وزير التعليم: 87% من طلاب مصر يتعلمون فى التعليم الرسمى العام و13% فى الخاص    رئيس الوزراء يتابع مع وزير قطاع الأعمال العام عددا من ملفات العمل    الصحة العالمية تكشف عن 2.1 مليون شخص فى غزة يواجهون الجوع القاتل بخلاف القنابل    غياب محمد عواد عن مران الزمالك اليوم بسبب آلام الظهر    برشلونة يضم ماركوس راشفورد على سبيل الإعارة حتى 2026    ضبط واقعة التعدي على طليقته ونجلهما حال تواجدهم بأحد الأندية لتنفيذ حكم رؤية بالإسماعيلية    المفرج عنهم يشكرون الرئيس السيسي على لمّ الشمل    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: إسرائيل تذبح أهل غزة وعلى العلم التحرك فورا لمنع فظائعها    رئيس "إسكان النواب": تصريحات الرئيس السيسي بشأن الإيجار القديم تؤكد أنه سيصدق على القانون    سلطان عُمان يهنئ الرئيس السيسي بذكرى ثورة 23 يوليو    الصين تدعم بقوة عمل اليونسكو    وسط ارتفاع وفيات المجاعة في غزة.. حماس ترد على مقترح وقف إطلاق النار    بالفيديو.. حمزة نمرة يطرح 3 أغنيات من ألبومه الجديد "قرار شخصي"    الحبُ للحبيبِ الأوَّلِ    أحمد سعد يتصدر تريند يوتيوب في مصر والدول العربية بأغاني "بيستهبل"    مدرب خيتافي: كنت أراهن على نجاح إبراهيم عادل في الدوري الإسباني    اقتصادي: الجيش حمى الدولة من الانهيار وبنى أسس التنمية    علي معلول يوقع على عقود انضمامه إلى ناديه الجديد    «أجبرتها على التراجع».. مروحية إيرانية تتصدى لمدمرة أمريكية في المياه الإقليمية    أوكرانيا وروسيا تستعدان لإجراء محادثات سلام في تركيا    الكنيست يوافق على قرار لفرض السيادة الإسرائيلية في الضفة وغور الأردن    البابا تواضروس يستقبل مجموعة خدام من كنيستنا في نيوكاسل    مؤشرات تنسيق الثانوية العامة 2025 علمي.. كليات ومعاهد تقبل مجموع 50% فقط في 2024    خلال استقبال مساعد وزير الصحة.. محافظ أسوان: التأمين الشامل ساهم في تطوير الصروح الطبية    بالأسماء.. رئيس أمناء جامعة بنها الأهلية يُصدر 9 قرارات بتعيين قيادات جامعية جديدة    منهم برج الدلو والحوت.. الأبراج الأكثر حظًا في الحياة العاطفية في شهر أغسطس 2025    متحدث الوزراء يكشف السبب الرئيسي وراء تأجيل احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير    وزير الدفاع يكرم أصحاب الإنجازات الرياضية من أبناء القوات المسلحة (تفاصيل)    ماذا يحدث لجسمك عند تناول السلمون نيئًا؟    القاهرة والرياض تبحثان مستجدات الأوضاع بالبحر الأحمر    بعد تراجع 408.. تعرف على أسعار جميع سيارات بيجو موديل 2026 بمصر    من الارتفاع إلى الهبوط.. قراءة في أداء سهم "بنيان" في ثاني يوم تداول بالبورصة    خادم الحرمين وولى العهد السعودى يهنئان الرئيس السيسى بذكرى ثورة 23 يوليو    فسخ العقود وإنذارات للمتأخرين.. ماذا يحدث في تقنين أراضي أملاك الدولة بقنا؟    خطة استثمارية ب100 مليون دولار.. «البترول» و«دانة غاز» تعلنان نتائج بئر «بيجونيا-2» بإنتاج 9 مليارات قدم    ب2.5 مليون.. افتتاح أعمال رفع كفاءة وحدة الأشعة بمستشفى فاقوس في الشرقية (تفاصيل)    لماذا لا ينخفض ضغط الدم رغم تناول العلاج؟.. 9 أسباب وراء تلك المشكلة    "المطورين العقاريين" تطالب بحوار عاجل بشأن قرار إلغاء تخصيص الأراضي    رضا البحراوي يمازح طلاب الثانوية العامة    الأهلي يترقب انتعاش خزينته ب 5.5 مليون دولار خلال ساعات    وفاة شخصين متأثرين بإصابتهما في حادث تصادم سيارتين بقنا    على شاطئ البحر.. أحدث ظهور للفنانة بشرى والجمهور يعلق    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر والأصل أن تعود للخاطب عند فسخ الخطبة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    أسرة مريم الخامس أدبي تستقبل نتيجتها بالزغاريد في دمياط    ضبط 3695 قضية سرقة كهرباء خلال 24 ساعة    ضبط 30 متهما في قضايا سرقات بالقاهرة    فيريرا يركز على الجوانب الفنية في مران الزمالك الصباحي    بالفيديو.. الأرصاد: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد حتى منتصف الأسبوع المقبل    طريقة عمل المكرونة بالبشاميل، بطريقة المحلات وطعم مميز    الرئيس السيسي: هذا الوطن قادر بأبنائه على تجاوز التحديات والصعاب    البنك الزراعي المصري يبحث تعزيز التعاون مع اتحاد نقابات جنوب إفريقيا    رئيس الوزراء يتفقد موقع إنشاء المحطة النووية بالضبعة    مرتضى منصور لحسن شحاتة: للأسف أنا مسافر ومنعزل عن العالم    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    خلال فترة التدريب.. مندوب نقل أموال ينهب ماكينات ATM بشبرا الخيمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصعيد والأقباط والفقر.. مفاجأت الاستفتاء.. حدة الاستقطاب لم تنجح فى إغراء الكتلة الصامتة بالانضمام إلى الحراك السياسى

مرت المرحلة الأولى من الاستفتاء السبت الماضى، وصاحبتها عدة تغيرات فى الشارع السياسى المصرى، فلم يعد التيار الإسلامى واثقا من الفوز اعتمادا على سلاحه الدينى وقدرته على الحشد خاصة أن الفارق بينه وبين نظيره المدنى قليل جدا، إضافة إلى أن زيادة نسبة الموافقين على الدستور فى محافظات بعينها بسبب ضعف الإمكانيات المادية لتلك المناطق أو لقلة وعى وثقافة أهلها وسهولة استقطابهم من قبل تيارات بعينها. وكذلك لم تعد كتلة الأقباط هى الورقة المستهدفة من جانب القوى السياسية لكسب رفضها للدستور فى مواجهة التيار الدينى فالمحافظات التى بها كثافة سكانية من الأقباط مثل أسيوط جاءت نتيجتها بالموافقة، وهذا يرجع إلى اسباب عدة اما نتيجة قلة عددهم مقارنة بالمسلمين هناك أو لأن تلك المناطق تصنف ضمن الأكثر فقرا ويسهل التأثير عليهم بأمور وأوراق كثيرة، ووسط كل هذا ما زالت الكتلة الصامتة تفضل أن تنزو بعيدا عن الحراك السياسى ومراقبة المشهد من بعيد متمسكة بهدفها الدائم فى الاستكانة والعزوف عن رسم مستقبل هذا البلد. «اليوم السابع» تقدم قراءة فى المشهد السياسى الحالى والتغيرات التى طرأت عليه فى محاولة منها لتحليل أسباب النتائج التى آلت إليها المرحلة الأولى وتوقعاتها بشأن المرحلة الثانية.
الأعداد والجماعة الإسلامية فى أسيوط لاتسمح بتفوق «لا».. والفقر صاحب الكلمة الأولى فى سوهاج.. جمال أسعد: الإسلاميون يستغلون مشاركة الأقباط فى الانتخابات للحشد بالتصويت ضد ما يختارونه واستفتاء مارس خير شاهد
من الصعب معرفة العدد التقريبى للأقباط فى مصر لعدم وجود إحصائية خاصة بهم ورغم إنهم يمثلون كتلة تصويتية مهمة، يصعب معرفة عددهم الحقيقى، لكن تسعى القوى السياسية دوما إلى استقطابهم فى الانتخابات أو الاستفتاء، وظهر هذا جليا فى الانتخابات الرئاسية السابقة، فسعى أحمد شفيق المرشح الرئاسى السابق لاستخدامها، باعتباره كان ممثلا للقوى المدنية أمام مرشح جماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية.
بدت الكتلة التصويتية للأقباط فى المرحلة الأولى من التصويت على الاستفتاء الدستورى غير واضحة المعالم، خاصة لأن المناطق المعروفة بارتفاع النسبة العددية لهم، بعضهم خرج «بنعم» رغم أنه كان معروفا أن الأقباط سيتجهون للتصويت «بلا» فى الاستفتاء الدستورى للتأكيد على موقف الكنيسة التى أعلنت انسحابها من الجمعية التأسيسية للدستور اعتراضا على المادة رقم 220 المفسرة للمادة الثانية.
قراءة بسيطة لمحافظات المرحلة الأولى تجد فيها عدم ظهور واضح لكتلة الأقباط، خاصة فى محافظة أسيوط المعروف بارتفاع عدد الأقباط بها خرجت للتصويت بنعم حيث بلغ عدد المصوتين بنعم نسبة «%77» بعدد يبلغ 450 ألفا و773 صوتا.
الأمر نفسه حدث بانتخابات الرئاسة فى نفس المحافظة، حيث أعطت المحافظة النسبة الأكبر للرئيس الدكتور محمد مرسى، حيث حصل على إجمالى أصوات وقتها تقترب من 554 ألف صوت مقابل 347 ألفا لمنافسه أحمد شفيق.
الأمر الذى يفسره البعض بارتفاع نسب الفقر فى المحافظة والأمية والبطالة، مما يجعل التأثير على الأفراد باسم الاستقرار واردا.
لكنه فى نفس الأمر يطرح تساؤلات حول هذه الكتلة.. أين ذهبت، وهل تأثرت بسهولة بأمور الاستقرار وعدم التطوير فى المحافظات أم إن القوى المدنية وجدت صعوبة فى اختراق هذه المناطق.
وهل النسبة العددية للأقباط هناك ليست كبيرة مقارنة بما يسمح بارتفاع نسب التصويت «بلا»، أم إن سيطرة الجماعات الإسلامية عليها كان لها الدور الأكبر على الإسلاميين للحشد والتصويت «بنعم».
وقال الناشط السياسى والنائب البرلمانى السابق جمال أسعد إن الإسلاميين فى الصعيد يستغلون مشاركة الأقباط فى الاستفتاء والانتخابات للحشد بتصويت بعكس ما يصوتون به، وظهر هذا فى استفتاء مارس بالتصويت بنعم، ضد الكنيسة والمسيحيين، وهو نفس ما فعلوه فى الاستفتاء على الدستور 15 ديسمبر، بدعم المواطنين للتصويت بنعم باعتباره الخيار أمام المسحيين المصوتين بلا.
وأكد أسعد أنه إذا حاولنا تحليل نتائج الاستفتاء والتى أتت أغلبيتها بنعم فى أسيوط، سنجد أن هذه المحافظة تمثل معقل الجماعة الإسلامية، كما أن عدد الأقباط ليس كبيرا فلا تزيد نسبتهم هناك على %20 إلى %30 وحتى إن ذهب أغلبيتهم للتصويت، فلن يمثلوا نسبة كبيرة للتصويت بلا.
الأمر نفسه ينطبق على محافظات المنيا وسوهاج، التى يرتفع بها عدد الأقباط بنسبة كبيرة، وجاءت نتيجة التصويت بأغلبية نعم بنسبة حوالى %78، فى المرحلة الأولى من التصويت، وهو الأمر الذى لم نتعرف على أسبابه أو على كيفية انطباقه على المرحلة المقبلة.
الدكتور رامى عطا الأستاذ بإكاديمية الشروق والذى أجرى عددا من الأبحاث على محافظات الصعيد، يقول إن نتائج المرحلة الأولى فى الصعيد توضح أكثر من مؤشر، الأول أنه ربما تأثر الأقباط هناك بالشائعات التى أثيرت حول ما سيتعرضون له من مخاطر إذا توجهوا للمشاركة فى الاستفتاء.
وأضاف عطا ربما شعر الأقباط بعدم وجود جدوى من المشاركة لمعرفتهم المسبقة بالنتيجة، مما جعل عددا منهم يذهب للمقاطعة.
وأشار عطا إلى أنه من الصعب، بل المستحيل أن يكون عدد من الأقباط توجه للتصويت «بلا» خاصة أنهم يدعمون فكرة الدولة المدنية التى يؤكد عليها التصويت برفض الدستور.
لا تختلف محافظة سوهاج كثيرا عن أسيوط حيث إنها من أكثر المحافظات فقرا والقرى، وفقا للتصنيف الخاص بمركز العقد الاجتماعى 2010، بما يفسر اتجاه البعض للتصويت بنعم إنه من السهل التأثر على المواطنين من اتجاه واتجاه آخر، إنهم من الممكن أن يتجهوا للتصويت بنعم رغبة فى ما يشاع عن أن الموافقة على الدستور هى الوسيلة الوحيدة للاستقرار.
أيضا لا تمثل الكتلة القبطية فى سوهاج نسبة كبيرة فحتى إن صوتوا جميعا ب«لا» فهى لا تمثل نسبة عددية كبيرة.
نتائج المرحلة الأولى تعطى مؤشرات لما سيحدث بالمرحلة الثانية، خاصة فى بقية محافظات الوجه القبلى ومنها المنيا وقنا المعروفين بارتفاع النسب العددية للأقباط بهما.
البداية مع محافظة المنيا والتى يوجد بها عدد كبير من الأقباط وبها تقريبا نفس الظروف الاجتماعية والسياسية بأسيوط وسوهاج، من انتشار للتيارات الإسلام السياسى وانتشار الفقر.
فيبلغ عدد السكان الذين يعيشون بالمنيا تحت خط الفقر وفقا لتقرير التنمية البشرية 2005 ما يقرب من 600 ألف نسمة من سكانها البالغ عددهم بالأساس 4 ملايين نسمة، وتمثل المحافظة المرتبة العشرين بين محافظات مصر.
الأمر نفسه ينطبق على قنا التى تحتل الترتيب السابع عشر بين محافظات الجمهورية ال26، وارتفعت بها نسب الفقر بصورة كبيرة مما يشير إلى إمكانية خروج النتيجة فيها بنعم أيضا رغم ارتفاع نسب الأقباط بها.
الوضع فى الحضر اختلف كثيرا عنه فى محافظات الوجه القبلى، حيث تقدمت المناطق المعروف بها ارتفاع عدد الأقباط فى القاهرة مثل شبرا التى صوتت الأغلبية بها ب«لا» فى الاستفتاء الدستورى، مما يؤكد أن العوامل الاجتماعية والاقتصادية كان لها تأثير أكبر فى الصعيد.
ضحايا الارتباك السياسى مفتاح التحول الديمقراطى.. محللون نفسيون: البلبلة الإعلامية ساهمت فى عزوف الصامتين عن المشاركة.. وعلينا دراسة أسباب هذا العزوف بعد ثورة 25 يناير التى شارك فيها الجميع
علاقة «الكتلة الصامتة» بثورة يناير لم تسر على وتيرة واحدة، ففى البداية اكتفت تلك الكتلة بمراقبة المشهد من بعيد أو توجيه اللوم على القائمين بالثورة ومهاجمتهم ليس حبا فى النظام ولكن لرغبتهم الدائمة فى حياة الاستكانة والاستقرار التى عاصروها فى عهد النظام البائد بعيدا عن الحديث فى السياسة أو خوض المعترك السياسى والمشاركة فى رسم مستقبل هذا البلد وبحجة يقينهم أن صوتهم أو موقفهم تجاه هذا النظام لن يقدم جديدا فنتيجة الاستفتاءات والانتخابات معروفة ومحسومة دائما لصالحه، حتى جاءت الاسفتاء على التعديلات الدستورية فى مارس الماضى وفرضت الكتلة الصامتة نفسها فى صورة حاشدة، رغم أنه لم تكن لدى معظمها خلفية كافية بالمواد المستفتى عليها، فوقعوا بعضهم فريسة لبعض العبارات العامة التى يمكن من خلالها استهواء هذه الفئات خاصة فيما يتعلق بالمادة الثانية من الدستور.وذهب أساتذة العلوم السياسية وعلم النفس والاجتماع لتفسير خروج نسبة كبيرة من تلك الكتلة فى انتخابات مجلس الشعب الماضية بأن حزب الكنبة سيكون كلمة السر فى جميع الانتخابات المقبلة وأن حالة التحول الديمقراطى التى تشهدها مصر ستدفع بهم لمسايرة الحياة السياسية والاندماج فيها دون أن يكونوا مسيسين أو مستقطبين من قبل أحزاب سياسية أو دينية معينة، فقرروا ترك منازلهم والنزول للانتخابات معللين عزفهم فى الماضى للمناخ السياسى السيئ الذى كان يزور إرادتهم. حتى جاءت الانتخابات الرئاسية وخشى المرشحون من عودة هذا الفرس الرابح لجحره مرة أخرى فى الوقت الذى لم يحسم فيه ما يقرب من %40 من الشعب اختياره بعد، فاستهدفوا فى دعايتهم المناطق العشوائية والقرى الفقيرة للوصول إلى أكبر كم منهم مركزين فى حديثهم معهم على مفاتيح أبواب الحياة الكريمة، فى محاولة لإثبات أن تلك الفئة ليست سبب الخيبة فى الانتخابات دائما كما يشاع عنها، ولكن موقفها هذا قد يرجع إلى رفضها للوضع أو لظروفها المعيشية الصعبة التى تجنبها المشاركة فى السياسة مقابل انشغالها بطرق توفير لقمة العيش.
ولكن فى المرحلة الأولى من الاستفتاء السبت الماضى، فوجئ الجميع بغياب تلك الكتلة حيث لم تتجاوز نسبة المشاركين فى الاستفتاء %31 من إجمالى عدد الناخبين المقيدين بالكشوف الانتخابية حتى تصبح بذلك الكتلة الصامتة لغز يصعب حله وفصيل يحتاج كثيرا من الجهد لفك شفرته خاصة أن القوى المتصارعة لم تبذل مجهودا فى تحديد هوية تلك القوى، ولماذا اختارت أن تبعد عن السياسة لتضع يدها على الحل الذى من خلاله سيدفع هؤلاء المواطنين يوما للخروج من بيتهم للإدلاء بأصواتهم.
وتقول عزة كريم، مستشارة المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية إن الكتلة الصامتة شاركت بشكل فعال فى التغيير الذى حدث لمصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، وتجلى ذلك فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية والانتخابات البرلمانية الماضية، ولكن بدأت مساهمتها تقل تدريجيا بداية من انتخابات مجلس الشورى وصولا إلى الاستفتاء الأخير، مضيفة: المجموعة التى لم تستفت ليس لعدم قناعة بالاستفتاء ولكن عدم معرفة الرأى فى الدستور نفسه هل هو جيد أم سيئ هل به ثغرات أم أنه سيساعد على الاستقرار فعلا وذلك كله تيجة البلبلة التى أحدثتها وسائل الإعلام وعدم الشرح الوافى للدستور فى القنوات الفضائية وبالتالى من اتخذ قرار المقاطعة نابع من موقفه الفكرى. وأشارت عزة كريم، إلى أن الحالة الاجتماعية ليس لها علاقة قوية بالكتلة الصامتة بمعنى أن كثيرا من الفئات المتعلمة ذات الوضع الميسور رفضت المشاركة فى الحياة السياسية نظرا لحالة التشوش التى انتابتها مؤخرا. أما الدكتور سيد صبحى، أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس، فيقول إن صمت تلك الكتلة ورفضها الإدلاء بصوتها به عدة جوانب الأول أن هذا الصمت له وجاهته وقيمته وعلينا أن ننتبه إليه فالمقاطعة لا تعنى دائما السلبية، قائلا: علينا أن نبحث وراء السبب الذى دفع هؤلاء المواطنين للامتناع عن الإدلاء بأصواتهم والمشاركة فى الحياة السياسية فربما يكون لهم وجهة نظر محددة نتناقش معهم فيها بناء على مشاهد تكررت أمامهم ورفضوها.
سؤال حاضر.. وجنوب سيناء «السياحية» اختارت شفيق.. وانحازت لدستور مرسى.. د. هدى زكريا: الغريب أن يتوقع الناس من المناطق الأكثر فقراً أن تكون أكثر وعياً وحادث القطار ليس مقياساً لتصويت أسيوط ب«نعم»
ارتفاع معدلات الفقر، ووفاة أكثر من خمسين طفلا فى حادثة قطار أسيوط، ومقتل الصحفى الحسينى أبوضيف ابن مدينة سوهاج جعل البعض يتوقع أن هذه الأحداث ستكون كافية لدفع الصعيد لرفض الدستور تنكيلا بجماعة الإخوان والرئيس محمد مرسى الذى حمله عدد كبير من السياسيين مسؤولية هذه الأحداث، إلا أنه بقراءة أولية فى نتائج المرحلة الأولى للاستفتاء على الدستور، وجدنا أن هذه الأحداث لم تؤثر بشكل سلبى على النتائج، حيث استمرت محافظات الصعيد فى موقفها فى دعم الرئيس مرسى بتصويتها ب«نعم» على الدستور.
ففى محافظة أسيوط، أظهرت النتائج تقدم عدد المصوتين ب«نعم» على الدستور بفارق 308 آلاف و187 صوتًا على من صوتوا ب«لا»، حيث بلغ إجمالى الناخبين الذين صوتوا بالاستفتاء 604 آلاف و918 صوتًا، كانت الأصوات الصحيحة 590 ألفًا و675 صوتًا، منها 449 ألفًا و431 ب«نعم»، بنسبة %76.08، مقابل 141 ألفًا و244 صوتًا ب«لا» بنسبة %23.92، فيما بلغت الأصوات الباطلة 14 ألفًا و243 صوتًا.
تصويت أسيوط ب«نعم» فى الاستفتاء لم يبتعد كثيرًا عن تأييدها للرئيس محمد مرسى فى الانتخابات الرئيسة، ولكن ما مثل مفاجأة لدى البعض هو أن قرية المندرة قبلى والتابعة لمركز منفلوط محافظة أسيوط، والتى وقع فيها حادث تصادم قطار بأتوبيس مدارس، وأدى إلى مصرع 51 طفلاً، منذ أسابيع ماضية، أيدت الدستور بنسبة %92، حيث بلغت أصوات الموافقين على الدستور 1215، بينما بلغت أصوات الرافضين 104، بحضور إجمالى 1373 صوتاً.
وفى محافظة سوهاج، مسقط رأس الصحفى الحسينى أبوضيف الذى قتل فى أحداث الاتحادية، جاءت نسبة التصويت ب«نعم» %78.80، حيث صوت ب«نعم» على مشروع الدستور 469 ألفًا و943 صوتًا، بينما صوت ب«لا» 126 ألفًا و836 صوتًا، بنسبة 21.20%، وكان عدد الأصوات الصحيحة 596 ألفًا و329 صوتًا، وجاء عدد الأصوات الباطلة 13 ألفًا و352 صوتًا، وكان إجمالى الحضور 609 آلاف و681 شخصًا.
وفى محافظة أسوان، أظهرت النتائج أن 149 ألفا و20 شخصا صوتوا ب«نعم» على مشروع الدستور بنسبة بلغت %75.22، فيما صوت ب«لا» 45 ألفا و396 شخصا بنسبة %22.9، وكان إجمالى عدد الحضور 198 ألفا و107 ناخبين، وبلغ عدد الأصوات الصحيحة منها 194 ألفا و416 صوتا، والباطلة 3691 صوتا.
ومحافظة جنوب سيناء، أيضا كانت إحدى المحافظات التى أثارت علامات استفهام حول توجهها للتصويت حيث إنها كانت إحدى المحافظات التى دعمت الفريق شفيق فى وجه مرسى فى الانتخابات الرئاسية لرفضهم سيطرة الإخوان، خاصة أن جنوب سيناء تضم مدنا سياحية بالدرجة الأولى مثل شرم الشيخ وطابا ودهب، وغيرها، وبالرغم من ذلك صوت فيها ب«نعم» على مشروع الدستور 11 ألفًا و697 صوتًا بنسبة %63.43، بينما صوت ب«لا» 6 آلاف و743صوتًا، بنسبة %36.57، وكان عدد الأصوات الصحيحة 18 ألفًا و440 صوتًا، وجاء عدد الأصوات الباطلة ألفًا و410 أصوات، وكان إجمالى الحضور 19 ألفًا و850 مصوتًا.
أما شمال سيناء، فلم تغير موقفها عن انتخابات الرئاسة أو الاستفتاء الأول، خاصة أن العصبيات القبلية وزعامات شيوخ القبائل الذين أعلنوا تأييدهم لمرسى أثرت على التصويت، حيث صوت فيها ب«نعم» على مشروع الدستور 50 ألفًا و924 صوتًا بنسبة %78.30، بينما صوت ب«لا» 14 ألفًا و111 صوتًا، بنسبة %21.70، وكان عدد الأصوات الصحيحة 65 ألفًا و53 صوتًا، وجاء عدد الأصوات الباطلة 941 صوتًا، وكان إجمالى الحضور 65 ألفًا و976 مصوتًا.
وقالت الدكتورة هدى زكريا، أستاذ علم الاجتماع، إن محافظات الصعيد بعيدة كل البعد عن الوعى السياسى، قائلة إنه من الغريب أن يتوقع الناس أن المناطق الأكثر فقرا ستكون هى الأكثر وعيا، مشيرة إلى أن هذه المحافظات وعيها دائما ما يكون معكوسا.
وأكدت أن الذين يعيشون حالة من الجهل والفقر الشديد لا ننتظر منهم رد فعل ثوريا، حتى بعد حادثة القطار، لافتة إلى أن هذه المحافظات بها قبائل لها تاريخ طويل مع جماعة الإخوان المسلمين، هى التى تحكم الأمور، فالمسألة ليست ردود فعل طبيعية بأن تأخذ محافظة أسيوط موقفا ضد الدولة بعد حادثة، إنما غالبا ما يتم تفصيل الأمر دينيا.
على جانب آخر، أشارت إلى أنه لا يمكن حتى الآن أن نجزم بنزاهة العملية الانتخابية فى محافظات الصعيد، لأننا-على حد قولها- لا يمكن أن نعرف ما الذى دار بالفعل، ومدى هيمنة القبلية داخل لجان التصويت على الاستفتاء.
وأشارت إلى أن الداعين لقبول الدستور استخدموا الوعود المعتادة بالاستقرار والأمن وتنمية البلاد، وغيرها من الوعود التى تؤثر بشكل كبير على الأهالى فى محافظات الصعيد، حتى إن تم تكرارها فى كل انتخابات واستفتاء، بالإضافة إلى أن الصعيد يختلف تماما عن القاهرة التى تعد مجتمعا متجانسا فيه الأغنياء والفقراء، إنما الصعيد فيه صرامة وعادة ما يكون الحزب الحاكم «مربط» العلاقات مع شيوخ القبائل هناك.
أما بالنسبة لجنوب سيناء، فقالت «زكريا» إنه حتى الآن تعتبر سيناء علامة استفهام كبيرة، لافتة إلى أنها متروكة منذ وقت طويل، ولا نعرف تحديدا من يديرها، حتى إن المحافظة تظهر وتختفى مع الأحداث، تارة نجدها متصدرة وسائل الإعلام، وتارة أخرى تختفى تماما. وأشارت إلى أنه دائما ما يكون هناك تحالف سرى واضح بين الدولة ومن يديرون الحياة فى سيناء لا يمكن الكشف عنه، ويتجلى بوضوح فى مواقف مثل الانتخابات والاستفتاء، وبالتالى فإن سيناء تحتاج إلى كشف الغطاء عنها أولا حتى نتمكن من تحديد ما يدور بداخلها بالفعل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.