منها سم النحل.. أفكار طلاب زراعة جامعة عين شمس في الملتقى التوظيفي    إزالة عدد من مخالفات البناء بالقاهرة الجديدة    أسعار النحاس اليوم الجمعة 17-5-2024 في السوق المحلي    نحو دوري أبطال أوروبا؟ فوت ميركاتو: موناكو وجالاتا سراي يستهدفان محمد عبد المنعم    لاعبو الأهلي يؤدون صلاة العشاء باستاد رادس بتونس (صور)    اليوم، أولى جلسات محاكمة الفنانة انتصار بتهمة الشهادة الزور    اليوم، انطلاق امتحانات الشهادة الإعدادية 2024 بالجيزة    سرقة محتويات مكتب تموين العجمي بالكامل    عمرو دياب يشعل حفل زفاف ريم سامي (فيديو)    طرق التخفيف من آلام الظهر الشديدة أثناء الحمل    أكثر من 1300 جنيه تراجعا في سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 18 مايو 2024    خبير اقتصادي: إعادة هيكلة الاقتصاد في 2016 لضمان وصول الدعم لمستحقيه    ماسك يزيل اسم نطاق تويتر دوت كوم من ملفات تعريف تطبيق إكس ويحوله إلى إكس دوت كوم    "الذهب في الطالع".. خبير اقتصادي: يجب استغلال صعود المعدن الأصفر    خالد أبو بكر: مصر ترفض أي هيمنة إسرائيلية على رفح    «الغرب وفلسطين والعالم».. مؤتمر دولي في إسطنبول    الاحتلال يحاول فرض واقع جديد.. والمقاومة تستعد لحرب استنزاف طويلة الأمد    وزارة الصحة الفلسطينية: شهيد و6 إصابات جراء غارة إسرائيلية على منزل بجنين    فيضانات تجتاح ولاية سارلاند الألمانية بعد هطول أمطار غزيرة    محكمة الاستئناف في تونس تقر حكمًا بسجن الغنوشي وصهره 3 سنوات    وسط حصار جباليا.. أوضاع مأساوية في مدينة بيت حانون شمال غزة    مسؤول: واشنطن تُجلي 17 طبيبًا أمريكيًا من غزة    «البوابة» تكشف قائمة العلماء الفلسطينيين الذين اغتالتهم إسرائيل مؤخرًا    إبراشية إرموبوليس بطنطا تحتفل بعيد القديس جيورجيوس    خالد بيومي: هذه نقاط قوة الترجي.. وأنصح كولر بهذا الأمر    اللجنة المشرفة على انتخابات نادي مجلس الدولة تعلن التشكيل النهائي(صور)    بالأسماء.. كولر يستقر على تشكيل الأهلي أمام الترجي    موعد مباراة الأهلي والقنوات الناقلة بنهائي دوري أبطال أفريقيا.. معلق وتشكيل اليوم وتاريخ المواجهات    أزمة في المنتخب الأولمبي قبل الأولمبياد (مستند خاص)    أستاذ علم الاجتماع تطالب بغلق تطبيقات الألعاب المفتوحة    ب الأسماء.. التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي مجلس الدولة بعد إعلان نتيجة الانتخابات    البابا تواضروس يلتقي عددًا من طلبة وخريجي الجامعة الألمانية    استعدادات المواطنين لعيد الأضحى 2024: البحث عن أيام الإجازة في القطاعين الحكومي والخاص    "دلوقتي حالًا".. مباشر جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya في محافظة القاهرة    إصابة 6 أشخاص بطلقات نارية في معركة خلال حفل زفاف بأسيوط    سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه في بداية الأسبوع والعملات العربية والأجنبية السبت 18 مايو 2024    حظك اليوم برج الجدي السبت 18-5-2024 مهنيا وعاطفيا    هاني شاكر يستعد لطرح أغنية "يا ويل حالي"    «اللي مفطرش عند الجحش ميبقاش وحش».. حكاية أقدم محل فول وطعمية في السيدة زينب    حظك اليوم برج الدلو السبت 18-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    "الدنيا دمها تقيل من غيرك".. لبلبة تهنئ الزعيم في عيد ميلاده ال 84    عايدة رياض تسترجع ذكرياتها باللعب مع الكبار وهذه رسالتها لعادل إمام    دار الإفتاء توضح حكم الرقية بالقرأن الكريم    ارتفاع سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 18 مايو 2024    دراسة: استخدامك للهاتف أثناء القيادة يُشير إلى أنك قد تكون مريضًا نفسيًا (تفاصيل)    حدث بالفن| طلاق جوري بكر وحفل زفاف ريم سامي وفنانة تتعرض للتحرش    "الصدفة خدمتهما".. مفارقة بين حارس الأهلي شوبير ونظيره في الترجي قبل نهائي أفريقيا    الأرصاد تكشف عن موعد انتهاء الموجة الحارة التي تضرب البلاد    انطلاق قوافل دعوية للواعظات بمساجد الإسماعيلية    هل يمكن لفتاة مصابة ب"الذبذبة الأذينية" أن تتزوج؟.. حسام موافي يُجيب    فيديو.. المفتي: حب الوطن متأصل عن النبي وأمر ثابت في النفس بالفطرة    علماء الأزهر والأوقاف: أعلى الإسلام من شأن النفع العام    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة للرزق.. «اللهم ارزقنا حلالا طيبا»    محافظ أسيوط ومساعد وزير الصحة يتفقدان موقع إنشاء مستشفى القوصية المركزي    موعد عيد الأضحى المبارك 2024.. بدأ العد التنازلي ل وقفة عرفات    فريق قسطرة القلب ب«الإسماعيلية الطبي» يحصد المركز الأول في مؤتمر بألمانيا    الاتحاد العالمي للمواطن المصري: نحن على مسافة واحدة من الكيانات المصرية بالخارج    «الإفتاء» تنصح بقراءة 4 سور في يوم الجمعة.. رددها 7 مرات لتحفظك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مساعد رئيس قطاع السجون السابق يفتح خزائن أسرار سجن طره..علاء وجمال مبارك فى زنزانة خيرت الشاطر على سريرين متهالكيْن..وأحمد نظيف وصل خائفاً..وقصة تأدية التحية للسجناء لا أساس لها
نشر في اليوم السابع يوم 22 - 01 - 2013

فى الحلقة الثالثة من شهادته على يوميات رموز النظام السابق فى السجن، يتحدث مساعد رئيس قطاع السجون المصرى السابق اللواء محمد حمدون إلى صحيفة «الحياة» عن وصول نجلى الرئيس السابق علاء وجمال مبارك إلى «طرة» بعدما كان السجن امتلأ بأقطاب النظام حتى أنه لم تعد هناك أسرة مجهزة لاستقبال المزيد منهم، ما دفع إدارة السجن إلى جلب سريرين لنجلى مبارك من مخازن مستشفى السجن وكانا متهالكين، ويكشف أن القدر جعل علاء وجمال يقيمان فى الزنزانة نفسها التى استضافت نائب مرشد «الإخوان» الرجل القوى فى الجماعة المهندس خيرت الشاطر سنوات عدة. ويروى كيف واجه رئيس الوزراء السابق أحمد نظيف أزمة فى زنزانته بسبب طول قامته، ويحكى عن أول لقاء جمع نظيف مع ابنته التى ولدت وهو فى السجن حين بكى وحاول زملاؤه من السجناء تهدئته.
- سُجن رئيس الوزراء السابق أحمد نظيف فى 10 نيسان (أبريل) 2011، كيف عاش أول ليلة خلف القضبان؟
- مساء تلك الليلة جاءنا أحمد نظيف محبوساً على ذمة قضية اللوحات المعدنية بعدما خضع لتحقيقات من جانب النيابة استمرت نهاراً كاملاً. أتى الرجل فى العاشرة مساء ضمن موكب سيارات الترحيلات إلى سجن المزرعة، ودخل حجرة مأمور السجن بقامته الطويلة منكسراً حانى الرأس والجبين. والحق أن الرجل كان مهذباً وظل واقفاً بين يدى المأمور الذى كان ينهى الإجراءات من دون أن يجلس إلى أن قال له: «تفضل اجلس»، فجلس نظيف على استحياء من دون أن يتكلم أو يتلفظ بكلمة واحدة، عيناه تحدثتا بما لم ينطق به فمه، إذ ظهر مستسلماً وإلى حد كبير خائفاً مما ينتظره من مصير، وسرعان ما تم تجهيز مكانه فى إحدى الزنازين الملحقة بالعنبر الرئيسي، وعندما وصل إلى عنبره فوجئ بسرير أقصر من طوله، فعندما تمدد على السرير لاحظ أن رجليه أطول من السرير، فقال لحارسه: «هل يمكن أن تُحضروا سريراً أطول من هذا»، فأبلغه الحارس بأن كل الأسرّة «مقاس واحد»، فاضطر الرجل إلى النوم فى وضع القرفصاء، وفى إحدى «الزيارات» جاءت زوجته ومعها ابنته التى ولدت أثناء وجوده داخل السجن، فبكى نظيف بشدة خصوصاً عند انتهاء وقت الزيارة وسعى كل الحضور من زملائه السجناء بل وحتى زوارهم إلى تهدئته.
أول ليلة لعلاء وجمال مبارك فى السجن
- بعد نظيف بيومين، جاء دور علاء وجمال مبارك، وتعددت روايات عن سجن نجلى الرئيس السابق، بأى حال كانا؟
- مرت أيام أقطاب النظام السابق فى سجن طرة إلى أن جاء يوم 13 نيسان 2011 وقتها تأكدنا أن أحداً لم يعد بعيداً من السجن، وأن كرة الثلج تكبر، وفى ذلك اليوم علمنا فى الصباح أن تحقيقات تُجرى مع الرئيس المخلوع حسنى مبارك داخل مستشفى شرم الشيخ، وكذلك مع نجليه علاء وجمال مبارك فى محكمة شرم الشيخ، بالطبع كانت هناك حال ترقب لقرار النيابة، وفى مساء اليوم نفسه علمنا نبأ صدور قرار بحبس علاء وجمال مبارك وأنه يجرى ترحيلهما من شرم الشيخ إلى سجن المزرعة فى طرة. على الفور قام قطاع السجون فى وزارة الداخلية وإدارة السجن بسرعة بتجهيز الزنزانة، وإذا بالقدر يشاء أن تكون هى الزنزانة نفسها التى سُجن فيها نائب مرشد «الإخوان المسلمين» المهندس خيرت الشاطر. كانت غالبية الأسرة الموجودة فى السجن استعملت ولم يبق شيء منها، وكان لا بد من توفير سريرين حتى ولو من أسرّة المستشفى لنجلى مبارك، فتوجه أفراد الحراسة لإحضار السريرين من مخازن المستشفى، وإذا بهم يحُضرون إلى الزنزانة سريرين قديمين متهالكين عليهما علامات الصدأ والأتربة تكسوهما والأغطية الخاصة بهما، فما كان منى إلا أن نهرت الجنود طالباً منهم تنظيف السريرين قدر الإمكان عملاً بمقولة: «ارحموا عزيز قوم ذل». ومرّ الوقت حتى جاءت الساعة الواحدة صباحاً والكل فى حال من الترقب والانتظار لأكثر من 5 ساعات جرى خلالها نقل الاثنين من شرم الشيخ إلى القاهرة، ووصل نجلا مبارك بطائرة هليكوبتر إلى مطار مستشفى المعادى العسكرى وأحضرتهما سيارات ترحيلات مديرية أمن حلوان وسط حراسة مشددة إلى السجن الذى كان استعد ليلاً لاستقبالهما. كانا منهكين لكنهما أبديا تماسكاً لافتاً، وكان واضحاً أنهما استنفدا جهداً كبيراً فى تحقيقات النيابة، وكانت طبيعية حال الحزن الشديد التى كانا عليها، وبعد الإجراءات الاعتيادية دخلا إلى الزنزانة وهى عبارة عن عنبر يتسع لأسرّة عدة إلا أنهما كانا وحدهما فيه. ورأيتهما صباحاً برفقة وزير الإعلام السابق أنس الفقى وتناولا وجبة الإفطار معه، فى ضيافة هشام طلعت مصطفى، الرجل المتماسك الذى كان يتألم ويتأمل ناظراً إلى عنان السماء من دون إفصاح أو كلام، ولكن عينيه ممتلئتان بالمعانى والعظات وكأنه يتوجه إلى السماء حامداً ربه على ما هو فيه قائلاً سبحان المعز المذل.
حين كنت ماراً أمام العنبر شاهدت أحد السجناء يحمل صينية عليها أكواب شاى فناداه أنس الفقى قائلاً: «هات اثنين شاى هنا لعلاء بيه وجمال بيه» كأن المشهد ذو مغزى، فمنظر كوب الشاى والملعقة التى تستخدم لوضع السكر فى حال سيئة لكن، هكذا صار الوضع الذى كان على الكل أن يتكيف معه. كذلك، كانت أكواب الشاى هى أقصى ما يمكن أن يقدمه الفقى لعلاء وجمال «احتفاءً» بهما فى أول يوم لهما فى السجن!
كان نجلا الرئيس السابق قليلَى الكلام والاختلاط بالآخرين، يستحيل أن تجد ابتسامة على وجه أى منهما، فلا يظهران إلا وعلامات الحزن على وجهيهما ولا يتكلمان مع أحد إلا فى أوقات الصلاة، وهما منضبطان من ناحية الالتزام بالتعليمات، وكانا دائماً يتركان ذقنيهما من دون حلاقة، وأتذكر يوماً بعدما حضر صفوت الشريف فى 11 نيسان محبوساً 15 يوماً فى قضية موقعة الجمل وكنا نصلى الجمعة، دخل صفوت الشريف لأداء الصلاة وكان علاء جالساً على كرسي، وإذ به يقف ويسارع بإحضار صفوت الشريف ليجلسه على كرسيه لعدم قدرة الشريف على الجلوس على أرض المسجد. أما الشائعات عن مشاجرات حدثت بين الشقيقين علاء وجمال وأنهما متخاصمان أو أن الأول حمّل الثانى المسؤولية عما جرى فلم أرَ لها دليلاً على أرض الواقع، فقد كانا متلازمين والأجواء فى السجن لم تكن لتسمح بأحاديث من هذا النوع، فالكل فى الهم سواء.
كانت علاقة جمال وعلاء مبارك فى ما يتعلق بالمعاملة مع زملائهما النزلاء من رموز النظام السابق علاقة عادية كأى مسجون مع زميله، ولم تحدث مشاكل أو احتكاكات بين أى منهما وأى مسجون آخر. ولم تسجل لهما أية وقائع للخروج على اللائحة والنظام العام أو مخالفة قواعد السجون، وكانت علاقاتهما بإدارة السجن كعلاقة المسجون العادى بها، وربما لا يرى أى منهما أحداً من رجال إدارة السجن إلا أثناء الزيارة أو التريّض أو الصلاة. والزيارات الخاصة بهما كانت عادة تتم فى حجرة مأمور السجن، إلا إذا حدثت ظروف تحول دون ذلك فكانت الزيارات تتم فى المكان المخصص لها مع باقى السجناء وأسرهم.
- واجهتم صعوبات فى نقلهما من السجن إلى مقر المحاكمة؟
- كان هناك نظام محكم لنقل السجناء عموماً وعلاء وجمال خصوصاً إلى مقر التحقيقات أو المحاكمات. كنا نقوم بإدخال سيارات الترحيلات داخل فناء السجن من البوابات الخلفية لتقل المسؤولين المهمين من الداخل، أما الأقل أهمية فكانت سيارة الترحيلات تنتظرهم أمام بوابته. أتذكر أنه فى ذات يوم كان أحمد عز متوجهاً للنيابة فى بداية حبسه لاستكمال التحقيقات معه وحضرت سيارات الترحيلات بالحرس اللازم من مديرية أمن حلوان، وما إن شوهدت هذه السيارات من الزائرين المنتظرين خارج بوابة سجن المزرعة حتى تجمهر حولها الزوار، ففتحنا البوابة الخلفية للسجن لنقل عز من داخل محبسه إلى سيارة الترحيلات مباشرة وما إن خرجت السيارات حتى تجمع الأهالى حولها قائلين: «الحرامى أهو»، وأخذوا يقذفون السيارة بالطوب والحجارة إلى أن غادرت المكان بأعجوبة. وبالنسبة لحبيب العادلى وعلاء وجمال مبارك، فكان يتم نقلهم فى سيارات الترحيلات من داخل فناء السجن، وعادة من طريق البوابة الرقم 10 وهى البوابة الخلفية للمنطقة المطلة على طريق محور كوبرى طرة، وكانت المأمورية تتحرك مبكراً جداً قبل حضور الزائرين خشية التعرض لهم، وكانوا يستقلون مدرعة مؤمنة من مدرعات الأمن المركزى، بالحراسة المشددة المرافقة لها.ودائما تتولى مديرية أمن حلوان مسؤولية ترحيل أقطاب النظام السابق، لكن علاء وجمال مبارك كانت ترافقهما قوة من الجيش وقوات خاصة من الشرطة. وكان الركب يتحرك من أمام بوابة السجن الخارجية إن كان سيقل إلى النيابة شخصيات أقل أهمية «سياسياً» مثل محمد إبراهيم سليمان أو زهير جرانة أو أحمد المغربى وغيرهم، ولأن إجراءات خروج علاء وجمال ودخولهما كانت تحتاج إلى جهد كبير مع ما فيها من أخطار فإن خروجهما غالباً كان لحضور جلسات محاكمتهما مع والدهما فى قضية قتل المتظاهرين أو التحقيق معهما فى الكسب غير المشروع، أما باقى القضايا التى اتهما فيها فكان فريق من محققى النيابة يحضر إلى السجن ويخضعهما للتحقيق فى حجرة المأمور.
إبراهيم سليمان يريد «موبايل»
- المحكومون فى قضايا فساد كثر، هل أظهروا ندماً على ما آلوا إليه؟
- انضم إلى السجناء فى مساء 6 نيسان محمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان السابق لإتهامه بإهدار المال العام ودخل مكتب المأمور وجلس مجهداً، لكن الغريب أن وجهه كان مبتسماً. ونظر إلى أعلى وردد الدعاء: «ربِّ إنى مظلوم وتعلم أنت وحدك بظلمى وستظهر الحقيقة يوماً ما وأنا أعلم أن الخطوات مكتوبة والأنفس معدودة وكل شيء بقدر... لك الحمد فى السراء والضراء وأنت أعلم بما فى القلوب»، ثم نظر إلى مأمور السجن مبتسماً، لكنها ابتسامات أخفى وراءها حزناً وألماً بدوَا على ملامح وجهه، وقال: «يا ترى يا سيادة المأمور هناخذ معنا التليفونات ولا ده ممنوع؟». فرد مأمور السجن: «طبعاً ممنوع حسب تعليمات ولوائح السجن». فرد سليمان: «آه طبعاً عارفين عارفين» وكان تم تجهيز زنزانته فتوجه بصحبة المأمور وقيادات السجن إلى محبسه.
وفى يوم 21 نيسان حضرت مجموعة من سيارات الترحيلات المقبلة من التجمع الخامس والتابعة لمديرية أمن حلوان، وكانت تضم بداخلها سامح فهمى وزير البترول السابق وباقى قيادات الوزارة الذين أمرت النيابة بحبسهم 15 يوماً على ذمة التحقيقات التى أجرتها معهم النيابة فى قضية تصدير الغاز إلى إسرائيل، وعلى غرار حبس الآخرين تم حبسهم وتسكينهم إلا أن سامح فهمى اختار صديقه زهير جرانة ليكون زميلاً له فى محبسه، حيث كانت الزنازين الانفرادية نفدت وبدأنا فى توزيع السجناء على عنابر تسمح بوجود أكثر من سجين فى كل منها.
وفى مساء يوم 4 تموز (يوليو) حضر وزير الزراعة السابق أمين أباظة فى وقائع فساد وزارته محبوساً لمدة 15 يوماً. وفى مساء يوم 12 من الشهر نفسه حضر الوزير الأسبق للزراعة يوسف والى محبوساً 15 يوماً على ذمة التحقيقات التى أجريت معه فى شأن الموافقة على إدخال بعض المبيدات الكيماوية التى تستخدم فى الزراعة والتى تبين أنها مسرطنة وتضر بالصحة العامة للمواطنين، وبدا الرجل عجوزاً وكان مريضاً ضعيفاً لا يستطيع الخروج من محبسه إلا قليلاً. ثم حضر رئيس الوزراء الأسبق عاطف عبيد محبوساً لمدة 15 يوماً للتحقيق معه فى اتهامه ببيع أراضى الدولة بطريقة غير مشروعة وبسعر أقل من قيمتها السوقية، الأمر الذى ترتب عليه إهدار المال العام للدولة، وامتلأت الساحة بأكثر من ثمانية وثلاثين مسجوناً كانوا بالأمس حكاماً بل أسياداً واليوم أصبحوا مقيدى الحرية محكومين باحثين عن معاملة طيبة أو كلمة رقيقة من سجان أو حارس.
صلاة الجمعة: عظة وعبرة
تنوعت التهم التى وجهت إلى مسؤولى النظام السابق ما بين قتل الثوار والفساد المالى بأنواعه، هل ظهر على أحدهم رغبة فى إعلان «توبة» مثلاً أو إبراء ذمة؟
- بكل وضوح كانوا جميعاً يعتبرون أن ما يجرى معهم محاكمات سياسية أخذت أشكالاً مختلفة، صحيح أنهم كانوا قليلى الحديث عن السياسة أو الثورة إلا أن مشهدهم فى صلاة الجمعة كان يوحى بأن لدى بعضهم قناعة بأن حياته ستمضى فى السجن وأن حصول أحدهم على البراءة فى قضية لا يعنى خروجه وأن السلطة الحاكمة فى البلاد لا تستطيع مواجهة الرغبة الجامحة فى الانتقام منهم.
كانت صلاة الجمعة فرصة للتأمل. كان النزلاء من رموز النظام السابق يجلسون فى ساحة المسجد الصغير بترتيب معتاد، إذ كان وزير الداخلية السابق حبيب العادلى دائم الجلوس أمام المنبر، متكئاً بظهره على أحد الأعمدة المقابلة للمنبر حتى لا يراه أحد من الجالسين خلفه، بينما كان جمال مبارك يتكئ على أحد جدران المسجد فى جوار الباب، وأحمد نظيف على الحائط المقابل فى أقصى اليمين، أما علاء مبارك فاعتاد أن يجلس فى وسط أرض المسجد ويجلس عادة على يمينه ويساره أنس الفقى وهشام طلعت مصطفى وشريف والى ووليد ضياء وأحمد عز وأحمد المغربى وزهير جرانة وعبدالناصر الجابرى وماجد الشربيني. وذات مرة جلست متكئاً على الحائط الخلفى للمسجد والجو الروحانى يسيطر على المكان واستطلعت الوجوه من اليمين إلى اليسار. أنظر فى الوجوه وأتعجب لهذا الزمن ولهذه الفترة الانتقالية الصعبة، اعتبرها فترة انتقال من حال إلى حال ومن ملك إلى ملك. قلت لنفسي: «سبحان المعز المذل سبحان الخافض الرافع ومغير الأحوال هؤلاء أسياد الأمس وأذلاء اليوم، ها أنذا أقوى واحد فى هؤلاء، أنا سجانهم، منذ أيام كان لا يستطيع أحد أن يقف أمام قصورهم واليوم هم فى محبسهم ضعفاء». وإذا بالخطيب يبدأ الدعاء لترتفع أياديهم الضعيفة فى خشوع وذلة للدعاء ليفك الله كربهم ويرفع الغمة عنهم، وتنتهى صلاة الجمعة ليخرج المصلون الواحد تلو الآخر ويتصافح من يتصافح وسرعان ما ينصرف الجميع كل إلى مكانه.
كان جمال مبارك يخرج ودائماً ينتظر شقيقه علاء أمام المسجد، إذ كان الأخير يزيد من الصلاة والركعات وكان آخر من يخرج من المسجد فيجد شقيقه جمال ينتظره ليسيرا سوياً إلى حيث زنزانتهما.
أما حبيب العادلى فاعتاد أن يحمل المصحف فى يده ويداوم على تلاوة القرآن، وكان يميل للعزلة والعزوف عن مكالمة أحد مكتفياً أثناء دخوله المسجد وخروجه بالابتسام.
- ماذا عن اجتماعات «حكومة طرة» بعد صلاة الجمعة التى ملأ الحديث عنها وسائل الإعلام؟
- سمعنا فى الإعلام حديثاً أكثره إشاعات، قال البعض إن مسؤولى النظام السابق يعاملون فى السجن معاملة الأكابر والوزراء، وتردد كثيراً مصطلح «حكومة طرة»، وكان هذا كذب وادعاءات ليس لها أى أساس من الصحة. سمعنا مزاعم عن تمييز فى الزيارات، واجتماعات بين المسؤولين السابقين وتخطيط وكل هذا كان ضرباً من خيال. الحقيقة أن السجناء من أقطاب النظام السابق كانوا يعاملون طبقاً للوائح السجون، فتقفل عليهم الزنازين فى الساعة السادسة مساء وتفتح فى السابعة صباحاً ولهم ساعات تريّض يمشون فيها لتحريك الدورة الدموية لمدة ساعتين فى اليوم، بعدها يعودون إلى محبسهم. ومنهم من كان يأكل من كافيتريا السجن وهذا أمر مسموح به طبقاً للوائح السجون ومنهم من كان يُجلب له الطعام يومياً من الخارج وهذا مسموح به أيضاً طبقاً للوائح السجون بالنسبة للسجناء احتياطياً على ذمة التحقيقات. الزيارات كانت أسبوعية حسب التعليمات ويتم تجهيز مكان للزيارة الجماعية لهم كلهم وعندما كانت تمتلئ بهم ساحة الزيارة، كان يُسمح بأن تتم الزيارة فى حجرة مأمور السجن أو ضابط المباحث.
من الأشياء الغريبة والشائعات المريبة، أنه ذات يوم ملأت الدنيا إشاعة غريبة تقول إن كثيراً من الناس شاهدوا جمال وعلاء مبارك خارج السجن وتحديداً يستقلان سيارة على كوبرى قصر النيل وسط القاهرة لدرجة أن الكثير من أصدقائى بادروا بالاتصال بى ليلاً والعجيب أن كثيراً منهم كان يصدق ويصر على صحة المعلومة، وكنت أبادر بالرد: «يا ناس حرام عليكم الكلام ده، ده كلام فارغ، دى كلها إشاعات مغرضة، طبعاً أنا عارف النظام، غلق السجن وفتح السجن، وغلق بوابة السجن وكذلك الحراسة المشددة الموجودة أعلى الأسوار والحراسة الداخلية والخارجية والمرور الليلى المتكرر من مختلف القيادات... هذا شيء مستحيل». وعلى رغم ذلك وخوفاً من تصديق هذه الإشاعة قمت فوراً يوم انتشار إشاعة كوبرى قصر النيل بسيارتى بالمرور الخارجى حول أسوار السجن ووجدت الأمور عادية والحراسات قائمة وكل شيء على ما يرام، فعدت إلى منزلى وتوجهت صباحاً إلى داخل السجن فى تمام الساعة الثامنة صباحاً بحجة المرور على الخدمات الأمنية الداخلية ودخلت إلى عنبر جمال وعلاء مبارك فى مرور عادي، فوجدتهما جالسين داخل محبسهما ورأيتهما بعينى من دون أن يشعر أحد ما يدور بالداخل، وأكملت خطواتى وعدت وأنا فاقد الثقة فى كل ما يقال من إشاعات وأقاويل هنا وهناك.
وصل خيال البعض إلى القول إن هؤلاء يعيشون خلف القضبان فى رغد لدرجة وصلت إلى تسمية السجن «بورتو طرة» نسبة إلى منتجع «بورتو مارينا». وكان هذا الأمر شيئاً غريباً مدهشاً، وكذلك الحديث عن أن «حكومة طرة» مجتمعة لتدبير مكيدة أو للتخطيط للهروب، هذا شىء مضحك وغريب ومثير للسخرية أيضاً، كيف يصبح هؤلاء حكومة وهم فى الأسر «أذلاء لا حول لهم ولا قوة». أقول هذا ليس تعاطفاً معهم بل لأننى كنت أعيش بجانبهم بحكم عملي. سمعت ذات مرة من يقول إن «حكومة طرة» اجتمعت قبل مذبحة بورسعيد التى تمت فى مطلع شباط (فبراير) 2012 لتدبير المجزرة، وأثار هذا النبأ سخريتي، فمن سيسمح لهم بالاجتماع وفى أى مكان تم هذا الاجتماع، ومن سمح لهم بالتواصل مع من هم خارج السجن وهناك تعليمات ولوائح السجون التى تحد من تحركهم وتنظم حبسهم، والتى يراقب تنفيذها قيادات الوزارة من مختلف الرتب خلال المرور الذى يتم فى أى وقت. من سيسمح لهم بهذا، وهو أمر ليس فى مصلحة الوزارة ولا قطاع السجون أبداً، ولكنى أظنها من باب السخرية والنكتة فنحن شعب يحب النكات والضحك فى أصعب المواقف.
هناك من الإشاعات التى ملأت الدنيا أيضاً أن ضباط السجن وقياداته يؤدون التحية العسكرية لحبيب العادلى وعلاء وجمال مبارك ولسوزان مبارك أثناء زيارتها السجن، وهذا طبعاً لم يحدث أبداً، بل كل ما يتم هو المعاملة الإنسانية لهؤلاء من خلال الكلمة الطيبة، ويشهد الله أنى لم أر يد ضابط ترفع لتحية أى من هؤلاء، بل أتذكر عندما زار وزير الداخلية السابق منصور العيسوى سجن المزرعة خاطب مأمور السجن، آنذاك كانت الصحف تنشر كثيراً ادعاءات عن قيام ضباط السجن بأداء التحية للعادلي، ويبدو أن العيسوى أراد السخرية من الأمر فتحدث إلى ضابط فى السجن، مازحه وقال له: «يا أحمد أنت اللى بيقولوا عليك إنك تؤدى التحية لحبيب العادلي»، فأخذ يبتسم.
وكتب أيضاً أن صفوت الشريف كان يُحكّم مباراة لكرة القدم بين مسؤولى النظام السابق داخل السجن، طبعاً هذه قصة مختلقة ومثيرة للضحك والسخرية أيضاً، فالشريف رجل عجوز يمشى بصعوبة بالغة وقلما يخرج إلا للصلاة أحياناً، أما باقى الوقت فهو يجلس فى زنزانته أو يمشى داخل عنبره من دون مجالسة أحد أو الحديث مع أحد، أما باقى السجناء فكثير منهم فوق الثمانين عاماً والشاب منهم فوق الخامسة والستين، فأى كرة سيلعبونها، ثم أى ظروف نفسية تسمح لهم بذلك، هذا ضرب من الخيال والافتراض المستحيل، ووصلت الإشاعات إلى درجة أن البعض تحدث عن محاولة لاقتحام السجن لتهريب أقطاب النظام السابق أو بعضهم، وكل هذا الحديث إشاعات، لكن نحن كقيادات لم نكن نمرر أى إشاعة مرور الكرام لأنها تمس أموراً أمنية بالغة الحساسية، ولا بد أن تتخذ الإجراءات الاحترازية اللازمة كافة للتأمين، فسرعان ما نقوم بتنشيط إجراءات التأمين الداخلى للسجن ثم تأمين الأسوار بزيادة عدد المجندين المسلحين وتأمين ما هو خارج الأسوار من خدمات أرضية مسلحة ومترجلة، ثم زيادة عدد المدرعات المسلحة التى تمر فى المنطقة المحيطة بالسجن والمنطقة بأكملها، وزيادة تأمين الأسوار الخارجية المطلة على الشوارع المحيطة بالمنطقة. كانت حقيقة إجراءات تأمين يصعب اختراقها.
موضوعات متعلقة:
مساعد رئيس قطاع السجون السابق يفتح خزائن أسرار سجن طره.. ويروى تفاصيل أول صلاة جمعة اجتمع فيها رموز نظام مبارك: زكريا عزمى والفقى أسكتتهما الصدمة وسرور وصل مع أنصاره.. والشيخ يصرخ "أنا برىء من الفساد"
مذكرات مساعد رئيس قطاع السجون تفتح خزائن سجن طره.. وتكشف يوميات رجال مبارك: أحمد عز الأكثر يأساً.. والعادلى لنجله: بابا فى مهمة ربما تطول.. وحارسه يسأل عن «الجاكوزى»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.