تعتبر الأسرة من أهم الوسائط التى تشكل ثقافة الطفل،وهى النواة الأولى لبناء المجتمع، وحجر الزاوية فى تحديد ملامح هذا المجتمع، فعن طريق العلاقات الأسرية يتعلم الأطفال تراث مجتمعهم الثقافى والاجتماعى الذى يشكل هوية ثقافتهم، فالأسرة هى المسئولة عن غرس معانى الوطنية والانتماء والولاء فى أطفال اليوم وشباب الغد وشيوخ المستقبل . ومن هنا إذا أردنا مجتمعا سليما ونشئا سويا، وشبابا واعيا وقادرا وشيوخا حكماء وأسرة غير مفككة، وصممنا على مواجهة الظواهر السلبية التى تنخر فى المجتمع مثل الإدمان والبلطجة والزواج العرفى والخناقات الأسرية، والغش والطمع واللامبالاة والكذب، وصممنا على صناعة معلم مؤهل وطبيب ناجح ومهندس عبقرى وسائق خلوق وتاجر أمين، وسياسى مخلص ومسئول محب لبلده، فعلينا النظر إلى بداية صناعة المجتمع وهى الأسرة. فهل الأسرة المصرية قادرة الآن على مواكبة العصر؟ وهل هى مؤهلة تربويا وثقافيا لتربية أطفالها؟، وهل تستطيع أن تجارى أطفالها ثقافيا وتقنيا فى ظل ثورة التكنولوجيا حاليا؟ ومن هنا تأتى دور الجامعة الشعبية، فالجامعة الشعبية هى عبارة عن مجموعة من المراكز التربوية التى يذهب إليها الآباء والأمهات ليتعلموا فيها أصول التربية السليمة والصحيحة، ومن أجل التثقيف الغذائى والصحى والثقافة الاجتماعية، وبرامج الحياة الأسرية السليمة والتربية الدينية والاقتصادية الدقيقة، وتكون هذه المراكز موجودة فى مختلف أنحاء الجمهورية، يدخل فيها الآباء والأمهات، ويتعلموا كيف يربوا أطفالهم، وكيفية صناعة الموهبة لأطفالهم وتنمية الإبداع لديهم، ويتعلموا كيف يواجهوا مشاكل أطفالهم النفسية والبيولوجيا فى مراحل النمو المختلفة بشكل علمى وتربوى سليم. وأن هذا المطلب ليس بجديد، بل أنه مطبق فى دول أوربية أرادت التحضر لا الجمود والتقدم لا التخلف، يدركون قيمة الإنسان، ويجيدون صناعة البشر. فنحن الآن وبعد ثورة عظيمة نريد أن نخلق مجتمعا مصريا مثقفا متعلما مبدعا، نكتشف مواهبه، ونقضى على مظاهر الفوضى فى التعليم والصحة والإعلام وفى كل جنبات المجتمع، وأن هذا لا يتأتى فقط بالاهتمام بالنشء وتعليمهم، ولا بالإصلاح السياسى والاقتصادى فقط وإنما، بتعليم وتثقيف وتوعية الأسرة المصرية التى هى نواة المجتمع الأولى.