من الدبلوماسية إلى الاقتصاد.. مصر تواصل كتابة فصول جديدة من الريادة في المحافل الدولية    ريال مدريد يحول سانتياجو برنابيو إلى مدينة للملاهى خلال الكريسماس    الحكومة تنشر صور من قافلة زاد العزة ال 62 إلى غزة    الأب القدوة بالدقهلية.. قصة إنسان كرمته الدولة فبكى من السعادة (فيديو)    بث مباشر لحفل افتتاح المتحف المصري الكبير على شاشات جميع المطارات المصرية    رسميًا بعد قرار الفيدرالي.. هبوط سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 31-10-2025    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الذهب اليوم الجمعة 31-10-2025 في الصاغة    أسعار الدولار يوم الجمعة 31 أكتوبر 2025 .. اعرف بكام؟    النيابة الإدارية تختتم البرنامج التدريبي لأعضاء الهيئة حول مكافحة الفساد    وزارة التضامن: إطلاق مشروع وطني لتوطين صناعة الأطراف الصناعية بشراكة مع ألمانيا    أخر ساعتك 60 دقيقة، بدء العمل بالتوقيت الشتوي في مصر 2025 رسميا    جيش الاحتلال: على حماس الالتزام بالاتفاق وإعادة جثث الرهائن دون تأخير    لأول مرة.. «القاعدة» على مرمى حجر من حكم دولة    اللجنة المصرية بغزة تفتتح مخيما للأطفال للأيتام    أحمد حسن: نريد رباعي بيراميدز ولكن بهذا الشكل لن يتواجد معنا.. وهذا ما أربك المواعيد    «لو منك أبطل».. رضا عبدالعال يفتح النار على نجم الزمالك بعد التعادل مع البنك الأهلي    كرة السلة .. انطلاق الموسم الثالث لدوري NBA بالقاهرة    النصر يستعيد خدمات بروزوفيتش قبل لقاء الفيحاء في الدوري السعودي    السد يكتسح الريان بخماسية في كلاسيكو قطر    في غياب حجازي.. نيوم يعود للانتصارات بفوز شاق على الخلود    أول تعليق من وزير الرياضة بعد إنجاز شباب اليد    تأييد حكم الإعدام على المتهم في واقعة الريف الأوروبي.. صور    أخبار × 24 ساعة.. بدء صرف المعاشات غدًا السبت 1 نوفمبر 2025    ميرهان حسين بإطلالة فرعونية احتفاءً بافتتاح المتحف المصري الكبير    هزمت السرطان وتحدت الأطباء بالإنجاب.. 25 معلومة عن شريهان النجمة المحتملة لافتتاح المتحف المصري الكبير    4 أبراج يواجهون امتحانا صعبا.. الثبات مفتاحهم والعزيمة سلاحهم ويتخذون قرارات حاسمة    معلومات الوزراء ينشر فيديو لوكالة الفضاء المصرية يوثق مراحل بناء المتحف الكبير    بعد معاناة المذيعة ربى حبشي.. أعراض وأسباب سرطان الغدد الليمفاوية    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى بني سويف التخصصي ويوجه بتكليف فريق مختص لخدمة المواطنين وتوفير الأدوية (صور)    مقتل شخص بطلق ناري في الرأس بظروف غامضة بأسوان    مواعيد تشغيل المترو والقطار الكهربائي مع بدء تطبيق التوقيت الشتوي    محافظ المنيا يفتتح ميدان النيل بعد تطويره| صور    بتوجيهات شيخ الأزهر..انطلاقة جديدة وتوسُّع لمدرسة «الإمام الطيب» للقرآن الكريم للطلاب الوافدين    ننشر أسماء المصابين في حادث انقلاب ميكروباص علي طريق أسوان الصحراوي الغربي    من قلب التاريخ يبدأ المستقبل.. فودافون مصر الشريك التكنولوجي للمتحف المصري الكبير    أمين الفتوى يوضح حكم وثواب قيام الليل    موظف بالمعاش يتهم خادمته بسرقة مشغولات ذهبية من فيلته ب6 أكتوبر    الأوقاف تُطلق (1010) قوافل دعوية بمراكز الشباب على مستوى الجمهورية    شاهد|«المجلس الصحي المصري»: إطلاق الدلائل الإرشادية خطوة تاريخية لحماية المريض والطبيب    تناولها بانتظام، أطعمة تغنيك عن المكملات الغذائية الكيميائية    لا فرق بين «الطلاق المبكر» والاستقالات السريعة داخل الأحزاب    خالد الجندي: افتتاح المتحف الكبير إنجاز عظيم للرئيس السيسي    محافظ الغربية يرفع يوجه بسرعة تجهيز الشاشات في الميادين استعدادا لحفل افتتاح المتحف الكبير    300 شاحنة مساعدات تغادر معبر رفح البري لدعم الشعب الفلسطيني بقطاع غزة    تأجيل محاكمة البلوجر أم مكة بتهمة بث فيديوهات خادشة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في محافظة الأقصر    مدمن مخدرات.. القبض علي مسجل اعتدى بالضرب علي شخص وزوجته بالعمرانية    المشدد من 3 إلى 15 سنة ل4 متهمين بحيازة أسلحة نارية وذخائر بشبرا الخيمة    وزير الصحة: أصدرنا حتى الآن أكثر من 115 دليلًا إرشاديًا فى مختلف التخصصات الطبية    «يوم الوفاء» محافظ أسيوط يكرم أسر الشهداء وقدامى المحاربين    الرئاسة تكشف تفاصيل لقاء السيسي ب رئيس مجلس الوزراء الكويتي    مبادئ الميثاق الذى وضعته روزاليوسف منذ 100 عام!    بث مباشر.. مشاهدة مباراة بيراميدز والتأمين الإثيوبي في دوري أبطال إفريقيا 2025    والد أطفال ضحايا جريمة فيصل: سأحاسب كل من أساء لسمعتنا    عندما قادت «روزا» معركة الدولة المدنية    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في الشرقية    روزاليوسف تكتب ل"السادات" وثيقة ثورة التصحيح    دبلوماسية الصحافة!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما بين صناعة الفزع وتجارة الخوف
نشر في اليوم السابع يوم 20 - 02 - 2013

بشفتين مجعدتين لم تنجح أكثر من خمس عشرة عملية تجميل فى إعادة رونقهما تحدثت. وبصوت واهن قالت: «كان عمرى فى ذلك الحين 12 عاماً، وكان ذلك اليوم صحواً، فجأة رأيت صاعقة من البرق أو ما يشبه عشرات الآلاف من الصواعق تومض فى لحظة واحدة، ثم دوّى انفجار هائل، بعدها ساد المكان ظلام دامس، وعندما أفقت وجدت شعرى ذابلاً، وملابسى ممزّقة، وكان بعض جلدى يتساقط عن جسدى، ولحمى ظاهر وعظامى مكشوفة. الجميع كانوا يعانون من حروق شديدة، وكانوا يبكون ويصرخون. هكذا كانت شهادة امرأة يابانية من القلائل الذين نجوا من انفجار «هيروشيما». أو ما يعرف بقنبلة «الولد الصغير» كما سمَّاها صانعوها.
الأمر لم يبدأ فى ذلك اليوم بل بدأ قبله بأعوام، وتحديدًا قبله بست سنوات وأربعة أيام، بدأ بمجرد رسالة مكتوبة، خطها أحد أكثر عقول القرن العشرين عبقرية، وأرسلها بإيعاز من عبقرى آخر إلى رئيس تلك الدولة القوية. وذلك العبقرى الآخر هو «ليو زيلارد» أحد أهم العقول الفيزيائية فى العالم فى ذلك الوقت، والذى جمعته ب«أينشتاين» صداقة قديمة، نجح من خلالها «زيلارد» فى تخويف «أينشتاين» وبث فى نفسه أن النازيين على وشك الوصول إلى طريقة عملية لتحويل معادلته العبقرية إلى سلاح بشع. ذلك الخوف والهلع دفع «أينشتاين» لتحذير الرئيس الأمريكى «فرانكلين روزفلت» فى رسالة شاركه فى صياغتها «زيلارد»، ناصحًا الإدارة الأمريكية بالتقاط زمام المبادرة والبدء فى صناعة ذلك السلاح المدمر.
وبالفعل بدأ مشروع «مانهاتن» وتمكن الأمريكيون من تصنيع القنبلة. لكن ألمانيا النازية استسلمت ولم تتمكن من تصنيع القنبلة، وصار استسلام الإمبراطور اليابانى «هيروهيتو» مسألة وقت، وانتهت الحرب العالمية الثانية فعليًا. وزال الخوف أو كاد. لكن آثاره لم تزل. لم يقاوم الأمريكيون إغراء القوة الغاشمة والحسم السريع والمبهر للحرب، وربما تجربة السلاح الجديد على البشر بعد أن جربوه على الجمادات، وأُلقى «الولد الصغير» على اليابان. فى ثوانٍ معدودة قُتل سبعون ألف إنسان ومثلهم أو أضعافهم لقوا حتفهم على المدى البعيد، بسبب الآثار المدمرة لقنبلة «هيروشيما»، التى تبعتها بعد أيام قنبلة «الرجل البدين» كما أسموها التى كانت من نصيب سكان «نجازاكى»، نظرًا لغيوم كثيفة جعلت قائد الطائرة التى حملت القنبلة يغير وجهته ويلقيها على رؤوس أهل «نجازاكى» بدلا من مدينة «كوكورا» كما كان مقررًا لها. ربما كانت ألمانيا بالفعل فى طريقها لصناعة القنبلة الذرية لكنها فى النهاية لم تفعل، ولم يعد للخوف مبرر. لكن تجار الخوف لابد أن يكملوا تجارتهم ويجنوا أرباحهم، وقد كان. «لو علمت أن المطاف سينتهى بأبحاثى لهذه النتيجة لفضلت أن أكون صانع أقفال» هكذا قال «أينشتاين» بعد أن رأى ما فعله «الولد الصغير» و«الرجل البدين»، وهكذا ندم. لكن ندمه الذى أعلنه مرارًا واعترافه بخطأ الرسالة التى أرسلها لروزفلت لم يغير شيئًا من واقع أن رسالته كانت البداية لكل ما حدث، والمحرك الأول لذلك الدمار الشامل الذى يهدد العالم إلى اليوم. الدمار الذى كان بدايته الخوف.. الخوف الذى قد يكون سلاحًا أشد تدميرًا من القنابل إذا أجيد توظيفه، والبعض يجيد استثمار سلاح الخوف ويتقن التخويف وصناعة «البعبع». ومن خلال الخوف يستطيعون التحكم فى أتباعهم، وعن طريق التخويف يتمكنون من قيادتهم، وبالتفزيع يمكن التغاضى عن أى شىء وعن كل شىء. والإنسان خُلق هلوعًا بطبعه، ومن ثم تكون المهمة أسهل على كل من اتخذ التخويف سبيلاً للسيطرة، فتارة يكون التخويف من المؤامرة، وتارة أخرى يكون التخويف بالفزاعات والأشباح القادمة. وتحت ستار الخوف يحدث كل شىء ويُقبل أى شىء. حتى لو ثبت بعد ذلك أنه لم يكن خوفًا فى محله، أو لم يكن مبررًا كافيًا لما ترتبت عليه من آثار ونتائج، ومهما ندم من كانوا حطبًا لنيران الخوف، فإن آثاره تبقى، والمتاجرون به هم وحدهم من يجنون أرباحه، بينما يتجرع من انساقوا خلفه مرارات آلامه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.