حكاية منظمة (6)    رئيس الوزراء: نحرص على ضمان رصيد مطمئن دائم من السلع الاستراتيجية وضخ كميات لازمة منها في الأسواق    جاهزة للتسليم.. هيئة تعاونيات الإسكان تفتح باب حجز 253 شقة في 7 أماكن    ضمن "مشروعك".. محافظ الفيوم: تنفيذ 5684 مشروعا بتمويل 530 مليون جنيه    هيئة البث العبرية تقول إن أماكن جثامين 4 أسرى بغزة غير معروفة    غزة تستقبل جثامين الشهداء.. والقوافل المصرية تواصل طريقها نحو القطاع (فيديو)    فتح: رئيس لجنة إدارة غزة يجب أن يكون وزيرا بحكومة فلسطين    مراسل القاهرة الإخبارية: الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة ما زالت بالغة الصعوبة    إيهاب الكومي: خطاب عقوبة دونجا لم يعلن في الخطابات الرسمية لاتحاد الكرة    رويدا هشام: فخورة بثقة الخطيب.. وهدفي خدمة أعضاء النادي    العجوز: قررنا شكوى محمود البنا بسبب أخطاءه في مباراة فاركو    يوفنتوس يعلن إقالة مدربه إيجور تودور    ضبط شاب ضرب سائق توكتوك واستولى على أمواله بسبب خلاف حول الأجرة بالجيزة    مي عمر تعلن عن مسلسلها الجديد في رمضان 2026    تعرف علي موعد تأخير الساعة وتطبيق التوقيت الشتوي 2025 في مصر    إنفوجراف| تصريحات ترامب فور وصوله مطار طوكيو خلال جولته الآسيوية    طقس مائل للحرارة غدا نهارا وشبورة كثيفة صباحا والعظمى بالقاهرة 29 درجة    ريال مدريد يقرر الاستئناف على طرد لونين في الكلاسيكو    وزير الثقافة يشهد احتفالية اليوم العالمي للتراث غير المادي (صور)    بهدف تحقيق رضا المنتفعين.. اجتماع تنسيقي لهيئات منظومة التأمين الصحي الشامل في أسوان    شوبير يكشف حقيقة مفاوضات بيراميدز مع أليو ديانج    «تعليم أسيوط» يعلن تلقى طلبات الراغبين في العمل بالحصة لمدة عشرة أيام    «الفجر بالإسكندرية 5.44 ص».. جدول مواقيت الصلاة في مدن الجمهورية غدًا الثلاثاء    «مستقبل وطن» يواصل عقد المؤتمرات الجماهيرية لدعم مرشحى مجلس النواب    ضبط 178 كيلو لحوم غير صالحة للاستهلاك الآدمي في أسيوط    افتتاح الدورة الأولى لمهرجان غزة الدولي لسينما المرأة وسط قطاع غزة    مواقيت الصلاة بمطروح وأذكار الصباح اليوم 27 أكتوبر    الحكومة تدرس عروضًا استثمارية لإنشاء وتطوير فنادق ومشروعات عمرانية بمحافظة بورسعيد    وزير العمل: إصدار القانون الجديد محطة فارقة في تحديث التشريعات الوطنية    قنا: تحرير 330 مخالفة تموينية وإحباط تهريب 50 طن أسمدة مدعمة خلال أسبوع    مسلسل محمد سلام الجديد.. قصة وأبطال «كارثة طبيعية»    مقتل فلسطينيين اثنين بغارة إسرائيلية استهدفت بلدة عبسان الكبيرة جنوب قطاع غزة    جاهزية نجم اتحاد جدة لمواجهة النصر    طريقة عمل شاي اللاتيه بمذاق ناعم    عاجل بالصور الصحة: إنقاذ ناجح لسائحة إسبانية أصيبت داخل هرم سنفرو المنحني بدهشور    علاج 1674 مواطنا بقافلة طبية بالشرقية    3 مصابين في انهيار داخلي لعقار بمنطقة العصافرة في الإسكندرية.. والمحافظ يتابع الحادث    بكين: المقاتلة الأمريكية تحطمت أثناء تدريب عسكرى فى بحر الصين الجنوبى    طفل يقود ميكروباص في بني سويف ووزارة الداخلية تتحرك سريعًا    تأجيل محاكمة 24 متهما بالإنضمام لجماعة الأخوان الإرهابية لمرافعة النيابة العامة    تخصيص جزء من طابور الصباح لتعريف طلاب القاهرة بالمتحف المصري الكبير    انتخابات بلا إغراءات.. القانون يجرم الهدايا والتبرعات في سباق النواب    شيخ الأزهر: الحروب العبثية كشفت انهيار النظام الأخلاقي في العالم    بكام الطماطم النهارده؟.. أسعار الخضراوات والفاكهة فى الوادى الجديد    بكم طن عز الآن؟ سعر الحديد اليوم الاثنين 27 أكتوبر 2025 محليا و أرض المصنع    «الرقابة الصحية» تعقد الاجتماع الأول لإعداد معايير اعتماد مكاتب الصحة والحجر الصحي    جامعة الإسكندرية تحقق إنجازا عالميا باختيار مركز القسطرة ضمن أفضل 7 مراكز خارج الولايات المتحدة    دعاء الحج والعمرة.. أدعية قصيرة ومستحبة للحجاج والمعتمرين هذا العام    متحدث الأوقاف: «مسابقة الأئمة النجباء» نقلة نوعية في تطوير الخطاب الديني    ترامب يحذر الحوامل مجددًا| لا تستخدمن دواء "تايلينول" إلا للضرورة القصوى    بعد قليل.. محاكمة المتهمين ومصور فيديو الفعل الفاضح أعلى المحور    بالصور.. مصرع وإصابة 28 شخصا في حادث تصادم أتوبيس بسيارة نقل بطريق رأس غارب - الغردقة    مدير معهد الآثار الألماني: نتطلع بفرح غامر إلى الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير    سيراميكا كليوباترا: نسعى للاستمرار على قمة الدوري.. وهدفنا المشاركة القارية الموسم القادم    فريدة سيف النصر تعلن تفاصيل عزاء شقيقها اليوم    أول أيام الصيام فلكيًا.. متى يبدأ شهر رمضان 2026؟    مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 27-10-2025 في الشرقية    غزل المحلة: الأهلى تواصل معنا لضم ثلاثى الفريق الأول.. ولكن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعلان الدستورى فى الميزان
نشر في اليوم السابع يوم 30 - 11 - 2012

ما انتشر الخلاف والجدال بين قوم إلا وضاعت فيه المصالح الكبرى وطغت المصالح الصغرى، وانتهت الرؤى المنطقية وغلبت المصالح الشخصية فلا يرى أحد إلا رأيه ولا يقتنع إلا بما فى رأسه، وحين يعلو صوت الخلاف ولا يستمع أحد للآخر فإعلم أن الحق ضائع ولعن الله قوما ضاع الحق بينهم.
ومصر اليوم فى أزمة كبرى تاهت معها الحقائق وغلبت النعرات والنزاعات وبتنا كالقطيع كل يجرى على هواه والكل مخطئ لا جدال ففى السياسة لا يوجد حق مطلق ولا خطأ دائم، ولكنها ألاعيب ومناورات فيها خسة ونذالة أكثر ما فيها من مبادئ وقيم وكثيرا ما ترى أعداء الأمس أصدقاء اليوم وهم أنفسهم وقود الحرب ضد بعضهم البعض غدا ما اختلفت المصالح فيما بينهم.
والإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس الأسبوع الماضى خير مثال لألاعيب السياسة ودهاليزها فلم يصدر كما قيل حرصا على مصالح عليا لوطن، وحفاظا على حقوق مطلوبة لأرواح شهداء ضاعت حقوقهم ولم يصدر حفاظا على مكتسبات ثورة كادت أن تضيع بل صدر ضمن معركة تكسير العظام ومعركة السبق بالفعل والفعل المضاد بين جماعة الإخوان المسلمين ممثلة فى كرسى الحكم ومن يؤيدها من جماعات التيار الإسلامى السياسى، وبين الخوف من القضاء وممثليه مدعوما بالقوى المدنية الأخرى التى لا يقيم التيار الإسلامى لها وزنا ولا يعترف لها بقوة، بل يراها مجرد فقاعات هوائية لا تستطيع أن تجاريه فى سياسة النفس الطويل ولا حشد الحشود ولا تجهيز المؤيدين والمريدين وبين هذا وذاك وقعت مصر وفئات كثيرة من فقراء هذا الشعب لا تعنيهم السياسة وألاعيبها فى أكثر مما يؤرقهم من توفير قوت يومهم ومأوى يركنون إليه، العجيب أن تضيع الرؤى وينقلب الحق باطلا والباطل حقا لدى أبناء نفس الجهة الواحدة كالقضاء مثلا فتجد فيه من نسميهم النخبة من الفقهاء الدستوريين من يحلل ويفند ويمجد ويعظم فى الإعلان الدستورى ومواده بل فيهم من يخرج علينا، ليكفر من يعارضه ولا يؤيده كأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وعلى النقيض تجد فريقا آخر أصحاب قامات عالية من أهل القانون يفندون مواده وحروفه وينزعون عنه ثوب الطهارة والإيمان ليبينوا ما به من رجس واستبداد وخروج عن الحق وركون للباطل.
العجيب فى كل هذا أن أرواحا بريئة تسفك وربما لم تقرأ هذا الإعلان ولم تحلل مواده كل ما يعنيها أن تتعصب للفئة التى تنتمى لها بعد أن أجادت جماعة الإخوان المسلمين لعب الدور الأساسى فى تنفير قطاع عريض من الشعب منها ومن أساليبها وسياساتها بالتلون تارة وأخرى فى مواقف متشابهه حسبما تجرى معها مصالحها، وقد أضر ارتباط الرئيس بالجماعة وفريق عمله الكامل وكل من حوله ومريديه أضر ضررا كبيرا فى استقرار مصر وفى الثقة المفقودة بين مؤسسة الرئاسة ومعارضيها خاصة أن الرئيس لم ينجح أبد فى أن يلم شتات الأمة منذ اعتلى عرش مصر وجلس مستقرا على كرسى الحكم ناسيا، متناسيا أن الجماعة وحدها ودعم التيار الإسلامى والسلفى وحده لم يكن كافيا أبدا ليمنحه فرصة الحكم ومقعده، وحين تغيب الحكمة وتعمى السلطة أبصار المستشارين وحين يركنون لقوة الحشود وأصوات المؤيدين ولا ينظر رئيس دولة بحجم مصر للفئات الأخرى ويخرج على أنصاره واتباعه من اجتمعوا بأوامر عليا من مكتب الإرشاد فى المقطم ليذهبوا ملبين مهللين مكبرين لدى قصر الاتحادية، فيخرج عليهم الرئيس، متناسيا أنه لا يناسبه أبدا أن يتجاوز تلك السقطة فيزداد من عارضوه عددا وعتادا وعدة، لأنه برهن أنه لايرى فى الشعب إلا رؤية الأهل والعشيرة، بل كان من الواجب والضرورى أن يخاطب الأمة بعيدا عن حشود الجماعة خاصة أمام قصر الاتحادية فإن كان رئيسا لكل المصريين فهل كان باستطاعته أن يذهب أيضا للتحرير فى مليونية الثلاثاء الماضى المعارضة له وللإعلان الدستورى ليبين للناس وجهة نظره ورؤاه؟ بالطبع لا، لذا كان يجب عليه أن يظهر أكثر حيادية وأكثر حرصا على وحدة الصف، ومن خلال قراءات متعددة للإعلان الدستورى ومواده فيه كلمات حق أريد بها باطل، والحق فيه أن الوطن يحتاج فعلا لاستقرار ويحتاج لمؤسسات ضرورية وسلطات أساسية ليكتمل أركان سلطاته فلا تفتأت أحدهم على الأخرى ولا تتجمع جميعها فى يد الحاكم مهما كان عدله وورعه وتقواه والحق فيه أن النائب العام كقاضى القضاة فى زمن العدل والتقوى لابد أن يكتسب ثقة المجتمع بأسره، وإن تعثر عليه ذلك لأسباب تتعلق به حقا أو ظنا وجب عليه التنحى خاصة مع حالة من عدم الرضا عن كل الأحكام التى صدرت فى قضايا الشهداء سواء كان مسئولا عنها أم برئيا منها، والحق فيه أيضا أن مطلب إعادة المحاكم هو مطلب شعبى لقطاع عريض ولكنه فى إطار الإعلان بصيغته تلاعب بمشاعر البسطاء دون الوصول لنتائج وحقائق، لأنه مرتبط فقط بوجود أدلة جديدة هى جميعها كانت ومازالت فى حوزة وزارة الداخلية وقطاعاتها ولا علاقة للنائب العام بها أو بجمعها، وكلا المطلبين كان من اليسير الوصول لأهدافهما بقوانين رئاسية مباشرة بعيدا عن صيغة الإعلان الدستورى ولم يوضعا فيه إلا حرصا على جذب قطاع كبير من أصوات تؤيده خارج نطاق التأييد الأعمى الدائم من الجماعة وأبنائها والتيار الإسلامى واتباعه، ولكن الباطل فى هذا الإعلان والأسوأ هو لعبة الصراع القائم بين السلطة القضائية بأعلى هيئاتها وبين الجماعة وكل منتمى للتيار الإسلامى، فالخوف من إسقاط شرعية تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور بنفس نسب تكوينها التى جاءت بأغلبية مطلقة لقطاع الإسلام السياسى وهى فرصة منحها المجلس العسكرى لهم قد لا تتكرر مرة أخرى حتى فى وجود رئيس ينتمى لهذا القطاع كما أن الخوف من حل مجلس الشورى وهو يمثل نسبة أساسية فى تشكيل لجنة تأسيس الدستور، كل هذا الخوف والخوف من نتيجة الطعن على الإعلان الدستورى الأول للرئيس المنتخب هم السبب الرئيسى فى الضربة الاستباقية لصدور الإعلان وهما معا السبب فى بنود تحصينه وبنفس الصيغة الديكتاتورية التى جاءت لتقول للجميع أن مواد الإعلان قرآن يتلى لحين انتخاب مجلس شعب آخر تكون فيه أغلبية أيضا لنفس التيار الإسلامى، هذه الحرب الضروس والحرص على المناصب والكراسى هى السبب الرئيسى والثقة المفقودة بين الطرفين وكأن الرئيس قد فاز تحت إشراف جهات قضائية من دولة أخرى وكأنه اكتسب شرعيته من أداء القسم أمام محكمة دستورية من فضاء آخر، نعم إن القضاء مثله مثل كل قطاعات المجتمع قد يأتيه الباطل من بين يديه أحيانا وقد تطغى الصراعات السياسية على بعض أفراده فيصيبه العوار فى أحكامه، ولكن هل كلما لم نرض عن حكم ينزع منا مناصب كنا نأوى إليها ونستقوى بها، وجب علينا أن نصب على القضاء اللعنات ونعلن عليه الحرب وكأن جميع قضاء مصر بلا شرف ولا نخوة ولا وطنية، هو خلط فى غير محله ولا نقبل التعميم فهناك شرفاء لا نقبل عليهم أن ينعتوا جميعا بما يوصف به القضاء من لدى قطاعات أضيرت من أحكامه كما لم يكن أيضا مجلس الشعب المنحل مجلس الملائكة والحكماء، الحق أن الرئيس وقع بين المطرقة والسندان بين فكى الرحى من ناحية الجماعة ورغبتها فى توجيه ضربة استباقية للقضاء لاستمرار مكتسباتها وأهمها الجمعية التأسيسية ومن ثم الدستور وصياغته، ويقع الآن بين مطرقة القضاء وكافة القوى المدنية التى اتحدت جميعها ضده ولو حاول العالم أجمع أن يجمعها ما استطاع، السيناريو الذى يدور فى الخفاء وبمنتهى السرعة أن يتم التصويت على مسودة الدستور فيحيله الرئيس لللإستفتاء مباشرة ثم يحدث مايحدث بعد ذلك إما بحل الجمعية التاسيسية أو بسحب الإعلان الدستورى بعد أن يدعو المواطنين على الإستفتاء عليه وهو القرار السيادى المطلوب تحصينه، أين الحكمة الآن فى هذا الصراع الخطير الذى يقضى على الأخضر واليابس وقد باتت مصر محاصرة تحت رحمة الرهانات على النفس الطويل أو القصير وأيهما سيستمر ضاغطا على الآخر ومن الذى سييأس ويرفع الراية البيضاء ليعلن الآخر إنتصاره المزعوم، هكذا يخططون لبعضهم البعض وكان ثالثهم الشيطان وأرى أن الخاسر الأكبر هو مصر الوطن الغالى والخاسر معها أسر هؤلاء المساكين من فقدوا أوسيفقدون أرواحهم وهؤلاء التعساء الباحثين عن قوت يومهم ولايعنيهم لعبة التوازنات ولا قوة الصراع الدائر بين الطرفين، لك الله يا مصر حين يضيع الحق ويعلو البهتان من أجل رؤى سياسية ومصالح عفنة وألاعيب سياسية ماكرة لم تتق الله فى شعب ولم تحاول أن تتوحد لتحرص على كل الوطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.