عشرة أيام تفصلنا عن بدء الدورة 47 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، الذي يأتي هذا العام في الفترة من 27 يناير إلي 10 فبراير؛ ورغم ذلك فالمتاح عنها ليس بالكثير، ولهذا ذهبنا إلي د.هيثم الحاج علي رئيس الهيئة العامة للكتاب، فأوضح لنا أنهم يسعون خلال تلك الدورة إلي تحقيق المصطلح بأن يكون المعرض دوليا وللكتاب، من خلال زيادة المشاركات الدولية في العرض، إلي جانب برامج ثقافية قوية من دول أجنبية وعربية، أما "للكتاب" فتعني أن يكون هناك جانب مهني في النشاطات الثقافية، حيث يوجد محور كامل يضم عددا من الندوات والدوائر المستديرة عن صناعة الكتاب والنشر في العالم العربي، للخروج بالمعرض من كونه فقط سوقا للكتاب. ومن الإضافات أيضا هذا العام وجود مشاركات شبابية، فيقول د. هيثم: "سيشارك تطوعيا في تنظيم المعرض 300 شاب وفتاة من نموذج مجلس العموم البريطاني بكلية السياسة والاقتصاد، بالإضافة إلي أن رؤيتنا في بناء النشاط الثقافي تتمركز علي فكرتين هما الإتاحة والتنوع، فالأنشطة ستكون مفتوحة علي كل الاتجاهات والتيارات، لكل الأعمار وأنواع الإبداع المختلفة". مقابل التطوع، توجد مسئوليات إن قمنا بحساب المقابل عنها- حسبما أكد د.هيثم - ستبدو تطوعية، والجديد هذا العام أنها لن تكون مقتصرة علي عقل واحد مسيطر في كل مكان تقام به أنشطة، وإنما سيتضمن ذلك تعاون، فالأمسيات الشعرية مثلا سينظمها مجموعة من الشعراء وليس شاعر واحد. وعن البرامج التي أضيفت العام الماضي، يؤكد أنها مستمرة هذه الدورة مثل "كايرو كولينج" الذي يدعمونه بقوة، ويستطرد: "من الأنشطة الهامة التي أضيفت أيضا "ذاكرة المعرض" الذي سيحل في خيمة للعرض السينمائي، حيث يعرض فيه مجموعة من الندوات التي أقيمت في المعرض منذ عام 1986، فقد وجدنا 3000 شرائط فيديو، انتقينا منهم 25 تقريبا نقوم بتحويلهم إلي ديجتال، بها مثلا أمسية شعرية لمحمود درويش في معرض الكتاب وهكذا، وهذا النشاط سيكون فقط خلال فقرتين في تلك الخيمة، التي ستبدأ برسوم متحركة للأطفال في الصباح ثم أفلام وثائقية مقدمة من الشئون المعنوية، كما توجد مشاركات من قبل قطاعات الوزارة المختلفة، مثل أكاديمية الفنون التي تشارك بأربع فقرات حتي الآن، إلي جانب قطاع الفنون التشكيلية الذي سيقيم معارض جوالة، وهناك أيضا مهرجانان للرسم علي الأسفلت خلال جمعتي المعرض، ومسرح شارع سيضم فقرات شعر وغناء وموسيقي أندرجراوند". ويستمر أيضا تطبيق "عم أمين"، ولكن يوضح د.هيثم: "لقد كان الأبلكيشن العام الماضي مشروع تخرج لمجموعة من شباب كلية الهندسة بجامعة الأزهر، أرادوا تطبيقه ونحن ساعدناهم ونجحوا في ذلك، هذا العام تخرج هؤلاء الطلاب وفتحوا شركة، وهو ما سبّب مشكلة في الاتفاق معهم، توصلنا أخيرا إلي صيغة بأنهم كشركة حرصا علي استمرار المشروع سيمنحوننا التطبيق هدية، وقريبا سيقيمون ندوة للحديث عن فعالية تطبيقه، فالعام الماضي رغم أنه لم يعلن عنه مبكرا إلا أنه تم تحميله 15 ألف مرة". أثار اختيار دولة البحرين كضيف شرف المعرض هذا العام كثيرا من التساؤلات؛ حيث كانت الصين هي المرشحة بقوة، فيفسر الحاج: "التغييرات التي حدثت في الوزارة جعلتنا نبدأ الإعداد للمعرض في وقت متأخر؛ منذ شهر سبتمبر فقط، والصين تحتاج 10 شهور علي الأقل لتكون جاهزة للمشاركة كضيف شرف، ثم عرضت أذربيجان بناء علي طلبهم واللجنة وافقت، ولكن نظرا لضيق الوقت أيضا لم يتمكنوا، بينما وقع اختيارنا علي البحرين لعدة أسباب؛ تتمثل في أنها إحدي الدول العربية التي لم تشارك من قبل كضيف شرف، ولأن لها وضعية خاصة في الثقافة الخليجية كونها أقدم تجربة تعليمية وبرلمانية، بالإضافة إلي أن كثير من الأدباء والمثقفين في مصر يعرفون العديد من الأدباء البحرينيين دون معرفة جنسيتهم، ولذلك وجدنا ترحيبا كبيرا بهم". وعن اختيار الراحل جمال الغيطاني كشخصية المعرض، يقول رئيس الهيئة: "هناك ارتباط وثيق بين اسم الغيطاني والعنوان الرئيسي للمعرض "الثقافة في المواجهة"، فجمال الغيطاني دائما كان هو المثقف الذي في المواجهة للدفاع عن البلد، ولذلك اختياره ليس لاعتبار الوفاة؛ ولكن لأنه أعطانا صورة للمثقف بكل جوانبه وليس الأديب أو الصحفي فقط، حتي في شكل البرامج التي كان يقدمها في التليفزيون". بدأ الإعداد لهذه الدورة منذ شهر سبتمبر، وهذه بالطبع مدة ليست كافية، فالمنطقي أن يتم الإعداد للدورة الجديد بعد انتهاء الحالية مباشرة وهذا ما يؤكد د.هيثم أنهم يحاولون فعله الآن، حيث أنه جاري الحوار مع المغرب لتكون ضيف شرف العام القادم من المعرض، كما يتم الإعلان عنه من خلال كتيب يسافر مع المعارض الخارجية، بالإضافة إلي دعوات ترسل لجميع السفارات أو علي الأقل الدول المعتادة علي المشاركة. إلي جانب طرق الإعلان المختلفة تلك؛ لا يمكن أن نغفل الموقع الإلكتروني للمعرض أو هيئة الكتاب، واللذان لا يليقان بهما كحال بقية مواقع الوزارة ، وهو الأمر الذي أوضح د.هيثم عدم رضائه عنه، قائلا: "عندما بدأت العمل في شهر سبتمبر كانت هناك مشكلة في سيرفر الموقع وحاولنا التغلب عليها تقنيا بتفعيل البريد الإلكتروني، وهذا الحل لم يكن ناجحا جدا، ولكن جار الإعداد الآن مع وزارة الاتصالات والمستشار التقني للوزير لإنشاء مواقع للوزارة كلها، ومنها موقعا الهيئة والمعرض". أما عن المعرض وحضور أنشطته المختلفة، فأكد الحاج أن أي رحلة مدرسية أو جامعية ستأتي إليه ستدخل مجانا، ولكن لابد أن يخاطبوه أولا لتنظيم الأمر وإتاحة باب دخول لهم، وهذا ضروري لأن العام الماضي كان يستغرق رواد المعرض أكثر من ساعة للمرور، وهو ما يجده د.هيثم مظهرا إيجابيا: "لأول مرة يظهر أن المعرض عليه إقبال كبير بخلاف السنوات السابقة، ولكني أحاول هذا العام الوصول إلي معادلة صفرية بتوفير أقصي قدر ممكن من التأمين مع أقصي قدر ممكن من المرونة، فمن ناحية أحاول زيادة عدد الأبواب ولكن بدون التساهل في إجراءات الدخول، كما نعمل علي أن تكون هناك إشارات وخرائط ووضع أسماء الناشرين المشاركين علي الخيم، قد لا تكون العلامات الإرشادية كثيرة هذا العام ولكن وجودها في حد ذاته بداية جيدة، والخرائط نحاول أن نضعها بشكل عملي، فأفكر أن توضع مع النشرة الدورية اليومية، وبمفردها مع التذاكر، وفي كتيب أيضا مع أسماء المشاركين والناشرين". بدا واضحا خلال ندوات الدورة السابقة تكرار المتحدثين، وهو الأمر الذي لم يستطع د.هيثم التأكيد علي عدم حدوثه تماما هذا العام، فأوضح أن ذلك يأتي من اقتراحات مؤلفي الكتب لنفس الاسم، ولكنهم سيحاولون بقدر الإمكان؛ طبقا لفكرة الإتاحة والتنوع، أن يكون التكرار في أضيق الحدود، أما بالنسبة لبوستر المعرض الذي تم الإعلان عنه، فيقول: "هناك لجنة عليا ترشح مصمما أو اثنين للقيام بتلك المهمة، نختاره ثم نكلفه بذلك، ولكني لدي اقتراح للعام القادم بأن يتم عمل مسابقة بين طلاب كليات الفنون وليس بين كبار الفنانين، وبذلك نكسب مصمما شابا يوضع اسمه علي بوستر المعرض". يشارك في المعرض هذا العام 33 دولة، أي بفارق خمس دول عن العام الماضي، وبواقع زيادة 15٪، بينما يناهز عدد الناشرين المصريين والعرب الألف، ومن حول العالم يأتي عدد من كبار الكتاب كضيوف، منهم: الصيني ليو جين يون الحاصل علي جائزة مادون في الأدب، الإيطالي كارلو روفايلي، الإماراتي حبيب الصايغ، المفكر المغربي د.حسن أوريد، اللبناني جورج قرم، الفرنسي جان بيير فيليو، الروسي أليكس فارلموف، ومن مصر د.هاني عازر، وجاري التواصل مع د.مجدي يعقوب، حيث يؤكد د.هيثم: "أنا أريد الذهاب بالمعرض لفكرة الثقافة عموما وليس فقط الأدب والفلسفة والفكر فقط". تقام ندوات المحور الرئيسي "الثقافة في المواجهة" مثل كل عام في القاعة الرئيسية، وتتضمن عددا من العناوين منها: العلاقات المصرية الصينية، تجديد الفكر الديني، في ضرورة الفلسفة، الأزهر في مواجهة التطرف والإرهاب، وكل من الجامعة والسينما والتفكير العلمي والجمال والتعليم والدولة المدنية والثقافة في المواجهة، ولأول مرة سيكون هناك لقاء فكري مزدوج يشارك فيه الكاتبان محمد سلماوي وحبيب الصايغ. أما محور نجيب محفوظ فيضم 6 ندوات هي: المدينة في أدب نجيب محفوظ، مسرح وسينما نجيب محفوظ، حرافيشه، أحلامه، محفوظ مثقفا ليبراليا، وروائيا عالميا، بينما تقام 7 ندوات في القاعة الرئيسية أيضا عن شخصية المعرض "جمال الغيطاني" هي: مشروع الغيطاني الروائي، رواية الغيطاني عالميا، الغيطاني والرواية التاريخية، سرد الغيطاني والإشراقات الصوفية، قاهرة الغيطاني، تجربة الغيطاني الصحفية: مراسل حربي/ أخبار الأدب، والغيطاني..رؤي وشهادات.