على أنقاض نظام مبارك وبقايا حزبه صعد المرشح الرئاسى الفريق أحمد شفيق.. واستطاع الحصول فى الجولة الأولى من الانتخابات على أكثر من خمسة ملايين صوت.. وتجاوز العشرة ملايين صوت فى جولة الإعادة حتى الآن على الأقل.. جزء من هذه الأصوات كانت لمجموعة كبيرة من رجال الأعمال الذين كانوا على علاقة مباشرة أو غير مباشرة بنظام مبارك.. وجزء آخر لعائلات كبيرة فى القرى والمدن المصرية كان لها نفوذ قوى طوال السنوات السابقة بسبب علاقتها بالحزب الوطنى، والتى ترجمت لنائب برلمانى أو أكثر من داخل كل عائلة.. جزء آخر لضباط أمن الدولة المنحل وأخيرا جزء قليل يضم كل من تعاطف مع مبارك ومن كرهوا الثورة طوال العام ونصف السابقين بفعل فاعل. بعد أن تأكد لشفيق خسارته للتيار الثورى رغم محاولات استمالة هذا التيار العديدة من قبل شفيق، إلا أن الثوار والمتعاطفين من الثورة اعتبروا شفيق جزءا من خطة إجهاض الثورة ومحاولات نظام مبارك للعودة من خلاله وحملوه دماء شهداء موقعة الجمل والمسئولية عن تهريب أموال رموز نظام مبارك أثناء توليه منصب رئيس الوزراء منذ قيام الثورة وحتى استقالته، وتأكد للفريق أيضا خسارته لأصوات التيار الدينى.. لأنه بالنسبة لهم عودة لنظام مبارك بسجونه ومعتقلاته وقمعه.
وكان الفريق شفيق على قدر متميز من الذكاء، حيث بدأ يداعب رموز وعائلات الحزب الوطنى وبقايا نظام مبارك والمتعاطفين معه من خلال الهجوم الحاد على التيار الدينى الصاعد وتحديدا جماعة الإخوان، بالإضافة إلى مهاجمة الثوار على استحياء وكذلك الثورة.
اجتمع شفيق خلال الفترة الماضية مع عدد كبير من عائلات الحزب الوطنى وكانت هذه اللقاءات بعضها موثق بالصوت والصورة.. فمنذ عدة أيام انتشر على شبكات التواصل الاجتماعى فيديو يرصد لقاء أحمد شفيق بعدد كبير من فلول نجع حمادى وقنا ومنهم هشام الشعينى عضو حزب الحرية حاليا والوطنى سابقا وعبد الرحيم الغول أحد أقدم نواب البرلمان عن الوطنى المنحل.. بالإضافة إلى أحمد على الجبلاوى ومعتز أحمد محمود وجمال النجار وجميعهم من رموز الوطنى المنحل.
فى نهاية الجلسة قام الفريق شفيق بتوقيع ما أطلق عليه أصحاب الفيديو مجموعة من الشيكات بمبالغ مالية كبيرة كجزء من الاتفاق بين شفيق وأعضاء الوطنى المنحل.
كذلك العديد من رجال الأعمال والفنانين الذين يعتبرون وصول الإخوان للحكم هو بمثابة التهديد المستمر لأعمالهم ومصالحهم.
انعكس هذا الدعم القوى من رجال الأعمال والفنانين والشخصيات العامة إلى تبرعات مادية وعينية تلقتها حملة شفيق طوال الصراع الانتخابى.. فترددت أنباء عن تبرعات مالية من نجيب ساويرس وأخيه سميح بالملايين وكذلك شاهيناز النجار وعبلة عز زوجتا رجل الأعمال أحمد عز وصلت تبرعاتهما ل12 مليون جنيه، ويذكر أن الأخيرة ساهمت فى تجهيز مقرات للحملة الانتخابية لشفيق.. وخديجة الجمال زوجة جمال مبارك فقد تبرعت للحملة عن طريق المحامى مختار عبدالله بخمسة ملايين جنيه.. وكذلك عادل إمام والنائب البرلمانى السابق عن الحزب الوطنى حيدر بغدادى والعديد من رجال الأعمال الآخرين.
والشريحة التى ارتبطت بنظام مبارك ليست بقليلة فلو اعتبرنا أنها 5٪ فقط فهذا يعنى أنهم حوالى 5,4 مليون شخص وهذا رقم كبير.. وهذه النسبة كثير منها شخصيات لها وزن ومصالح ورجال أعمال وعائلات كبيرة ليس من الضرورة أن ننظر لهم بأنهم كانوا مشاركين فى الثورة المضادة.. هؤلاء عموما مصالحهم ليست مع الإخوان ومصالحهم مع شفيق إلى النهاية ليس فقط لأنه جاء من نظام مبارك بل لأنه يمثل الجانب المدنى عكس الجانب المظلم الذى يتبناه الإخوان وقد يهدد مصالح البعض، فالطبقة السياسية التى كانت جزءا من نظام مبارك وشاركوا فى برلماناته وحازوا على نفوذ وصلاحيات أنا أعتقد أنهم انتهوا.. ولكنهم سيحاولون العودة ولعل دعمهم لشفيق هو إحدى المحاولات.. وهؤلاء الذين ساهموا فى إفساد الحياة السياسية والاقتصادية قانون العزل كفيل بهم حتى يمتنعوا عن المحاولة، ولكن دون المواد غير الدستورية الموجودة به.
د. حازم عبد العظيم الناشط السياسى يرى صعوبة فى عودة الفلول لنفوذهم وامتيازاتهم فى عهد شفيق.. ويرى أن المجتمع تغير تماما بالثورة التى اشتعلت فيه.. وأن شفيق فى حاجة لإثبات حسن النوايا مع الشعب وخصوصا مع تيار الثورة بمجرد أن يصل للحكم.. ويكمل قائلا: «من دعموا شفيق يمكن تقسيمهم لثلاثة أنواع الأول هم كل من خافوا من وصول الإخوان للحكم، والثانى هم بقايا الحزب الوطنى، والثالث هم تخيلوا أن شفيق هو مرشح المجلس العسكرى فى القرى والأقاليم.
د.أيمن عبد الوهاب الباحث بمركز الدراسات للأهرام يرى أن إعادة إنتاج النظام السابق غير وارد إطلاقا.. ويقول «لم يأت رئيس أبدا امتدادا لمن قبله.. فمبارك خرج من عباءة السادات وكذلك السادات من جلباب ناصر.. وحتى إذا أراد شفيق أن يعيد النظام السابق فإن الظرف السياسى والاجتماعى الذى تغير بعد الثورة سيحول دون ذلك بالاضافة إلى بحث شفيق عن الشعبية الجماهيرية والتى سيسعى لها من خلال تقديم نفسه كمدافع عن الثورة وعن أهدافها..وذكر أيضا أن القوى الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التى دعمته هى من ضمن قوى المجتمع التى لا يمكن تجاوزها.. فبينهم رجال أعمال لا يمكن تجاوزهم.. ولو استطاع الإخوان استمالتهم لفعلوا على حد قوله.
وأكد أن قواعد الحزب الوطنى هى امتداد لعائلات تحاول الحفاظ على مكانتها ومصالحها وهم عدد كبير لا يمكن استبعاده
ويكمل قائلا: «هؤلاء لن يحصلوا على امتيازات أو نفوذ فى عهد شفيق.. أقصى ما يمكنهم حصده هو الدخول للانتخابات البرلمانية بقوانينها وبنزاهتها دون تسهيلات أو تزوير كما كان فى عهد مبارك.