اختارت زميلتي الأديبة والفوتوغرافية مني عبد الكريم، صاحبة كتاب " حكاية الحكايات" أن يكون محور مجلة الفنون البصرية- التي تتولي الاشراف عليها- عن قصص وحياة وسيرة أربع فوتوغرافيات مصريات، لكل واحدة منهن بصماتها في هذا المجال، والأهم أن وراء كل واحدة حكاية عن دخولها لهذا العالم، وتميزها لدرجة لفتت الأنظار إلي أعمالها، فالأربعة لديهن بعض الأمور التي تربط بينهن، مثل الحصول علي جوائز، الرؤية العميقة لفن الفوتوغرافيا، النابع من تجاربهن المختلفة وإحساسهن بالواقع حولهن. فمثلا تحدد الفنانة الفوتوغرافية المتميزة شيماء علاء مفهومها لهذا الفن الذي يقوم علي تأمل كل مفردات الحياة حولها، حتي لو كان مشهداً سينمائياً، فتحكي لمني مفهومها للفوتوغرافيا قائلة: "كل شيء أقوم بتصويره له جذور في الواقع وله علاقة بحياتي .. أو ربما بقصة قرأتها أو مشهد من فيلم أبيض وأسود .. ولكنه واقع مختلف بعد أن يدخل إلي عالمي الداخلي ويمتزج بأفكاري .. فهناك دائما مؤثر خارجي .. دعيني أضرب لك مثلا .. كنت أشاهد ذات مرة فيلم "المستحيل" لكمال الشناوي، حيث يعيش البطل في بيت روتيني ويخضع لتحكمات الأب، ولذا هو لا يشعر بالسعادة، في أحد المشاهد التي شدتني بقوة كان أثاث البيت كله مغطي بملاءات بيضاء وكأنه بيت مهجور.. وكأنه داخل تابوت .. وقد دارت الكاميرا في الصالة ثم قام البطل هو أيضا باللف في الصالة .. وكأنه يشعر أن حاله من حال ذلك البيت وكأنه يعيش في تابوت.. وهنا قررت أن أجسد هذه الحالة في عمل .. حيث قدمت فتاة تجلس علي كنبة مغطاة بنفس الملاءة القديمة، وكانت تجلس في المنتصف وكأنها ملتصقة بها، وهي ترتدي رداء من نفس القماش .. فستاناً أبيض قديماً مكسراً.. حتي تكون جزءاً من المكان .. شعرها وملابسها توحي وكأن مر عليها مائة عام.. وكان العمل بالنسبة لي هو خير تعبير عن الشعور بالوحشة ومدي ارتباط الإنسان بالمكان وارتباط المكان به" . وراء كل واحدة منهن حكاية، حددت مسارها في هذا الفن، فربما لم يخطر علي بال شيماء علاء أن يكتب عنها ذات يوم بوصفها فوتوغرافية متميزة، فحتي قيام ثورة 25 يناير 2011، لم يكن في بالها هذا المجال، لاسيما أنها خريجة تجارة، ولكن تعتبر شيماء واحدة من اللاتي غيرت ثورة يناير من مسار حياتهن، فقد أدركت منذ اللحظة الأولي ببصيرتها أن الصورة هي اللاعب الرئيسي في هذه الثورة، وعلي حد تعبيرها " شعرت وقتها أنني أريد أن أتعلم التصوير" وبالفعل التحقت بدورات مختلفة، حتي أصبح يشار إليها باعتبارها واحدة من الفنانات الفوتوغرافيات المرموقات الآن في الساحة الفنية المصرية، وقد نالت العديد من الجوائز أهمها المركز الأول في مسابقة الشارقة للصورة العربية عن محور التصوير المفاهيمي والتي تعتبر نقطة تحول في مشوارها الفني، إضافة إلي جائزة الاقتناء في صالون الشباب الرابع والعشرين . أما الفنانة مريم حسن، فلها رؤيتها المعتمدة علي ثقافة عميقة في إدراك ما حولها، وثقة شديدة في نفسها، تجعلها تشعر أن الكاميرا التي في يدها ما هي سوي عصا سحرية، تطوعها كما تريد من ناحية، وتنفذ لها ما تحلم من ناحية أخري: " أستخدم الفوتوغرافيا لأعبر عن تفسيري للعالم من حولي، ولأستكشف شذرات من الحياة بشكل تجريدي تماما .. لأعبر داخل بُعد مختلف تماما عن الواقع .. وأوسع حدسي لفهم المعاني الخفية من الوجود والحياة... أقدر اللحظات حينما نفقد ذكرياتنا وإحساسنا بالعالم المحيط، لذا أعتبر الكاميرا مثل عصا الساحر، التي يمكنها أن تحتفظ وتأسر لحظة من زمن متحرك، وتسجلها فيمكن تذكرها للأبد". بمجرد أن تتطلع علي أعمالها لابد أن تطلق علي الفنانة سارة مصطفي أنها »حكاءة الفوتوغرافيا«، فلديها القدرة علي تحويل أبسط المرئيات إلي لوحات فنية ملهمة. الفوتوغرافية الرابعة هي هبة خليفة وهي حدوتة بكل المقاييس، اللقطة عندها لا تعبر عن شيء خارجي، بقدر ما تعبرعن جزء من سيرتها الذاتية، فعلي حد تعبير مني عبد الكريم، أنها استطاعت بالكاميرا أن تحول تفاصيل الحياة المجهدة إلي حكايات ترويها بالكاميرا. بالتأكيد نحن أمام ملف متميز بالكلمات والصور.