تعليقا على المشهد الراهن، قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية فى تقرير على صدر صفحتها الرئيسية، إن انقساما حادا جديدا بدأ يظهر فى مصر أمس، الجمعة، مع منح أول رئيس منتخب ديمقراطيا صلاحيات مطلقة لنفسه، تسببت فى نزول المتظاهرين إلى شوارع العاصمة، تعبيرا عن اعتراضهم، أو تأييدهم لقرارات الرئيس. ومع اصطفاف الإسلاميين وراء مرسى واحتشاد المعارضة العلمانية ضده، فإن هذا التطور يهدد تماما ونهائيا أى احتمال لتوحيد الجانبين الذين استطاعوا معاً، الإطاحة بديكتاتور مصر السابق حسنى مبارك فى ثورة 25 يناير. وتحدثت الصحيفة عن الخطاب الذى ألقاه الرئيس محمد مرسى أمام حشد من مؤيديه عند قصر الاتحادية، والذى قال فيه إن الهدف من القرارات التى أصدرها الدفاع عن الثورة التى أدت إلى انتخابه فى يونيو الماضى. لكن على بعد بضعة أميال منه فى ميدان التحرير، اجتمعت آلاف أكبر أغلبهم من العلمانيين والمثقفين ليقولوا إنهم عازموا على الضغط من أجل القيام بثورة أخرى، هذه المرة ضد الزعيم الإسلامى الذى فاز فى انتخابات الرئاسة بنسبة 52%. وتناولت واشنطن بوست ردود الفعل العالمية على قرارات مرسى، وقالت إن إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما أعربت عن استيائها من تصرف مرسى، وقالت فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية: إن الهدف الأساسى للثورة التى أطاحت بمبارك كان لضمان أن القوة لن تكون مركزة بشكل مفرط فى يد شخص أو مؤسسة واحدة. وأشار مسئولو الخارجية إلى أن واشنطن تسعى إلى توضيح لهذه الخطوة التى تقضى على المراجعة القضائية على قرارات مرسى. ونقلت الصحيفة عن نائب رئيس الحكومة السابق يحيى الجمل قوله: لقد كنا نعيش فى ديكتاتورية منذ زمن طويل، لكن ليس مثل هذه. وأشار إلى أن الخطوة تجاوزت ما حاول أن يفعله كل من مبارك والسادات وعبد الناصر فى سنوات حكمهم منذ الإطاحة بالحكم الملكى. وتابعت الصحيفة قائلة إن المصريين لم يكونوا وحدهم فى الشعور بالتشكك إزاء قرارات مرسى، فقد وصف المتحدث باسم المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة فى جنيف القرار بإصدار إعلان دستورى جديد بأنه يثير مخاوف خطيرة، فى حين قالت نولاند: إن الخطوة أثارت مخاوف الكثير من المصريين والمجتمع الدولى أيضا. وتمضى الصحيفة فى القول بأن المسافة بين كلا الجانبين، المؤيد والمعارض لقرارات مرسى، كانت واضحة فى قصر الاتحادية وفى التحرير، حيث شارك بعض من الشباب المصرى فى الثورة التى أطاحت بمبارك، وقالوا إنهم اندهشوا لأنهم وجدوا أنفسهم متحالفين مع أنصار مبارك فى رفض خطوات مرسى. ونقلت الصحيفة عن ميشيل دون، مدير مركز رفيق الحريرى بالمجلس الأطلنطى، والتى كانت عضوا سابقا فى مجلس الأمن القومى بإدارة الرئيس أوباما، قولها إنه مهما كانت دوافع مرسى، فإن محاولات حماية حكومته من التحديات القضائية يمكن أن يزيل كل الضوابط والتوازنات القائمة فى مصر فى هذه المرحلة. وأضافت دون أنه من الصعب التهرب من استنتاج أن مرسى قد بالغ فى رد فعله، وأنه فعل ذلك معتمدا على النجاح الدبلوماسى الذى حققه فى غزة، مشيرة إلى أن مرسى قد سبق، وحاول مواجهة السلطة القضائية فى مصير مجلس الشعب لكنه فشل.