وكعادتي .جئت للمقهي في حدود الثالثة صباحاً.بعد ورديتي بالسنترال. لفحتني نفس الوجوه التي اعتدت رؤيتها . وألفتني. كنا سبعة نزيد واحداً، او ننقص حسب الظروف. نتبادل إلإيماءات والتحايا. يجلس كل منا منزوياً... يقرقر نرجيلته ويرتشف مشروبه .
كان غريبا. لم نره من قبل.أخذ الكرسي المجاور لي . متجاوزاً رأسي. ليجلس بآخر حدود المقهي علي الطوار منفرداً. قرقر مراتٍ من نرجيلته، وكأنه لا يري أحدا. استغربناه. فالوجوه التي تأتي في هذا الميعاد معروفة. تبادلنا نظرات التساؤل: - من هذا؟. - ربما عابر سبيل. وعاد كل منا لنرجيلته او لمشروبه
رغم كثرة التردد علي المقهي .. كان الحديث مقطوعاً بيننا .. كنا كالجزر المنعزلة في محيط واحد. وعندما بدأت نسمة صيفية هاربة في الظهور دندن الغريب: -آنا هويت وانتهيت انتشيت مع الصوت ربما ليس جميلاً- لكنه أشجاني..ترنمت معه .. أغمضت عيني ..مالت رأسي يميناً ويساراً مع النسمات الرائقة مستعذباً اللحن. كانت قراراته وجواباته تلمس بداخلي الأوتار المدفونة برنينها المميز. رنين أجبر جسدي ورأسي علي الاهتزاز بنفس تردداته. بنفس تضاغطات وتماوجات صوته الساري في الهواء بانسجام. في إحدي تمايلاتي لمحت النادل الذي لا يكف عن الحركة بيننا- واقفاً يصغي أما الجزر المنعزلة .فكانت تتمايل في نشوة. لهذا الرنين. وعلي نفس ايقاعاتي.