فى الذكرى الثانية لثورة 25 يناير، التى يجب أن نفتخر بها جميعا بكل فصائلنا السياسية، نحاول أن نستعيد ولو جزءا بسيطا من روح الثورة لعله يعيدنا إلى ائتلاف القلوب مرة أخرى. ورغم كل ما تمر به البلاد من حالة عدم استقرار وما يترتب عليها من نتائج الكل يعلم بها جيدا إلا أننى أرى أننا كعصفور تم حبسه مدة طويلة فعندما تفتح له أبواب سجنه تجده منطلقا لا يعرف إلى أى جهة يسير ولكن كل ما يعيه تماما أنه حر ولا أحد يستطيع سلب حريته مرة أخرى لذلك يوما ما وربما قريبا ستنجلى هذه الفرقة وعلى الأقل بين صفوف الشعب. وهذه الذكرى هى ذكرى الحرية التى نالها شعب عنيد عاشق لما يسمى الحرية وفى بعض الأحيان يخونه تقديره ويتعدى سقفها ولكن فى النهاية يحقق ما يتمناه وهذا هو الأهم. واحتفالنا اليوم سيكون بعقد مقارنة بسيطة بين واقعتين تاريخيتين إحداهما فى الستينيات من القرن الماضى والآخر من العام قبل الماضى وكلاهما بلا شك أثر تأثيرا كبيرا فى تاريخ مصر. والواقعتان هما تنحى الزعيم جمال عبد الناصر وتنحى العقيم حسنى مبارك. أولا تنحى الزعيم جمال عبد الناصر: ونبدأ اولا بدوافع التنحى .. فى عام 1963 قام ناصر بإرسال جزء من القوات المسلحة المصرية إلى اليمن لمساعدة الثورة فيها، على مواجهة النظام الملكى الإجرامى ووصلت هذه المساعدات فى بعض الأحيان إلى جزء كبير من القوات المسلحة المصرية. -وفى عام 1967 جاءت تقارير واتصالات من سوريا توضح أن إسرائيل بدأت تعبئة جيشها لحرب متوقعة ضد سوريا، وأكد له السوفيت هذه المعلومات فكان لابد من رد حتى لا يترك السوريين وحدهم تحت مدافع اليهود فتم دفع جزء من القوات المصرية إلى سيناء ولم يكن فى الخطة أن تنشب حرب ولكن كما قال إنها كمظاهرة كبرى للضغط على إسرائيل للتراجع وقرر إغلاق خليج العقبة فى وجه الملاحة الإسرائيلية وعلى غير المتوقع سحبت إسرائيل جيشها من الجنوب إلى الشمال ناحية سيناء وهنا أصبحت الحرب على المحك وجزء كبير من قواتنا فى اليمن ولم يكن هناك خيار آخر لأن هذه هى فرصة اليهود لتحقيق نصر على ناصر وحدث ما حدث، وهزمت قواتنا وتم الاستيلاء على سيناء. فخرج ناصر معلنا للجماهير تحمله الكامل للمسئولية وتنحيه عن منصب رئيس الجمهورية وتكليف زكريا محيى الدين بتولى الرئاسة. وهذا ما رفضه الشعب المصرى بل والعربى من المحيط إلى الخليج وطالب ببقاء ناصر رئيسا للجمهورية. ثانيا- تنحى العقيم حسنى مبارك... - لم يكن هناك دافع لتنحى مبارك ولكن كان هناك الآلاف الدوافع لإجباره على التنحى من الفقر والظلم، الذى تفشى فى كل معالم الحياة حتى جعلها ملساء ليس لها معالم مظلمة ليس بها بقعة مضيئة جرداء ليس لها أمل فى الحياة ولا حتى الماء. - لذلك خرج الشعب بكل طوائفه فى مثل هذا اليوم ليعبر عن غضبه وعندما قابل هذا التعبير كرباج الجلادين انتفض الشعب وقامت ثورة شعبية أجبرته على الرحيل. - وظل الملايين من الشباب والأطفال والشيوخ والنساء مرابطين فى الميادين المصرية 18 يوما حتى جمعة الغضب وموقعة الجمل الذين كانوا كفيلين برحيل النظام من شدة غضب وسخط الشعب. - يوم التنحى فى 11 فراير 2011 لم يكن مبارك بالجراءة الكافية لكى يلقى خطاب التنحى على الشعب بنفسه، ولكن ألقاه نائبه عمر سليمان رئيس المخابرات وكلف القوات المسلحة بتولى مسئولية البلاد. وهذا هو الفارق بين زعيم وعقيم.. الزعيم كان لديه ثقة فى جماهيره كما كان لجماهيره ثقة به.. أما العقيم فما كان له إذا ألقى خطاب التنحى إلا القذف بالحذاء جزاء ما فعل فى البلاد على مدار 30 عاما. وكذلك اتضح أن من يعطى حياته للحق وللشعب يعطيه الشعب ما لم يتوقعه.