الكنيسة الكاثوليكية تختتم اليوم الأول من المؤتمر التكويني الإيبارشي الخامس.. صور    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن فى ثانى أيام العيد الإثنين 17 يونيو 2024    في ثاني أيام العيد.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الإثنين 17 يونيو 2024    فوائد إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية فوق أسطح المباني.. تقلل انبعاثات الكربون    إعلام فلسطيني: زوارق الاحتلال تطلق النيران صوب المناطق الشمالية لقطاع غزة    انخفاض أعداد الموقعين على بيان مؤتمر أوكرانيا الختامي ل82 دولة ومنظمة    زلزال بقوة 5.9 درجة يضرب المياه بالقرب من ساحل بيرو    إعلام فلسطيني: الاحتلال يطلق قنابل ضوئية في أجواء المناطق الشمالية الغربية لقطاع غزة    تشكيل منتخب فرنسا المتوقع ضد النمسا في أمم أوروبا 2024    تراجع درجات الحرارة وأمطار رعدية.. الأرصاد تعلن حالة الطقس فى ثانى أيام عيد الأضحى    تساقط أمطار خفيفة على قرية الطرفة بمدينة سانت كاترين    شركات الأقصر: تأشيرات الزيارة وراء أزمة حجاج السياحة في المشاعر    حظك اليوم برج الجوزاء الاثنين 17-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    د.حماد عبدالله يكتب: مواسم "تذويق" الشارع المصرى !!    هل تتمتع الحيوانات بالوعي؟ كيف تغير الأبحاث الجديدة المفاهيم    عيد الأضحى: لماذا يُضحى بالحيوانات في الدين؟    «إيمي» تطلب الطلاق بعد 10 أيام لسبب غريب.. ماذا كتبت في دعوى الخلع؟    بسمة وهبة تعلن وفاة ابن خالها وترثاه بكلمات مؤثرة.. عاجل    لم يتحمل فراق زوجته.. مدير الأبنية التعليمية بالشيخ زايد ينهي حياته (تفاصيل)    أجهزة مراقبة نسبة السكر في الدم الجديدة.. ماذا نعرف عنها؟    كيف يمكن التعامل مع موجات الحر المتكررة؟    القافلة الطبية «راعي مصر» تصل القنطرة شرق بالإسماعيلية    العيد تحول لمأتم، مصرع أب ونجله صعقا بالكهرباء ببنى سويف    إيرادات حديقة الحيوان بالشرقية في أول أيام عيد الأضحى المبارك    بيلينجهام رجل مباراة إنجلترا وصربيا في يورو 2024    الصحة السعودية: لم نرصد أي تفشيات وبائية أو أمراض معدية بين الحجاج    خفر السواحل التركي يضبط 139 مهاجرا غير نظامي غربي البلاد    زيلينسكي يدعو لعقد قمة ثانية حول السلام في أوكرانيا    من التجهيز إلى التفجير.. مشاهد لكمين أعدّته المقاومة بمدينة غزة    وزير الداخلية السعودي يقف على سير العمل بمستشفى قوى الأمن بمكة ويزور عدداً من المرضى    الاستعلام عن صحة مصابي حادث انقلاب سيارة ميكروباص بالطريق الأوسطي    وفاة الحاج الثالث من بورسعيد خلال فريضة الحج    الأنبا ماركوس يدشن كنيسة ويطيب رفات الشهيد أبسخيرون بدمياط    المحامين تزف بشرى سارة لأعضائها بمناسبة عيد الأضحى    تعرف على حكام مباراتى الجونة والبنك الأهلى.. والإسماعيلى وإنبى    بيلينجهام يقود منتخب إنجلترا للفوز على صربيا في يورو 2024    موعد مباراة إنجلترا والدنمارك في يورو 2024.. والقنوات الناقلة    مانشستر يونايتد يجدد الثقة في تين هاج    عبير صبري ل"الحياة": خفة الدم والنجاح والصدق أكثر ما يجذبنى للرجل    ممثل مصري يشارك في مسلسل إسرائيلي.. ونقابة الممثلين تعلق    وفاة خامس حالة من حجاج الفيوم أثناء طواف الإفاضة    هل يجوز بيع لحوم الأضحية.. الإفتاء توضح    ذراع الكرة.. وذراع الخمر    محمد سالم: مباراة طلائع الجيش كانت فاصلة ل المقاولون العرب    إيلون ماسك يبدي إعجابه بسيارة شرطة دبي الكهربائية الجديدة    عاجل.. موعد اجتماع لجنة تسعير المواد البترولية لتحديد أسعار البنزين والسولار    صحة كفر الشيخ: تنفيذ خطة التأمين الطبي بنجاح    متى آخر يوم للذبح في عيد الأضحى؟    بعد كسر ماسورة، الدفع ب9 سيارات كسح لشفط المياه بمنطقة فريال بأسيوط    أجواء رائعة على الممشى السياحى بكورنيش بنى سويف فى أول أيام العيد.. فيديو    ماذا يحدث في أيام التشريق ثاني أيام العيد وما هو التكبير المقيّد؟    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج جورجيا بتجارة القاهرة    محد لطفي: "ولاد رزق 3" سينما جديدة.. وبتطمئن بالعمل مع طارق العريان| خاص    فلسطينيون يحتفلون بعيد الأضحى في شمال سيناء    حصاد أنشطة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في أسبوع    منافذ التموين تواصل صرف سلع المقررات في أول أيام عيد الأضحى    محافظ السويس يؤدي صلاة عيد الأضحى بمسجد بدر    بالسيلفي.. المواطنون يحتفلون بعيد الأضحى عقب الانتهاء من الصلاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شريف يونس عن فكر الثورة:
عبد الناصر وقع في فخ شعاراته
نشر في أخبار الأدب يوم 27 - 03 - 2010

اختار شريف يونس، مدرس التاريخ الحديث بجامعة حلوان، منهج "تحليل الخطاب" وهو يتعامل مع الحقبة الناصرية، في رسالة الدكتوراه، التي تم نشر أجزاء منها في كتاب صدر عن دار ميريت يحمل عنوانا دالا "الزحف المقدس: مظاهرات التنحي وتشكّل عبادة ناصر". شريف له خلفية يسارية لا يمكن تجاهلها بجانب عمله الأكاديمي. هو واحد من مؤسسي مجلة البوصلة التي تصف نفسها ب"صوت ديمقراطي جذري" ، والمرتبطة بتيار اليسارالديمقراطي، بالإضافة إلي اهتمامه بالنقد الأدبي، فهو أحد المساهمين في مجلة "الكتابة الأخري" في الثمانينيات والتسعينيات. عن "الأيديولوجيا الناصرية" كان لنا معه هذا الحوار:
نبدأ من المنهج، لماذا اخترت منهج "تحليل الخطاب" بالتحديد لدراسة الناصرية؟
جزء من اختياري لمنهج تحليل الخطاب أثناء إعدادي لرسالة الدكتوراه هو أن بعضا من الوثائق السياسية والعسكرية غير متوفرة، والجانب الاقتصادي تمت دراسته علي يد اقتصاديين. بالإضافة لأنه في رأيي فإن فترة ناصر والسادات هي الفترة الأكثر "كلاما"، خطب عبد الناصر وحدها تضم حوالي عشرة آلاف صفحة، وذلك علي مدار 18 سنة من حكمه، بالإضافة لخطب أعضاء مجلس قيادة الثورة. كانت هذه فترة لعب فيها الخطاب السياسي دورا في "إنشاء" النظام، وليس فقط التعبير عنه.
تري أنه كان هناك فعلا ما يسمي ب"الأيديولوجيا الناصرية"؟
الفكرة الشائعة عن الناصرية هي أنها ليست أيديولوجيا، وإنما مشروع وطني له سمات معينة، الميثاق مثلاً لا يحوي رؤية شاملة (عبد الناصر نفسه قال أن هذا ميثاقا لثماني سنوات فحسب)، والناصريون لم يستطيعوا بلورة فكر ناصري واضح، وبالتالي يتم النظر للناصرية باعتبارها رؤية انتقائية. ما أحاول التأكيد عليه هنا هو أنه ليس هناك نظام اجتماعي وسياسي بلا أيديولوجيا، ولكن معني الأيديولوجيا هنا مختلف. هو الأفكار والتصورات التي تبرر وجود النظام، ومن هنا حاولت صياغة مفهوم ما حول "معني الناصرية"، ليس اعتمادا علي خطب عبد الناصر فحسب وإنما أيضاً كتابات أشخاص مثل محمد حسنين هيكل ومحمد التابعي ومصطفي أمين وإحسان عبد القدوس، بالإضافة إلي من كانوا صغارا ساعتها مثل كامل زهيري وغيرهم. بعد هذا لاحظت أن كل هذا الكم الكبير من الكتابات ليس فقط يعبر عن النظام وإنما يقوم بإنشائه أيضاً. هناك حوالي مئة ضابط استيقظ المصريون ليجدوهم قد حكموا مصر، هؤلاء ضباط بلا تاريخ، لم يكونوا شيوعيين ولا إخوان مسلمين أو إقطاعيين، لذا لابد لهم من تعريف أنفسهم. هكذا تم تأسيس النظام اعتمادا علي "خطابه".
إذن كيف حاول النظام إضفاء المشروعية علي نفسه؟
عبد الناصر أقام مجلس الأمة عام 1956، لأن النظام كان يريد أن يتوسع ويصبح شبيها بنظم الحكم الطبيعية رفع الرقابة عن الصحافة، حتي يتلقوا انطباعات الصحفيين والكتاب عن السيناريو المحبذ بعد انتهاء الفترة الانتقالية في يناير 56، وكان من المفترض أن يستمر رفع الرقابة لشهرين، ولكن تمت إعادة الرقابة بعد ثلاثة أسابيع فحسب. في هذه الأسابيع الثلاثة اقترح وحيد رأفت، وكان واحدا من أهم رجال القانون الوفديين، نظاما ديمقراطياً. ورد عليه هيكل ساعتها. العقاد نفسه كتب مقاله السياسي الوحيد في هذه الفترة، ثم عاد للمواضيع العامة التي استطاع بها تجنب التعبير عن رأيه الحقيقي. قال وقتها أنه ليس هناك معني لأن نشير عليكم بنظام يصلح للأمة. إذا أردتم معرفة الأصلح للأمة فاسألوا الأمة.
لا يمكن مع هذا إنكار الشعبية التي كانت تتمتع بها أفكار النظام؟
نعم، لأن فكرة النظام كانت بسيطة تماما، ومتجذرة في عقول الناس، الفكرة الوطنية التي وقفت خلف الاحتفاء بالتأميم، هي في عقول الناس علي مدي عقود، وتمثلت في النضال ضد الاستعمار البريطاني. إذن فالشق الوطني من الخطاب الناصري لم يكن جديدا. غير أن هذا الخطاب كان له شق استبدادي أيضاً، بينما النضال في العقود السابقة تمحور حول "الجلاء" و"الدستور"، أي أن الديمقراطية كانت جزءا مهما منه. الضباط الأحرار كانت لهم جذور في "مصر الفتاة" و"الإخوان المسلمين"، وكانوا يعتقدون أن الجلاء لم يكن ليتحقق سوي بأساليب سلطوية. السادات قال مثلا عام 1958 أن المعترضين علي أساليبهم عليهم فهم أن هذه الأساليب هي التي أتت بالثمار.
هل يلقي كتاب "فلسفة الثورة"، بعضا من الضوء علي هذه الأيديولوجيا؟
لم تكن فلسفة. كانت كلاما عن تطور أفكار عبد الناصر ومشاعره. فيها يقول عبد الناصر أنهم لم يجدوا من هو أهل لتسلم السلطة، ولذا بقي الضباط في الحكم، أي أنه يعترف ضمنيا باستثنائية وجوده في السلطة. ليس لديه تبرير إلا بأنه متورط في السلطة. السؤال الذي كان يجب أن يطرح ساعتها: من أنتم إذن؟ إجاباته كانت ساذجة: "نحن هنا لأننا شرفاء ونحن لا نحتاج أموالا لأن الجيش يقدم لنا رواتب جيدة". وبالمناسبة أنا لا أنكر أن عبد الناصر كان شريفاً. هو لم يكن لصا، ولكنني ضد النظر إليه بشكل أخلاقي، سيكون هذا مشابها للقول بأن أزمة النازية هي أن هتلر كان مختلا. لا، أزمة النازية أن هتلر أخذ السلطة بشكل ديمقراطي، أي أن أغلبية الناخبين كانت تؤيد هذا المختل. أتصور أن مشكلة النظام الناصري هي أنه لم تكن لديه فكرة يقولها، مع احتياجه لتبرير نفسه: "نحن وطنيون ولم يعجبنا الوضع فاستولينا علي السلطة"، ولكن كيف تتحول هذه الفكرة المبسطة إلي مشروع؟ والسؤال الأهم: كيف يمكن للنظام أن يعبر عن الشعب بدون أن يجعل الشعب يحكم؟ في النهاية وصل الضباط للصيغة السحرية: الشعب هو من قام بالثورة، والضباط لم يكونوا سوي آداته في هذا. كانت هذه هي الصيغة الوحيدة لتفسير الوضع.
وكيف تم القبول بفكرة الاستبداد طالما أنها كانت أمرا جديدا تماما؟
ليس بالضبط، ليس هناك فكرة تأتي من اللاشيء. لا يعقل أن تنشأ فكرة الوطنية الاستبدادية في عقول ضباط قضوا عمرهم في العلوم العسكرية بالأساس. الحقيقة أن جماعة "مصر الفتاة" لعبت دورا مهما جدا علي هامشيتها في المشهد السياسي المصري- في تكوين ناصر. فكرة الوطنية الاستبدادية كانت موجودة ولكنها مهمشة. المشكلة أن الضباط وجدوا من يتلقف الفكرة ويصدقها. هناك من رأوا الديمقراطية نوعا من الفساد، وعندما كتب توفيق الحكيم "شجرة الحكم" كان يسخر من نظام الأحزاب الذي اعتبره مرادفا للفساد، وأحمد حسين الذي جاء من خلفية الأحرار الدستوريين، والإخوان الذين كان سهلا عليهم قبول الفكرة الناصرية في أولها، والأدباء الشباب الذين فتحت لهم الصفحات الأدبية ب"الجمهورية"، كل هؤلاء كانوا علي استعداد لتقبل درجات من الاستبداد في مقابل "مكاسب الثورة".
والمعارضة، أين كانت؟
معارضة النظام لم تكن معارضة حقيقية، كانت تنقده من داخل مفاهيمه، الشيوعيون كانوا يعتبرونه نظاما اشتراكيا، والإخوان المسلمون كانوا يعتبرونه نظاما إسلاميا، الشيوعيين يقولون أن الاتحاد الاشتراكي هو جسم ميت ولابد من إحيائه للحفاظ علي مكاسب الثورة، والإسلاميون يقولون أن اشتراكيتنا عربية ومختلفة عن سائر الاشتراكيات في استنادها إلي الدين، أما المعارضون الأكثر راديكالية فقد تم إقصاؤهم خارج المشهد تماما. كانت هناك مجموعات راديكالية مثل مجموعة سيد قطب في السجن. حاولوا إنشاء تنظيم سري وتم حبسهم عام 1965، وعندما رفض بعض الشيوعيين حل الأحزاب تم حبسهم هم الأخرين بتهمة إنشاء تنظيم شيوعي. لقد كُتب الكثير عن هذا ، هناك عشرات المذكرات عن تعذيب الشيوعيين كتبها أبطالها بعد خروجهم من السجن، بالإضافة إلي كتابات الإخوان ومجموعة سيد قطب. المشكلة هي أنه ليس هناك غير المذكرات، بينما من المهم جدا لهذا الموضوع أن يُكتب من وجهة نظر تحليلية.
أشرت ذات مرة إلي أن النظام الناصري كان يتفاوض مع إسرائيل أيضا.
نعم. هناك دراسة قدمتها الدكتورة فادية سراج الدين تقوم فيها بالتوثيق لمفاوضات عامي 1955 و1956 مع إسرائيل بشكل غير مباشر (بوساطة أمريكية)، واشترط فيها عبد الناصرأخذ جزء من صحراء النقب للوصل بين جزئي العالم العربي في مقابل إحلال السلام. هذا في نفس الوقت الذي كان النظام يحول فيه موضوع إسرائيل إلي تابو. النظام كان قائما علي التبعية السياسية. الناس تتلقي "المكاسب" في مقابل عدم معارضتها، وخطاب السلطة هنا يصبح كلاما نهائيا وناجزا، صحيح أن ناصرا كان يفسر عداءه لدولة عربية ما أو غيرها، ولكن هذا لم يكن يشكل أكثر من مجرد إيضاحات لقضية ناجزة أصلاُ. هذا الخطاب كان هو أيضا الذي قاد ناصر لحرب 1967. كان خطاب النظام قائما علي فكرة أن من يرفض السير علي خط راديكالي هو عميل. السوريون والفلسطينيون استغلوا هذا الخطاب وردوا به عليه، مستخدمين فكرة أنه فتح مضيق العقبة للملاحة الإسرائيلية منذ عام 1957 مقابل انسحاب إسرائيل من سيناء، أي أن النظام يقول ما لا يفعل. بالتأكيد كانت هذه اللحظة هي أسوأ لحظة للحرب، ثلث الجيش المصري وصفوة قادته في اليمن، ولكن كان لابد من الحرب لدفع الاتهامات. النظام وقع في ورطة الشعارات التي قام أنشأها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.