رواية "المدينة النائمة" للكاتب التشيكي مارتن فوبينكا هي أول رواية في ثلاثية كتبها في الفترة من2011-2013 (المدينة النائمة، العدالة النائمة، السر النائم). كتبها الأديب ليخاطب بها في المقام الأول الشباب، أو من هم دون العشرين. وأظن أن لدينا نقصاً في هذه النوعية من الأدب الموجه للشباب أو لمن هم تحت العشرين، وهو ما دعاني للبحث عن هذه النوعية من الأدب وتسليط الضوء عليها في الأدب التشيكي كمحاولة لإثراء أدب الشباب عندنا بمعالجات مختلفة. موضوع الرواية، التي ترجمتها وصدرت حديثاً عن دار الكتب خان، من الخيال العلمي حول مدينة غشي فيها النوم كل من أنجب أطفالا، وبقي الأطفال وحدهم دون والديهم يواجهون مصائرهم. الرواية مليئة بالمواقف، والعبارات التربوية والأخلاقية التي تأتي من أطفال من أسرة ميسورة الحال، وتكاد تكون مثالية من أوجه عديدة. يضع الأديب هؤلاء الأطفال في مواجهة معالم الكبار الخارجي بعد نوم والديهم ليواجهوا عالمًا قاسيا يسيطر عليه كبار أشرار لم يصبهم النوم. يستيقظ الأطفال الأربع خلف جدران بيت دافئ تسوده السعادة، ليجدوا أنفسهم مضطرين إلي مغادرة البيت بعد أن نام والداهم بحثا عن الطعام والماء. فيتعرض شقيقهم الصغير ذو الخمس سنوات "صامويل" للاختطاف من قبل عصابة تتاجر بالأطفال. وبعد أن يتأكد الأشقاء الثلاثة (التوأم إيما وكريستينا، وأخوهم الأكبر صامويل) أن والديهم قد ناما مع كل آباء وأمهات العالم تبدأ رحلتهم في البحث عن شقيقهم المختطف. يضطرون إلي الدخول إلي عالم الفوضي، ومواجهته، عالم الكبار الذي يعج بالجريمة والفساد والمشاكل الاجتماعية والنفسية. تتماهي وتتداخل أدوار الكبار والصغار في هذا العالم الذي غاب فيه النظام. يجبر الأشقاء علي مواجهة الاحتياجات اليومية وحدهم، من نقص في مياه الشرب والطعام، وانقطاع الكهرباء، ومجابهة التدني الأخلاقي والقيمي الذي وصل إليه المجتمع من حولهم. وتصبح القيم الأسرية التي تربوا عليها في جو مفعم بالحب والأمن هو المنهل الذي يعودون إليه كلما احتاجوا ما يعينهم علي مواجهة المواقف التي يتعرضون لها. أنماط مختلفة من الشر في شتي صوره، من اختطاف، وتخريب، وفوضي، وعصابات شوارع، الخ. أثناء رحلة بحث الأشقاء عن أخيهم يفتح الأديب أمامنا جروحاً دامية لنتأملها ونناقشها، ومنها قضية التحرش الجنسي، والجريمة وإدمان الخمر، واستغلال الأطفال باسم الدين، والقرارات التي المصيرية التي يجبر الأطفال علي تحمل تبعاتها. مارتن فوبينكا (1963) هو أديب تشيكي وصحفي وناشر، ورئيس اتحاد الناشرين والموزعين التشيكي منذ عام 2013وهو الاتحاد الذي ينظم منذ التسعينيات وحتي الآن معرض براغ الدولي للكتاب في مايو من كل عام. يهتم مارتن في المقام الأول بأدب الشباب والخيال العلمي. ألف خمسة عشر كتابًا، ترجم بعضها إلي اللغات الأجنبية وعلي رأسها الثلاثية المذكورة. من أهم أعماله الأخري رواية "نهاية القانون - 2003"، و "البعد الخامس - 2009"، و"ذكريات غير ملونة - 2013".