إعلان أسماء الكليات الفائزة بجوائز مهرجان الفنون المسرحية لجامعة الإسكندرية    الجريدة الرسمية تنشر قرارين جمهوريين للرئيس السيسي (تفاصيل)    سويلم يلتقي وزير المياه السنغالي لبحث تعزيز التعاون بين البلدين    تباين أسعار العملات الاجنبية بداية تعاملات الخميس 23 مايو 2024    المالية: الاقتصادات العربية تتحمل تحديات ضخمة للتوترات الجيوسياسية والإقليمية    موسم الحج.. إجراءات عاجلة من السعودية بشأن تأشيرات الزيارة بداية من اليوم    وزيرة التخطيط تبحث تطورات الدورة الثالثة من المبادرة الخضراء الذكية    «الإسكان» تبحث التعاون مع شركات إيطالية لتنفيذ مشروعات المياه والصرف    تداول 15 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة في مواني البحر الأحمر    الضرائب: مستمرون في تقديم الدعم الفني للممولين للتعامل مع منظومة الإيصال الإلكتروني    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    إعلام عبري: زيادة كبيرة في عدد الجنود الإسرائيليين الجرحى بالمستشفيات    بعد يومين من اقتحامها.. قوات الاحتلال تنسحب من جنين ومخيمها    دفن جثمان الرئيس الإيراني الراحل في مدينة مشهد اليوم    رئيس كولومبيا يأمر بفتح سفارة للبلاد في مدينة رام الله الفلسطينية    البث العبرية: 70% من الإسرائيليين يؤيدون تبكير موعد الانتخابات العامة    ماكرون يبدأ زيارة إلى كاليدونيا الجديدة لضمان عودة السلام الهدوء    جدول مباريات اليوم.. الزمالك وفيوتشر.. طارق حامد أمام الاتحاد.. وشريف يتحدى موسيماني    هل يرحل الشناوي؟ أحمد شوبير يوضح حقيقة تفاوض الأهلي مع حارس مرمى جديد    حبس المتهم بقتل شقيقته في القليوبية    رفض يغششه .. القبض على طالب بالشهادة الإعدادية لشروعه في قتل زميله    الحماية المدنية تنقذ مواطنا احتجز داخل مصعد كهربائي بالفيوم    تفاصيل الحالة المرورية اليوم.. كثافات متفرقة في شوارع القاهرة والجيزة    اليوم.. النقض تنظر طعن المتهمين بقضية ولاية السودان    "سكران طينة".. فيديو صادم ل أحمد الفيشاوي يثير الجدل    نوادي المسرح معمل التأسيس، في العدد الجديد من «مسرحنا»    أول تعليق من دانا حمدان على حادث شقيقتها مي سليم.. ماذا قالت؟    إيرادات فيلم «تاني تاني» لغادة عبد الرازق تحقق 54 ألف جنيه في يوم    فضل الأعمال التي تعادل ثواب الحج والعمرة في الإسلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-5-2024    "علق نفسه في سقف الأوضة".. نزيل بفندق شعبي ينهي حياته في الأقصر    «الرعاية الصحية»: اعتماد مستشفى طابا وسانت كاترين بجنوب سيناء    "محاط بالحمقى".. رسالة غامضة من محمد صلاح تثير الجدل    طلاب الشهادة الإعدادية بكفر الشيخ يؤدون آخر أيام الامتحانات اليوم    تحركات غاضبة للاحتلال الإسرائيلي بعد اعتراف 3 دول أوروبية بفلسطين.. ماذا يحدث؟    أخبار مصر: منع دخول الزائرين مكة، قصة مقال مشبوه ل CNN ضد مصر، لبيب يتحدث عن إمام عاشور، أسعار الشقق بعد بيع أراض للأجانب    اللعب للزمالك.. تريزيجيه يحسم الجدل: لن ألعب في مصر إلا للأهلي (فيديو)    رحيل نجم الزمالك عن الفريق: يتقاضى 900 ألف دولار سنويا    استحملوا النهارده، ماذا قالت الأرصاد عن طقس اليوم ولماذا حذرت من بقية الأسبوع    سر اللعنة في المقبرة.. أبرز أحداث الحلقة الأخيرة من مسلسل "البيت بيتي 2"    هل يجوز للرجل أداء الحج عن أخته المريضة؟.. «الإفتاء» تجيب    رئيس الزمالك: جوميز مدرب عنيد لا يسمع لأحد    أمين الفتوى: هذا ما يجب فعله يوم عيد الأضحى    تسجيل ثاني حالة إصابة بأنفلونزا الطيور بين البشر في الولايات المتحدة    وزير الرياضة: نتمنى بطولة السوبر الأفريقي بين قطبي الكرة المصرية    البابا تواضروس يستقبل مسؤول دائرة بالڤاتيكان    ماهي مناسك الحج في يوم النحر؟    بقانون يخصخص مستشفيات ويتجاهل الكادر .. مراقبون: الانقلاب يتجه لتصفية القطاع الصحي الحكومي    ماذا حدث؟.. شوبير يشن هجومًا حادًا على اتحاد الكرة لهذا السبب    22 فنانًا من 11 دولة يلتقون على ضفاف النيل بالأقصر.. فيديو وصور    حظك اليوم وتوقعات برجك 23 مايو 2024.. تحذيرات ل «الثور والجدي»    حظك اليوم| برج الحمل الخميس 23 مايو.. «طاقة كبيرة وحيوية تتمتع بها»    محلل سياسي فلسطيني: إسرائيل لن تفلح في إضعاف الدور المصري بحملاتها    مراسم تتويج أتالانتا بلقب الدوري الأوروبي لأول مرة فى تاريخه.. فيديو    احذر التعرض للحرارة الشديدة ليلا.. تهدد صحة قلبك    «الصحة» تكشف عن 7 خطوات تساعدك في الوقاية من الإمساك.. اتبعها    البطريرك مار إغناطيوس يوسف الثالث يونان يلتقي الكهنة والراهبات من الكنيسة السريانية    إبراهيم عيسى يعلق على صورة زوجة محمد صلاح: "عامل نفق في عقل التيار الإسلامي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأدب النسائي الروسي
نشر في أخبار الأدب يوم 12 - 03 - 2016

يختلف النقاد و الأدباء في تعريف الأدب الذي يطرح قضية المرأة و حقوقها حتي و لو لم تكن المؤلفة أنثي. وهناك فريق آخر من النقاد يري أنه ذلك النوع من الأدب الذي تتميز الكتابة فيه عن كتابة الرجل. و هناك فريق ثالث يري أنه الأدب المرتبط بحركة المرأة و حريتها و صراعها نحو تحقيق المساواة مع الرجل. و هناك تسميات أخري للأدب النسوي في الغرب حينما يطلقون عليه أدب »الملائكة و السكاكين« فيما أطلق الأديب الكبير أنيس منصور علي هذا النوع من الأدب اسم »أدب الأظافر الطويلة«و أطلق عليه الأديب إحسان عبد القدوس اسم »أدب الروج و المانيكير«. و هناك من يفضل مصطلح »الأدب الأنثوي«و يعرفه بما تكتبه المرأة من أدب في مقابل ما يكتبه الرجل.
أما عن الأدب الروسي فيعود هذا المصطلح إلي نهاية الثمانينيات و بداية التسعينيات. فقد شهدت تلك الفترة ظهور موجة جديدة في الأدب حيث تنوعت الاتجاهات إلا أن ما كان يوحد الأدباء هو السعي للبحث عن أشكال فنية جديدة. ومن بينها ما اصطلح علي تسميته بالأدب النسائي. و هناك جدل كبير حول أحقية هذا المصطلح في البقاء. فهناك من يعارض مفهوم "الأدب النسائي" و يدلل بحقيقة أن الأدب لا يمكن أن ينقسم إلي نسائي ورجالي بل يجب تقسيمه إلي أدب جيد وآخر رديء. فيما يري آخرون في روسيا أن سعي المرأه إلي التعبير عن نفسها يختلف عن الرجل. حيث تقول الكاتبة الكبيرة لودميلا أوليتسكايا " أن الفن ينقسم إلي رجالي ونسائي. و هذا التقسيم ليس مطلقا غير أن علماء الأنثروبولوجيا يعرفون جيدا أن هناك شعوب تحمل فيها المرأة لواء الحفاظ علي الفلكلور الشفهي المنقول. وأن عالم النساء وعالم الرجال مختلفين. وفي عالم المرأة تغلب أكثر القضايا التي ترتبط بالحب والعائلة والأطفال".
وقد شهدت العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي ازدهار الأدب النسائي في روسيا حيث تضاعف عدد الكاتبات مقارنة بالعقود السابقة. و يرجع ذلك إلي العديد من الأسباب لعل أهمها النهضة الثقافية التي شهدتها النخبة المثقفة في روسيا والتي تمثل المرأة جزءا أصيلا منها.
وتجدر الإشارة إلي أن الكاتبات الروسيات ظهرن في روسيا منذ القرون الوسطي
وتحديدا في القرن الثالث عشر الميلادي. غير أن أعدادهن كانت دائما قليلة مقارنه بالكتاب الرجال. وقد شهد القرن التاسع عشر الميلادي صدور مجلات مخصصة للأديبات من النساء وكانت الموضوعات تتركز حول تصوير دور المرأة الروسية في التنوير و الأدب و تدعو المرأة إلي احتلال المكانة التي تليق بها في ساحة الأدب.
وفي محاولة منهم لفهم و تحليل ظاهرة الأدب الأنثوي في التسعينيات و بداية القرن الجديد استخدم النقاد مصطلح Gender أو نوع الجنس. وتعود تسمية هذا النوع من الأدب في روسيا إلي عدة عوامل. أولا أن يكون المؤلف امرأة وان البطل الرئيسي امرأة أو أن قضية العمل الأدبي ترتبط بشكل أو بآخر مع مصير المرأة. كما أن النظر إلي الواقع المحيط من وجهة النظر الأنثوية و مع الأخذ في الاعتبار فسيولوجية المرأة من الأمور المهمة أيضا. وقد نال هذا النوع من الأدب اعترافا رسميا في روسيا في نهاية القرن العشرين و يمثل حاليا فينومين راسخ في الأدب الروسي. ويتناول النقاد بالتحليل أعمال الكاتبات الروسيات بالتحليل حيث تنشر بحوث متخصصة لتحليل مختلف جوانب النثر الأنثوي و تجري مناقشات وتنظم المؤتمرات العلمية حول هذا الموضوع. كما يقوم علماء اللغة والتاريخ وعلم الاجتماع بدراسة هذه الظاهرة.
ومن الموضوعات التي تحتل أهمية خاصة حاليا العناصر الجمالية الأنثوية الخاصة واللغة الأنثوية والقدرة الأنثوية في الكتابة. ومن أهم النتائج التي تم التوصل إليها من جانب الباحثين حقيقة أن النثر النسائي يشهد العمليات نفسها التي تحدث في باقي صنوف الأدب ومحاولات البحث عن علاقات جديدة في الفن وأساليب جديدة لترسيخها. وتعتقد الكاتبة و الناقدة أ. سلافنيكوفا أن المرأة كان لها السبق دائما في كشف المضامين الجديدة. ويؤكد ازدهار النثر الأنثوي اليوم في روسيا علي حقيقة أن الأدب كان وسيظل دائما ذو أهمية كبيرة. إن ظهور الأدب النسائي في روسيا يدحض حقيقة انتهاء عصر الأدب فالمرأة لا تلجأ أبدا إلي مكان مهجور. وفي الحالات التي يتوجب فيها علي الرجل الموت نجد المرأة مضطرة إلي النجاة والبقاء.
ومن القضايا الهامة التي يتناولها الباحثون الروس حاليا هي ما يعرف "بالأخلاق الأنثوية". و يعتقد البعض أن الجانب الأخلاقي له علاقة مباشرة بالأدب أيضا حيث أن كل فني و جمالي ما هو إلا تجسيد شكلي للعلاقات والصلات التي يحددها الإطار الأخلاقي.
وبنظرة سريعة إلي الأدب الروسي المعاصر نجد العديد من المواهب النسائية تسيطر علي المشهد و منهم تاتيانا تولستايا ولودميلا أوليتسكايا و فيكتوريا توكاريوفاولودميلا بيتروشيفسكايا وف. ناربيكوفا و س. فاسيلينكا و م. بالي و م. فيشنيفيتسكايا ون. جورلانوفا غيرهن.
ولعل الدليل علي ترسخ ظاهرة الأدب النسائي في روسيا المعاصرة هو احتواء القواميس والموسوعات الادبية و المعاجم علي مواد عن الكاتبات الروسيات و تعريفات بالمصطلح. كما تحتوي الكتب الدراسية علي فصول مخصصة لهذا الموضوع و منها علي سبيل المثال كتاب "تاريخ الأدب في القرن العشرين" لمؤلفه ك. جوردوفيتش و يتم تدريسه في الكليات الإنسانية و يحتوي علي فصل كامل يحمل عنوان "الأدب النسائي" يصنف فيه هذا النوع من الأدب و يحلل بعض المؤلفات لكاتبات نساء. وهناك كتب أخري كثيرة تتناول الظاهرة. وربما يمكن القول و هذا الأمر جعل من الضروري التفكير في ماهية مصطلح "الأدب الأنثوي أو النسائي" وكيف ينصهر في بوتقه الأدب المعاصر ككل. و من بين إشكال الأدب النسائي الروسي الرواية العاطفية الاجتماعية و النفسية و رواية السيرة الذاتية والقصة والمقال و القصة القصيرة. ومن أهم القضايا التي يتناولها الأدب النسائي الروسي ما يرتبط بالحلم و السعادة و الحب و الطفولة. و قد ظهر صنف جديد من الأبطال وواقع جديد و عالم فني فريد.و قد فرض الواقع الجديد ظهور مؤلفات تظهر فيها المرأة كبطل رئيسي وعدم الاكتفاء بدور المعبر عن أفكار الكاتبة. واليوم يمكننا القول أن النثر النسائي الروسي برز كفينومين راسخ و هام في الأدب المعاصر و يثير اهتماما واسعا بين القراء و النقاد بفضل مميزاته الإبداعية الرفيعة.
أما الموضوع الرئيسي في الأدب النسائي فيضم قضايا الأسرة و التناقض بين حياة الطفولة و الكبر و قضية "الجنة المفقودة" والبحث عن معني الحياة والعلاقة بين الفرد والمجتمع و الإنسان البسيط.
ففي رواية "ميديا و أطفالها" تتناول لودميلا أوليتسكايا موضوع الكون النسائي عبر العصور التاريخية المتتابعة. وقد اختارت الكاتبة امرأة بطلة للرواية بل وجعلت من اسمها عنوانا للكتاب.
ويعكس عنوان الرواية مضمون الأحداث.
فيما تهتم الكاتبة لودميلا بيتروشيفسكايا بتتبع التحول الذي يطرأ علي الشخصية الروسية بفعل البيئة المحيطة و تحاول أن تكشف عن العالم الداخلي للإنسان المعاصر و تكشفه للقارئ في ظروف و مواقف حياتية مختلفة حيث تتباين تصرفاته بين العادي والغريب. هذه السمة لأدب بيتروشيفسكايا تبدو واضحة في قصتها "جروزنايا الصغيرة" والتي تتناول فيها أيضا موضوع الأسرة. وعادة ما تعيش شخصيات بيتروشيفسكايا حياه صعبه تعيسة و يعانون من مشاعر الحزن والكبت. ويمكن أن نصف عالم الكاتبة الأدبي بأنه عالم مؤلم يخلوا من الأحاسيس الجميلة و الطيبة.
أما تاتيانا تولستايا فتتسم أعمالها الأدبية بتناول قضايا الكون و موضوع الخير والشر والحياة والموت و اختيار الطريق والعلاقات مع المحيطين والبحث عن الذات وفهم النفس والهدف في الحياة.
وهناك دائما في أعمالها حنين إلي القيم الإنسانية المفقودة في الفن.
ونجحت الكاتبة فيكتوريا توكاريوفا في تقديم وصف دقيق لنفسية المرأة وعالمها الداخلي وتواتر أفكارها و منطقها في الحكم. وتولي الكاتبة اهتمامها بمفاهيم الأسرة والمنزل والإخلاص والزوج والزوجة والحبيبة والخيانة و التضحية من اجل الحب. حتي أنه عندما تتناول الدولة وتصفها فإنها لا تصفها من وجهة النظر السياسية و العلاقة مع العالم الخارجي بل من حيث الحياة في المدرسة وفي الشارع والتاكسي الخ.
إن روح الإنسان الفرد البسيط تمثل للأدب النسائي اللغز الأصعب و الأعقد. إلا أن هذا الأدب قد تمكن من حل العديد من القضايا ومنها العلاقة بين الإنسان والعالم المحيط وآليات تدميره أو بالعكس المحافظة علي الأسس الأخلاقية.
إن النثر النسائي الروسي يمثل مزيجا بديعا من سمات الواقعية و الحداثة و ما بعد الحداثة. ويعكس السمات الأساسية للفن الحديث و يمثل نتاجا لانجازات الأدب الروسي علي مدي قرن كامل ويمكن التنبؤ بآفاق ومستقبل هذا الأدب من خلال ما نلحظ من تجارب فنية وأساليب جديدة في السرد.
كما يعكس النثر النسائي الروسي البحث الدءوب و المؤلم أحيانا عن المثل والقدوة حيث يمثل ذلك المعني الأساسي لإبداع أي كاتب صادق. و أي سبل للكشف عن طوبولوغيا الإبداع النسائي يمكن أن يساعد في فهم و تحليل طبيعته و هو ما يعد هدفا يسعي للنقاد والباحثين في الأدب. كما أن دراسة خصوصية الأدب النسائي ستساعد علي ترسيخ مكانته مستقبلا وتطوره ضمن العملية الأدبية بشكل عام.
وربما يمكننا القول أنه و علي الرغم من أن ظاهره "الأدب النسائي" الروسي لم ترسخ تماما في روسيا إلا أن هناك تسارعا كبيرا في تطورها و استيعابها من قبل المجتمع الروسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.