شاب مصرى يبلغ من العمر الآن 29 عاما، اسمه أسامة حسن، دخل السجن عام 2009 فى قضية قتل خطأ، وهو يتخيل أن السجن كما يقال عنه تأديب وتهذيب وإصلاح، ليفاجأ بأنه دخل إلى أهم مدرسة إجرامية فى العالم "بقى معايا كل المؤهلات عشان أبقى حرامى مليونير" كما يقول أسامة. يحكى أسامة- عامل الألوميتال- ما يدور فى السجون من إهانات وتعذيب، وانتهاك لجميع الحقوق الآدمية، وتحول المخطئين إلى ناقمين على المجتمع وعلى أنفسهم، وربما إلى قتلة بدلا من أن تعيد تأهيلهم ليعودوا إلى الحياة كأفراد صالحين مرة أخرى. يقول أسامة: "لو إحنا المفروض نموت كانوا موتونا وارتحنا، لكن حرام إننا نموت كل يوم"، ويواصل: "أنا قابلت فى السجن ناس من كل الطبقات وقابلت دكاترة ومهندسين؛ لأن كل إنسان معرض أنه يتسجن، وكلهم كانوا بيتعذبوا لحد الموت ويتلفوا فى بطاطين ميرى ويترموا زى الكلاب، كان سجن طرة تحقيق وأنا سميته سجن الكفرة؛ لأن اللى بيحصل فيه أكفر من الكفر، حيث يتم استقبالك "بالدخلة" التى يؤكد الشاب أنها مازالت تحدث حتى الآن"، ويقول: "بيتجمع الوحش على الحلو وبيكون معاهم شوم قسما بالله شوم وخراطيم، ويقلعنى وعشر جلدات أو عشرين جلدة حسب المزاج قبل ما يعرف أنت مين ومظلوم أو لأ". أما مكان النوم ف"شبر وقبضة يد" فى حجرة مساحتها حوالى 6 أمتار فى 2 متر، يوضع بها حوالى 30 مسجونا، وعقب المحاكمة انتقل الشاب الذى لا يختلف عن غيره من الآلاف من المساجين إلى سجن أبو زعبل، حيث قضى مدة سجنه، حتى جاءت ثورة 25 يناير، ليشعر الشعب المصرى بحريته دون أن يدروا شيئا حتى جاء يوم 28 يناير، ف"لقينا نفسنا فى الشارع، وكل الناس بتدور علينا كأننا جايين من الفضاء هناكلهم، وإحنا كل واحد فينا عايز يوصل يقعد فى بيته لحد ما يسلم نفسه ويطلع على خير". وقبل خروجنا اختفى معظم حراس السجن، ولم يتبق سوى حراس الأبراج.. وفى لحظات كانت مجموعات من العرب تهاجم السجن لتخرج أهلها، فخرج، وكان حراس الأبراج يصطادون زملاءه مثل الذباب، وبعد مشوار طويل لم يسانده فيه غير القدر كانت طائرات الجيش تبحث عنه مثل الأفلام البوليسية التى شاهدها فى التليفزيون، وبعد السؤال "عرفت إن فيه ثورة واسمها 25 يناير، وإن الناس كلها بتقبض على المساجين وتعذبهم، بس اللى ميعرفوهوش إننا كنا خايفين أكثر منهم، ونفسنا بس نروح لحد ما نقدر نسلم نفسنا". يقول حسين، فى نصيحة منه للرئيس مرسى "اتق الله فى البنى آدمين الغلابة"، ويتابع: "لما يكون الواحد أول مرة يتسجن ويغلط وتحوله لمسجل خطر أنت كده ما بتعاقبهوش أنت كده بتحوله لشيطان، لما تكون بتدخل السجن تفقد كل مؤهلات الحياة، وتتعرف على كل البلطجية يبقى أنت كده بتحول الحرامى الصغير لحرامى محترف، المفروض نتعاقب، لكن كمان المفروض نتعلم صنعة، ونتعلم نحب البلد، بدل ما حياتنا كلها أدمرت، ودلوقتى لولا أنى لىّ صنعة كان زمانى مع معظم زمايلى اللى خرجوا وكملوا طريق الإجرام بس بقوة.