رئيسة الحزب الاشتراكي الألماني تعلن اعتزامها عدم الترشح مجددا لهذا المنصب    البرلمان العربي يوجّه رسائل عاجلة للأمم المتحدة وحقوق الإنسان واليونسيف لإنقاذ أطفال غزة    وفاة سيدة في عملية ولادة قيصرية بعيادة خاصة والنيابة تنتدب الطب الشرعي بسوهاج    ضبط 3 أشخاص تعدوا على طالب بسلاح أبيض فى الجيزة    إعلام عبرى: ويتكوف قدم لحماس مقترحا لصفقة تبدأ بالإفراج عن 10 محتجزين    أول تعليق من هانز فليك بعد اكتساح برشلونة نظيره ريال مدريد في الدوري الإسباني    وفاة المخرج عادل القشيرى.. ونقابة المهن التمثيلية تنعيه    "خارجية النواب" توافق على موازنة اللجنة التنسيقية لمكافحة الهجرة غير الشرعية    الداخلية تضبط المتهم بالاستعراض بسيارة فى الطريق.. فيديو    تنطلق 22 مايو.. جدول امتحانات الصف الأول الإعدادي الترم الثاني 2025 محافظة أسيوط    مركز السينما العربية يمنح جائزة الإنجاز النقدي للناقد العراقي عرفان رشيد والقبرصي نينوس ميكيليدس    أمينة الفتوى: لا حرج في استخدام «الكُحل والشامبو الخالي من العطر» في الحج.. والحناء مكروهة لكن غير محرّمة    الاعتماد والرقابة الصحية: القيادة السياسية تضع تطوير القطاع الصحي بسيناء ضمن أولوياتها    بث مباشر.. مدبولي يستقبل 150 شابًا من 80 دولة ضمن النسخة الخامسة من "منحة ناصر"    وزير الخارجية والهجرة يلتقي قيادات وأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي    البترول تنفي وجود تسريب غاز بطريق الواحات.. لا خطر في موقع الحادث السابق    جامعة بنها تطلق أول مهرجان لتحالف جامعات القاهرة الكبرى للفنون الشعبية (صور)    إصابة طالبة سقطت من الطابق الثالث داخل مدرسة فى بشتيل بالجيزة    فى المؤتمر المشترك الأول لكليات ومعاهد الإعلام :الأمية الثقافية تهدد مستقبل الإعلام العربى    وزير الخزانة الأمريكي: أحرزنا تقدمًا ملموسا في المفاوضات التجارية مع الصين    آدم البنّا يطرح أغنية "هنعمل إيه" مع مدين وتامر حسين- فيديو    جيش الاحتلال: نقل لواء المظليين من الجبهة السورية إلى غزة لتوسيع الهجوم    النائب محمد طارق يكشف كواليس إقرار قانون تنظيم الفتوى    الشوط الأول| زد يتقدم على مودرن سبورت بثنائية    الإفتاء توضح كيف يكون قصر الصلاة في الحج    هل هناك حياة أخرى بعد الموت والحساب؟.. أمين الفتوى يُجيب    عالم أزهري يكشف سبب السيطرة على التركة من الأخ الأكبر وحرمان الإخوة من الميراث    هل يخضع زيزو لجلسة تحقيق جديدة بالزمالك؟.. تعرف على التفاصيل    محافظ شمال سيناء يستقبل رئيس الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية    محافظ الغربية: إطلاق أكبر قافلة طبية علاجية بمركز قطور    وزير الخارجية الفرنسي: العلاقات مع الجزائر «مجمدة تمامًا»    فرص مفاجئة.. اعرف حظ برج الجوزاء في النصف الثاني من مايو 2025    حملات مكثفة لإزالة الإشغالات والتعديات بمدينة العاشر من رمضان    محافظ أسوان يوجه للإسراع بإستكمال المشروعات المدرجة ضمن خطة الرصف بنسبة 98 %    سقوط مسجل شقى خطر بحوزته 25 كيس أستروكس معدة لتوزيعها بالفيوم    أسئلة تبحث عن إجابات حقيقية    غدا.. رئيس الوزراء اليوناني يلتقي نظيرته الإيطالية في روما    طرح 3 شواطئ بالإسكندرية للإيجار في مزاد علني| التفاصيل والمواعيد    الثلاثاء.. فتحي عبدالوهاب ضيف لميس الحديدي في "كلمة أخيرة"    الصور الأولى من فيلم هيبتا: المناظرة الأخيرة    جنى يسري تتألق وتحرز برونزية بطولة العالم للتايكوندو للناشئين تحت 14 سنة    مصدر مقرب من اللاعب ل في الجول: عمر فايد يرغب باستمرار مشواره الاحترافي    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع سير منظومة العمل بملف التصالح بالمركز التكنولوجي في الواسطى    فتح باب التسجيل للتدريبات الصيفية بمكاتب المحاماة الدولية والبنوك لطلبة جامعة حلوان    خلف الزناتي: تنظيم دورات تدريبية للمعلمين العرب في مصر    انطلاق قافلة دعوية مشتركة بين الأزهر الشريف والأوقاف    المستشار محمود فوزي يرفض مقترحات بحظر النشر في ملف الإيجارات القديمة    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    محافظ الشرقية يشهد حفل قسم لأعضاء جدد بنقابة الأطباء بالزقازيق    رد حاسم للاتحاد التونسي: هل طلب الأهلي استثناء بن رمضان من معسكر المنتخب؟    الأحوال المدنية تستخرج 32 ألف بطاقة رقم قومي للمواطنين بمحل إقامتهم    خبر في الجول - عمر خضر يقترب من الغياب أمام غانا بسبب الإصابة    تأجيل محاكمة 41 متهم ب "لجان العمليات النوعية بالنزهة" استهدفوا محكمة مصر الجديدة    ارتفاع كميات القمح المحلي الموردة للشون والصوامع بأسيوط إلى 89 ألف طن    محافظ الدقهلية يحيل مدير مستشفى التأمين الصحي بجديلة ونائبه للتحقيق    ماذا يحدث للشرايين والقلب في ارتفاع الحرارة وطرق الوقاية    عاجل- البترول تعلن نتائج تحليل شكاوى البنزين: 5 عينات غير مطابقة وصرف تعويضات للمتضررين    احتدام المنافسة على البقاء بين مصطفى وكوكا.. نانت يتعادل مع أوكسير ولو هافر يخسر من مارسيليا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المستشار محمود مكى نائب الرئيس فى حوار كاشف لخالد صلاح: أنا ضد الإعلان الدستورى كقاض غيور على استقلال القضاء.. لكنه أوقف شر فتنة.. بعض القوى السياسية تحاول استغلال القضاء فى المعركة السياسية
نشر في اليوم السابع يوم 06 - 12 - 2012


◄ ولو قلنا الحقائق سنهدم صورة القضاء
◄ والأصوات العالية ليس لها وزن ولا قيمة إلا بصندوق الانتخابات
بعد أيام قليلة وفى حال حصول مشروع الدستور المصرى الحالى على «نعم» فى الاستفتاء المقرر له يوم 15 ديسمبر الجارى، سيكون المستشار محمود مكى خارج منصبه كنائب لرئيس الجمهورية، لأن الدستور لا ينص على وجود هذا المنصب، ومن هنا تكتسب شهادة المستشار مكى حول الأوضاع الجارية أهميتها، فهو وبحكم الدستور الجديد ليس أمامه «ذهب المعز»، حتى يزين الأوضاع طمعا فى الاستمرار بالمنصب، لكنه فى نفس الوقت محملا بتاريخ ينظر إليه المعارضون للدكتور مرسى، على أنه ليس من المنطقى أن يكون هذا الرجل الذى كان أثناء حكم مبارك من رموز استقلال القضاء، يصبح الآن موافقا على الإعلان الدستورى بما يعطيه للرئيس من صلاحيات مطلقة، والتغول على السلطة القضائية، وموافقا على مشروع الدستور الذى سيتم الاستفتاء عليه يوم 15 ديسمبر الجارى دون توافق وطنى، ومراقبا لما يحدث من اعتصامات أمام المحكمة الدستورية العليا مما أدى إلى تعطيل عملها، وذلك دون رفض واضح له.
نائب الرئيس المستشار محمود مكى الذى يؤكد فى حواره ل«اليوم السابع»، أنه لن يستمر فى منصبه، وأن عودته إلى منصة القضاء هى تاجه الحقيقى، يرد على كل ما سبق، كاشفا عن أسرار كثيرة بعضها تلميحا، وأخرى تصريحا حول دوافع الرئيس للإعلان الدستورى، وقبلها أزمة النائب العام، وما يحدث أمام المحكمة الدستورية من اعتصامات, ويتحدث عن المشهد الحالى لانقسام الشعب المصرى وحالة الاستقطاب الشديدة التى تسود بين المصريين وإلى نص الحوار.
كيف ترى المشهد الآن فى ضوء وصول الحشود المعترضة على الإعلان الدستورى والدستور إلى قصر الاتحادية؟
- لا أحد ينكر أن الموقف الآن تسوده حالة من الاحتقان بين كل القوى السياسية بكل ألوانها أو أطيافها، وكنت أود فى الحقيقة أن يكون مسلك كل القوى السياسية مغايرا للمشهد الحالى، وتسعى إلى التهدئة والبحث عن نقاط الالتقاء والتفاهم فى المرحلة الحالية، وما أقصده بالقوى السياسية ليس فقط القوى الثورية كما نسميها، أو القوى الموجودة فى ميدان التحرير، لكننى أقصد كل القوى السياسية، بما فيها من يؤيد السيد الرئيس وأنصاره أو من يعترض عليه، أو يعارض بعض قراراته، هذا المشهد فى غير مصلحة مصر، ونحن فى توقيت ومرحلة حرجة، وكل محب لبلده لابد أن يسعى للاستقرار، وسبق أن عبّرت عن رأيى فى اجتماع بالرئاسة مع رؤساء التحرير، كنت أنت بين من حضروه، بأن الاستقرار أحد عناصره التوافق على الدستور كمنتج، وإن كان التطابق فى الرأى مستحيلاً، ومن يحلم بالتطابق وتحقيق كل ما يأمل فى وثيقة الدستور فهو واهم, لأننا لسنا واحدا، والشارع كشف نسيج المجتمع، إننا لسنا اتجاها واحدا، رغم تصوير الإعلام فى المرحلة الأخيرة، وعندما أقول الإعلام لا أهاجم وسائل الإعلام، لكننى أشخص حالة فقط، فالإعلام يقوم بدور رئيسى فى إبراز المشهد على نحو معين.
سلبى أم إيجابى؟
- إيجابى فى الاهتمام وتسليط الضوء والتوعية، وسلبى فى التركيز على انتقاء المشاهد وتكبيرها أكبر من حجمها، أو إغفال أجزاء من المشهد، لأننى كمراقب بعيد عن منصبى هذا، وبطريقة الاطلاع للشخص والمواطن العادى، خلال الأسبوع أو الأيام العشرة الماضية أكاد أقول إن مصر قامت بها الثورة الثانية، من خلال العناوين التى تصدرت الصحف، مثل «ارحل ارحل»، أو «رئيس فقد شرعيته»، وهى عبارات للأسف تبنتها بعض القوى الثورية، ورفعتها فى لافتات وظهرت بها، وتصورنا أن كل مصر قامت ضد الإعلان الدستورى الذى أنا ضده، ولا أوافق عليه.
أنت إذن تعلن بوضوح أنك ضد الإعلان الدستورى؟
- طبعا.. مفيش كلام... وتحفظت على الصيغة التى صيغ بها الإعلان الدستورى وصرحت بهذا، وهذا ليس سهلا، وأقول إننى معترض عليه كقاض، وأى قاض غيور على استقلاله يتحفظ على صيغة الإعلان الدستورى، ولكن من يتعرف على بواعثه أو يعرف خلفية وظروف إصداره يقبل، ولست فى حل من التصريح بها، لأن من يملك التصريح بها هو السيد الرئيس فى الوقت الذى يراه مناسبا.
من يعرف خلفية الإعلان الدستورى.. هل يؤمن بأهمية صدروه؟
- يؤمن بأهمية اتخاذ إجراء أولًا يقى البلاد شر فتنة والدخول فى دوامة وصراعات، كان لا بد أن يتخذ إجراء ما باعتباره رئيس البلاد المنتخب انتخابا نزيها، ومسؤولا مسؤولية كاملة عن سلامة الوطن، وأقسم على حماية وسلامة الوطن.
هل كانت هناك مؤامرة على شخص الرئيس؟
- هذا من شأن الرئيس وحده أن يتحدث عنه
لكن هناك كلام تردد حول ذلك فماذا عن الحقيقة ؟
- نائب الرئيس يضحك قائلا: انت تبحث عن مانشيت.
الحقيقة نبحث عنها سيادة النائب؟
- دعنى أقل الفكرة، وسأذكر كل التفاصيل: المؤامرة على شخص الرئيس لا يصح أن أقول إنها لا تعنينى، لكن المؤامرة على الوطن أعلى وأغلى من الأشخاص، وأعتقد أنها أعلى وأغلى بالنسبة للسيد الرئيس نفسه لما لمسته من خلال صلتى به فى الفترة الماضية، لأنه ليس من النوع الذى يحافظ على بقاء شخصه، لأن المصلحة الأعلى هى الحفاظ على البلد نفسه، وهذا ليس كلاما كما كان يتردد خلال النظام السابق، وكان لا بد من مبررات حقيقية تهدد النظام والوطن، ولا شك أن إطالة الفترة الانتقالية أكثر من هذا تضر بمصلحة البلد، ولا بد أن المنطقى للأمور أن الرئيس يسعى لتقليص سلطاته وصلاحياته، ولأن الرئيس لديه صلاحيات غير مسبوقة، وطول المدة، وغياب البرلمان، لا يضره بأن تكون معه كل السلطات والصلاحيات يفعل بها ما يشاء، لكنه يسعى إلى تكوين المؤسسات، وإنهاء المرحلة الانتقالية، وتثبيت مؤسسات الدولة بما فيها القضاء، وأعود إلى الإعلان الدستورى، ففى ظاهره واضح أنه يشكل انتقاصا من صلاحيات القضاء، ولا شك فى هذا، وفى مقصده ونواياه يرى إبعاد القضاء عن المعترك السياسى، والتحصين الذى يقصده الرئيس يهدف إلى حماية مؤسسات الدولة، وأعمال السيادة هى التى تحفظ للدولة ومؤسساتها الثبات والاستمرار والاستقرار، فعندما حال الصراع السياسى بين بعض القوى السياسية، وما تهدف إليه من المشاركة بشكل أو بآخر من خلال الانتخابات البرلمانية أو الانتخابات الرئاسية، أصبح الطريق الوحيد هو اللجوء للقضاء، واللجوء للقضاء هنا هو محاولة لاستخدام أداة بخلاف القوة الشعبية، وتصويت المواطنين كسلاح للوصول لتحقيق للهدف.
هل بعض القوى السياسية تسعى لاستغلال القضاء؟
- لا شك فى هذا.. فالقضاء يزج به فى معترك السياسة، وتأمّل فى نوعية القضايا ودور القضاء فى الفترة الماضية، لتعرف حجم الحساسية، وأشفق على القضاء، لأنه منذ قيام ثورة 25 يناير وهو يدفع ثمنا غاليا، ويستنزف رصيده من الثقة لدى الشعب، حتى وصلت الهتافات والاحتجاجات والمطالبات من الثوار ضد القضاء مدى غير مسبوق، أليس كذلك؟.
نحن فى ظروف صعبة كدولة، والشعب المصرى إما يختار طريق الحفاظ عل الشرعية، ويحترم الشرعية الدستوية، أو يلجأ لما يسمى بالشرعية الثورية التى تعصف بكل ما هو مكتوب وثابت من التشريعات، ويكون كل القرارات التى يصدرها الحاكم باسم الثورة يحطم بها كل القيود، ومصر لم تختر هذا الطريق، وتمسكت بالطريق الأول، بالحفاظ على مؤسسة القضاء، وتحكم بموجب التشريعات الثابتة والقائمة، واحترمت الإعلان الدستورى الذى يشكل المرحلة الانتقالية حتى وضع الدستور، والسيد الرئيس حل محل المجلس العسكرى بالقرار التاريخى الذى اتخذه يوم 12 أغسطس، وتحمل مسؤولية ثقيلة جدا، ويريد أن يتخلص منها بالشكل المطلوب والمأمول، وفى الوقت نفسه يفى بتعهداته لناخبيه الذين وعدهم بتحقيق أهداف الثورة، ولو تأملت الفترة الماضية ستجد الصعوبات التى واجهته.
مثل ماذا؟
- فى اليوم ال60 أو 65 كانت موجة المطالبة بالحساب على فترة المائة يوم شديدة، وسط صيحات «تعالى لأحاسبك» وكأن المشانق سيتم تعليقها، ودى مصر أم الدنيا بحجمها ووزنها وثقلها ليس فى المنطقة العربية، لكن العالم كله، وتيجى تحاسب السيد الرئيس على وعود قطعها على نفسه، ليس لخداع الشعب وبهدف الحصول على أصواتهم، لكنه قطعها وهو جاد فى تحقيق الآمال، ولحل المشاكل، ومن المفترض أن تكون هناك معاونة ومساعدة.
هل كان الرئيس يحمل المسؤولية وحده ولم يكن هناك من يساعده؟
- طبعا لم يكن هناك من يعاونه أو يساعده ولو اكتفت الناس بأنها لا تشارك ووقفت عند هذا الحد بدون مساعدة، لكان الأمر يسيرا، ولكن حدث تعويق واضح فى أكثر من موضع، ومحاولة تشكيك فى كل إنجاز يتم، وحساب قاسٍ على السيد الرئيس.
باعتبارك نائب رئيس الجمهورية ولك ما لك فى قلوب المصريين جميعا، من قيمة قضائية، وتختلف مع الإعلان الدستورى الصادر من المؤسسة التى تنتمون إليها، كيف تفسر للمواطنين والنخب والمفكرين أو القوى السياسية صدمة هذ الإعلان.. ألم يكن من الأجدر أن يدعو السيد الرئيس هذه النخب للحوار على الأقل القوى غير المشتبه بها بالتواطؤ؟
- أتحفظ على كلمة المشتبه بها بالتواطؤ، ولا أتصور أن أتكلم عن التواطؤ من القوى السياسية، لأننا نعرف أنه من ضمن الميراث الثقيل فى مصر هو ميراث إفساد حدث فيها بكل مؤسساتها، ولم نستثنِ مؤسسة واحدة من الدولة من تفشى الفساد وانتشاره داخلها، وأدوات تطهير هذا الفساد ليست فى يدك ولا تملكها، لاحظ أننا ارتضينا بقانون الشرعية، مصر لم تحكم بقانون الطوارئ، لاحظ أن هذا الرئيس لم يستخدم حالة الطوارئ برغم توافر مبررات إعلانها فى فترات مرت بها مصر، لعل كان أقربها أحداث محمد محمود أثناء الاحتفال بذكرى أحداثه، وحدوث مزيد من العدوان والشهداء، وهى مسألة مرفوضة، بدون شك، أيضا أحداث السفارة الأمريكية، والتى تبرأت منها كل القوى السياسية، وقالت إنها غير مسؤولة عنها، وكنت أتوقع أن السيد الرئيس فى ظل هذه الظروف مع اغتيال السفير الأمريكى فى بنغازى أن يعلن حالة الطوارئ ليسيطر ويحمى، لكنه استطاع برباطة جأش شديدة وبطول بال لأربعة أيام مواجهة الأمر دون استخدام الطوارئ، حتى تهدأ الأمور بشكل فيه تغيير فى المسلك.
أعود إلى الإعلان الدستورى، واعتراضك على صيغته.. هل صارحت الرئيس بذلك؟
- أعترض على صيغة الإعلان الدستورى لأنه صيغ بأسلوب يختلف عن صياغات القضاة، القاضى هو المُخاطب بالنص، ولو قرأه القاضى يجد المعانى والدلالات ماسة بصلاحياته واختصاصاته.
وعندما سألت السيد الرئيس صارحنى رغم اننى كنت أعرف من قبلها، لأنه كانت هناك معلومات متراكمة، وهذه المعلومات كان يجب على الرئيس أن يتخذ بشأنها إجراء كما حدث أو أجراء مشابها، وليس بالضرورة أن يكون إعلانا دستوريا. وأما بخصوص الإعلان الدستورى نفسه فأنا اعتبرت أن تعهد السيد الرئيس لى فى ذات اليوم وذات الجلسة، بمجرد أن شرح لى الظروف التى صدر فيها أنه لن يستخدم هذا الإعلان مستقبلا، وعد من السيد الرئيس الذى لم يخلف من قبل وعدا.
وشركاء الثورة الذين هم غاضبون الآن، ألم يكن من حقهم أن يعرفوا تفاصيل ما يجرى؟
- بالطبع من حقهم، فهم باعتبارهم من رموز الوطن، ولا أشكك فى وطنيتهم، عليهم أن يتوجهوا فورا للسيد الرئيس وطلب لقائه وعقد اجتماع معه، ليطلعوا على الظروف والملابسات، مثلما فعلت أنا، وأخذ التعهد اللازم عليه بما يقتضى سلامة الوطن.
أكان من الأولى من السيد الرئيس الذى التقى ثلاثة من هؤلاء الرموز من قبل أن يعرض عليهم الإعلان قبل صدوره؟
- كان من الأولى أن يقول لى قبلها.
إذن الظرف يقتضى السرية؟
- هذا تقدير السيد الرئيس، ويسأل فى هذا السيد الرئيس، مثلما فعلت وذهبت لسؤاله، وعندما أجد تصرفا غريبا أسجل اعتراضى عليه، وأسعى لمعرفة لماذا يحدث هذا.
قد يحدث هذا لأنه يتحدث مع منافسيه فى الرئاسة وفى الأفكار؟
- أليس منافسوه فى الرئاسة وفى الأفكار منافسيه على الوطن؟، ما الفائدة التى ستعود على السيد الرئيس من الإعلان الدستورى؟، وأتوقف عند هذه النقطة.
كيف ترى تحصين الجمعية التأسيسية المختلف عليها بين القوى السياسية؟
- كويس خالص.. إذن خصومك لا يريدون الجمعية التأسيسية رغم أنهم شاركوا فيها ووقّعوا على أوراقها، هل تريد أن نعود بالبلد من جديد فى جمعية تأسيسية لنرى كيف سنعيد تشكيلها، هم كانوا يطالبون السيد الرئيس بإعادة تشكيل الجمعية، بصلاحياته هم مسلّمون بها، كإقرار سلامة صلاحيات سيادته بموجب الإعلان الدستورى، هذا قانون، وأنت تقول استخدم صلاحياتك فى إعادة تشكيل الجمعية التأسيسية، إذن أنت تقر بأنه يملك هذه الصلاحيات، لكن تعطينى صلاحية بأن أختار بنفسى وتدخلنى فى دوامة، وتترك الكرة فى ملعبى، إذا كانت الجمعية التأسيسية التى اختارها النواب من مجلس الشعب ولا ترضاها، هل تريد لفرد أن يحتكر الاختيار؟ وتسأل لماذا أتيت ب«محمد» مثلا وتركت «على»؟، كيف تستقيم؟. دخلت بالبلد فى دوامة أنا أريد أن أتخلص من المرحلة الانتقالية ومن حملى، وأنقلها لمجلس الشعب بانتخابات نزيهة.
المكسب الوحيد من ثورة 25 يناير أنه أصبح لدينا تداول للسلطة، وانتخابات نزيهة، وبطلنا التزوير ونسعى إلى هذا، ونريد أن نعبر ونأتى بنواب جدد يختارهم الشعب.
ولكن ردة فعل نادى القضاة؟
- قبل أن أصل للقضاة.. كنت أقول المشهد الذى صوره الإعلام خلال الأيام العشرة الأخيرة، وكأن كل الشعب هو ميدان التحرير، غاضب وساخط وسيسقط النظام، فيضطر المؤيدون للإعلان الدستورى وأنا لست منهم، ينزلون فى مليونية فى التحرير، وهذا حقى لأن ميدان التحرير ليس لأحد فقط، فتقول لن تأتى على جثتى لن تدخل، فيرد أنت الليبرالى «وليس بتاع المغالبة»، ثم يغلق الباب ويمنع من الدخول، فيتراجع المؤيدون عن المليونية ثم يتراجع عن المكان، انظر مع من تتحدث، مع المتشددين، إذن تحدث مع المتفتحين المستعدين للحوار، ستجد فى المقابل، لا حوار إلا إذا!، ولا يوجد فى الدنيا إلا إذا، هناك حوار لكى نصل إلى التوافق وماذا نخذف وكيف نضيف، ولا بد من الحوار لأن البديل عن الحوار كارثى، ومهما حدث لا بديل عن الحوار، ونصل إلى مرحلة تجميد الإعلان الدستورى، ثم التفسير بأنه ضاغط لكى تقول نعم لإسقاط الإعلان الدستورى فى الاستفتاء على الدستور يوم 15 ديسمبر، وهذا نص صريح فعلا، أتحاور فيما سيحدث لو قلنا «لا»، هذا ليس حوارا.
هل فكر أحد ما مصير الدستور إذا تم التصويت ب«لا» على مسودة الدستور، هل تم طرح هذا السؤال؟
كيف ستتوافق القوى على تشكيل جديد، هل ستكون مجموعة مصغرة من الحكماء والعقلاء أو القانونيين المتخصصين فى الدستور، وتكتفى بهذا المنتج وتتولى المواد مثار الخلاف بشكل توافقى بين كل القوى، فى هذه الحالة سينتقل التشريع لمجلس الشورى، ويحتاج أن يكتمل تشكيله بالأعضاء المعينين من قبل السيد الرئيس، ليتعامل فى التشريع على الأقل لسنة تالية من سريان الدستور، ماذا فعلنا فى هذا الأمر؟، لا شىء.
وأثير فى لقاء سابق مع رؤساء التحرير عن من يحاول عودة البرلمان، وقلنا انشغلوا بالانتخابات البرلمانية، وتم الترويج للشائعات، ولم يسئ السيد الرئيس استخدام سلطة التشريع التى فى يده إلا لخدمة المواطنين وتحقيق الخير لصالح الوطن.
الأزمة فجرها الإعلان الدستورى لم تكن مع القوى السياسية وحدها لكن مع القضاة أيضا، وأدت إلى الاعتصام بنادى القضاة وما تبعه من رد فعل، أليس هذا نذير شؤم؟
- لا ليس نذير شؤم.. أنا سعيد وفخور بقضاة على رأسهم حماة الحريات والحقوق لأنه رصيدى الوحيد فى حياتى، وهو ما أتى بى فى هذا المنصب وهذا الموقع، والدور الذى قمت به فى الدفاع عن حريات المواطنين وغضب القضاة مبرر، أى قاض حريص على الحريات عليه أن يغضب ويخشى على الحق، ليس الغضب لنفسه ولكن غضبه للحفاظ على الحريات.
إذن ما الحل؟
- إعلان الغضب له أشكال، تسجيل الغضب واجب على كل قاضٍ ولكن ليس على حساب المواطنين، وبهذا سأكون من اعتدى على حقوق المواطنين أكثر من الإعلان نفسه، وتلقينا الإعلان الدستورى بالتزام صريح وواضح بعدم استخدامه مستقبلاً، لأنه حصن ما فات وحافظ على الجمعية التأسيسية حتى انتهت من إعداد المنتج الموجود بين أيدينا، والناس سيتم استفتاؤها عليه واستطلاع رأيها ونحتكم للشعب، أم نريد الاحتكام إلى أى أحد آخر، لا يوجد غير الشعب، والشعب سيقول بإرادة حرة هلى سيوافق على هذا المنتج أم يرفضه، لا القاضى ولا حتى أنا، وكل هذه الأصوات العالية التى نسمعها الآن ليس لها وزن أو قيمة إلا من خلال التعبير، ومن خلال الصندوق بإرادة حرة.
والقاضى لا يعطل المحاكم، وقيل لى الآن أصبحتم ضد الإضراب، ألم تكونوا مع الإضراب عام 2006؟، ورددت أنه لم يحدث أبدا، لوحنا بالإضراب ومقاطعة الاستفتاءات، ولكن لم نتخلَ عن أداء واجبنا إطلاقا، وكانت أعلى نسبة فصل فى تاريخ مصر كله خلال الشهر الذى اعتصمنا خلاله داخل نادى القضاة.
وأشرفنا بشكل مشرف أضاف إضافة لتاريخ القضاة، فعلناه لأننا انحزنا للمواطن ضد نظام كان يعتدى على حقوق وحريات المواطنين، واللحظة التى نحن فيها الآن من يحب بلده ويحب المواطنين الذين يدفعون الثمن يقف إلى جوارهم، حتى إن كان ضد النظام.
إذن رد فعل نادى القضاة الحالى ضد المواطن؟
- رد فعل نادى القضاة لتسجيل موقف فقط. ونقف عند هذا المستوى، أنا أعترض وأهيب بالسيد الرئيس وأناشده العدول عن الإعلان الدستورى فى أقرب وقت، ويجمده من الآن ويسقطه ب«نعم»، أو يلغيه ب«لا» أو يستبدل به إعلانا دستوريا آخر، هذا مطلب عادل جداً، أما التهديد بعدم الإشراف على الاستفتاء فهذا لا يؤذى الرئيس، ولكن يؤذى البلد، ويدخلنا فى دوامة لا يعلم إلا الله متى نخرج منها، تعطيل المحاكم والقضايا المواطن سيأخذ حقه بالقوة، لأن القاضى لن يعطيه حقه، ولا يوجد من ألجأ له، إذن سأحصل على حقى بذراعى، والقوى يأكل الضعيف، وهذا لم يكن فى خدمة مصر ولن يكون هناك مكان لقاض، وأوكد لك أن الأمر لا يسير بالصوت العالى، لأننى واحد من القضاة وقلت من قبل إن دخلت المنصب قاضيا سأخرج قاضياً، وأنا أدرى بالقضاة وتحديت الناس وسط التصريحات المطالبة بالمقاطعة بأن القضاة لن يتخلوا عن واجبهم فى الدفاع عن حقوق المواطنين وحرياتهم والإشراف على الاستفتاء أبدا، ولن يتخلوا عن أداء واجبهم فى المحاكم، وأعدك أن تجد من الأسبوع المقبل المحاكم منتظمة فى العمل، إن لم تكن نسبة %100 فعلى ضوء نتيجة الاستفتاء ستعود الأمور كما كانت وأفضل لتعويض ما فات.
دون إلغاء الإعلان الدستورى أو الاستجابة لمطالبهم؟
- الإعلان الدستورى سيسقط بنص الدستور نفسه إذا تمت الموافقة عليه فى الاستفتاء ب«نعم»، وإذا قيل «لا» سأدعو شيوخ القضاء جميعا، سأقوم بدورى وواجبى إذا بقيت فى منصبى، لعقد لقاء لوضع صيغة مناسبة تضمن للوطن سلامة مؤسساته فى الفترة التى ستكون امتدت فى الفترة الانتقالية تصحح من دلالة العبارات الواردة فى الإعلان الدستورى القائم، وأتمنى أن يشاركنا الغيور والمهتم بالوطن، ووقتها يقول الرئيس إنه أصدر الإعلان الدستورى لظروف معينة ويعلنها.
أنا لست ضد الشفافية، وهل يستطيع أحد أن يطلب من وزير الدفاع أو مدير المخابرات أن يقول كل الأمور التى لديه، من الصعب طبعا، هناك من الأمور ما يكون إخفائها أفضل من إعلانها، ولم أقل كل شىء فى أزمة النائب العام عندما تحدثت للنائب العام واتهمت من صحفية صغيرة السن أننى أراوغ، وقيلت لى ألفاظ تحملتها من شابة متحمسة، تحاول استفزازى ولن أقول، والحقيقة أعلنت فى الصحف على لسان وزير العدل وهو حر، وأنا بموقعى كنائب لرئيس الجمهورية شهدت كل الأحداث، ولم أشارك فى صنع الأزمة ولكن شاركت فى حلها واطلعت على الحقائق، وأعلم الحقيقة كاملة، ولو قلتها تهدم صورة راسخة، لكنى حريص على صورة القضاء، حتى إن كنت مختلفا مع أشخاص.
لهذة الدرجة؟
- نعم بالتأكيد لهذه الدرجة، هذه قيمى ومبادئى، أحافظ على خصمى مادام بقى شاغلا لهذا المنصب، أما الآن طالما أصبح فى الماضى، فأنا أقول إن صحة الشهادة فيما شهد بها وزير العدل على صفحات الجرائد، وتأيدت باللجنة الثلاثية التى ذهبت من الجمعية التأسيسية، والتى اتهمت المستشار حسام الغريانى بأنه استخدم التهديد مع النائب العام لإجباره على العزل وترك منصبه. واستمعت إلى النائب العام، وقال إنه اتصل بالغريانى بعدما خرج من الرئاسة، فقال له: «يا راجل أهددك وتتصل بى»، فرد عليه: «خلاص نغلق هذا الموضوع». وأنا أيضا أقول أغلق هذا الملف لأن حقيقته مؤلمة.
مارأيك فيما يدور أمام المحكمة الدستورية العليا من اعتصامات؟
- من أسوأ ما يكون، وأنا اشفق على زملائى القضاة وأعتبرهم زملائى ومازلت، وليس فقط بسبب الاعتصام أو الحشود التى توجد أمام المحكمة، ولكن الجو النفسى والضغوط النفسية، حتى إن كنت بعيدا عن حيز محيط المحكمة، والقضاة يعملون فى ظروف صعبة.
وما دور المؤسسات الأمنية؟
- لم يحدث أن المؤسسات الأمنية فرطت فى الحفاظ عليهم، هم يحافظون على حق التظاهر، وحماية المنشأة، لماذا أمنعه عن وزارة الداخية أو التأسيسية التى ألقيت عليها قنابل مولوتوف، ونحزن على شىء ونترك الآخر. قلنا قنن، وأعطنى صلاحيات للحماية، وضع ضوابط، وقيل إلا التظاهر وحق الناس فى التعبير عن الرأى، والأمور أصبحت «سايبة».
لكن هناك قضاة قالوا إنهم منعوا من دخول المحكمة؟
- أؤكد أننى كنت متابعا أكثر من ساعة بساعة للاطمئنان على أن قضاة المحكمة الدستورية الذين رغبوا فى التوجه للمحكمة مُكنوا من الدخول دون مقاومة، إطلاقا لم يحدث أن يكون منع أى شخص، وأتحدى أن يخرج شخص يقول إنه تم منعه، وفى الساعة التاسعة صباحا دخل 19 محاميا و3 قضاة، وواحد من هيئة المفوضين، وجميع الموظفين العاملين بالمحكمة، وفى الساعة الثانية عشرة ظهرا اجتمعت هيئة المفوضين بكامل تشكيلها، ومن سأل عن الحال أمام المحكمة وقيل له إن المظاهرات كثيفة أمام المبنى تجنب أن يذهب. أما عن تعليق الجلسات فأعتقد أنه قرار متخذ قبل الموقف، علمت أنه طُرح من أغلبية قضاة المحكمة حل بتعليق العمل أسوة بالقرارات التى صدرت بالمحاكم تضامنا مع الزملاء الذى علقوا الجلسات دون أن تكون هناك قضايا حساسة، وهذا الرأى طرح داخل المحكمة، أنا ضد التأثير على عمل القاضى بالصوت العالى، لأن القضاء يدفع ثمنا غاليا بتصديه للقضايا الحساسة ليكون لديه الحسم فى القضايا السياسية، ومن يريد هدم التأسيسية بالقاضى ثم حل مجلس الشورى، الدعوى ضد الرئاسة والمحكمة هى ما تدفع الثمن الآن، وارتأت أن تخرج من المشهد كله وهو ما كان الرئيس يقصده بالإعلان الدستورى، بقوله «مالكش دعوة بالقضايا دى».
وهذا القرار ليس له دخل بالمظاهرات أمام المحكمة فى معلوماتك؟
- قد تكون المظاهرات رجحت هذا الرأى، وحسم الموقف وجود هذا السبب.
ليس الردع المعنوى إذن؟
- ليس الردع المعنوى لأن القضاة تحملوا الكثير، والمحاكم حوصرت فى قضايا عديدة وصدرت أحكام، أليس هؤلاء القضاة الذين أصدروا قرارهم ونتيجة فوز الرئيس محمد مرسى بالرئاسة، والتيارات فى مصر كانت تقف وجها لوجه، وحتى قرار محكمة القضاء الإدارى بحل مجلس الشعب كانت محاصرة، وأزمة المحامين، بنوا حوائط أمام المحاكم وأغلقوها بالجنازير، عشرات الحوادث التى عمل خلالها القضاء وتعرض لعدوان مادى قاسٍ جدا، لكنه ظل يعمل، وفى هذه الظروف هى رجاحة عقل من المحكمة فى محلها، وتتماشى مع الغرض من الإعلان الدستورى، وتجنب من المحكمة نفسها التبعيات التى تلت حل مجلس الشعب، وتجنبنا الدخول فى متاهات كثيرة.
لكن هل كانت المحكمة الدستورية حسب معلومات الرئاسة طرفًا فى أى مؤامرة؟
- لا أستطيع الإجابة عن هذا السؤال، لأن الإجابة عنه تتطلب أن أكون ممسكا بيدى بالدليل، وإذا بالدليل فلن أتردد لحظة، وما أستطيع تأكيده الآن أنه لابد أن يكون مصدر الدليل مشروعا، لأنه نسب إلينا اتهاما كيديا فى واقعة التسجيل للنائب العام السابق عبدالمجيد محمود، والمحامى العام، وهى تهمة ملفقة وغير حقيقية طبعا.
ولكن ما قاله هو أحد قيادات حزب الحرية والعدالة؟
- أعرف أن من قال ذلك هو أحد قيادات الحرية والعدالة، الدكتور عصام العريان تحديداً، ويسأل فيما قاله، وتصورى أن معلومات عامة توفرت لدى الناس كلها أن المؤسسات الحساسة مثل الرئاسة، والمخابرات العامة، والمخابرات الحربية، والرقابة الإدارية، وسفارات الدول وقنصلياتها، أن المكالمات التى تجرى من هواتفها، إن كانت هى المتصلة أو متلقية الاتصال، هناك علم عام باحتمال أن تكون مسجلة، وهى ليست الأسرار الشخصية التى قصدها المسجل بالحماية، المشرع عندما قال لا تسجل أو تستمع بدون إذن كان لا يتحدث عن حياتك الشخصية، ولكن فى مؤسسة الرئاسة هذا نظام لم يكن معمولا به حتى فى نظام حسنى مبارك، وليس معمولا به فى الرئاسة، ثم المستشار عبدالمجيد محمود يعلم أنه لم يتم اتصال بينه وبين الرئاسة، فعليه أن يسأل من اتصل به فى الرئاسة لأنه يعلم أن من هاتفه المستشار أحمد مكى، وزير العدل، من هاتفه المحمول، فلماذا يسأل فى الرئاسة، ويطلب الاستعلام، وأيضا يصدر بيانا للصحافة أنه طلب الاستعلام عن أن هناك تسجيلات أم لا، عليك أن ترى بلاغات قضاة مصر فى الجمعية العمومية لسنة 2006، بتزوير الانتخابات وقدموا مستندات أصلية رسمية تثبت تزوير الانتخابات فى دائرة محافظة دمياط، ولم يبت فيها حتى الآن.
عبر النائب العام السابق؟
- إن لم تكن عبر النائب العام السابق، فتولى النائب العام منصبه بعد البلاغ بشهرين، مما يعنى أن البلاغ ترك لمدة 6 سنوات، وأنا أحد المبلغين ولم أتلق ردا، وقبل أن تبحث عن استعلام أنت تملك الإجابة.
هل قمت بدور فى إقناع المجلس الأعلى للقضاء بالإشراف على الاستفتاء؟
- لا.. لم أتدخل على الإطلاق فى هذه المسألة، وراهنت على القضاء وليس المجلس الأعلى للقضاء فقط، لأنه حس وطنى.
ألم تخاطبهم الرئاسة؟
- إطلاقا..
الرئيس قال فى خطاب تسلم مسودة الدستور، أن القضاء سيكون لهم ما سيطمئنهم قريبا؟
- لم يحدث، أنا من قلت ذلك... والرئيس تطرق إلى مواقف القضاة سابقا فى حماية الانتخابات وموقفهم الوطنى، وأشاد بما فات، أما فى العبارة التى صدرت عنى أنا، أن غضبة القضاة مبررة.. ما يطمئن القضاة سيصدر قريبا، والرئيس قال إنه لم يستخدم الإعلان الدستورى، والرئيس لن يستخدم صلاحيات هذا الإعلان.
وبصفتك قاضيا.. هل للرئيس سلطة تأسيسية لإصدار إعلان دستورى؟
- إذا أنكرت على الرئيس سلطة الإعلان الدستورى، أعطنى البديل، ورأى أساتذتنا الذين ينكرون على السيد الرئيس سلطة إصدار إعلان دستورى، وأنه لا يمكن قوله إلا إذا كنت تملك دستورا، وبدون دستور ومؤسسات الدولة لن تتشكل ولن تتكون، نتحدث فى هذه النقطة، فإن ما يحكمنى هو إعلان دستورى صدر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وكأنه نصوص لا تقبل التعديل والمساس، وهذا الإعلان المكمل أطلق عليه الشعب «المكبل»، وصدر قبل انتخاب الرئيس، وتولى الرئيس مسؤوليته.. قف أمام هذا الإعلان المعيب الذى صدر فى 17 يونيو، ستجد أن المشير طنطاوى والفريق عنان غير قابلين للعزل، إلى أن تقام انتخابات برلمانية. هل هذا ما نريده، وهومحصن ولا يجوز المساس به، نتركه يحكم. ثم الموضوع ليس له دخل بالرئيس ولكن نتحدث عن الملايين التى انتخبت الرئيس، عندما تنكر عن الرئيس شرعيته، تنكر على من انتخبه التعبير عن شرعيتهم ورأيهم، لأنه يتحدث باسمهم على الأقل، وضع فى اعتبارك أنك تتحدى إرادة هذا العدد على الأقل. لأنه زاد عليه من ارتضى بالنتيجة، وأصبح رئيسا لكل المصريين.
في رأى قانونى.. هل توافق على الدستور بمسودته الحالية؟
- لا أجد مبررا واحدا يجعلنى أقول لا للدستور. ومن يقول لا، يجب أن يضع البديل حسب ما تابعت، الدستور أخذ من المحادثات والمراحل التى مر بها ميلاد هذا المشروع واللجان للتحضير وعدد الساعات التى تم استغراقها وعدد المقترحات التى قدمت من الناس، وتصورات وصلت إلى حد تقديم دستورى كامل، وكثير من المواد الموجودة بالتوافق، ولو كان المنتح معبرا عن فصيل واحد المسمى بالتيار الإسلامى يزيد تقديرى بهذا الفصيل الذى قدم هذا المنتج، بفرض صحة أنهم انفردوا بصياغة هذا الدستور وحدهم، بكل ما أشيع عن تسلطهم، والمغالبة وعدم مراعاة الآخر، كل هذا أصبح كلاما لا أساس له من الصحة، لأنه روعى فيه قدر كبير من الحقوق والحريات ينص فيه لأول مرة وتقليص صلاحيات رئيس الدولة.
هل هناك اقتراح لاتفاق ضمنى أن المسودة مطروحة للنقاش من الممكن التعديل فيها بعد خمس سنوات مثلا؟
- لا بأس إذا القوى الوطنية وافقت على المنتج الحالى، وهذا هو التوافق.
ولم لا نطرح هذا الاقتراح؟
- «لازم يعنى تيجى تاخد كل اللى فى جيبى وتمشى» أطلب ما تريد.
التوافق مهمة من السلطة أم القوى السياسية؟
- مهمة السلطة أن تتسجيب للتوافق، ولكن أجعل القوى فى الشارع تتوافق مع بعضها البعض، ثم مسؤولية السلطة أن تستجيب، ولكن ليس الاستجابة لرأى كل فرد على حدة، لكن مسؤولية الحاكم أن ينظر للجميع.
إذن ستقول نعم للدستور الجديد؟
- بل سأحرض على «نعم»، لسبب بسيط.. لكى يسقط الإعلان الدستورى ويجنبنا الكثير من الفتن وما يمكن أن يحدث. وننتقل إلى مرحلة تكوين المؤسسات ويتخلص فيها السيد الرئيس من السلطات، وحمل هذه المسؤولية الثقيلة، ويتخلص رئيس الجمهورية من منصب نائب الرئيس المنصوص عليه فى الإعلان الدستورى. وأيضا أنى أريد أن أنهى عمل سياسى غير مؤهل له، ورصيدى كله هو محبة وصلة وثقة متبادلة بين أخوتى الموجودين فى ميدان التحرير، من السهل أن أترك المنصب، ولكنى اعتبره تخليا عن سلامتتهم هم، وأن نعبر بالبلد إلى بر الأمان، وعلى ثقة كاملة أنه إذا أتيحت لأغلبهم الفرصة بأن يكون مكانى، ويطلع على ما اطلعت عليه، لن يغير رأيه عن رأيى لأنى أثق فى وطنيتهم.
فى المسودة تعبيرات مثل أماكن السجون بمكان لائق بالاحتجاز، واستمرار إحالة مدنيين للمحاكم العسكرية؟
- من قال هذا.. النص فى الدستور لأول مرة فى دساتير مصر ينص على عدم جواز إحالة المدنيين للمحاكم العسكرية إلا فى حالة الإضرار بالقوات المسلحة، والقاعدة هنا عدم الجواز، والإضرار ليس بأفراد القوات المسلحة، إنما القوات نفسها، والنقطة الأخرى أن هذا المعيار واسع وفضفاض لذلك يحدده القانون، والسلطة التشريعية تحدد ماذا يعنى إضرار، هو الاعتداء على الذخيرة والوحدات والمعدات، وليس الاعتداء على سيارة تسير فى الشارع، فهذا مكسب وليس سلبية، ومطالب بتضييق الاستثناء، ولم يعد إذا شتمت الشاويش تكون أهنت القوات المسلحة.
«العلاج المجانى لغير القادرين» تثير مخاوف الكثيرين؟
- التفاصيل التى نتحدث بها غير كافية، وكان من الممكن أن نملأ الدستور كلمات ولكن العبرة بالتنفيذ وليس بالألفاظ. فهذا دستور جيد وليس سيئاً، وأزمة مصر لم تكن فى دستور 71، ولكن فى احترام دستور 71، والقضاء على سبيل المثال، كان فى الدستور نصوص رائعة بخصوصه، ولكن العيب يكون فى عدم احترام النصوص فى الدستور، والمادة 82 فى دستور 71 دلالة عدم احترام الدستور، لأنها كانت تنص على الإشراف القضائى الكامل على الانتخابات منذ عام 71، ولم تنفذ إلا فى عام 2000 بسبب حكم المستشار عوض المر والمحكمة الدستورية العليا.
ما خطتك بعد الموافقة على الدستور وخروجك من منصبك طبقا لنصوصه؟
- فى العمل السياسى.. لن تجد لى مكانا.. وهناك اتجاه أن أعود لعملى القضائى السابق، وهو أمر متردد فى الإقدام عليه، وشرف لا أحب أن أخسره، وقد اعتزال كل ذلك، واتجه لمزرعة أمتلكها وأحبها وهجرتها، بسبب الارتباطات الأخيرة، لكن من وقت لآخر لن أتخلى عن تقديم المشورة وقت الطلب خاصة بعد أن ارتبطت بفريق جيد فى مؤسسة الرئاسة
هل هناك قضايا تحب أن تضيفها لهذا الحوار؟
- سمعت منذ يومين فى برنامج تليفزيونى أن مكافأة الإشراف على الانتخابات ارتفعت من 3 آلاف جنيه إلى 20 ألف جنيه، تألمت لذلك، لأن من يحدد المكافأة هو اللجنة العليا للانتخابات، وهى مكونة من شيوخ القضاء، وهذه إهانة ثانية، فالمكافآت لا تتحدد إلا بعد الانتهاء من العملية الانتخابية والأمر الثالث هو أن السلطة التنفيذية لا تتدخل فى الميزانية المخصصة وتعطيها رقم واحد وتتولى الإنفاق، وأيضا إن القضاة لا يصح أن يتم شتمهم بالمال، وهناك فريق كبير من القضاة قال أنه من الممكن أن يشرف على الاستفتاء بدون مقابل، فكم تدفع لمستشار تم كسر يده، وقفز بالصندوق حتى لا يستولى عليه البلطجية. وهناك بطولات أخرى لرجال القضاء، واتحفظ على ما حدث من منصات المليونية الرائعة فى ميدان النهضة، من تناول بعض الأشخاص وتوجيه إهانات لهؤلاء الأشخاص، ولكنهم كانوا يردون على استفزازات كثيرة على مدار أيام، ومتظاهرو التحرير لم يتقبلوا الأمر بصدر رحب واعتب أنهم وقفوا بجوارى فى 2006، وساعدونى عندما قضيت 9 أيام فى التحرير خلال ال18 يوما ضد مبارك، وعليهم أن يقبلوا بفصيل له بعض الحق فى اقتسام السلطة، والتيار الإسلامى فاجأ الجميع وخاصة السلفيين الذين فاجأونى شخصيا بقدر التسامح فى الحوارات والمناقشات فى الجمعية التأسيسية، هذا جديد على مصر، ولا نريد أن نقصيهم، وعلينا التشجيع وليس الإقصاء لأن هذا دفع إلى طريق صعب بمسميات «قندهار وأفغانستان»، وهذا دور الإعلام فيجب أن نبحث عن نقاط الالتقاء والتقريب بينهم، والملفت أن التشدد انقلب للناحية الأخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.