يرى خبراء واقتصاديون، أن قرار النائب العام المصرى التحفظ على أموال رجال أعمال مصريين وعرب وتجميد أصولهم يوجه ضربة جديدة لمناخ الاستثمار فى مصر فى وقت تسعى فيه البلاد لجذب استثمارات وتخفيف أزمة اقتصادية حادة. وقال مصدر بمكتب النائب العام المصرى، إن مصر جمدت أصولا لثلاثة وعشرين من رجال الأعمال، وذلك على ذمة تحقيقات بشأن تلاعب فى البورصة أثناء بيع البنك الوطنى المصرى إلى بنك الكويت الوطنى عام 2007. وشمل قرار النائب العام 18 رجل أعمال مصريا، وخمسة رجال أعمال سعوديين، من بينهم عبد الرحمن وحسن الشربتلى اللذين يملكان المركز التجارى الضخم سيتى ستارز بشرق القاهرة. وأجمع خبراء بمجال الاستثمار تحدثت معهم "رويترز" اليوم، على أن التعامل مع القضايا الاقتصادية يتطلب أساليب أكثر مرونة، وتشجع على جذب الاستثمارات وضخ أموال لسوق الأسهم التى تكون أول من يتأثر بتلك الأزمات المتتالية. وقال عيسى فتحى، نائب رئيس شعبة الأوراق المالية باتحاد الغرف التجارية، "إن السوق لم تفق من صدمة أوراسكوم للإنشاء حتى تفاجأت بهذه الصدمة الجديدة". وفى وقت سابق من الشهر الجارى قرر النائب العام وضع رجلى الأعمال ناصف ساويرس الرئيس التنفيذى لأوراسكوم للإنشاء والصناعة ووالده أنسى ساويرس على قوائم الممنوعين من السفر وترقب الوصول، على خلفية ما هو منسوب إليهما من التهرب من ضرائب تقدر بنحو 14 مليار جنيه. وتسبب هذا القرار فى خسائر للسهم واحتجاجات من عمال الشركة. وقال فتحى: "القضية ليست جديدة ويجرى النظر فيها منذ منتصف 2012 فلم يصدر هذا القرار الآن، ونحن نخرج من قرار سىء لقرار أسوأ وتكون النتيجة هى استنزاف الاقتصاد المصرى". وفى مايو من العام الماضى اتهمت السلطات المصرية حسن هيكل وياسر الملوانى الرئيسين التنفيذيين لهيرميس بالتلاعب فى البورصة فيما يتعلق بصفقة البنك الوطنى التى تمت عام 2007 إلى جانب ابنى الرئيس المخلوع حسنى مبارك. وشمل قرار النائب العام أمس اسمى هيكل والملوانى مجددا فى نفس القضية. من جانبه قال أسامة مراد، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة اراب فاينانس، إن القرار "صدمة تعود بالوراء لنقطة الصفر مرة أخرى.. القضايا الاقتصادية لا تعالج لهذه الطريقة وهناك أساليب أخرى". وأضاف "الصدمة فى وسط الأعمال شديدة وستؤثر على الاستثمارات الخليجية والدولية بشكل عام.. الرؤية غير واضحة أمام المجتمع الاقتصادى هناك محاولات لجذب الاستثمارات ورجال الأعمال لكن مثل تلك القرارات تؤكد غير ذلك". وأشعلت الإطاحة بمبارك العام الماضى تحديات قانونية أمام عقود جرى توقيعها خلال حكمه الذى امتد ثلاثين عاما، إذ يعتقد مواطنون أن مسئولين فاسدين بالنظام السابق باعوا أصولا مملوكة للدولة بأسعار بخسة مقابل رشى. وتسعى الحكومة المصرية إلى تسوية نزاعات على أسعار أراض وقضايا أخرى مع نحو 20 مستثمرا أجنبيا ومحليا فى محاولة لتجنب عملية تحكيم مكلفة ولاستعادة الثقة فى اقتصاد البلاد. وقال محسن عادل، العضو المنتدب لشركة بايونيرز لإدارة صناديق الاستثمار: "مصر تعانى سمعة ضاغطة بخصوص حمايتها للاستثمارات والتزامها بالقوانين، يجب أن تكون هناك تنقية لمناخ الاستثمار محليا وتدشين لجان فاعلة لفض المنازعات والتصالح مع رجال الأعمال". وأضاف أن مثل تلك القرارات "تؤثر سلبا على مناخ الاستثمار بصورة لا يمكن قياس أثرها على المدى الطويل". وقال وزير التخطيط والتعاون الدولى أشرف العربى الشهر الماضى، إن الاقتصاد المصرى يتعافى ببطء شديد بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية فى البلاد، وإن الاستثمارات الأجنبية المباشرة كانت شبه متوقفة فى النصف الأول من السنة المالية. وتساءل وائل عنبة العضو المنتدب لشركة الأوائل لإدارة المحافظ المالية عن توقيت القرار، وقال إنه "سيضيف إلى التأثيرات السلبية الموجودة بالفعل، ويزيد من سلبيات مناخ الاستثمار عموما وليس على سوق الأسهم فقط". ووجه قرار التحفظ على أموال رجال الأعمال ضربة للبورصة المصرية وهوى مؤشرها الرئيسى 1.5% فى أول دقائق من جلسة اليوم لكنه عوض بعض خسائره ليغلق على تراجع 0.23%. وقررت إدارة البورصة اليوم تجميد أسهم وأرصدة وحسابات وأكواد رجال الأعمال الذين صدر بحقهم قرارات من النائب العام فى قضية التلاعب بالبورصة. وسارعت شركات تأثرت أسهمها بشكل مباشر بقرار النائب العام إلى تأكيد موقفها من تلك القضية فقالت المجموعة المالية "هيرميس" فى بيان للبورصة اليوم، إن القرار التحفظى "لا يتصل بأموال الشركة أو أصولها، ولا يؤثر على سير العمل بالشركة أو على حقوقها أو أصولها تجاه عملائها"، لكن سهم هيرميس أغلق منخفضا 1.8%. وأبلغت شركة السويدى إليكتريك البورصة، فى بيان أن هشام هلال السويدى أحد الذين قرر النائب العام التحفظ على أموالهم "ليس عضوا من أعضاء مجلس إدارة الشركة ولا مديرا تنفيذيا ولا مساهما رئيسيا" فى الشركة، وهوى سهم السويدى إليكتريك 4.6% بنهاية التعاملات. فيما قالت شركة الخدمات الملاحية والبترولية (ماريدايف) إنها علمت بخبر التحفظ على أموال رئيس مجلس إدارتها عيسى حامد عليش من وسائل الإعلام ولم تتلق أى إخطار بشأن ذلك. وأضاف فى بيان للبورصة، أن عليش "يمارس عمله بصورة طبيعية بالشركات لمتابعة الأعمال التى تسير بشكل طبيعى"، وأغلق سهم ماريدايف مرتفعا 0.9%. وبدورها قالت شركة جنوب الوادى للأسمنت، إنها لم تتلق أى إخطار بشأن التحفظ على أموال رئيس مجلس إدارتها عبد الرحمن الشربتلى، وأكدت أنها مستمرة فى عملها، وخسر سهم الشركة 2.01% فى معاملات اليوم. وفى الكويت قال مصدر ببنك الكويت الوطنى أكبر بنك كويتى، إنه لا علاقة للبنك بالأمر، وقال "كل تلك المعاملات جرت قبل استحواذ بنك الكويت الوطنى على حصته فى البنك الوطنى". وأضاف المصدر، أن بنك الكويت الوطنى اشترى الحصة فى مزاد شمل عدة بنوك أخرى، وقال "تمت عملية البيع تحت إشراف البنك المركزى المصرى وبعد الحصول على كل الموافقات التنظيمية الضرورية".