قبل الثورة كان الإخوان هم الهاجس الرئيسى لدى نظام مبارك، رغم ما ثبت من وجود تعاون بين جماعة الإخوان وبين الحزب الوطنى فى بعض الأوقات، إلا أنهم كانوا بالفعل مصدر الرعب الرئيسى لنظام مبارك قبل الثورة، وكان هذا واضحا فى كم الاعتقالات وقت الانتخابات أو فى أى وقت يشعر فيه النظام بازدياد قوة الإخوان، فكانوا يوجهون ضربات كثيرة لإضعافهم ولوضعهم فى المسار المتفق عليه بينهم، ورغم اختلافنا الشديد مع السلوك الانتهازى لجماعة الإخوان قبل وبعد الثورة ورغم اختلافنا الشديد مع أداء الرئيس محمد مرسى الذى ينحدر من سىء لأسوأ والذى إن استمر بنفس المنوال سوف يضع مصر فى مصاف الدول الفاشلة والمتخلفة، ولكن لا يجب أن ننكر أن تركيز نظام مبارك وأجهزته الأمنية كان بالأساس على جماعة الإخوان. واتضح هذا بوضوح فى بداية الثورة عندما اشتغلت الأجهزة الأمنية والإعلامية على تصوير ثورة 25 يناير على أنها انقلاب من الإخوان والجماعات الإرهابية على السلطة، ولولا أن العالم كله يعلم أن الشباب غير المنتمى للإخوان هو من بدأ شرارة الثورة وأن الشباب غير المنتمى لأى أحزاب سياسية هو من خرج فى ثورة 25 يناير وأنجحها، لكان نظام مبارك فتك بالإخوان ونكل بهم تنكيلا شديدا دون أى تضامن دولى. لم أسرد هذه المقدمة دفاعا عن الإخوان، لا سمح الله وأنا أرى تخبطهم وعنادهم الذى يزداد كل يوم والذى يضر بمصر كلها بسبب إصرارهم على عدم الخروج بأى توافق أو أى حل سياسى يسهم فى إخراج مصر من أزمتها السياسية، ولكن هدفى الرئيسى أن أذكر أن الفتافيت لا تصنع ماكينة ولا تصنع تغييرا، فقبل الثورة كانت هناك ماكينة الإخوان التى تحاول أن تنافس ماكينة الوطنى فى الشارع والأماكن الشعبية والقرى والنجوع، وكان هذا هو السبب الرئيسى من هلع نظام مبارك من الإخوان، وبعد الثورة ومع اختفاء ماكينة الوطنى إلا أن ماكينة الإخوان ازدهرت وازدادت قوة، وبسبب انتهازيتهم وماكينتهم المنظمة استطاعوا الفوز فى معظم معاركهم إن لم يكن كلها. ولكن أيضا لم تختف ماكينة الحزب الوطنى بالكامل، فرغم حريق المقر الرئيسى لهم فى ميدان عبدالمنعم رياض، ورغم حل الحزب الوطنى ومصادرة مقراته فى جميع المحافظات، ورغم العزل الشعبى الذى حدث لأعضائه فى الانتخابات البرلمانية فى أواخر 2011، فإن السى دى الذى يحتوى على معلومات شبكات مصالح الحزب الوطنى بقى ولم يتم تدميره، وكلمة سى دى هى مجاز عن معلومات شبكات مصالح وأعضاء وعائلات الحزب الوطنى. وظهرت السى دى مرة أخرى قبل الانتخابات الرئاسية وساندت شفيق بشدة بجانب مساندة العسكر الذى ينتمى لهم شفيق، وعادت ماكينة الحزب الوطنى مرة أخرى لمواجهة ماكينة الإخوان فى الانتخابات الرئاسية، وكادت ماكينة الحزب الوطنى والعسكر أن تنجح فى أن يفوز شفيق لولا دعم العديد من القوى الثورية لمرشح ماكينة الإخوان لمواجهة ماكينة الحزب الوطنى، ونجح مرسى الذى خالف كل وعوده وفشل فى تحقيق كل برامجه، إن كانت هناك برامج من الأساس. الفتافيت لا تصنع ماكينة ولا تصنع تغييرا، وكل الحركات الثورية والمجموعات والأحزاب يصنفون كفتافيت وليس ماكينة تصنع التغيير. الفتافيت لا تملك مشروعا شاملا لإنقاذ مصر ليلتف حوله المصريون، وماكينة الإخوان منتشرة بالفعل فى كل القرى والنجوع وتستطيع حشد الجمهور وخطابهم بلغاتهم. الحل ألا نكون فتافيت مرة أخرى، وأن تتوحد كل الفتافيت لتصنع ماكينة تكون على تواصل مباشر مع الناس فى الأماكن الشعبية والقرى والنجوع فى كل المحافظات.. وأن تلمس قضاياهم وتعمل على حلها وتعمل على خطاب عقولهم وليس بطونهم، كما كانت تفعل ماكينة الوطنى وتفعل الآن ماكينة الإخوان، وأن تنتج تلك الماكينة الجديدة مشروعا قوميا واضحا ليلتف حوله المصريون.