طالب علماء الدين جموع المصريين بقبول نتيجة الانتخابات والتعاون مع الرئيس الجديد والتفرغ للعمل والبناء, والحرص علي وحدتهم الوطنية, والاستعلاء علي أسباب الخلاف والتفرق. وإعلاء مصلحة مصر فوق كل الاعتبارات الحزبية والسياسية, والاجتماع علي الأهداف الوطنية, وتأييد من ارتضاه الشعب من بين المرشحين في انتخابات الرئاسة حتي ترسو سفينة الوطن علي بر الأمان والاستقرار, وتحقق كل ما نرجوه لأول رئيس وحكومة متكاملة لثورة الخامس والعشرين من يناير. وطالب العلماء الرئيس الجديد بإعلاء مصلحة مصر فوق أي مصالح أو انتماءات حزبية أو سياسية, وتطبيق منهج الإسلام الحقيقي, قولا وعملا, وإظهار سماحة الإسلام والتزام الشوري وعدم الاستئثار بالرأي, وان يكون رئيسا للشعب المصري بمسلميه وأقباطه, مؤكدين أن تولي رئيس ينتمي للتيار الديني يلقي علي كاهله مسئولية مضاعفة عما إذا فاز أي مرشح ينتمي لتيار آخر. لا لتصفية الحسابات وجه الدكتور الأحمدي أبو النور,عضو مجمع البحوث الإسلامية ووزير الأوقاف الأسبق, التهنئة للرئيس الجديد, معربا عن أمله أن يوفقه الله ويثبت خطاه في كل ما يرفع شأن مصر والمصريين وكل ما يحقق طموحات الشعب سواء أولئك الذين أعطوه أصواتهم أو الذين أعطوا لغيره, مطالبا بإعلاء مصلحة مصر والنأي عن تصفية الحسابات, وأضاف: إذا كنا بصدد بدء المسيرة التنموية وتحقيق كل الآمال التي عقدت عليه, فيجب تجميع كل أفراد الشعب لا تفريقهم, وأن يسهم المجتمع بأسره مع الرئيس القادم لإعلاء مصلحة البلاد, وأن يعرف الجميع أن الإنسان مأجور علي اجتهاده, فالمرء إذا اجتهد فأخطأ فله أجر, وإذا اجتهد فأصاب فله أجران, يقول تعالي: فلا جناح عليكم فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم, وقد اجتهد الجميع لتحري الدقة في اختيار الرئيس القادم, وإذا جاءت النتيجة في غير من تصور البعض أو انتخبه فعليهم أن يؤيدوا الرئيس المنتخب الذي جاء بإرادة حرة وانتخابات نزيهة, وأن يعطوه ثقتهم, وان يكون الجميع يدا واحدة لإعلاء مصلحة البلاد, وأن يتعاهد الجميع علي العمل كفريق واحد لتعويض مصر عن الفترة الأليمة السابقة التي مرت بها, ونتذكر ما كان من النبي صلي الله عليه وسلم بعد فتح مكة,فقد عفا عن الذين اختلفوا معه, وقال لهم: اذهبوا فأنتم الطلقاء, فهذا ما ينبغي أن يكون عليه شعور الرئيس الجديد, وأن يكون مثل الأب الذي اختلف معه أبناؤه, وعلي الذين أعطوا أصواتهم للمنافس غير الموفق أن يكون حب مصر هو الدافع لسلوكهم نحو الرئيس الجديد, وأن يعمل الجميع علي التعاون معه, وبذلك نخرج من خضم الفرقة والتنازع, ونحافظ علي مصلحة مصر وسمعتها في الخارج والداخل. من جانبه طالب الدكتور محمد الشحات الجندي, عضو مجمع البحوث الإسلامية, الأقلية باحترام هذا الاختيار, مشيرا إلي أن الديمقراطية هي تطور لمبدأ الشوري الراسخ في الإسلام, كما طالب الرئيس الجديد بتحمل مسئولية الحكم العظيمة وأن يكون حاكما عادلا, وأول ما يفعله بعد توليه الرئاسة هو ألا يلجأ إلي تصفية الحسابات مع خصومه أو أن يلجأ إلي إقصائهم, وأن يلتفت إلي المهمشين ومحدودي الدخل والبسطاء من الناس, وأن نثبت للعالم كله أننا جديرون بممارسة الديمقراطية الصحيحة. ويطالب الدكتور طه أبو كريشة عضو مجمع البحوث الإسلامية الرئيس القادم أن يكون علي قدر المسئولية وأن يعمل علي تحقيق مطالب شعبه, عملا بقول الرسول صلي الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته, وتحقيق الوعود التي أخذها علي نفسه أمام المواطنين وهو يتقدم للترشح إلي هذا المنصب, وتحري الدقة في كل ما يعرض عليه من معلومات عن البلد وشعبها قبل اتخاذ أي قرار. مسئولية الإسلاميين وفي ظل مخاوف البعض من انتماء الرئيس الجديد الي حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين, يري الدكتور محمد المختار المهدي عضو مجمع البحوث الإسلامية أن رئيس الجمهورية الجديد الذي يمثل التيار الإسلامي عليه عبء مضاعف, حيث إنه مطالب بإظهار وتطبيق منهج الإسلام الحقيقي, قولا وعملا, لأنه إذا فشل فسيعود فشله علي سمعة الإسلام نفسه, لذلك فإنه مطالب بالحكمة والتأني والتلطف في الوصول للهدف وإظهار سماحة الإسلام الحقيقية, والتزام الشوري وعدم الاستئثار بالرأي, وعليه كذلك أن يحذر الاستفزازات والإيقاع به في بعض الأخطاء, وأن يتجنب التصريحات غير المسئولة وأن يقدر جيدا قوة الخصوم وأعداء الوطن, فذلك مبدأ أصيل من مبادئ الإسلام. ويري الدكتور إسماعيل شاهين نائب رئيس جامعة الأزهر, ضرورة ان يكون الرئيس الجديد رئيسا لكل المصريين مسلميهم وأقباطهم, فقرائهم وأغنيائهم, ضعفائهم وأقويائهم, وأن يكون أخا للكبير وأبا للصغير, مخالطا لهم وليس منعزلا عنهم, وأن يسمع منهم ولا يكتفي بالسماع عنهم,وأن يسعي لتطبيق برنامجه الذي أعلنه مرارا ويوفي بجميع عهوده مع شعبه الذي أعطاه ثقته, ويحل المشكلات العالقة التي تستقبله, وحذر نائب رئيس جامعة الأزهر الرئيس الممثل للتيار الديني من أن يعمل لمصلحة الجماعة التي ينتمي إليها علي حساب الوطن, بل عليه تسخير كل سلطاته لمصلحة الوطن والشعب. بينما طالب الدكتور محمد ربيع ثابت الأستاذ بالجامعة العمالية بأسيوط الرئيس محمد مرسي بأن يحرص دائما علي ألا يوقع نفسه في شبهة الحكم من خلال المرشد, وأشار إلي أن هذا أمر لن يتحقق بالكلام, بل بالفعل والمواقف الواضحة, وأن يعمل دائما من أجل مصر لا من أجل الجماعة. أما الشيخ جمال قطب رئيس لجنة الفتوي بالأزهر سابقا فقال: إن علي جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة الذي ينتمي إليه الرئيس الجديد أن يدركوا أن الذين أيدوهم من الشعب المصري لم ينحازوا إليهم, وإنما انحازوا للثورة, وما لم يسارعوا بالتغيير الحقيقي ويتقدموا خطوات حقيقية وسريعة لبناء الوطن وترميمه وتحقيق الوحدة الوطنية فإنهم لن يحصلوا علي هذا التأييد الذي حظوا به مرة أخري. وأضاف: علي حزب الحرية والعدالة ورئيسه الذي أصبح رئيسا للبلاد أن يدرك أن هذه الملايين الحاشدة التي ذهبت لمنافسه علي كرسي الرئاسة في جولة الإعادة ليست كلها فلول ولا ثورة مضادة, ولكن غالبيتها ترفض منهج الإخوان وأساليبهم, وتريد شفافية ومصداقية أكثر, وسعيا نحو الجماعة الوطنية التي تضم جميع أبناء الوطن وليس تضخيما لتيار بعينه, علي مصلحة الباقين. التسامح وناشد الدكتور حسني أبو حبيب مدير إدارة الدعوة والإرشاد الديني بوزارة الأوقاف الدكتور محمد مرسي وجماعة الإخوان وحزبهم قائلا: إن الله قد من عليكم وأحسن إليكم, بأن مكن لكم في الأرض, فأروا الله منكم خيرا, وأروا الناس منكم ما تقر به أعينهم, وأحسنوا كما أحسن الله إليكم, وكونوا مع من أساء إليكم كما كان سيدنا يوسف عليه السلام مع من أرادوا قتله وفرقوا بينه وبين أبيه وباعوه بيع العبيد, وقولوا لهم ما قاله لهم حين مكنه الله منهم: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين. وكما كان سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم مع من أخرجوه وآذوه فلم يزد علي أن من عليهم بقوله: اذهبوا فأنتم الطلقاء. فقد كانت تلك الكلمات البسيطة كفيلة بأن تهديء الثائر وتؤمن الخائف وتؤوي الشارد وتجعل الجميع يسهمون في بناء الدولة..وإياكم والتشفي والانتقام فهذا ليس من شيم الإسلام, وكونوا كمن قال الله فيهم:( الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر) وإياكم والإقصاء فقد عانيتم منه زمنا. نموذج مشرف للإسلام وطالب حسني أبو حبيب التيار الإسلامي الذي يقف رئيس الدولة علي رأسه بأن يكونوا نماذج مشرفة للإسلام وألا يسيئوا إلي تجربته, والتمهل في تطبيقها, وقال:عليكم بالصبر والتأني والحكمة وإياكم والعجلة والسرعة, فمن تعجل شيئا قبل أوانه عوقب بحرمانه, واعلموا أن عيون العالم ترنو إليكم وترقب أفعالكم, وإن الأعداء منهم ينتظرون هفواتكم وزلاتكم من أجل أن يشنعوا بها عبر وسائل إعلامهم, كما أن الأصدقاء والمحبين منهم يؤملون عليكم وينتظرون منكم أن تظهروا لهم وللعالم أجمع مدي الخسارة التي مني بها العالم بإبعاد الإسلام ونظامه عن السياسة والحكم. ولا تنسوا أن الله استخلفكم وأعطاكم كما استخلف غيركم وأعطاهم لينظر كيف تعملون, فها أنتم أصبحتم في المرحلة الثالثة من الثورة, وهي مرحلة النظر في العمل وتقييمه من قبل الله تعالي بعد أن تمت المرحلة الأولي بإهلاك العدو, والمرحلة الثانية بالاستخلاف, وتلك المراحل الثلاث بينها الله تعالي لنا في كتابه من خلال سرده لقصة سيدنا موسي عليه السلام مع بني إسرائيل عندما طلب منهم الاستعانة بالله والصبر علي الحق, قال تعالي: قال موسي لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين* قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا قال عسي ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون..فإن التزمتم العدل والمساواة بين الناس أدام الله عليكم نعمته وزادكم منها, وإلا ذهب بكم كما ذهب بمن قبلكم بذنوبهم, وحكم عليكم بالتيه كما حكم عليهم, وليكن خوفكم من الذنوب والمعاصي أكبر من خوفكم من عدوكم, فما هلكت أمة وزالت وبدلت بغيرها إلا بذنوبها ومعاصيها, قال تعالي: ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين. العظة من المخلوع وطالب الرئيس الجديد بأن يعتبر بما آل إليه النظام السابق, وأن يختار بطانته ومعاونيه من أهل النصح والصلاح والكفاءة دونما الاقتصار علي الحزب الذي ينتمي إليه.. فالبطانة الصالحة الناصحة هي درع أمان للحاكم وكل مسئول. وحذر حبيب الرئيس ومعاونيه قائلا: احذروا فقد سكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم, وقد رأيتم فعل الله بهم وصنيعه معهم, فإياكم أن تكونوا مثلهم وتحذوا حذوهم, إياكم إن تسكتوا علي ظلم أو تغضوا الطرف عن باطل, وتذكروا دائما أنكم جئتم إلي هذا المكان بظلم غيركم لا بإحسانكم, وأن من أتي بكم إن لم تحققوا له مطالبه المشروعة أتي بغيركم, واعلموا أنكم وصلتم إلي سدة الحكم بدماء الشهداء, وبكاء الثكالي, وحزن الأرملة, وصياح اليتامي, وأنين الجرحي, ودعاء المظلومين, فإياكم ثم إياكم أن تنسوا كل هؤلاء ببريق المنصب وشهوة السلطان, وضعوا نصب أعينكم قول الله تعالي: وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام.