هذا هو التوقيت المناسب لنقول للنواب الجدد في مجلس الشعب ان الأمانة التي في أعناقكم ثقيلة.. ومهمتكم صعبة.. وطريقكم لن يكون مفروشاً بالورود.. والسلطة التي في أيديكم لن تكون للوجاهة والنفوذ وإنما ستكون للمساءلة والمحاكمة.. والمقاعد التي تجلسون عليها ليست مقاعد فتحي سرور وأحمد عز وزكريا عزمي وعبدالرحيم الغول وانما مقاعد الجمر والصراخ والهتافات الهادرة وأنين الجوعي والعراة الذين يبحثون عن كسرة خبز في سلال القمامة. لقد انتهي زمن السلطة الرغيدة.. وتغير الشعب المصري تماماً.. لم يعد ذلك الشعب الذي يرضي بالرشاوي الانتخابية.. أو بكلام معسول للهروب من المسئولية.. لم يعد ذلك الشعب الذي يصفق للرئيس وللنائب وللوزير.. وأصبح يهتف بسقوط هؤلاء جميعاً دون خوف. لابد أن تدركوا أنكم مختلفون عمن كان قبلكم في كل شئ.. فقد جئتم بارادة الشعب وستذهبون بارادته.. وهم جاءوا بالتزوير وكان مجيئهم وذهابهم بأمر الفرعون وحده.. وأنتم مراقبون ومساءلون وهم كانوا لا يخضعون إلا لأمر الفرعون. تذكروا دائماً هذه الآية الكريمة: "عسي ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون" صدق الله العظيم. ولقد أهلك الله سبحانه وتعالي عدوكم وأذل كبرياءه وجبروته وأورثكم مقاعد رجاله واستخلفكم في الأرض وفي السلطة وفي مجلس الشعب.. وعينه جل شأنه لا تغفل ولا تنام.. والآن هو ينظر كيف تعملون. نعم .. القضية الآن هي العمل وليس الخطب والشعارات والهتافات.. الشعب لن يرحمكم إذا ضيعتم الوقت في خلافات ومشاحنات ومجادلات عقيمة.. ولن يكون لكم عذر.. ليس لكم أن تطالبوا أو تستأذنوا أو تقترحوا.. وإنما عليكم أن تقرروا وتفعلوا.. وتأخذوا الزمام بأيديكم لتكونوا علي مستوي الثقة التي أولاها لكم الشعب.. وتكونوا علي قدر الأمانة التي وضعها في أعناقكم. جميل جداً أن يقول الدكتور سعد الكتاتني رئيس المجلس منبها: لقد تحملنا الأمانة مختارين فعلينا ألا ننام مطمئنين حتي نعطي كل ذي حق حقه.. وجميل جداً أن تعكس كلمة الرجل طموحات وتطلعات الشعب من برلمانه ونوابه.. لكن الأكثر جمالاً أن نري وبسرعة هذه الطموحات والتطلعات علي جدول التنفيذ حتي لا تظل معلقة في الهواء يتحدث النواب عنها كما نتحدث.. ويرفعونها كمطالب كما نرفعها. والحقيقة التي يجب أن نعترف بها أن كلمة د. الكتاتني بعد انتخابه رئيساً للمجلس كانت جامعة قوية ومعبرة عما يجيش في صدور المصريين جميعاً.. ولذلك جاءت مطمئنة للثوار وأسر الشهداء والمصابين.. ومطمئنة لمن يبحثون عن العدل والقصاص ومحاربة الفساد واستعادة الأمن وتحقيق العدالة الاجتماعية وتأكيد الديمقراطية باجراءات ملموسة حتي لا تعود مصر إلي النظام الفرعوني الاستبدادي الظالم. وانطلاقاً من هذا الاحساس بعظم الأمانة والمسئولية فإن علي أعضاء مجلس الشعب ورئيس المجلس الدكتور الكتاتني أن يقدموا للشعب المصري نموذجاً محترماً للممارسة الديمقراطية يتيح لكل عضو أن يتحدث بكل حرية.. وأيضا بكل التزام.. بعيداً عن التهريج والتسيب.. وأن يحترم اللوائح والقوانين إدراكاً بأن هذا النموذج الديمقراطي سوف يتم تقليده وتعميمه في مجلس الشوري والمجالس المحلية وأي مجالس أخري منتخبة. مجلس الشعب هو عنوان الديمقراطية الجديدة في مصر كما قال الكتاتني.. وهو أيضا رائد الممارسة الديمقراطية.. وحين ينجح أعضاؤه في القيام بواجباتهم علي أكمل وجه.. والتخلي عن انتماءاتهم ومصالحهم الحزبية سوف تنعكس الصورة علي الواقع المصري.. وتنتهي حالة الاستقطاب التي تسود الشارع الآن. ان الشعب المصري ينظر إليكم بكل اهتمام ليري ماذا تقدمون له.. وحين يري فيكم الجدية في حمل الأمانة سيشعر بالرضا عن اختياره ويؤكد لكم شرعية البرلمان.. أما إذا وجد غير ذلك فسوف يشعر بالندم وربما يغير رأيه ويعود إلي شرعية الميدان.. فكونوا عند حسن الظن بكم.. وكونوا علي قدر الأمانة.. حتي يستقر ا لوطن ويهدأ الثوار وتعود عجلة الانتاج للدوران. اخلعوا رداء الحزبية وانظروا لمصلحة الشعب.. لا تخونوا الأمانة الكبيرة التي في أعناقكم.. ولا تخونوا طموح الشعب.. ولا تخونوا دم الشهداء.