أصدرت المبادرة المصرية للحقول الشخصية اليوم، الخميس، فى بيان لها، توصيتها بشأن سياسة الرقابة على المحتوى على الإنترنت، وذلك بمناسبة الجدل الدائر مجتمعيا وفى أجهزة الدولة، بشأن ما سمى ب"حجب المواقع الإباحية". وقال عمرو غربية، مدير وحدة الحريات المدنية فى المبادرة المصرية معلقا، "تنظيم الإنترنت من الموضوعات الفنية التى لم تتمكن منها بعد سائر دوائر الدولة فى مصر من فهمها بشكل كامل، نحن الآن أمام حكم واجب النفاذ صادر من القضاء الإدارى يلزم الحكومة بحجب كافة المواقع التى تقدم مواد إباحية، حتى إذا افترضنا أن للدولة دورا فى الحفاظ على أخلاق الناس، فإن هذا الحكم يشابه أن يأمر القضاء الحكومة أن تحبس كل السارقين دون محاكمة، بالإضافة لعدم كفاءة نظم الرقابة المركزية وتكاليفها الباهظة على الموازنة العامة للدولة وتأثيرها على انتشار الإنترنت، فإن المحكمة هنا تخلت عن دور القضاء فى إصدار الأحكام، وفوضت هذا الدور لجهات أخرى، لقد فعلت الحكومة وجهاز تنظيم الاتصالات الصواب برفضها أن تتصرف كالحكم". وأضاف غربية، "هذا لا يعنى أن ليس للأسر الحق، بل والمسئولية، فى حماية أطفالهم وتنشئتهم بطريقة ملائمة، بل على العكس، تدعو المبادرة المصرية إلى إشراك الأهالى والمجتمع المدنى ومقدمى خدمات الإنترنت فى إنشاء أنظمة رقابة غير مركزية تسمح بحماية النشء وتساعد أيضاً على تطوير صناعة البرمجيات فى مصر، دون أن تتعدى على حرية استخدام الإنترنت باعتبارها وسيطا بالغ الأهمية للاتصال والإعلام والتعلم". وجاء بالتوصية الخاصة بشأن سياسة الرقابة على المحتوى على الإنترنت، أنه فى قيام أية جهة، تنفيذية عامة كانت أم خاصة، بممارسة الرقابة، تعد على اختصاص أصيل للسلطة القضائية، إن الموازنة بين الحق فى حرية التعبير وتقييدها لأسباب مشروعة هى مهمة المحاكم فى الدول الديمقراطية، لا ينبغى للمحاكم أن تصدر أحكامها بالجملة، بل يتعين عليها أن تنظر فى تفاصيل كل قضية على حدة، كى تكون الرقابة مشروعة ومتوافقة مع مبادئ العدالة، ينبغى على المحاكم أن تصدر أمرا بحجب كل صفحة الإنترنت على حدة بعد النظر فى محتواها وتكوين الرأى فيه. تكلف نظم الرقابة المركزية على الإنترنت كثيرا من المال لإنشائها وإدارتها، ما يجعلها خيارا غير كفء اقتصاديا إذا حملت التكلفة على الموازنة العامة للدولة، وبالإضافة، فإن تحميل التكلفة على مقدمى خدمة الإنترنت يعنى زيادة سعر بيع الخدمة للمستخدم، وهو الأمر الذى يبطئ من انتشار الإنترنت فى مصر، تعانى مصر حاليا من انخفاض انتشار اشتراكات الإنترنت فائق السرعة. الحجب المبالغ فيه خطر، عادة ما تحجب نظم الرقابة الآلية معلومات المطلوب إتاحتها وليس منعها، كثيرا ما تحجب المقالات الطبية المتخصصة وإرشادات الصحة العامة عن طريق الخطأ إذا صنفتها تلك الأنظمة الآلية كمواد جنسية. الرقابة على الإنترنت غير فعالة، يشير واقع الإنترنت العربى فى تونس (قبل الثورة وبعدها)، وفى ليبيا وسوريا ودول الخليج إلى هذه الحقيقة، وتشير التطورات التقنية إلى أن الرقابة على الإنترنت ستقل فعاليتها إطرادا. المحتوى الجنسى على الإنترنت مشكلة، إلا أن الحل ليس فى الرقابة الحكومية وإنما فى الرقابة الأسرية. وتوصى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أن تشجع الدولة مزودى خدمات الإنترنت وأطراف أخرى غير حكومية، بما فيها الأفراد والمجموعات ومنظمات المجتمع المدنى، أن تتيح برمجيات رقابة أسرية، على أن تكون تلك البرمجيات مجانية وحرة مفتوحة المصدر، الأمر الذى يساهم فى تطوير صناعة البرمجيات فى مصر. وتوصى المبادرة المصرية أيضا أن تتيح تلك الأطراف غير الحكومية، وبشكل مستقل عن البرمجيات، قوائم بالمواقع والصفحات التى يوصى هؤلاء الأفراد والمجموعات ومنظمات المجتمع المدنى بحجبها، المسئولية الأخلاقية تقع على الآباء والأمهات فى اختيار القوائم التى يرغبون فى استخدامها بما يلائم الطريقة التى يربون عليها أطفالهم.