سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الألمانية:"عفريت" العراق يطارد الغرب فى سوريا.. الإطاحة بصدام أثر على الثورات العربية.. وتفجر الاضطرابات بعد الغزو منع التدخل العسكرى فى سوريا.. والحكام الإسلاميون بمصر وتونس يتهمون ب"العاملة للغرب"
من شوارع القاهرة إلى ميادين القتال فى سوريا.. لا يزال إرث غزو العراق عام 2003 يخيم بدرجة كبيرة على العالم العربى، حيث يستمر تغير موازين القوى الإقليمية بعد 10 سنوات على الحرب، وفقا للمحللين. و كان لقرار الولاياتالمتحدة بالإطاحة بالزعيم العراقى صدام حسين، تأثير مباشر على ما يسمى بثورات الربيع العربى، التى اجتاحت المنطقة فى العامين الماضيين. وقال عريب رنتاوى، من مركز القدس للدراسات السياسية ومقره عمان، إن أعظم درس علمته حرب العراق للشارع العربى هو ألا يعتمد على الغرب فى حل مشاكله. و دفعت الشكوك حول نوايا الولاياتالمتحدة فى المنطقة- وهى الشكوك التى أثارها غزو العراق- الحركات السياسية فى العالم العربى إلى النأى بأنفسهم عن الغرب وعرض أنفسهم على أنهم حركات نابعة من داخل الوطن. وبدأت حركات المعارضة فى البلدان العربية فى مرحلة ما بعد الربيع مثل تونس ومصر فى اتهام الحكام الإسلاميين بأنهم "عملاء للغرب". وقال رنتاوى لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إنه بعد أن كان ينظر إليهم على أنهم أعداء للغرب، يواجه الإسلاميون حاليا اتهامات بأنهم يحملون أجندات غربية.. وبعد حرب العراق، أصبح الارتباط بالولاياتالمتحدة يعد بمثابة انتحار سياسى. وخلال زيارته للقاهرة مؤخرا، تعرض وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى لانتقادات من جانب شخصيات المعارضة، على الرغم من أنه شجعهم على إعادة النظر فى مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة. ومن بين أخطر مخلفات الغزو، الصراع بين القوى السنية والشيعية التى تسعى لفرض نفوذها. ومن خلال الإطاحة بنظام صدام حسين السنى، أزالت القوى الغربية القوة الوحيدة الموازنة لإيران الشيعية، مما أثار معركة طهران للهيمنة الإقليمية مع المملكة العربية السعودية. وأدى هذا التنافس إلى اندلاع حروب بالوكالة ومواجهات سياسية امتدت من العراق إلى لبنان. وقال مصطفى السيد، أستاذ العلوم السياسية فى جامعة القاهرة، إنه ليس هناك شك فى أن حرب العراق لم تعزز قوة إيران فقط، لكنها أججت توترات إقليمية بين القوى السنية والشيعية. وأدى الصراع السعودى الإيرانى فى فترة ما بعد حرب العراق إلى مجموعة من الترتيبات والمتغيرات السياسية، حيث تمول طهران والرياض وتدعمان المسلحين السنة والشيعة فى لبنان والعراق وحاليا فى سوريا. وقال "السيد "للألمانية لو أن صدام مازال فى السلطة، لما اندلع الكثير من هذه الصراعات على الإطلاق. ومن أهم آثار الحرب هى أن أروقة السلطة فى واشنطنولندن وبروكسل، حيث يتم صنع القرار، أصبحت تستبعد التدخل العسكرى فى العالم العربى. ورأى محللون أن غزو العراق والسنوات اللاحقة من الاضطرابات الطائفية الدموية فى العراق، أضعفت اهتمام الغرب بالتدخل العسكرى فى سوريا، وهى خطوة يقولون إنها أطالت بلا داع الصراع فى هذه الدولة لمدة عامين. وقال نديم شحادة الباحث فى مؤسسة تشاتهام هاوس البحثية، ومقرها لندن، إن المخاوف من عراق ثان أدت إلى ضعف المواقف الغربية إزاء سورية وقد استغل النظام السورى هذه المخاوف. ومضى شحادة يقول إن تزايد نفوذ المتمردين الجهاديين فى سوريا والطبيعة الطائفية لنظام الرئيس بشار الأسد قد دفعا العديد من قادة الدول الغربية إلى استنتاج تشبيهات خاطئة للعراق، الأمر الذى دفع الولاياتالمتحدة وأوروبا إلى رفض تسليح قوات المعارضة السورية. واعتبر شحادة أن العديد من القادة الغربيين ينظرون إلى سوريا ويعتقدون أنهم ينظرون إلى عراق جديد سيتكشف قريبًا. وأضاف أنه بدلا من تعلم الدروس الصحيحة من الغزو ودعم حركات المعارضة النابعة من الداخل، فإنهم يسمحون للصراع بالتحول إلى فوضى. ومع استمرار النضال من أجل مستقبل العديد من الدول العربية فى ساحات المعارك فى الشوارع، يرى المراقبون أن أكبر درس لغزو العراق هو تقييد وتراجع القوة الغربية فى المنطقة. وقال رنتاوى إنه بعد 10 أعوام من حرب العراق، تعلم العالم العربى أن تغيير النظام لا يمكن أن ينجح إلا إذا جاء من الداخل، سواء كان ذلك بالانتخابات أو بالرصاص.