إذا كان د. جابر انتصر في كلماته للحرية، فإنه قبل مني التدخل لإنهاء قضية، كان قد رفعها ضد أحد الزملاء في بوابة الأخبار، وحصل بالفعل علي حكم من الدرجة الأولي بتغريم الزميل 40 ألف جنيه، وعندما طلبت منه التنازل عن هذه القضية قبل تأييد الحكم، قبل علي الفور. تحية للدكتور جابر عصفور
منذ اللحظات الأولي لإجراء تحقيق معي في قضية أحمد ناجي، اتصل بي د. جابر عصفور معلناً تضامنه معي ومع أحمد، وبلغ هذا التضامن ذروته عندما ذهب في الأسبوع الماضي إلي المجلس الأعلي للثقافة للمشاركة في الندوة التي أقيمت بعنوان « الحماية القانونية لحرية الرأي والتعبير« ذهب رغم أنه كان يعاني من أزمة صحية طوال الفترة الماضية، وقد جاءت كلماته في هذه الندوة من أكثر الكلمات شجاعة.. مدافعاً ليس فقط عن جوهر الابداع والحرية ولكن عن حق هذا الوطن في أن يحتضن شبابه لا أن يبعدهم عنه، كما استعرض كذلك العوائق المختلفة التي تقف ضد حرية التعبير، ومنها المواد القانونية التي تجعل قاضياً يبرئ وآخر يدين والتي لاتتفق مع صحيح الدستور. وإذا كان د. جابر انتصر في كلماته للحرية، فإنه قبل مني التدخل لإنهاء قضية، كان قد رفعها ضد أحد الزملاء في بوابة الأخبار، وحصل بالفعل علي حكم من الدرجة الأولي بتغريم الزميل 40 ألف جنيه، وعندما طلبت منه التنازل عن هذه القضية قبل تأييد الحكم، قبل علي الفور، رغم حزنه مما جاء في مضمون الخبر، لكنه أراد أن يضرب مثلاً علي قدرته علي التسامح.. هذه المواقف تجعلني أقدم التحية والشكر لجابر عصفور، لأنني كثيراً ما اتفقت واختلفت معه في مواقف متعددة، لكنه في هذه اللحظة هو بمثابة الأستاذ الذي يحتضن تلاميذه أيا كانت مواقعهم. د. شاكر عبدالحميد.. وحيثيات البراءة في العام 1989 وقف طالب علي باب المدرج 78 بآداب القاهرة.. في انتظار أن يخرج أستاذه الذي تأخر قليلاً عن مغادرة المدرج لالتفاف الطلبة حوله.. مجرد أن خرج قال له الطالب: أنا مختلف معك في رؤيتك التي ذكرتها في المحاضرة.. ابتسم الأستاذ وطلب منه أن يذهب للمكتبة ويطلع علي عناوين كتب ومراجع ذكرها له، وبعد أسبوع فوجئ الأستاذ، بالطالب يأتي ومعه بحث لم يطلبه منه، استعرض فيه الآراء المختلفة للقضية التي أوردها الاستاذ.. بعد سنوات فوجيء الطالب الذي أصبح صحفياً، بأستاذه شاكر عبدالحميد في مكتب الراحل الكبير جمال الغيطاني، وبادر الأخير بأن يعرف الاثنين علي بعضهما قائلاً ده طارق الطاهر زميلي في أخبار الأدب.. ضحك د. شاكر وحكي له الواقعة السابقة. لا أعلم، ما الذي جعلني أتذكر هذا الموقف.. هل أريد أن أحتمي بأستاذية شاكر عبدالحميد، الذي كتب ببراعة العالم المتخصص حيثيات براءة ناجي، فقد حلل روايته بشكل دقيق، في دراسة عميقة ننشرها علي صفحات أخبار الأدب. مفاجأة النبوي في مثل هذه الأيام كان القرار الخاص بإسناد وزارة الثقافة للدكتور عبدالواحد النبوي، كنت وقتها في سمبوزيوم النحت الدولي بأسوان.. لأفاجأ بسيل من الاسئلة من المشاركين حول من هو النبوي؟ وكنت قد أظهرت أنني أعرفه منذ سنوات، وقت أن تولي رئاسة دار الوثائق.. وبعد أسبوع من المحاورات الشفهية بأسوان.. كتبت مقالاً عنه.. كان جوهره هو أنه يتمتع بنزاهة كبيرة وحيادية أكبر.. المهم مرت الأيام.. وشنت ضد النبوي حملات بعضها نزيهة وأخري هدفت إرباكه.. إلي أن غادر الوزارة. ومنذ أيام وأنا أجمع بعض التوقيعات التي جاءت تحت عنوان »الحرية لأحمد ناجي« فكرت أن أتصل بالدكتور النبوي الأستاذ الحالي بجامعة الأزهر.. وقلت له إنني أجمع توقيعات لأحمد.. فقال بدون تردد وبما شكل لي مفاجأة.. موافق وأنا معكم في أي تحرك قانوني للإفراج عنه.. وعندما شعر بالدهشة في صوتي.. قال لي سجن المثقفين والأدباء والكتاب مرفوض تماماً.. وهناك أساليب أخري للتعامل مع مثل هذه القضايا.. ليس من بينها الحبس. لماذا الصمت علي حلمي النمنم؟ منذ أن أصدر الكاتب الصحفي حلمي النمنم وزير الثقافة قراره بإعادة د. سيد خطاب لرئاسة هيئة قصور الثقافة ندباً من أكاديمية الفنون، واسئلة كثيرة تحاصرني من شخصيات عديدة: مسئولين، مثقفين، زملاء صحفيين.. لماذا لم أكتب في هذا الموضوع؟ الإجابة في سطر واحد.. قبل أن أروي التفاصيل: «الدهشة لم تستطع أن تغادرني منذ هذا القرار«. وإليكم التفاصيل: يعلم الجميع أنني كنت وراء إثارة قضية الشركات الست والتقاعس الذي حدث ازاءها، وهي التي عاثت في الهيئة فساداً وإفساداً، وكذلك كشفت عن التغيير الذي حدث في محضر اجتماع مجلس إدارة هيئة قصور الثقافة، وقد قمت في حينها بإبلاغ د. جابر عصفور وزير الثقافة بهذا الأمر، وبناء عليه اتخذ مجموعة من الاجراءات القانونية، أهمها دعوة مجلس إدارة هيئة قصور الثقافة لاجتماع طارئ، حضر جزءاً منه الوزير والمستشار القانوني له آنذاك المستشار وديع حنا ناشد، ومحمد عبدالحافظ ناصف القائم بأعمال رئيس الهيئة في وقتها، ثم تركوا الاجتماع لحضور افتتاح أحد الأنشطة في مركز الهناجر، ليرأسه د. فوزي فهمي بحكم خبراته المتنوعة، وهو الاجتماع الذي أسفر عن بيان نشرته الصحف والمواقع الالكترونية في حينها وهذا نصه: »أصدر مجلس إدارة الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة الكاتب المسرحي محمد عبدالحافظ ناصف والذي انعقد بتاريخ 15/2/2015 في جلسته رقم 248 عدداً من القرارات المهمة في ضوء ما تناوله أعضاؤه في الجلسة الطارئة، حيث قرر مجلس الإدارة بالاجماع الآتي: 1- إبلاغ النيابة العامة في الوقائع المتمثلة في تغيير محضر اجتماع مجلس الادارة في الجلسة رقم 247، 2- إبلاغ النيابة العامة عن المخالفات التي ارتكبها مسئولو الشركات المتعاقدة مع الهيئة العامة لقصور الثقافة... كما أكد مجلس الإدارة بالإجماع علي تأييد قرار وزير الثقافة د. جابر عصفور في شأن إنهاء ندب د. سيد خطاب رئيس الهيئة علي ضوء المخالفات التي تم احالتها للنيابة العامة سواء من قبل وزارة الثقافة أو من قبل مجلس إدارة الهيئة«. إذا هذا ملخص ما حدث وكان الكاتب الصحفي حلمي النمنم عضواً في مجلس إدارة هيئة قصور الثقافة، متابعاً ومشاركاً في كل ما ذكرته، فعندما ذهبت للدكتور جابر عصفور غاضباً مما حدث من تحوير في محضر مجلس الادارة وتفريغه من مضمونه الخاص بأن يحال الموضوع إلي إدارة التفتيش بالهيئة بدلاً من القرار الأصلي للمجلس بإحالة الموضوع إلي النيابة العامة، وأن هذا المحضر جاء بتوقيع من د. سيد خطاب.. أول شيء فعلته أنني طلبت من وزير الثقافة الاتصال بالأستاذ حلمي النمنم للتأكد من صحة ما أقول، وكان وقتها يشغل منصب رئيس مجلس إدارة دار الكتب والوثائق القومية وبالفعل أكد له النمنم صحة ما أقول، وقد حضر الأخير الاجتماع الطارئ الذي جاءت قراراته بإجماع اعضاء المجلس، حسب البيان الصادر من إدارة الاعلام بهيئة قصور الثقافة. إذا بعد الذي رويته.. من يجد تفسيراً لعودة د. سيد خطاب لرئاسة الهيئة في عهد حلمي النمنم.. عليه أن يقدمه لي، لاسيما أن النيابة العامة - حتي هذه اللحظة- لم تتخذ أي قرار بشأن البلاغات المقدمة.