لا أطمئن عادة لكثير من المصطلحات السائدة التي يستخدمها البعض في الذهاب وفي الإياب، للدرجة التي تفقد تلك المصطلحات معناها الحقيقي،وظروف إطلاقها، والبيئة التي تكوّنت فيها، وضمن هذه الاستخدامات الشائعة يبرز مصطلح "المثقف العضوي " الذي صكه ووضعه المفكر السياسي الإيطالي "جرامشي" منذ عقود، وبعيدا عن الشروط والملابسات المعقدة التي وضعها جرامشي في دفاتره لهذا المصطلح، لكي يكون لائقا بشخص ما، فقد تم تفسيره وتأويله وتطبيقه في شرقنا العربي ببساطة شديدة، واستسهال مذهل، للدرجة التي يمكن تطبيقه علي النازي والفاشي بسهولة شديدة، فالتفسير الذي شاع يقول بأن كل شخص يلتزم بأفكار ومبادئ،ثم يشيعها، ثم يلتزم بتطبيقها، فهو مثقف عضوي، أي أننا من الممكن أن نطلقه علي "جوبلز" وزير الدعاية الألماني، الذي كانت كل قراراته وخطبه وأفكاره محل التزام منه، وموضع تطبيق دائم. لذلك تم انتزاع المصطلح من سياقه الفكري والبيئي والسياسي، وراح يشيع بسهولة ويسر في بيئات ومناخات سياسية وفكرية متنوعة، وغير قابلة لاستقبال وتطبيق المصطلح بكل شروطه، فالأوغاد والمستبدون والطغاة مثلا يتم إدراجهم تحت تسمية ذلك المصطلح، مادامت سلوكياتهم ومسيرة حيواتهم، ماهي إلا التطبيق الأمثل لأفكارهم ومبادئهم التي اعتنقوها منذ أزمنة مبكرة في مسيراتهم، بعيدا عن نبل تلك الأقكار وصلاحياتها الانسانية والنضالية المفيدة للبشرية. ومن أكثر من أشيع عنهم ذلك المصطلح، الكاتب والفنان والأديب المناضل الفلسطيني غسان كنفاني، والذي يعتبره البعض من الأيقونات الفلسطينية الخالدة في عالمنا المعاصر، مثله مثل محمود درويش وناجي العلي وياسر عرفات وغيرهم من الذين دفعوا بحياتهم في أكثر من معترك لتحرير بلادهم،والحلم بمسقبل أفضل للبشرية جمعاء . "البدايات" غسان كنفاني الذي ولد في 9 ابريل عام 1936، أي أثناء الثورة الفلسطينية العارمة،والتي كتب عنها أجمل ماكتب، ثم عاش النكبة بكل عام 1948 بكل مهانتها وتفاصيلها المأساوية، واضطر إلي الهجرة واللجوء ومغادرة وطنه وهو مايزال في الثانية عشرة من عمره، ليعيش حياة اللجوء والمنفي الاضطراري طوال حياته، حتي يلقي حتفه مجندلا وممزقا في إحدي الغارات الاسرائيلية الغاشمة في بيروت،وذلك في 8 يوليو عام 1972، وكان هذا الاغتيال مخططا له من قبل، علي يد الموساد الإسرائيلي. ترك كنفاني تراثا ابداعيا ونقديا وفنيا وسياسيا مهولا،رغم سنوات عمره القصيرة،كان عاصفة ودوّيا واسعا في حياتنا العربية والفلسطينية والانسانية علي السواء، وتحولت إحد رواياته البديعة والموجعة "رجال في الشمس"،إلي أحد أهم الأفلام العربية، وهو فيلم "المخدوعون"، والذي أخرجه الفنان الراحل توفيق صالح،والذي استطاع أن يجسّد رؤية غسان كنفاني باقتدار . بدأ غسان كنفاني عاصفته الأدبية والسياسية في منتصف الخمسينيات، وكتب بعضا من القصص القصيرة، ونشرها في مجلات وصحف مرموقة ،منها مجلة الآداب البيروتية، وغيرها من المطبوعات الأخري، ومنها قصة "شمس جديدة"، التي أرسلها من الكويت، ونشرت في فبراير عام 1957 بمجلة الآداب، ويبدو من خلال هذه القصة أنه يسجّل بعضا من حياته، وجاءت القصة علي هيئة رسالة إلي صديق يقطن في أمريكا، ويبدو كذلك أن بطل القصة أو الرسالة،وهو في الأغلب غسان نفسه،مصرّا علي البقاء لمواجهة مصيره في البلاد العربية،حتي يستطيع القيام بواجبه، وفي أواخر الخمسينيات ينتمي إلي حركة القوميين العرب، ويذهب إلي بيروت،والتي كانت إحدي القلاع الثقافية العربية،والتي كانت تحتضن لزمن طويل غالبية التيارات والاتجاهات الفكرية والسياسية العربية، وعمل هناك كنفاني في هيئة تحرير مجلة "الحرية"، وكان يكتب فيها متابعات سياسية لتغطية الأحداث العربية المتفجرة في ذلك الوقت. "جريدة المحرر والانتماء الناصري" ثم انتقل بعد ذلك إلي جريدة "المحرر"عام 1963حتي عام 1967، وفي هذه الجريدة تتبين مواهب غسان الصحفية،والمنحازة للفكرة العربية عموما، وبالمفهوم الناصري علي وجه الخصوص،وكانت الفترة التي عمل فيها غسّان بجريدة "المحرر" بمثابة المعمل التجريبي للتدريب علي الكتابة الصحفية والأدبية، وفيها كذلك نشر بعضا من الفضفضات التي لم تجد طريقها إلي النشر،وأعتقد أن دراسة تلك الفترة في حياة غسان كنفاني، ستكون ضرورية جدا لاكتشاف ذلك النزوع القوي نحو الفكرة العربية بمفهومها الناصري، وتحت يدي كتابات ومقالات وتحقيقات بارزة لكنفاني في تلك الفترة، وهي منحازة بامتياز إلي جمال عبد الناصر وتوجهاته،وكان كنفاني يكتب كذلك افتتاحيات الجريدة بعنوان "حديث المحرر"، وقاد كنفاني في تلك الفترة حملة واسعة علي حزب البعث، ففي أكتوبر 1963، كتب في الافتتاحية مهاجما بيان القيادة القطرية لحزب البعث،الذي عزم علي قيام وحدة بين بعث سوريا وبعث العراق،واصفا تلك القيادة بأنها كانت تعمل علي إفشال كافة المساعي الثورية التي كانت تقوم بها الاتجاهات السياسية الأخري. وفي مقال له بالعدد نفسه،وكان عنوانه "بيان البعث بين الزيف والجهل"، والذي بناه كنفاني علي اقتباس بضعة فقرات مطولة منه، وكانت إحدي تلك الفقرات تقول :"إن الخطوة الوحدوية بين سورياوالعراق ستكون مجرد مرحلة في نضاله الوحدوي،فالدولة الوحدوية الصحيحة التي يقودها حزبنا ستكون منفتحة دوما للأقطار العربية الأخري بشكل عام،وللقطر المصري بشكل خاص ..."، وبعد تلك الاقتباسات التي اختارها غسّان بذكاء، يكتب تعليقا واحدا يقول :"المأساة ليست الزيف فقط بل الجهل أيضا..". ويكتب كذلك عن الثورة الجزائرية،وعن الانكسارات التي يمكن أن تواجهها، فكتب مقالا عنوانه "المسيرة الاشتراكية في الجزائر .. تواجه التمرد"، وبدأه بشعار كان سائدا آنذاك، وهو الذي يقول :"الثورة تأكل أبناءها". وفي سياق الانحياز لجمال عبد الناصر، كتب غسّان مقالا تحت عنوان "زاوية الرصد في أجوبة عبد الناصر"،وفي هذا المقال، هاجم غسّان وكالات الأنباء الغربية التي كانت تجتزيء بعضا من إجابات جمال عبد الناصر من أجل تشويهه، وتشويه جوهر رسالة جمال عبد الناصر إلي العالم، ذلك الجوهر كما كان يري غسّان الذي يعكس عقلية ثورية ملتزمة التزاما حادا،وعينا شعبية لا تري الأحداث إلا من حيث تراها الجماهير،ولذلك طالب غسّان علي عكس وكالات الأنباءأن تقرأ أجوبة عبد الناصر كاملة ليستطيع أن يكتشف ذلك الخيط البارع الذي يربطها إلي بعضها ربطا محكما ويكشف بالتالي أن الموضوع ليس موضوع "رأي عابر" بل موضوع أسلوب ثوري في التفكير. "الدفاع عن حسنين هيكل" وفي هذا السياق الناصري الذي كان ينتهجه كنفاني في تلك المرحلة، لم يدافع عن ناصر وأفكاره وحواراته ومبادئه وتوجهاته فقط، ولكنه كان يدافع عن داعميه، ومنهم الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل، وذلك في مقال له بالجريدة عنوانه "قصائد وصراخ وحقيقة واحدة"، وقصة ذلك المقال، نبتت عندما كتب هيكل مقالا تحدث فيه عن أوضاع الجيوش العربية، وكان مقال هيكل ردّا وتعقيبا علي تصريحات خبيثة ونارية لشيمون بيريز وزير الدولة آنذاك، وقال فيها بضرورة تطوير الجيش الاسرائيلي في مواجهة خطر الجيوش العربية،وعلي رأس تلك الجيوش، الجيش المصري، وفي تلك الأثناء كان هيكل قد التقي الملك حسين في باريس، فكتب مقالا توضيحيا عن أوضاع الجيوش العربية، وسرعان ماانبرت وكالات الأنباء بتجريم هيكل الذي من وجهات نظرهم قد باح وصرّح وأفصح عن قوة الجيوش العربية،وأن تلك التصريحات لن تفيد سوي اسرائيل، ولعلعت آنذاك الإذاعات البعثية،وعلي رأسها راديو دمشق،لذلك وجد غسان نفسه مدافعا عن هيكل ومقاله،الذي أنهاه بقوله :"ولذلك ف "الفضيحة" ليست في مقال هيكل، كما قالت أجهزة الإعلام الدمشقية والبغدادية،ولكن في الحقائف التي كشفها مقال هيكل،والتي يعرفها الجميع وإن كانوا يعتقدون أنه من العيب قولها رغم أن العيب هو عدم قولها". لا أريد أن أستغرق القارئ الكريم في المنهج الذي اتبعه كنفاني في تلك المرحلة،ولكنني آثرت إلقاء بعض الأضواء القليلة، التي يمكن أن تكون شبه مجهولة عن غسان،والتي استفاض فيها، في ذلك الوقت، وكان يكتب يوميات صحفية يفصح فيها عن متاعب الصحافة ومتعتها في الوقت نفسه، ورغم كل تلك الانشغالات الجمّة بالمتابعات والمعارك الصحفية والسياسية، كان غسّان لا يترك الساحة الأدبية مطلقا، ففي ذلك الوقت كتب روايته البديعة "رجال في الشمس". "الكاتب المثير للجدل" هناك من تحدثوا عن غسان كنفاني باعتباره إحدي العلامات الخالدة في مسيرة الأدب العربي عموما،والأدب الفلسطيني خاصة، ومن هؤلاء الشاعر الكبير محمود درويش في أكثر من مناسبة،وأخصّ بالذكر تلك المقدمة التي كتبها لمجموعة الدراسات الأدبية التي أنجزها غسّان في حياته، وقال محمود درويش عن كنفاني، مالم يقله عن كاتب آخر، واعتبره أحد الروافع الانسانية للقضية الفلسطينية، وكذلك كتب الكاتب الراحل يوسف ادريس مفاخرا بكونه يكتب القصة القصيرة، لمجرد أن هناك واحدا مثل غسان كنفاني كتبها، واعتبر أن استشهاد غسّان كان مجدا للقصة القصيرة، وأعلن ادريس في تقديمه للمجلد الذي ضمّ غسّان، أنه لم يكن قد قرأه من قبل،ولم يكن قد التقاه إلا مرة عابرة،وأخبره في ذلك اللقاء بأنه كان من أول الذين فكّر غسان أن يهديهم قصصه، ويكتب ادريس بأنه التهم قصص غسان الذي يفخر مرة ثانية بأنه يكتب المقدمة التي تصدرت أعماله القصصية. كذلك كتبت الدكتورة رضوي عاشور كتابا كاملا وهو "الطريق إلي الخيمة الأخري"،والذي صدر في دار الآداب عام 1977، وفي هذا الكتاب قامت رضوي بتحليل كتابات غسان كنفاني من منظور علمي،واعتبرت أنه لم يكن منحازا للقضية الفلسطينية فحسب،بل إنه كان منحازا كذلك إلي الفقراء والكادحين، هؤلاء الذين سوف يحررون فلسطين من كافة أشكال الاحتلال الصهيوني والسياسي والاقتصادي، كذلك كتب الدكتور أفنان القاسم كتابا عنوانه :"غسان كنفاني ..البنية الروائية لمسار الشعب الفلسطيني من البطل المنفي إلي البطل الثوري"،وفيه يرصد الباحث كافة المراحل التي مرّ بها غسان علي مدي حياته الأدبية عموما، ومن الكتابات المهمة كذلك، يأتي كتاب "وعد الغدّ ..دراسة في أدب غسّان كنفاني" للدكتورة فيحاء عبد الهادي، وهو كتاب شامل لمختلف كتابات غسّان السردية في القصة والرواية، وهو كتاب منحاز بامتياز لكل ما أبدعه غسان كنفاني، وفيه ترصد عبد الهادي البنية الثورية للرواية الغسّانية،واعتبارها الرواية الرائدة بامتيازة في السرد الفلسطيني والعربي. وعلي عكس كل هؤلاء تأتي بعض كتابات الناقد الفلسطيني الكبير الدكتور فيصل دراج، ففي دراسته التي نشرها في كتابه "دلالات العلاقة الروائية"،والذي صدر عام 1992،وجاء عنوان الدراسة كما يلي :"غسان كنفاني : التحريض والإبداع وارتباك الكاتب الوطني"، والذي راح الدكتور دراج يشرّح ثلاث روايات لغسّان كنفاني علي نار هادئة جدا، تلك الروايات هي :("ماتبقي لكم"،و"عائد إلي حيفا"، و"العاشق"). يستهل دراج دراسته باقتباس بضع كلمات من كتاب كنفاني حول الأدب الصهيوني، تلك الكلمات التي تنمّ عن الارتباط الشرطي بين الكلمة والفعل،وأن الكلمات دوما ما تكون حاملة لأفعال وثورات وتآريخ مدهشة، وهذا الاقتباس يورده دراج، ليثبت الرومانسية التي كانت تلفّ غسان كنفاني عموما، فأوقعته في ارتباكات عديدة، تلك الارتباكات التي لم تنج منها إبداعاته ودراساته،كما اتضح في ما يخصّ كتابه عن الأدب الصهيوني، ويقول دراج بالنص في تضاعيف دراسته :"إن رفع مقام الكلمة إلي مقام سحري يتجاوز النار بشرح جهد غسان الدؤوب في صياغة الكتابة الوطنية،وتعلقه الكاسح بالكتابة التحريضية، وإذا كان غسان يري الكفاح المسلح الشكل الأرقي للعمل السياسي الفلسطيني، فإن رفعه الكلمة إلي مدي لا تصله النار يعطيها بعدا مقدسا ودلالة دينية،وتصبح الكلمة طقسا دينيا يخلق الأشياء أو طقسا لا بد منه للوصول إلي المرغوب المفقود". ولا يخلو ذلك التمهيد من ربط بينه وبين النتائج التي وصل إليها دراج في تطبيقها علي روايات غسّان الثلاث، فيعتبر رواية "ماتبقي لكم" رواية ذهنية، تفتقد كثيرا إلي الحياة، وهي رواية تنتمي إلي رواية "القيم"،تلك الروايات التي تكون معدة سلفا في معمل الكاتب الفكري والتحريضي والسياسي، وهنا يصل دراج إلي نتيجة مؤداها أن شكل الرواية منفصل تماما عن مضمونها، فهي رواية كتبت قبل أن تكتب، وقرر كاتبها النهايات المحتومة لأبطالها، ونقتبس فقرة دالة من دراسة دراج تقول :(تبدأ الرواية سطورها الأولي بالغروب،وتنهتي في سطورهاالأخيرة بالشروق، ليلة واحدة تعيد بناء المصائر،وسواء أخذ غسان بتقنية تيار الوعي أو بمنطق الزمن النفسي،فإن ذلك لا يغيّر من الأمر شيئا،بل يبرهن عن انخلاع الشكل عن المضمون،أو عن كتابة مأزومة لم تعثر علي شكلها بعد، فبين الغروب والشروق زمن مستقيم،وواضح في غايته،وكان علي الرواية كي تعطي قولها،بدون ارتباك،أن تأخذ بمنطق الزمن المستقيم،عوضا عن أن تمتثل إلي غواية "الصخب والعنف"). وكما كتب دراج عن رواية ماتبقي لكم، قال عن رواية "عائد إلي حيفا " قائلا :"سعي غسان إلي كتابة الصراع الفلسطيني الصهيوني في حكاية تربوية،وبدلا من أن يكتب عن الحوادث التاريخية التي أنتجت مأساة فردية وجماعية،ذهب إلي ماوراء الحوادث باحثا عن القانون العام الذي ينتج المأساة في التاريخ، فوقع في شراك التجريد المباشر وابتعد عن المحسوس،علما عن أن الرواية،نظريا، تفصح عن المحسوس وتترك المجرد مضمرا،نقوم الرواية علي رسم الفعل الروائي وحجب الأثر،أما رواية غسان فإنها تكشف عن الأثر وتحجب الفعل الروائي،ولهذا تبدو نهاية الرواية واضحة في بدايتها". ولا تختلف قراءة دراج لرواية "العاشق" عن قراءته للروايتين السالفتي الذكر، وأراد دراج أن يضع روايات كنفاني في الأطر الذهنية والتربوية،واعتبار روايته الأولي "ماتبقي لكم " رواية أفكار،تخلو تماما من الطبيعة الحيوية لشخصيات من لحم ودم، وذلك لأن غسان كنفاني كان يصمم رواياته سلفا، ويبحث عن إجابات لتلبية ذلك التصميم المسبق،وذلك حدث في روايته "عائد إلي حيفا" التي وصفها بالتربوية، والتي تعاني من تناقضات حادة في الرؤية، أما روايته "العاشق"،فوقع غسان حسب رؤية دراج بين الهاجس الملحمي، والسرد الروائي. المدهش أن الدكتور فيصل دراج كتب دراسة عن تلك الروايات الثلاث نفسها لغسان كنفاني، ويبدو أنه كان أكثر رقة ونعومة في قراءتها، مما يوحي بأنه قد تنازل عن أحكامه السابقة .