الغلام، وحملها وفي لمح البصر رأت الفتاة أنهما قد وصلا إلي شاطيء البحر، أنزل الغلام الفتاة عن كتفه، وقال لها: "أغلقي عينيك" فأغلقتهما، وعندما فتحتهما رأت أنها في قصر كبير شديد الجمال.
التفت الغلام إلي الفتاة، وقال: "هذا القصر ملكك"، وفي كل غرفة تفتحها كانت تجدها ممتلئة بوسائل اللعب التي لم تكن قد رأتها في حياتها، كانت الأيام تمضي، والفتاة تصير أكبر وأجمل، ولم تكن تري في ذلك القصر أي شخص سوي الغلام، كان الغلام يعد لها كل ما تطلبه.
وفي الصباح الباكر كان يأخذها إلي الحمام، يغسل ملابسها، ويعد لها الطعام، ويعطيها الدرس، وعندما يحل الليل يعطيها قبل النوم نصف كوب من الماء ونصف تفاحة، فتأكلها وتخلد إلي النوم مسرعة، ولليال عندما كانت الفتاة تغوص في النوم كان يأتي شاب وسيم، وينام بجوارها، وبعد مضي فترة قال الشاب للغلام: "أيها الغلام ألم تسعد الفتاة جيداً؟".
قال الغلام: "ياسيدي! ليس ذنبي فلم أقصر، ولكن لا أعلم لماذا تبكي كل يوم ساعتين، وكلما أقول لها لماذا تبكين؟ فلا تقول شيئاً".
قال الشاب: »من الأفضل غداً في الصباح الباكر، وعندما تحملها إلي الحمام، وتلبسها ملابس جميلة أن تأخذها لعدة أيام عند والدها ووالدتها، لأنها مازالت طفلة وتريد والدها ووالدتها، وينبغي ألا تتركها بمفردها للحظة حتي يعلموها شيئاً".
وفي الصباح، عندما أخذها الغلام إلي الحمام، وألبسها ملابس جميلة، قال لها: "اليوم أريد أن آخذك عند والدك ووالدتك". سعدت الفتاة وكأن الله قد أعطاها الدنيا، فقال الغلام للفتاة: "أغمضي عينيك".
وبمجرد أن أغلقت الفتاة عينيها رأت أنها علي ساحل بحر، فوضعها الغلام علي ظهره وحلقا حتي وصلا إلي باب منزل أبويها، وعندما دخلا سعد جميعهم لرؤيتها، وكانوا يسألونها مراراً: »أين ذهبت؟، وماذا فعلت؟".
ولكن لم تكن الفتاة تتكلم لأنها تري الغلام يراقبها بأعينه الأربعة، وقال الغلام لوالديها: »سنبقي هنا يومين أو ثلاثة فقط". وفي هذه الفترة سعي الجميع لسؤال ابنتهم فلم تجب عن شيء، كان قد بقي يوم علي موعد رحيل الفتاة، ففكرت أمها أن تفتح بابا خلف الحمام، وتقول: "هذا هو اليوم الأخير الذي تقضيه ابنتي هنا، وأريد أن أنظفها"، عندئذ سيرسل الغلام الفتاة إلي الحمام.
ثم تذهب الأم من ذلك الباب السري الخلفي، وتتحدث معها. خلاصة القول: صنعوا الباب ورجوا الغلام، فقبل، ولكنه قال: "شرطي أن أتفحص الحمام أولاً، وسأبقي خلف بابه". قبلوا، وذهب الغلام وأمعن النظر جيدا في الحمام، فلم ير شيئاً، ذهبت الفتاة للحمام، ووقف الغلام خلف الباب، وبعد عدة دقائق فتحت أمها بهدوء وبطء الباب السري ودخلت وقالت لابنتها: "حسنا الآن قولي رويداً رويداً لأري ماذا فعلت في هذه الفترة وكيف مرت عليك؟".
حكت الفتاة لأمها كل ما كان حدث، وقالت: "أعيش هناك، ولايوجد إلا أنا والغلام ولكن كل ليلة عندما يحل وقت النوم يعطيني الغلام نصف كوب من الماء ونصف تفاحة حتي آكلها". فوصتها أمها ألا تشرب من الماء،
ولاتأكل التفاح، وقالت أيضا: »سأعطيك تفاحة كبيرة، وهناك كلي من هذه التفاحة بدلاً من التفاحة التي يعطيها لك الغلام".
قبلت الفتاة، وبعد الاستحمام، أمسك الغلام يدها، وقال: »قد حان وقت الرحيل، فودعوها بسرعة".
وهذه المرة سعد والداها وأخواتها، لأن خطتهم قد نفذت بنجاح، كما أنهم عرفوا أنه لايساء لابنتهم هناك.
خلاصة القول: عندما ودعوهما. حمل الغلام الفتاة علي كتفه، وحلق حتي وصلا إلي شاطيء البحر، فقال الغلام للفتاة أغلقي عينيك، فتمتم بشيء من تحت شفتيه، وبعد لحظة فتحت الفتاة عينيها، فرأت نفسها في ذلك القصر الجميل. سعدت الفتاة، وشرعت في ترتيب كل شيء في الغرفات، تعجب الغلام، إلي هذا الحد أسعدتها رؤية الأب والأم؟! وعندما حل الليل، أحضر الغلام نصف كوب من الماء ونصف التفاحة، وانتظرت الفتاة حتي يخرج الغلام من حجرتها. وعندما ذهب الغلام، أخرجت الفتاة التفاحة التي كانت قد أعطتها لها أمها وأكلتها ونامت، لكنها لم تنم هذه المرة، فرأت في منتصف الليل أن الباب فتح، ودخل منه شاب وسيم. في البداية خافت الفتاة كثيراً، ولكن بعد ذلك شغلها جمال ذلك الفتي حتي إنها كانت تفتح عينيها كلما أمكن ذلك، وفي النهاية فهم الفتي، لأن وضعها يختلف عن الليالي السابقة، وعندما نظر إليها رأي أنها تسرع لتغلق عينيها، حتي كانت تطرف بأهدابها.
فاشتد غضبه، وأنهض الفتاة ولطمها، وقال: أتريدين معرفة سري وتذيعينه؟
فغضبت الفتاة، وقالت: من أنت؟
أجاب الفتي: زوجك وأمير مملكة الجان.
فقالت الفتاة: من يكون الغلام؟
أجاب الأمير: الغلام خادمك، وقد أمرته بحراستك.
وعندما أنهيا حديثهما، أرادا النوم، لكن الفتاة جافي النوم عينيها.
أما الفتي فنام جيداً، فوقعت عين الفتاة علي حزام الأمير، فرأت أنه علق قفلاً ومفتاحاً في خطافه، فأخذت المفتاح وفتحت القفل، ونظرت، بداخله، فرأت فيه سوقاً كل من فيه مشغول بعمل، وحين دققت النظر، رأت أن البعض يصنعون مهداً، فقالت لهم: هذا المهد الجميل الذي تعدونه لمن؟
قالوا: ملك ابن الأمير الذي سيولد بعد عدة أشهر.
ثم رأت جماعة تحيك وسائل ألعاب الأطفال، فسألتهم أيضا: لمن؟
فقالوا: ملك ابن الأمير.
وجماعة أخري كانت تعد ملابس الطفل الوليد.
خلاصة القول: كانت الفتاة تري في كل ناحية من نواحي السوق جماعة مشغولة بإعداد لوازم الأطفال، وكان الجميع يقول: "إن الأمتعة التي يعدونها ملك لابن الأمير"، وفي آخر لحظة أرادت أن تغلق القفل، لكن الأمير الشاب استيقظ، وأمسك برسغ الفتاة قائلاً: "لماذا فعلت هذا العمل؟".
فقالت الفتاة: "أنا لم أفعل شيئاً، ولم أفهم شيئاً من الكلام الذي يقولونه".
قال الأمير: "الآن حان الوقت حتي أشرح لك هذه الأشياء التي ذكروها لأنها تتعلق بك، الآن أنت حامل منذ عدة شهور".
وبعد تسعة أشهر وتسعة أيام وتسع ساعات تلد الفتاة ولداً جميلاً وسيماً، ونسيت تماما والديها وأهلها، وكانت كل يوم هي والغلام يقومان علي خدمة الطفل، وكان الغلام يعد الطعام، ورعت الفتاة التي أصبحت الآن زوجة جميلة وأما عطوفة- ابنها الذي كان عزيزاً عليها بمقدار العالم.
وذات يوم طلبت من زوجها أن يحملهم إلي حديقة الجان، لأنه حكي لها من قبل عن هذه الحديقة كثيراً، فوافق زوجها، وقرر أن يذهبا في صباح اليوم التالي إلي الحديقة، لكن الأمير اشترط علي الفتاة ألا تقطف أجمل وردة هناك، لأن تلك الوردة هي عمره . خلاصة القول: عندما ذهبوا للحديقة، وتناولوا الغداء، وبدأوا في التنزه، حتي وصلوا إلي التل الصغير الذي كان علي قمته وردة كبيرة وجميلة، أحبت زوجة الأمير أن تقطفها، وما إن أدار الأمير رأسه حتي قطفتها، لم يمض وقت طويل حتي سقط الأمير علي الأرض، وفجأة ظهر كل الجان، وبدأوا في ضرب الفتاة، ثم وصل الغلام، وقال: »لا شأن لكم بها، فأنا أجيد كل العمل الذي يلزم لإعادة الحياة للأمير وسأفعله".
قال الجان: فقط دواء الكسر والجبر هو علاج ذلك، قال الغلام: سيبقي الطفل لديكم، وسنذهب أنا وهي ربما نجد ذلك الدواء.
خلاصة القول: تركا الأمير تحت الشجرة، وذهبا وواصلا السير لأيام حتي وصلا إلي مدينة، وهناك ظلا يسألان عن منزل وزير تلك المدينة، وطرقا الباب وبحثا عن دواء الكسر والجبر ، فقال الوزير: "عندي دواء الكسر والجبر ولكن منذ عدة أيام ابني ضاع، وليس لدي فرصة للعثور عليه، وستبقيان عدة أيام هنا حتي أجد الفرصة لكما، فقبلا وذهبا حتي ناما في الحجرة التي كانت في الممر، ونظراً للصدمة والتعب لم تر عيونهما النوم، وفي منتصف الليل شاهدا أحد الحراس يسير علي أطراف قدمه حثيثا حتي وصل لباب القصر، وفتح الباب وذهب. فتتبعاه حتي وصلا - فجأة- إلي صحراء ووقفا خلف تل، وقتها شاهدا الحارس وهو يرفع حجرا كبيرا عن فوهة البئر، وأشعل في الناحية الأخري النار، وملأ الإناء الذي معه بالمياه ووضعه علي النار حتي غلت المياه، عندئذ جاء أعلي البئر وقال: هل تقبل؟
لم يفهما ما هدفه، وكل ما سمعاه صوت ضعيف من قاع البئر قال: لا!. وبعد ذلك صب ذلك الرجل الظالم إناء الماء المغلي داخل البئر، ووضع غطاء البئر وذب، تعبا جدا وعادا للمنزل، وقالا الموضوع للوزير، ودلاه علي المكان ورفعا غطاء البئر، وألقيا الأنشوطة.
أخرجا الشخص الذي كان في البئر، فكان ابن الوزير، أصبح الجميع سعداء مسرورين، وأقاموا حفلاً كبيراً، ولكثرة الموجودين في منزل الوزير لإقامة الحفل، وقلة الفرصة في الحصول علي الدواء، قررا عدم المكوث والذهاب عند ملك المدينة، للبحث عن دواء الكسر والجبر.
فقال ملك المدينة: عليكما أن تبقيا معنا مدة أربعين يوماً، لأننا قد فقدنا هذا الدواء، حيث عميت ابنتي في هذه الفترة، يمكنكما أن تصبرا عدة أيام حتي أجده، فسنعطيه لكما، فقبلا وجاءا، واستراحا في الحجرة التي أعدت لهما، وفي الليل لم تخلد عيونهما للنوم، فشاهدا ابنة ملكهما وقد زينت نفسها تماما، وارتدت ملابس جميلة.
وبعد ذلك دهنت عينيها بشيء وخرجت من القصر، فتتبعاها، وفي الطريق كان ثوب ابنة الملك الجميل يتلألأ لدرجة أنه كان قد أضاء كل النواحي، ولأنه كان طويلاً جداً، رفعته بيدها. سارا في الطريق حتي وصلا إلي البدروم الذي كان يمكث فيه أربعون رجلاً، وكانوا يغنون. فنزلت ابنة الملك من السلالم، وشرعت في الرقص، فتعجبا، وعادا أسرع منها إلي القصر، وقالا: ذلك الشيء الذي دهنت به عينيها حتما هو دواء الكسر والجبر.
قالت زوجة الأمير للغلام: :حسنا قبل أن تأتي ابنة الملك سأذهب وسأحضره. ثم فعلت، وفي الصباح الباكر عندما عادت ابنة ملك الجان من الضيافة، خلعت ملابسها، وغسلت وجهها، وعندما أرادت أن تغلق عينيها رأت أن الدواء ليس موجودا، فاضطرت أن تنام، وعندما حل الصباح، قالت ابنة الملك لوالدها: "اليوم حين نهضت، وجدت عيني تري".
فسعد الجميع، وأقاموا حفلا، ودع زوجة الأمير والغلام الملك ولم يقولا شيئاً، وعادا إلي مدينة الجان، وذهبا علي الفور إلي الحديقة، ودهنا جسد الأمير بدواء الكسر والجبر، فعطس الأمير، ونهض واحتضن زوجته، وتعاهدا ألا يذهبا مرة أخري إلي حديقة الجان، وتعهدت الزوجة أيضاً أن تسمع كلام زوجها من الروح والقلب، وألا تتصرف عكس رغبته. بعد ذلك أقام الجان حفلاً كبيراً لتضحية الزوجة ونجاة الأمير، حيث انتهزت زوجة الأمير هذه المناسبة ودعت والدها ووالدتها وأخواتها وأهلها وأقاربها، واستضافتهم وأكرمت وفادتهم، وبعد الضيافة أصبحت الفتاة ملكة مملكة الجان.
يا إلهي، كما وصلا إلي مرادهما ومطلبهما، فأوصلنا نحن وأنتم أيضا إلي مرادنا ومطلبنا.
الحاج عباس والمرأة ساكنة الخرابات
في الزمان القديم كان هناك رجل يدعي عباس، يريد أن يذهب إلي مكة لزيارة البيت الحرام، وذات يوم خرج من المنزل حتي يري رفاقه في السفر، ويسأل عن يوم تحرك القافلة، عندما خرج من المنزل، رأي امرأة ذهبت إلي خرابة بعيدة ومخيفة، فذهب عباس إثرها خطوة بخطوة ليري ما الأمر في تلك الخرابة. نظر فرأي المرأة أخذت جيفة دجاج وضعتها تحت عباءتها، وأخذتها، بقي عباس مندهشا ومبهوتا، فلأي سبب أخذت هذه المرأة جيفة الدجاجة؟ وماذا تريد أن تفعل بها؟
تتبع عباس المرأة متسللا بهدوء، فرأي أنها دخلت مرة ثانية منزلا خربا، وكان بداخل ذلك المنزل الخرب عدة أطفال، وما إن رأوا المرأة سعدوا، ونظفت المرأة جيفة الدجاجة، ووضعتها في القدر، واشعلت الموقد، ووضعت القدر فوق الموقد.
أصبح عباس الذي رأي هذا الحدث مطلعا علي أمرها الخفي، وعلم أن أطفال المرأة أيتام وجياع. كانت المرأة أيضا أرملة ومن أصل. فانصرف عن الذهاب لمكة، وعاد لمنزله، وأحضر النقود التي كان يريد أن ينفقها علي السفر، وأعطاها للمرأة قائلا: "خذي هذه النقود، وأنفقيها عليك وعلي صغارك، ومهما يكن في هذا القدر ألقيه بعيدا«.
فأخذت المرأة النقود، ودعت للرجل الصالح، وبعد عدة أيام جاء رفاق عباس في السفر، وقالوا: "يا عباس! استعد فاليوم سنتحرك".
قال عباس: "أنا مشغول ولا أستطيع السفر إلي مكة".
تحركت القافلة صوب مكة، وكلما ذهب الرفاق رأوا عباسا يمشي أمامهم، فتعجبوا، وقالوا لأنفسهم، ماذا حدث؟ لم يأت عباس معنا، ولكنه الآن يتقدمنا!.
خلاصة القول: أنهم رأوا عباسا عندما وصلوا لمكة يزور معهم البيت الحرام، ويؤدي مناسك الحج، عندئذ سمعوا شخصا يصيح بصوت عال، ويقول: "يا حاج عباس، إنك حاج فعلا". فتعجبوا: ما هذا السر؟ وعندما عادوا إلي مدينتهم، ذهبوا أولا لمنزل الحاج عباس.
وسألوه: "لماذا لم تأت معنا، وذهبت بمفردك؟
تعجب الحاج عباس، وقال: "لم أكن بمكة".
فقالوا: "بل كنت أنت، وكنت تتقدمنا أينما حللنا".
حكي لهم الحاج عباس قصة المرأة ساكنة الخرابات وجيفة الدجاجة، وقال: "الحق أنني أعطيت كل ما لدي لتلك المرأة حتي تنفقه علي نفسها وعلي أطفالها، ولهذا السبب لم آت لمكة".
فقالوا: "بسبب عمل الخير هذا، تساويت في الثواب والأجر مع من ذهب لمكة، وكنت حاجا بالفعل".
دلارام والأمير
كان هناك ملك له ابن، وعندما كبر استدعاه وأعطاه مفاتيح غرفات القصر الملكي، ودخل الابن الغرفات واحدة واحدة، فرأي أن جميعها ممتلئ بالأشياء الثمينة والجواهر حتي وصل إلي غرفة فرأي أن مفتاحها ليس موجودا، فسأل والده: أين مفتاح هذه الغرفة؟.
قال الملك: مفتاح تلك الغرفة لايعنيك.
ومرت الأيام، حتي ذهب الملك يوما للحمام، فجاء الابن وأخرج مفتاح تلك الغرفة من جيب الملك، وذهب وفتح باب الغرفة، فرأي أنه لايوجد أي شيء بداخلها. عند الخروج وقعت عيناه علي أعلي الباب وعلي صورة الفتاة التي كانت تقول للقمر لا تظهر فقد ظهرت أنا، فهام بها، وفقد الوعي، تحسس الملك الذي خرج من الحمام جيبه فرأي أن مفتاح تلك الغرفة ليس موجودا، فتأوه بشدة وبسرعة جاب القصر بحثا عن ابنه، فلم يعلم أي شخص عنه شيئا فدخل الغرفة فرآه، قد سقط مغشيا عليه، فأفاقه، فقال الابن: "يا أبي! صورة من هذه؟ فأنا أريدها".
نصح الأب ابنه كثيرا، ولكن نصائحه لم تكن تجدي نفعا، وفي النهاية قال: "هذه الصورة لابنة ملك الصين، واسمها دلارام، ولن تستطيع أن تجدها، فطريق مملكتها بعيد جدا". لم يأبه الابن بنصائح الأب، وأعد وسائل السفر، وقال له ابن الوزير: سآتي معك.
وبعد يومين أخرجا حصانين من الحظيرة وجمعا صناديق ممتلئة بالجواهر غالية الثمن، وأعطيا ظهرهما للمدينة، واتجها إلي الصين، وسارا وسارا حتي وصلا إلي مدينة، ونزلا في استراحة القوافل، بعد ذلك ذهبا للتجول لمشاهدة المدينة، فسمعا أنه يوجد في المدينة نجار يصنع العجلات والسفن التي إذا ركبتها وأدرتها تجاه اليمين ترتفع، وإن أدرتها يسارا تنخفض، وذهبا عند النجار وأمراه أن يصنع العجلة الطائرة "عجلة الفلك"، وبمجرد أن أعدت العجلة وركباها، اتجها لليمين، وحلقا في الفضاء، وتوجها للصين. وذهبا حتي وصلا إلي مدينة الأميرة دلارام، ونزلا خلف المدينة، وأخذا صناديق الجواهر.
ونزلا في استراحة القوافل، وأعطيا صاحب الرباط بعض الجواهر، وبحثا عن الأميرة دلارام، فقال صاحب الرباط: "إن الشمس والقمر لم يريا وجه دلارام، فكيف تريدان أن ترياه؟ هذا الأمر مستحيل".
فزاداه من الجواهر، فقال صاحب الرباط: أعرف عجوزا أراها تغدو وتروح مع الأميرة دلارام، وربما يمكنها أن تفعل شيئا لكما. عندئذ ذهب، وأحضر العجوز، أعطي ابن الملك للعجوز مالا كثيرا حتي ترضي.
وذهبا ونزلا بمنزل العجوز، ولكنهما ما إن تحدثا عن الأميرة دلارام، حتي حذرتهما العجوز قائلة لتتحدثا، فللجدران ثقوب، وللثقوب فئران، فستنصت الفئران، وتذهب لتخبر دلارام.
فظلا يزيدان المال حتي رضيت أن تمهد لهما الطريق، فقالت العجوز: "في هذه المدينة ينبغي ان تكون كل الأسواق مفتوحة في أيام الجمعة، وجميع الناس يذهبون لمنازلهم. عندئذ تأتي دلارام إلي السوق، وتتجول فيه، وتأخذ كل ما تريده، وبعد ذلك يعطي البلاط لصاحب الدكان النقود.
فلهذا عليك الصبر للجمعة القادمة، فسأضعك داخل صندوق في أحد الحوانيت حتي تلقي نظرة علي الأميرة دلارام".
وبعد أن جاء يوم الخميس، أعدوا صندوقا، وجعلوا فيه ثقبا، فدخل الأمير الصندوق، وحمله ابن الوزير علي كتفه، وسلكا الطريق حتي وصلا إلي باب دكان شخص علي صلة بالمرأة العجوز.
فقالت العجوز لصاحب الدكان: دع هذا الصندوق عندك حتي آتي بعد ذلك وأحمله. وما أن حل صباح الجمعة، وفتح أصحاب الدكاكين حوانيتهم، وانتظروا الأميرة دلارام حتي جاءت ودخلت السوق مع بعض جواريها، فرآها الأمير من ثقب الصندوق، الفتاة كالبدر في ليلة تمامه، لم يتحمل، غاب عن الوعي.
تجولت دلارام في السوق، وذهبت، وذهب الناس أيضا لأعمالهم، وجاء ابن الوزير، وحمل الصندوق، وفتح بابه فوجد الأمير مغشيا عليه، فأفاقه، وتشاورا ماذا يفعلان حتي يدخلا قصر الملك.
وفي النهاية قالا: حسنا سنصبح عازفين، وفعلا ذلك، فكانت العجوز تثني أمام الأميرة دلارام علي العازفين الجديدين اللذين جاءا إلي المدينة. أمرت دلارام باحضارهما للقصر حتي يعزفا في حجرة مجاورة، وتنصت هي، فأحضرتهما العجوز إلي القصر، وظل الأمير وابن الوزير يعزفان وينشدان حتي الغروب.
حل الليل فأرادا أن يذهبا، فأمرت دلارام أن يأتيا غدا، وعندما خرجا من القصر، جلس ابن الملك داخل صندوق الآلات الموسيقية المزمار، وحمل ابن الوزير الصندوق علي كتفه وعاد وقال: هل تسمحين؟ ينبغي أن نأتي غدا، وسنترك هذا الصندوق ليكون هنا. قبلت الجارية، ووضع ابن الوزير الصندوق وذهب، حل الليل، وتناولت دلارام العشاء ونامت، ونام الجميع واستغرقوا في نومهم، فخرج الأمير من الصندوق، ودخل حجرة دلارام، وأخذ قبلة من وجنتها اليمني، ووضع الشمعدان الذهبي الذي كان أعلي رأسها أسفل قدمها، ووضع الشمعدان الفضي الذي كان أسفل قدميها أعلي رأسها، ثم عاد للصندوق. وعندما استيقظت دلارام رأت أن الجانب الأيمن لوجهها يزداد ثقلا، وقد تبدل مكان الشمعدانين، فتأكدت من أن شخصا دخل القصر، ولكنها بحثت فلم تجد شيئا.
وفي الصباح جاء ابن الوزير، وخرج الأمير من الصندوق، فشغلا بالعزف، وفي الليل أمرت دلارام أن يأتيا في الغد.
وكالليلة الماضية وضع ابن الوزير الأمير داخل الصندوق، وذهب بنفسه لمنزل العجوز، وفي الليل خرج الأمير مرة ثانية من الصندوق، وأخذ قبلة من الوجنة اليسري للأميرة دلارام، وبدل ايضا مكاني الشمعدانين، ثم عاد للصندوق. وفي الصباح رأت دلارام أن الجهة اليسري لوجهها تزداد ثقلا وان مكان الشمعدانين تبدل أيضا، لكنها لم تفهم، وفي ذلك اليوم ظل الأمير وابن الوزير حتي الليل ينشدان ويعزفان، حل الليل فأمرت دلارام أن يأتيا غدا، ووضع ابن الوزير بطريقة الليالي الماضية نفسها الأمير في الصندوق، ووضع بجانبه طعاما قليلا، وخرج من القصر، حل الليل، وجرحت دلارام إصبعها وملحته حتي لا تنام.
ولما مضي هزيع من الليل، رأت شابا دخل حجرتها، ولكنه عندما أراد أن يقبلها أمسكت برسغه، ثم نظرت فرأت شابا وسيما، فعشقته من كل قلبها، وسألته: من أنت، ومن أين جئت؟ حكي لها الأمير كل حكايته، فخبأته الأميرة دلارام في قصرها.
كانت دلارام تخلي القصر ليالي، ومضت أيام وهي مشغولة بجوار الأمير بالمناجاة والعشق، وذات ليلة قال الأمير لدلارام: ينبغي أن أخطبك من والدك.
فقالت دلارام: لن يوافق والدي، فيجب أن نهرب من هنا.
عندئذ حددا ليلة للهروب، وفي عصر ذلك اليوم قالت دلارام: ليس هناك ضرورة أن تأتيا غدا. فخرج ابن الوزير والأمير من القصر، وجهزا وسائل السفر، وأعدا ثلاثة من الجياد السريعة، ووقفا بجوار القصر منتظرين. وما إن انتصف الليل حتي خرجت دلارام من القصر، ولحقت بهما، وعندئذ اعطوا ظهرهم للمدينة، واتجهوا إلي الصحراء، وساروا حتي الصباح.
وقرب الصبح تعبوا، وترجلوا عن الجياد فنام ابن الوزير في ركن، فقالت الأميرة: "سأتولي الحراسة"، فوضع الأمير رأسه علي ركبة دلارام ونام، مضت عدة ساعات فرأت دلارام أن غبارا قد ظهر من بعيد، ففهمت أن والدها قد أرسل لتعقبها، فلم يطاوعها قلبها ان توقظ الفتي، ومن ناحية اخري رأت ان جيوش والدها إذا أدركت الشابين النائمين سيكون موتهما أمرا حتميا، فانهمرت في البكاء حتي سقطت إحدي دمعاتها علي وجه الأمير، ففزع الأمير من النوم، وسألها: لماذا تبكين؟.. قالت الفتاة: انظر خلفك، نظر الأمير فرأي غبارا فعلم أنهم قد تعقبوهم، فأيقظ ابن الوزير، وأعدا نفسيهما للحرب، لم يمض وقت طويل حتي وصل الفرسان، واستعد الطرفان للحرب، ثم ظهر في السماء سحاب كالدخان ولم تمض إلا لحظات وخرجت منه يد، وأمسكت دلارام ورفعتها إلي السماء.
نظر الأمير وابن الوزير والجنود إلي بعضهم لفترة، وحزنوا، التفت الأمير إلي فرسان الملك، وقال: " عودوا وأخبروا الملك بما رأيتموه، فسنذهب نحن لإنقاذ دلارام". عندئذ سلكوا الطريق، وفكر ابن الملك، وقال: "هذه يد جني اختطفت دلارام".
سارت الجياد حتي حل الليل، ووصلا إلي جبل، فترجل الأمير وصديقه وواصلا البحث في الجبل وظلا يتجولان في الجبل فترة حتي وصلا إلي غار، وكأن شخصا قال لهما إن ضالتكما موجودة في الغار نفسه فكمنا قرب الغار، ومن عجائب الزمن أن الجني قد أحضر دلارام إلي الغار نفسه، وكان قد سقاها، ثم انشغل الجان بشرب الخمر.
انقبض قلب الأميرة دلارام وهي في الغار، وخرجت منه بعذر من الأعذار، وفجأة وقعت عيناها علي ابن الوزيروالأمير، فعرفت أن الأمير الوفي قد تعقبها في كل مكان حتي وصل إلي الغار، فاقتربت منهما، وقالت بهدوء: »الجان اثنا عشر شخصا فاصبرا حتي أخبركما«.
عادت وصبت في شراب الجان دواء للتخدير، وأعطته لهم فاحتسوه وفقدوا وعيهم، وعندئذ خرجت وقالت ادخلا، فاستلا خنجريهما، ودخلا الغار وبدون أن يضيعا الفرصة قطعا رؤوس الجان. سعدت دلارلم لشجاعة الأمير وجلده ووفائه، وقضوا الليل في المكان نفسه، وفي الصباح نهضوا وأجدوا السير لعدة أشهر، ووصلوا إلي مدينتهم في النهاية فتقدم ابن الوزير، وبشر الملك بقدوم الأمير، خرج العظماء جميعهم لاستقباله، ودخل الأمير ودلارام بكل جاه وعظمة للمدينة، وزينوا المدينة واحتفلواسبعة أيام بلياليها، وعزفوا علي الطبول والآلات الموسيقية الملكية، بعد ذلك عقدوا للأمير علي الأميرة وتنحي الملك عن السلطة، ووضع تاج الملك علي رأس ابنه.
أصبح ابن الوزير وزيرا أيضا خلفا لوالده، وكتبت الأميرة دلارام رسالة إلي الأب، وأخبرته بالحدث، وأرسلت الرسالة مع الهدايا العديدة لمملكة الصين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.