أجرت صحيفة نيويورك تايمز مقابلة مع رئيس مكتب حماس السياسى خالد مشعل، استغرقت خمس ساعات على مدار يومين فى مكتبه بالعاصمة السورية، وجه مشعل من خلالها حديثه إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية. وتقول الصحيفة إن قائد الجماعة الفلسطينية المسلحة أعلن أمس الاثنين أن مقاتلى حماس توقفوا عن إطلاق الصواريخ على إسرائيل، على الأقل فى الوقت الراهن، ولقد حاول مشعل التواصل بصورة محدودة مع إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما وقادة الغرب، موضحاً أن الحركة الإسلامية تسعى لبناء دولة على المناطق فقط التى سيطرت عليها إسرائيل عام 1967. يقول مشعل الذى اعتراه الهدوء ونوع من الثقة بالنفس، خاصة بعدما انتخب للمرة الرابعة ليرأس مكتب حماس السياسى، "أتعهد أمام الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولى بأننا سنصبح جزءاً لا يتجزأ من الحل"، ولكنه على الرغم من ذلك أكد أنه لن يعترف بدولة إسرائيل، قائلاً لجيرانه من القادة العرب، إنه "لا يوجد سوى عدو واحد فى المنطقة وهو إسرائيل". وتشير الصحيفة إلى أن مشعل حث الآخرين على تجاهل ميثاق حماس الذى يدعو لمحو إسرائيل عن طريق الجهاد، ولكنه فى الوقت نفسه، لم يعرض إلغاء الميثاق، بل قال إن عمره 20 عاماً وأن "ما يشكلنا هو خبراتنا السابقة" وليس بنود الميثاق. وشرح قائد المكتب السياسى لحماس، السبب الحقيقى وراء موافقته على إجراء هذه المقابلة التى تعتبر أول لقاء مع مؤسسة أمريكية إخبارية منذ عام، قائلاً "حتى يتمكن الآخرون من فهم حماس، يتعين عليهم الاستماع إلى رؤيتها بصورة مباشرة، وتسر حماس كثيراً عندما يرغب الناس فى الاستماع إلى قادتها مباشراً، وليس عن الحركة من خلال وجهة نظر الآخرين". وترى الصحيفة أن هذه المقابلة تستهدف كذلك الإدارة الأمريكية، التى عقدت عزمها على التحاور مع إيران وسوريا، ولكن ليس مع حماس، إلا إذا أذعنت الأخيرة إلى نبذ العنف، والاعتراف بدولة إسرائيل، وقبول الاتفاقيات السابقة التى جمعت بين الإسرائيليين والفلسطينيين. فيما يتعلق بالرئيس الأمريكى، قال مشعل إن "لغته مختلفة وإيجابية، ولكن عبر عن استيائه إزاء وزيرة الخارجية هيلارى كلينتون، مؤكداً على أن لغتها حملت بين طياتها ملامح "سياسات الإدارة السابقة برئاسة جورج بوش". ويعلق مشعل على حل الدولتين التى تسعى الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى تحقيقه قائلاً: "نحن مع بناء دولة فوق حدود 1967، على أساس هدنة طويلة المدى، ويشمل ذلك القدسالشرقية، وتفكيك المستوطنات، والتمسك بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين"، وعندما سئل مشعل عن "طويلة المدى"، قال عشر سنوات. والجدير بالذكر أن إسرائيل ترفض التسليم الكامل لحدود 1967، إلى جانب رفض الحق الفلسطينى فى العودة إلى إسرائيل نفسها. ومن ناحية أخرى، يرفض مشعل الاعتراف بدولة إسرائيل، فهو يرى أن الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، قد اعترافا بإسرائيل، ولكن دون جدوى. ويتساءل: "هل أدى اعترافهم بإسرائيل إلى وضع نهاية للاحتلال؟ لا، فالأمر مجرد حجة تستخدمها الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل حتى يتمكنا من تحاشى التعامل مع القضية الأساسية، وحتى يلقوا بالكرة إلى الملعب العربى والفلسطينى". وتقول الصحيفة إن مشعل بذل جهوداً حثيثة لإظهار أن حماس تسيطر على مقاتليها، وعلى مقاتلى الجماعات الأخرى، حيث أوضح أن "عدم إطلاق الصواريخ حالياً يشكل جزءاً من محاولة الحركة، التى تخدم المصالح الفلسطينية، لتقييم الأوضاع، فإطلاق الصواريخ مجرد وسيلة وليس هدفاً فى حد ذاته، والمقاومة حق شرعى، ولكن ممارسة مثل هذا الحق يرجع إلى تقييم قادة الحركة". وأكد مشعل على أن الحركة الإسلامية متحمسة لوقف إطلاق النار مع إسرائيل، وللتوصل إلى اتفاق بموجبه يتم تسليم الجندى الإسرائيلى الأسير جلعاد شاليط، مقابل إطلاق سراح العديد من المعتقلين الفلسطينيين. أما بالنسبة لإيران، التى تراها كل من الولاياتالمتحدة وإسرائيل فى صورة أكبر راعٍ للحركة الإسلامية "حماس" وبدأ يساورهما القلق حول تحول غزة إلى منطقة إيرانية، فيقول مشعل بشأنها: "دعم إيران لنا ليس مشروطاً، ولا يسيطر أى أحد على سياستنا أو يؤثر عليها". سئل رئيس المكتب السياسى لحماس عما إذا كانت الحركة الإسلامية تريد تطبيق الشريعة الإسلامية فى غزة والضفة الغربية، كانت إجابته النفى، موضحاً أن "الأولوية تتركز على وضع نهاية للاحتلال والتوصل إلى مشروع قومى، أما عن طبيعة الدولة، فهذا أمر يحدده الشعب، ولن يفرض عليهم أبداً".