ضرباته الواثقة على الطبلة فوق رصيف الاتحادية فاقت عدد سنوات عمره كثيرا، وهى تحرك العشرات من حوله حين يلقى ضربة سريعة هنا تسرق منهم ابتسامة نشوة، وأخرى قوية تخرج معها هتافات ومشاعر الغضب، تتبعها مجموعة متتالية ترتفع معها أهازيج الألتراس أمام القصر تقول فى إصرار "قولناها زمان للمستبد الحرية جايه لابد". ضربات طبلة يوسف نبيل صاحب ال16 عاما جاءت من الدقهلية مع مجموعة من الأصدقاء لتحاول "تسليك" أذن أهالى قصر الاتحادية التى بدا لهم أن ارتفاع تطبيل الحاشية ومتملقى السلطة سدها عن الاستماع لصوت الحق والشارع، وهيئها على أنها أصوات تحاول سرقة السلطة، مما جعلهم يبدلون مواقفهم التى كانوا قد أعلنوها والتزموا بها أمام الجميع من قبل. يوسف بدأ قصته مع الطبلة مثل معظم الأطفال فى المرحلة الابتدائية بالمدرسة حينما كان المسئول عن تأدية طبلة النشيد الوطنى، ثم أصبح "مسامر" وهو اللقب المعروف به المسئولون عن الطبلة فى فرق الكشافة حين انضم لها منذ بعض سنوات كمكان يمارس فيه هوياته ويتعلم منه بشكل طبيعى ما يحب، ولم يكن يتوقع خلالها أنه سيستخدم هذه الطبلة وهو مازال فى سن السادسة عشرة للتظاهر ضد رئيس الجمهورية ولكن كما يقول مبتسما "الثورة بتعمل المعجزات". ألتراس الزمالك أو "وايت نايتس" هى استكمال رحلة يوسف مع الطبلة الآن ولكنها بها بعض الاختلافات عن المراحل الأولى يشرحها بين أصدقائه فى عجلة قبل أن يلبى مطالبهم بالرجوع للطبلة "فى الألتراس مسئول الطبلة بيكون اسمه الطنبورجى وبيكون معاه مساعد بيمسك ليه الطبلة وهو بيكون ماسك العصيان اللى بنسميها زوقله لكن الأهم أن فى الألتراس بيكون مسئول الطبلة ليه مهمة كبيرة وبقى عندنا رسالة نوصلها وبنحرك الناس مش مجرد أننا بنطبل وخلاص". إتقان يوسف فى إمساك الزوقلة لساعات دون كلل أو ملل يجعلها تبدو وكأنها امتداد طبيعى ليده وحتى سرقته من الطبلة دقائق من قبل بعض المتواجدين حتى يتعرفوا عليه أكثر هى مهمة صعبة لمن حاولوا القيام بها فعينه حين يبتعد عن طبلته لا تتوقف عن البقاء معها تتابعها فى حزر وأحد أصدقائه يحاول أن يقوم بما كان يقوم به هو دون أن يستطيع تأدية المهمة بنفس الاتقان لتنخفض أصوات المتظاهرين دقائق لا يستطيع الطنبورجى أن يتحملها ليترك من يقف معهم ويعود على الفور إلى طبلته. "الزوقلة والطبلة خلاص بقت حاجة صعب أطلع منها والألتراس فكرة هتفضل جوانا لكن أكيد طموحى أكبر فى حاجة ثانيه" يقول يوسف الذى أعتاد الحصول على الدرجات النهائية طول سنوات دراسه حتى وصل الآن إلى الثانوية العامة ويتابع "حلمى أنى أكون مهندسا لكن فى بلد حرة أن شاء الله هنقدر نحقهها".