الكنيسة الأرثوذكسية تحيي ذكرى قصة القديس بوتامون المعترف    السيطرة على حريق مصنع في بدر دون إصابات، ورئيسة التنمية الصناعية تتفقد الموقع    أسعار الذهب صباح اليوم الجمعة 31 مايو 2024    محافظ أسيوط: توريد 172 ألف طن قمح للشون والصوامع    محمد فوزي: المنتدى العربي الصيني يعكس دعمًا قويًا للقضية الفلسطينية    تنس الطاولة، وداع مبكر ل عمر عصر ودينا مشرف من بطولة الأبطال    هل قتل سفاح التجمع زوجته الأولى؟.. تحريات مكثفة حول الواقعة    بعد تحذير المحافظات منها، ماهي سمكة الأرنب ومخاطرها على الصحة    الموت يفجع المطرب الشعبي محمود الليثي    اعرف حظك وتوقعات الأبراج السبت 1-6-2024، أبراج الحوت والدلو والجدي    «البيطريين»: مجلس النقابة يقرر تفعيل هيئة التأديب بعضوية «عفيفي» و«سلام» (تفاصيل)    "الخشت" يشدد على التزام جميع الكليات بتنفيذ الأحكام القضائية الخاصة بالفروق المالية    لا تسقط بحال من الأحوال.. مدير عام وعظ القاهرة يوضح حالات الجمع بين الصلوات    إصابة 5 أشخاص في حادث انقلاب ميكروباص بالطريق الإقليمي    إصابة 5 أشخاص من أسرة واحدة و3 آخرين في انفجار أسطوانة غاز بكرداسة    مفتي الجمهورية ينعى والدة وزيرة الثقافة    وزير الإسكان يصدر قرارا بإزالة مخالفات بناء في الساحل الشمالي    محمد نوار: الإذاعة أسرع وأرخص وسيلة إعلام في العالم.. والطلب عليها يتزايد    محافظ كفر الشيخ: انتهاء أعمال إحلال وتجديد مئذنة مسجد أبو غنام الأثري ببيلا    استعدوا.. الأرصاد تكشف تفاصيل موجة شديدة الحرارة تتعرض لها البلاد في هذا الموعد    مركز الأزهر العالمي للفتوى: 3 أعمال مستحبة يوم الجمعة    الاعتماد والرقابة الصحية: برنامج تدريب المراجعين يحصل على الاعتماد الدولي    إسبانيا ترفض كل تقييد إسرائيلى لنشاط قنصليتها فى القدس    الناتو: سنقوم بدور أكبر في دعم وتدريب القوات الأوكرانية    مصدر أمني ينفي زيادة أي رسوم لاستخراج رخصة القيادة وتجديدها    رسميا.. مصر خالية من مرض طاعون الخيل الإفريقي    محمد شحاتة: "كنت أكل مع العساكر في طلائع الجيش.. وأبي بكى عند توقيعي للزمالك"    عمر كمال: "لا استوعب ارتدائي قميص الأهلي بعدما كنت أشجعه من خلف الشاشات"    شيكابالا: أحمد حمدي جيناته من مواليد الزمالك    عمرو الفقى عن تعاون المتحدة مع مخرجي "رفعت عيني للسما": فخور بهذا الإنجاز    محافظ أسوان يتابع تسليم 30 منزلا بقرية الفؤادية بكوم أمبو بعد إعادة تأهيلهم    التعليم العالي: معهد إعداد القادة يعقد البرنامج التدريبي لإعداد قادة التنمية المُستدامة    للمرة الأولى.. جيش الاحتلال يؤكد قيامه بعملية دقيقة وسط رفح    وزارة الصحة تستقبل سفير كوبا لدى مصر لتعزيز التعاون في المجال الصحي    في اليوم العالمي للامتناع عن التدخين، احذر مخاطره على صحتك وأطفالك    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الجمعة    ترقب في الأهلي لوصول عرض أوروبي رسمي لضم محمد عبد المنعم    «حق الله في المال».. موضوع خطبة الجمعة اليوم في مساجد مصر    الحوثيون: مقتل 14 في ضربات أمريكية بريطانية على اليمن    طقس الجمعة: بداية موجة شديدة الحرارة.. وعظمى القاهرة 34 درجة    طريقة عمل الريد فيلفيت، كيك لذيذ وسهل التحضير    مستشار الرئيس الأوكراني يدعو إلى رفع القيود على استخدام الأسلحة الغربية ضد الأراضي الروسية    لهذا السبب... تامر عبد المنعم يتصدر تريند جوجل    الصحة العالمية تعرب عن قلقها بسبب ارتفاع عدد حالات الإصابة بحمى الضنك    من بكين.. رسائل السيسي لكبرى الشركات الصينية    تشكيل الهلال لمباراة النصر في نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين    عمر خيرت يٌبدع في حفل التجمع الخامس (صور)    تباين أسعار الذهب الجمعة 31 مايو 2024    وزير التعليم لبعض طلاب الثانوية: لا تراهن على التأخير.. هنفتشك يعني هنفتشك    الأعمال المكروهة والمستحبة في العشر الأوائل من ذي الحجة    الأوقاف تفتتح 10 مساجد.. اليوم الجمعة    شاهد.. الفيديو الأول ل تحضيرات ياسمين رئيس قبل زفافها    محمد شحاتة: انتظر مباريات القمة أمام الأهلي.. وجسمي قشعر عند رؤيتي جماهير الزمالك في نهائي الكونفدرالية    البابا تواضروس يستقبل وفدًا رهبانيًّا روسيًّا    حملة بايدن: ترامب ظن خطأ أنه فوق القانون    د.حماد عبدالله يكتب: حينما نصف شخص بأنه "شيطان" !!    مران منتخب مصر - مشاركة 24 لاعبا وفتوح يواصل التأهيل    «الإفتاء» توضح فضائل الحج.. ثوابه كالجهاد في سبيل الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بدون تذكرة
نشر في أخبار الأدب يوم 23 - 07 - 2015

نظر في ساعته وهب واقفاً، قاصداً محطة القطار. حاول رفاقه إقناعه بتأخير السفر، حتي يستطيعوا أن يحجزوا له تذكرة إلي القاهرة، لم يصغ إليهم.كان يردد في نفسه لن انتظر ساعة واحدة في هذا المكان، لقد اختنقت.
ربما لم يكن المكان بهذا السوء، لكنه شعر أنه سيقضي عليه إن لم يغادر.
أسرع إلي المحطة، فوجد شباك التذاكر مزدحما، الكل يردد "الشبكة واقعة".
قرر أن يسافر بدون حجز، سأل عن موعد قيام أول قطار، كان في الواحدة ظهراً، نظر في ساعته، كانت لا تزال الثانية عشرة والنصف ظهراً.
تنفس بعمق محدثاً نفسه: هانت.
علي الرصيف عدد غفير من المنتظرين، ساوره القلق.. هل ينتظر كل هؤلاء نفس القطار؟
تطلع في وجوه الواقفين.. مجندين.. طلاب.. عجائز.. ملتحين ذوي جلاليب بيضاء قصيرة.. بائعي السميط والجلاب.. أصوات ضحكات وصراخ الأطفال ونهر الأمهات لهم.. شيالو المحطة.. الجو خانق حار، أحس أن الشمس قد دنت من رأسه.
استنقذه صوت القطار معلناً عن وصوله، ركب وبحث لنفسه عن مقعد.
كانت العربة الثانية شبه فارغة من الركاب، ابتسم وجلس علي أول كرسي بعد الباب.
تحرك القطار.. نظر إلي الرصيف متمتماً مع السلامة غير آسف عليك.
سأل الكمسري عن التذاكر، فقال له لم أحجز، قطع تذكرة، لكن دون مقعد.. هكذا أبلغه الكمسري وهو يناوله التذكرة.
الجو حار جداً تساءل الجالسون: هل المكيف مغلق؟ فأجاب الكمسري:
لا ياجماعة، لما القطر يجري شويه هيشتغل كويس، وترك العربة إلي التي تليها.
مرت ساعة ولم يشتغل التكييف، زادت حرارة المكان أكثر.
توقف القطار وصعد ركاب جدد، فُتح باب العربة، أحس الجالسون بشيء من النسيم، سرعان ما تبدد حينما دخل حشد من الركاب. أحس كأنهم جميعاً يقصدون هذه العربة.
أخذ ينظر في أوجه الباحثين عن مقاعدهم بريبة، خشية أن يكون من بينهم من يقصد مقعده.
كلما نظر أحد إلي رقم الكرسي، اصفر وجهه واقتضب، وعندما يتركه إلي آخر ينفرج، استمر الحال حتي جاء رجل يرتدي عمامة وجلبابا أبيض. بدا من ملامحه أنه جاوز الستين من عمره.
ابتسم وقال: مش دا الكرسي رقم واحد.
ابتسم بضيق وقال: أيوه تفضل.
قام يبحث عن مقعد آخر، انتظر حتي هدأت الحركة وتحرك القطار.
وجد مقعدا مقابلا للمقعد الأول ولكن علي الجانب الأيسر من العربة فهرع إليه.. بائعو الجلاب والحمص يقطعون القطار ذهاباً وإياباً، ويقطعون الصمت بنداءاتهم.. أحلي من العسل يا جلاب.. تسالي.. حمص.. تسالي.
الركاب معظمهم يمسك بجريدة كانوا يأملون في قراءتها، لكنها بدت لهم أكثر فائدة في التهوية.
يمر بائع الشاي، شاي.. شاي يا افندية.
الجو حرارته ترتفع، أصوات الركاب تتعالي، أحياناً متذمرة وأخري تتسائل عن أحد يُشغل لهم التكييف.
يئس الجميع من استجابة مطلبهم، فساد الصمت، ثم توقف القطار.
بدأ يشعر بسرعة دقات قلبه، صعد جموع من الناس، عاوده القلق علي مقعده، تساءل في نفسه: هي الحكاية إيه النهارده؟!.
سرعان ما تفرقت الجموع علي العربات، إلا من اثنين كانا قد ركبا من دون تذاكر، ولم يجدا مقعدا خالياً فظلا واقفين.
بائع الجلاب آخر العربة يصيح.. أحلي من العسل ياجلاب.. الستة بخمسة جنيه.
الجو مازال حارا جداً، تهوية الجرائد لم تعد مجدية.
أحضر أحد الركاب أحد عمال القطار؛ فقال: التكييف ضعيف.
كلما توقف القطار ينظر إلي الصاعدين والواقفين، فيشعر برهبة فقدان مقعده.
قرر أن ينشغل بمن حوله، وبدأ بالرجل الذي أخذ منه مقعده الأول.
كان مع صحبة من أعمار مختلفة، لكنهم بدوا متآلفين. تارة يضحكون وأخري يأكلون ويثرثرون، كانوا يختلسون النظر إليه أيضا.
قال أحدهم:
- والله دا حرام اللي بيحصل فينا دا، دي مش عربية دي فرن.
نظر إليه مبتسماً وقال:
- عندك حق مش عارف ليه مايعملوش صيانة دورية.
تجاذب معهم الحديث عن أحوال البلد ومشاكله، إلي التجارة وحالها، ثم السياسة وبرامج المرشحين للرئاسة القادمة وشخصياتهم، تباين الحديث بين الجد والسخرية التي لم تخلُ من النكتة، فنسي خوفه علي المقعد الأخير.
أوشك القطار أن يصل إلي محطة مصر،أدرك أنه لولا صحبته لكان أمضي وقته مترقبا في كل محطة، مرتاباً من كل صاعد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.