عام جديد يمر على عم صابر محمد عبد الحفيظ الشهير بأبو أحمد، ماسح الأحذية، الذى يقف بصندوقه الخشبى الصغير يومياً فى مصر القديمة لكسب لقمة عيش له ولأولاده، يحمل له أملا ليحقق أمله البسيط فى الحياة "كشك يسترزق منه وأوضة يعيش فيها." أحلامه البسيطة وملامحه السمراء التى تعبر عن سن أكبر من سنه تجعلك تعتقد أنه "مبيفكش الخط" ولكن الحقيقة أنه خرج من التعليم بعد إن كان فى السنة الأولى من كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، بسبب الحياة ومصاعبها التى أجبرته على ترك التعليم والإنفاق على أولاده الاثنين وكذلك أولاد أخته الأيتام الثلاث. عمره الذى يبلغ 59 عاماً وشعره الذى خط فيه البياض جانباً إلى اللون الأسود ليرسم ملامح جديدة عليه هى ملامح "الشقاء والتعب" التى تضيف للإنسان أعماراً جديدة على عمره الحقيقى فى الحياة، فبعد أن ترك بلده أسوان وجاء للقاهرة للتعليم وتزوج ثم طلق زوجته واكتفى بتربية أولاده من وقتها. سألته "يا ترى سنة 2013 بتمثلك إيه يا أبو أحمد؟"، رد على قائلاً:" الأيام زى بعضها واليوم اللى بيمر على فى الدنيا ستر من ربنا"، مضيفاً أن كل همه وأمله فى الدنيا يلاقى مصدر رزق له ولأولاده من خلال كشك صغير يبيع فيه بدلاً من جلوسه فى الشارع، الذى يجعله عرضة للأخطار بعد أن كبر فى السن. وعن المخاطر التى يتعرض لها بعدة مسح الأحذية، قال: "جلوسى فى الشارع يجعلنى عرضة للبلطجية واللصوص، وأنا اللى بطلع بيه فى اليوم 30 جنيه بالكتير أوى، وبيتصرفوا عشان كده عايز كشك أسترزق فيه عشان ولادى." وأضاف "أنا قدمت أكثر من مرة فى حى مصر القديمة ورئيس الحى وعدنى أنه هيجبلى كشك، من قبل الثورة ولكن حتى الآن الأمر لم يتم بعد ولم يعطونى كشك ولا غيره." وقال أبو أحمد "أعيش فى غرفة إيجارها 360 جنيها و45 جنيها كهرباء، وكل شهر بستلفهم عشان كده نفسى كمان فى أوضة أقضى فيها باقى أيامى فى الدنيا وأربى ولادى." "7 صنايع والبخت ضايع"..ببساطة هذا المثل يمثل حياة أبو أحمد، فهو كان يعمل أيضا بخلاف مسح الأحذية نجار مسلح ولكنه تركها منذ 15 سنة تقريباً، لأنه يرى أنه "لو اشتغلت عند واحد بيشترينى بقرشه"، لذا قرر أن يعمل مع نفسه بمهنة مسح الأحذية، مضيفاً "حاولت أعمل معاش فى التأمينات الإجتماعية ولكن قالوا لى: معلهش البلد لسه مستقرتش." "بص للفقير"..رسالة أبو أحمد للرئيس محمد مرسى، قائلاً: "أنا مليش فى السياسة، كل اللى عايزه أنى أعيش كويس أنا وأولادى وثورتى هى لقمة عيشى."
