هدوء حذر في أسعار الذهب 5550 جنيها لعيار 21| والجنيه يستقر عند 44400 جنيهًا    بدء التوقيت الشتوي، تأخير الوقت في أوروبا ولبنان ساعة واحدة    روبيو يشيد بماليزيا لقيامها بعمل جيد كرئيسة للآسيان    المتحدث باسم حركة فتح: وحدة الصف الفلسطيني ضرورية في المرحلة القادمة    حالة الطقس اليوم.. الأرصاد تعلن عودة الأمطار وانخفاض الحرارة    بتوجيه رئاسي.. يوم افتتاح المتحف المصري الكبير إجازة رسمية    أسعار الطماطم والبصل والفاكهة في أسواق الشرقية اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025    اليوم، أولى جلسات طعن سعد الصغير على حكم حبسه 6 أشهر في قضية المخدرات    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأحد 26 كتوبر    سعر الدولار الآن أمام الجنيه بالبنك المركزي المصري والبنوك الأخرى الأحد 26 أكتوبر 2025    الأنبا كيرلس في مؤتمر مجلس الكنائس العالمي: وحدانية الكنيسة راسخة في قداستها وجامعيتها ورسوليتها منذ مجمع نيقية    نجيب ساويرس ينفي شائعات انضمامه للجنة إعمار غزة.. ويعلق: نفسي قبل ما أموت أشوف دولة فلسطين    القبض على المتهم بقتل سائق لخلافات عائلية فى الوراق    رسميًا.. مواعيد بدء امتحانات الترم الأول 2025-2026 وإجازة نصف العام لجميع المراحل الدراسية    نائب رئيس حزب المؤتمر: احتفالية «مصر وطن السلام» أبرزت وجه مصر الإنساني ورسالتها الحضارية للعالم    محسن صالح: لن نبدأ من الصفر في دعم المنتخبات وهذا الفارق مع المغرب    صابر الرباعي يحيي ذكرى محمد رحيم بأغنية «وحشني جدًا» في ختام مهرجان الموسيقى العربية    روبيو: أمريكا لن تتخلى عن دعم تايوان مقابل اتفاق تجاري مع الصين    محمد سلام يشوق جمهوره لمسلسله الجديد «كارثة طبيعية»    ب440 قطعة حشيش وبندقية آلية.. سقوط 3 تجار مخدرات في القصاصين    الطريق إلى بروكسل    من «كارو» ل«قطار الإسكندرية».. مباحث شبرا الخيمة تعيد «محمد» لأسرته    السيطرة على حريق في منزل بمنطقة المنشية بالأقصر دون مصابين    ضبط صانعة محتوى لنشرها فيديوهات رقص خادشة للحياء    هشام عباس وميريهان حسين وياسر إبراهيم يشاركون أحمد جمال وفرح الموجى فرحتهما    اشتباكات بين الجيش السوري و"قسد" شرق دير الزور    محافظ الغربية في جولة ليلية مفاجئة بالمحلة الكبرى لمتابعة النظافة ورفع الإشغالات    هانيا الحمامي تتوج ببطولة أمريكا المفتوحة للاسكواش بعد الفوز على أمينة عرفي    الهندسة النانوية في البناء.. ثورة خفية تعيد تشكيل مستقبل العمارة    سلوت عن هدف محمد صلاح: لقد كان إنهاء رائعا من مو    وسط غزل متبادل، منة شلبي تنشر أول صورة مع زوجها المنتج أحمد الجنايني    لتفادي النوبات القلبية.. علامات الذبحة الصدرية المبكرة    الصحة: مصرع شخصين وإصابة 41 آخرين في حادث مروري على طريق (القاهرة - السويس)    مدرب إيجل نوار: الأهلي كان قويا رغم الطرد    وزير الرياضة: سنساعد الزمالك وفقا للوائح والقوانين.. وقد نمنحه قطعة بديلة لأرض أكتوبر    انتخابات الأهلي – الغزاوي: التنمية والاستثمار هما هدف المرحلة المقبلة للمجلس    محمد عبد الجليل: يانيك فيريرا أقل من تدريب الزمالك.. وأنا أفضل من زيزو بمراحل    الانتخابات.. تحية للأغلبية وكشفٌ لواقع المعارضة    مصرع شاب وإصابة شقيقه فى حادث تصادم سيارة نقل بدارجة نارية بالمنوفية    وزيرة التضامن تتابع إجراءات تسليم الأطفال لأسر بديلة كافلة    غادة عبد الرحيم تدعو وزارة التعليم لتبني حقيبة "سوبر مامي" لدعم أطفال فرط الحركة وتشتت الانتباه    أكثروا من الألياف.. نصائح فعالة لعلاج شراهة تناول الطعام    السر في فيتامين B12.. أبرز أسباب الإرهاق المستمر والخمول    أسعار الكابوريا والجمبري والأسماك بالأسواق اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025    صلاح يسجل أمام برينتفورد وليفربول يخسر للمرة الرابعة تواليا في الدوري الإنجليزي    بداية شهر من الصلابة.. حظ برج الدلو اليوم 26 أكتوبر    عضو إدارة بتروجت يكشف كواليس انتقال حامد حمدان للزمالك    عمرو أديب: مُهمة التدخل للبحث عن جثث الرهائن فى غزة تظهر قوة مصر وحكمتها    ترامب يؤكد استعداده لخفض الرسوم الجمركية على البرازيل فى ظل الظروف المناسبة    رئيس جامعة المنيا يشارك الاحتفالية العالمية «مصر وطن السلام» بمدينة الفنون بالعاصمة الإدارية    الأزهر للفتوى: الاعتداء على كبير السن قولًا أو فعلًا جريمة فى ميزان الدين والقيم    يوسف زيدان: قصة أبرهة الحبشي غير دقيقة.. واستخدام الفيل لهدم الكعبة تصور غير عملي    خالد الجندي: لو تدبرنا إعجاز القرآن لانشغلنا بالخير عن الخلاف    6 صور ترصد تفاصيل حفل وطن السلام بحضور الرئيس السيسي    جلسة خاصة بمؤتمر الإيمان والنظام تسلط الضوء على رجاء وثبات المسيحيين في الشرق الأوسط    فتح باب التقديم للأجانب بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 25 أكتوبر 2025 في المنيا    قلق عالمي.. الأمير هاري وميجان يدعوان إلى حظر الذكاء الاصطناعي الفائق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد البراءة.. فاروق حسنى: مبارك لم يدرك أن فى يديه كنز اسمه مصر.. نظام مبارك كان يبنى دولة بلا خيال.. وأنا الآن حر بعد 30 سنة سجن.. و«الكسب» فحص كل ورقة وشيك وإيصال عليه توقيعى
نشر في اليوم السابع يوم 24 - 02 - 2013

لم ينتفض ولم يغضب فاروق حسنى حين قالت له الكاتبة حنان شومان إنه من أقدم الفلول تماماً كما لم يكن يغضب حين كنت أختلف معه وأنتقده بعنف يوم أن كان ملء السمع والبصر والسلطة وزيراً للثقافة، وأقدم وزراء نظام مبارك،ذهبت السلطة ولكن بقى فاروق حسنى الفنان غير متشائم فكان لها معه هذا الحديث.
كيف تعيش الآن بعد 30 عاما كرجل فى السلطة؟
- أخيراً أشعر بالحرية بعد أن كنت مسجونا فى الوزارة، ثم مسجونا فى اتهام بالفساد، أجاهد لإثبات براءتى. وأخيراً أنا حر، أقرأ وأرسم وأكتب والتقى بالناس.
دائماً تبدو لوحاتك لغير متذوقى الفن رسما غير مفهومة وغامضة لكن لو طلبت منك الآن أن ترسم لوحة للوطن يفهمها العامة كيف سترسمها؟
- أولاً لوحاتى لا علاقة لها بالفهم، فهى لوحات للإحساس والوجدان، لا يحتاج لشرح. لو كنت أرسم شخوصا أو أماكن من حق الجمهور أن يقول لى «فهمنا». لكن الإحساس لا يشرح. وعودة لسؤالك لا أظن أن هناك أى فنان فى العالم يستطيع أن يرسم العاصفة فى حينها، لكنه يستطيع أن يرسم ملامحها بعد أن تهدأ، نحن الآن فى عين العاصفة، فكيف أرسم ملامح لوطن فى عاصفة. مصر تحتاج الهدوء والراحة حتى نستطيع أن نرسمها ونحلم بها ولها.
البعض يرى لون مصر الآن لونا أسود فكيف تراه وأنت الذى يجيد استخدام الألوان؟
لا أوافق أن أمنح مصر الآن اللون الأسود، فهو من وجهة نظرى لون حضوره طاغيا، وصاحب ملامح قوية كما أنه لون أنيق، لو اخترت لمصر لون الآن سأختار الرمادى، لأنه لون بلا شخصية أو ملامح واضحة هو خليط من ألوان أخرى، فلا الشعب عارف ماذا يريد ولا حكامه يعرفون كيف تسير البلاد، الكل فى حالة لخبطة، مصر الآن بلا ملامح والكل فيها تائه.
كثير من الأعمال الفنية خاصة السينمائية والأدبية قبل يناير 2011 بشرت بثورة مقبلة.. كفنان وليس كمسؤول، هل كنت تتخيل يوماً أن تواجه مع مصر هذا السيناريو؟
- لا لم أتخيل أنى سأحيا فى مثل هذا السيناريو، ولكنى كنت أنتظر الثورة، ولم أتخيل شكلها أو توقيتها، ولا أظن أن أحدا ممن يعيش الآن بما فيه من يحكمنا كان يحلم بما نحن فيه الآن، أما الثورة ذاتها كفعل فكنت أنتظره..اسمعى، أنا واحد من قلب نظام مبارك وأقدر الرجل بشدة لأنه أعطانى فرصة لإنجاز الكثير لمصلحة مصر، ولكنى مدرك تماماً أخطاء النظام الذى كنت جزءا منه. فقد اهتم ببناء بلد وجماد دون أن يهتم ببناء الإنسان، والأصل فى الأوطان البشر، كنت على مدى سنوات أطالب بقيام لجنة للتنمية البشرية من وزارات الإعلام والثقافة والتربية والتعليم والأوقاف والشباب لتتعاون على تربية النشء بالتبادل ولكن لم يستجب لى، وكانت كل وزارة تعمل فى جهة. إهمال الإنسان خطأ كبير، ولا أعفى نفسى من المسؤولية.
لكنى كوزارة لم أكن أستطع إنجاز هذا منفرداً، فأنا بنيت معاقل الثقافة وآلياتها، ولكن المنظومة العامة للدولة لم تكن تهتم بالثقافة، بنيت وطورت المتاحف والمكتبات، فلم تكن هناك غير مكتبة واحدة يوم أن تسلمت الوزارة، بنيت مسارح وطورت أخرى، أقمت دارا للأوبرا فى دمنهور، أنشأت دارا للكتب كانت مجرد إدارة فى هيئة الكتاب. رفعت منح التفرغ للأدباء الشبان من 150 جنيها إلى 1500 جنيه، أعدت لمصر تاريخها وآثارها الإسلامية، وبنيت المتحف الكبير وهو مشروع العمر الذى كان تقريباً انتهى قبل الثورة ولم يتم افتتاحه ليضم كنوز مصر.
حتى لو وافقتك على كل هذه الإنجازات الثقافية تظل الثقافة التى لا تؤثر فى المجتمع والبشر هى ثقافة فوقية لا قيمة لها فى البناء البشرى.. الآن كأننا بلد بلا ثقافة يا من كنت على رأس الثقافة ثلاثين عاماً؟!
- مقولة خاطئة.. فمصر لا تنقصها الثقافة، ولكن تنقصها التربية، والثقافة جزء ضئيل من التربية. فالجزء الأكبر يقع على التعليم ثم يليه الأسرة ثم التقويم الدينى دون مغالاة، فكيف يستقبل الناس الثقافة دون إعداد مسبق من قِبل هذه المؤسسات، فى مجتمع تلغى فيه وزارة التربية والتعليم حصص الرسم والموسيقى والألعاب البدنية لا تحدثينى عن الثقافة وقيمتها ودورها.
تتحدث وكأنك كنت مواطنا عاديا، أنت كنت وزيرا ووزيرا قويا وصاحب أطول حضور فى نظام مبارك.. فلم لم تطلب ذلك التكامل؟
- طالبت كثيراً ولكنى لم أكن صاحب قرار ويد عليا على بقية الوزارات ومؤسسات الدولة، وسأعطيك مثالا فقد طالبت بإنشاء لجنة دينية تجمع بين كبار المثقفين الإسلاميين والمسيحيين، بهدف محاربة التطرف الدينى ضد الفن والثقافة، هوجمت لمجرد طرح الفكرة وقالوا لى ستفتح علينا أبواب جهنم وحتى من بعض المثقفين ذاتهم.
كنت وما زلت تقول إن أهم إنجازاتك ترميم واكتشاف الآثار وبناء المتاحف ورغم هذا فأكبر عمليات لسرقة وتهريب الآثار تمت فى العصر الذى كنت تحكم فيه؟!
- طول عمر الآثار بتتهرب من مصر وتهريبها للعالم كان بالقانون حتى منعته أنا، فحتى عام 1982 كان فى المتحف المصرى إدارة للتصدير ومزادات للقطع الأثرية، وكان القانون يمنح بعثات التنقيب نصف ما يتم اكتشافه، فأصدرت فى عام 1983 قانونا بتخفيض النسبة إلى 10% ثم فى عام 1987 ألغيت النسبة تماماً، وأعلنت لمجموعات التنقيب أن مجرد سماحنا لهم بالتنقيب واكتشاف الآثار فى حد ذاته يعد مكافأة على الاكتشاف لأنهم ينالوا درجات علمية فى مقابله.
الآثار فى عهد وزارتى تمت صيانتها وأطلقت على جريدة لوموند الفرنسية لقب وزير أبو الهول، لأنى فى بداية تولى وزارة الثقافة كان يتم ترميم أبو الهول فذهبت لأتابع عملية الترميم، فكاد أن يغمى على مما فعلوه به، كانوا قد أفسدوه تماما بالأسمنت ويكاد أن يتم تدميره لا ترميمه، فأرسلت إلى المثال العالمى المصرى آدم حنين، وكان يقيم فى باريس وطلبت منه الحضور ليتولى الترميم، فقال لى هو أنا مجنون لاقترب من أبو الهول، ولكن حين ذهب لرؤيته لطم حرفيا وظل يسب فيمن قام بهذا العمل وطلب منى رسوما تشريحية للتمثال منذ بداية القرن، فأحضرتها من مكتبة الكونجرس وساعده المثال محمود مبروك لإنقاذ أبو الهول، ولو لم أفعل شيئاً سوى هذا الإنجاز للآثار ومصر لكفانى فخراً.
وبماذا يشعر وزير أبوالهول حين يسمع ويشاهد على الشاشات بعض الدعوات التى تنادى بهدمه والتماثيل الأثرية لأنها أصنام؟
- هدم التماثيل أو حتى مجرد الحديث عن هدمها وأنها أصنام كفيل بنهاية كلمة من ثلاث حروف م ص ر، وأننا تحولنا إلى شعب همجى بلا أصل، وهى تشبه حالة إنسان يقرر أن يتخلص من كل عائلته وجذوره بالقتل فيتحول إلى لقيط بلا جذور، ولو تم سيكتب التاريخ أننا أكثر الشعوب إجراماً فى حق البشرية. لكنى أتصور أن هذه مجرد أحاديث وأحداث عارضة ستزول، وحتى نزع تمثال طه حسين وتغطية رأس أم كلثوم هى أفعال من ناس لديها لوثة دينية، ولكنى أتصور أن هذه الأعراض ستختفى عندما يفيق كل من له سلطة دينية أو سياسية أو حتى اجتماعية وتعود العقول إلى صوابها.
كانت لوحاتك تباع كما يقال بأسعار عالية جدا لا تتناسب مع قيمتها الحقيقية لأنك وزير، كنوع من المجاملة يشوبها فساد.. فهل مازالت تباع بنفس القيمة؟
- رسمت 80 لوحة على مدى عامين وطول عمر لوحاتى تباع غالية حتى قبل الوزارة، سواء خارج مصر أو داخلها، منذ كنت أعيش فى روما ولى وكيل أعمال إيطالى، ومنذ الثورة دعتنى دول كثيرة لإقامة معارض فيها، ولكنى لم أكن أستطيع السفر لأنى كنت ممنوعا من السفر، أنا اللى عملت للفن التشكيلى فى مصر سعرا، وأسعارى كانت أغلى من أى رسام آخر حتى قبل الوزارة، لوحاتى عُرضت فى أهم متاحف العالم فى اللوفر والمتحف القومى بفينا وهيوستون وروما والمتروبوليتان، وكتب عنى أهم نقاد للفنون فى العالم فهل كل هؤلاء يهتمون ويقتنون لوحاتى لأنى وزير مصرى، الوزارة سرقت عمرى وفلوسى فقبل الوزارة كنت أمتلك حصة من مركبتين سياحيتين 25% و30% ولأنى أهملتهما بسبب الوزارة صارت حصتى فيهما يوم خرجت 10%، الكسب غير المشروع فحص كل ورقة وشيك وإيصال عليه اسمى، والمحكمة أعلنت براءتى ولكن مازال موجودا من يتمنى أن أكون مدانا.
كنت أقدم وزير ارتبط بنظام مبارك ولذا فأنت أكثر من ينطبق عليك عبارة الفلول وقد تكون أقدم الفلول.. هل تثير غضبك هذه الكلمة كما تفعل مع البعض؟
- لا على الإطلاق لأننى لم أفعل بسلطتى فسادا، وقدمت الكثير من أجل مصر، ولو أن كلمة فلول تنطبق على، إذن سيتمنى كل شخص أن يكون فلولا.
كان من المعروف أن لسوزان مبارك وزارات تخصها تعين فيها من تراه وتقيل من تغضب عليه مثل وزارة الصحة والثقافة والإعلام.. وكان يتردد أن قوة علاقتك بها هو ما أبقى عليك وزيراً طوال تلك الفترة برغم توالى الوزارات وتغييرها؟!
- حين توليت الوزارة كان عمرى 44 عاماً وكنت أصغر وزير تولى هذا المنصب، ولهذا كنت أكثر الوزراء قدرة على الحلم، خاصة أننى أتيت من عالم الفنون، مبارك كان متمسكاً بى لأنى كنت أنفذ كل المشروعات والأحلام دون أن أكلفهم شيئا، وفى النهاية ينسب العمل له كحاكم للبلاد، فكل مشروعات الترميم وبناء المتاحف والمكتبات والمسارح مثل الجمهورية وأوبرا دمنهور وغيرها عملت على تمويلها ب10% فقط من دخل الوزارة، دون أن أكلف الموازنة مليما أكثر مما هو مقرر فى الموازنة العامة، غير أنى لا أستطيع أن أنكر أن علاقة العمل التى جمعتنى بالسيدة سوزان مبارك كانت جيدة جدا، وكانت من عوامل تأكيد مكانتى، فهى كانت مهتمة بصناعة الكتاب وبالثقافة ورأت فى عملى مصلحة مضافة لمصر وليس لها، أكون كاذبا وقاسيا لو أبخست حق هذه السيدة فى كثير من المشروعات ذى المنفعة العامة، كانت تعمل ما تراه فى مصلحة مصر وهذا ما لها للإنصاف، أما ما عليها فأظن أنها كانت تدعم توريث جمال لحكم مصر.
مصر وحتى العالم كان يتحدث عن التوريث فى البيت الرئاسى فكيف بوزير لصيق بهذا البيت يقول أظن أنها كانت تدعم التوريث؟!
- لم أكن يوماً عضواً فى الحزب الوطنى، ولم أكن بالتالى على علاقة بأمانة السياسات، ولم يكن أعضاؤها على وفاق بالأساس معى، وأنت تسألينى لشهادة موثقة، فهى أبداً لم تذكر مثل هذا الشىء معى، والكل كان يعلم أنى ضد الفكرة ورأيى مسجل فى العديد من البرامج مع محمود سعد وخيرى رمضان وعمرو الليثى أنى كنت ضد التوريث، وأذكر للتاريخ أنى كنت فى رحلة مع مبارك فى طائرة صغيرة ويصحبنا زكريا عزمى وصفوت الشريف سألته صراحة عما يتردد بشأن التوريث فقال بالحرف الواحد: هو أنا مجنون علشان أودى ابنى فى التهلكة.
هل التقيت مبارك أو زوجته منذ اندلاع ثورة يناير أو حتى اتصلت بهما؟
- طوال أيام الثورة لم يحدث أى اتصال ولكن بعد أن ذهبوا إلى شرم الشيخ اتصلت أطمئن على الرئيس وعائلته ولكنى لم أتحدث له، وحاولت أن أتحدث للسيدة سوزان للاطمئنان عليها انسانيا ولكنها مختفية حتى عن أقرب صديقاتها، ولم أستطع التواصل معها فهى فضلت الاختفاء وأنا احترمت رغبتها.
جلال الشرقاوى منذ أيام قليلة اتهمك ونظام مبارك بأنك كنت السبب فى قتل المسرح المصرى لأنك كنت تؤازر، حسب ما قال، المسرح التجريبى الذى يعتمد على لغة الجسد على عكس مسرح الكلمة والفكر.. فبم ترد عليه؟
- الشرقاوى هو آخر واحد يتحدث عن المسرح وقيمه، لأن مسرحه ليس مسرحاً، والأهم أن وجوده جريمة فى حق الوطن، فهو مغتصب وأفسد جوهرة من آثار مصر، وهو معهد الموسيقى العربية ولا يجب انتهاك الحديقة التى ضمت أم كلثوم وبيرم التونسى وعبدالوهاب وعمالقة الفن لأى سبب وبحجة بناء مسرح قبيح، جلال الشرقاوى لا يخرج بعقله ولا عينيه خارج مسرحه، وأتمنى أن يتبنى مثقفو مصر وشبابها حقهم فى التراث المغتصب باسم مسرح فج.
كأقدم وزير فى نظام مبارك الذى ثار عليه الشعب.. ما هى الخطيئة الكبرى التى اقترفها هذا النظام فى حق مصر؟
- هو نظام كان يبنى دولة بلا خيال ولم يهتم ببناء الإنسان، لم يدرك النظام حتى وهو يبنى الدولة أن فى يديه كنزا غير محدود اسمه مصر، فحتى خيراتها من وجهة نظره كانت محدودة، وسأعطيك مثالاً، فمنذ عشرين عاما قدمت لمجلس الوزراء مشروعا متكاملا وأطلقت عليه النيل الجديد وهو لطريق برى من الشمال للجنوب يسير بمحاذاة النيل ويبتعد قليلا، وهو مشروع من شأنه أن يشجع سياحة الأفراد بدل الاكتفاء بسياحة المجموعات، وهو مشروع كفيل بإحياء الصعيد وخلق ملايين من فرص العمل، ومن فرط ما تحدثت عنه دون مجيب كلمت مبارك شخصياً فقال لى يا فاروق أنت سخنان علينا كده ليه!
من لم يدخل السجن من نجوم نظام مبارك بعضهم هرب، فهل حاولت الهرب ولم تنجح أم أنك لم تكن خائفاً؟
- ولماذا أهرب، ولكن على فكرة أسهل حاجة فى مصر الهروب لو كنت أريد ولكنى لم أفكر أو حتى أحاول، ارتباطى بالبلد أكبر من ارتباطى بأى نظام، ثم أنى لم أخف لأنى برىء من الفساد، والآن بعد أن ظهرت براءتى بحكم محكمة دامغ وبعد تحقيقات مطولة تأكد للجميع أنى كنت على صواب. ولن أهاجر لأى مكان، قد أسافر هنا أو هناك لمعرض ولكنى دائماً سأعود فهنا جذورى.
فرضية خيالية ولكنى أطرحها عليك، لو طلبت منك حكومة الإخوان بعضا من لوحاتك مثلاً لتضعها فى مكان عام هل تقبل أن تمنح لوحاتك دون مقابل لهم؟
- طبعا دون تفكير لأنها ستكون لمصر وليس لهم، فالأشياء القيمة نمنحها للوطن حتى لو طلبها الشيطان، أنا فى الأصل وحتى قبل الثورة كنت متنازلا عن بيتى لمصر.
شباب مصر يمثل 64% من سكانها وهم أصحاب الثورة على نظام أنت كنت جزءا منه، فماذا تقول لهم؟
- أقول لهم هذا الوطن ملككم، أنتم أصحابه، أما نحن فقد رحلنا وعمرنا ورائنا، ابحثوا عن هوية الوطن مصر وتمسكوا بها ولا تجعلوا أحدا يشككم فيها لأنها الأصل، وأنتم ستكونوا بناة الوطن ولتنجحوا فيما فشلنا نحن فيه.
انتهى حوارى مع فاروق حسنى الوزير الذى كان دائماً موضع الهجوم ثم صار مواطناً ومسؤولا سابقا فى موضع اتهام ثم أخيراً الفنان الذى ينتظر حكم التاريخ عليه وعلى زمنه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.