الاستحقاق يقترب| موعد انتخابات مجلس الشيوخ 2025    أمين البحوث الإسلامية: أهمية تقييم أداء الوعاظ وتطوير آليَّات العمل    مركز الشبكة الوطنية للطوارئ بكفر الشيخ يستقبل وفدا من طلاب الجامعة    محافظ المنيا: توعية الشباب بمخاطر الهجرة غير الشرعية ضرورة لحماية أرواحهم ومقدرات الوطن    جامعة الإسكندرية: ذبح 5 آلاف رأس ماشية وأغنام بمجزر كلية الزراعة خلال 10 أيام    رفع 15 طن قمامة وأتربة وتراكمات خلال حملة نظافة بحي المطار في الأقصر    مصر للطيران تُسيّر غدًا 9 رحلات لعودة حجاج بيت الله الحرام إلى أرض الوطن    عمدة لوس أنجلوس تدعو ترامب إلى إيقاف مداهمات وكالة إنفاذ قوانين الهجرة    الحرس الثوري الإيراني: عداؤنا مع إسرائيل لن ينتهي    الأمم المتحدة: الرفض الإسرائيلي للوصول لمخازن الوقود يهدد بوقف الإغاثة في غزة    الأونروا:عشرات الجرحى الفلسطينيين يسقطون عند نقاط التوزيع التي تديرها إسرائيل    الاتحاد الأوروبي يقترح خفض سقف أسعار النفط الروسي إلى 45 دولارا للبرميل    رئيسة وزراء إيطاليا تعزي بضحايا إطلاق نار بمدرسة في النمسا    رامي ربيعة يقود قائمة العين الإماراتي في كأس العالم للأندية    محمد طارق: جماهير الزمالك سر التتويج بكأس مصر وسنعمل يدًا بيد لرفعة النادي    أبو المجد يعلن قائمة منتخب شباب اليد استعدادًا لمونديال بولندا    استعلم.. نتيجة الصف الثالث الابتدائي الترم الثاني برقم الجلوس والاسم بجميع المحافظات    السيدة انتصار السيسي تعزي أسرة البطل خالد شوقي    القبض على لص «النقل الذكى»    محافظ الفيوم وسفير دولة الهند يشهدان فعاليات الاحتفال باليوم العالمي لليوجا    زاهي حواس يروج للسياحة المصرية على قناة FOX الأمريكية    تعاون بين حسن الأسمر ونجله هاني في أغنية بعنوان «أغلى من عينيّا».. يطرح قريبا    نجوم الوسط الفني يشاركون أمينة خليل فرحة زفافها باليونان |صور    القومي للطفولة يقدم بلاغا للنائب العام في واقعة زواج مصاب بمتلازمة داون من قاصر بالشرقية    كورونا من جديد!    حملة مرور مفاجئ على مستشفيات دمياط تضمن جودة الخدمات الصحية    مانشستر سيتي يعلن ضم النجم الفرنسي ريان شرقي رسميًا استعدادًا لكأس العالم للأندية    أغانى وردة ومحمد رشدى على مسرح أوبرا دمنهور.. الخميس    أمريكا تهزم كولومبيا في ختام بطولة خوفو الدولية للشباب وسط حضور دبلوماسي ورياضي رفيع المستوى    انطلاقة ناجحة لاختبارات SAT في مصر.. مشاركة 100% للطلاب في أول اختبار رسمي دون أي مشكلات تقنية    خبيرة أسواق الطاقة: خطة حكومية لضمان استقرار السياسات الضريبية على المدى الطويل    اقرأ غدًا في «البوابة».. انفرادات ساخنة حول غزة والنمسا وأزمة لوس أنجلوس ومفاوضات طهران    «ملحقش يلبس بدلة الفرح».. كيف أنهى عريس الغربية حياته قبل زفافه ب48 ساعة؟    مواعيد قطارات طنطا - الإسكندرية اليوم الثلاثاء فى الغربية    إعلام إسرائيلى: ترامب طلب من نتنياهو إنهاء الحرب    5 أبراج بتعرف تسمعك وتقدم لك الدعم أحسن من ChatGPT.. أبرزهم العذراء    زواج عريس متلازمة داون بفتاة يُثير غضب رواد التواصل الاجتماعي.. و"الإفتاء": عقد القران صحيح (فيديو)    الأوقاف تعلن أسماء الفائزين في مسابقة الصوت الندي 2025م.. تعرف عليها    استمتع مع تصويبات إمام عاشور في بطولة دوري nile.. فيديو    نقيب المحامين ل«الأعضاء الجدد»: الركود الاقتصادي يؤثر على المهنة ونواجه تحديات كبيرة    لطلاب الثانوية العامة.. مراجعات نهائية مجانية لكل المواد تبدأ فى سوهاج غدا    الثقافة تحتفل بعيد الأضحى بحدائق أكتوبر ضمن برنامجها بالمناطق الجديدة الآمنة    هويسن: الانتقال لريال مدريد كان رغبتي الأولى    التقويم الهجري.. سبب التسمية وموعد اعتماده    الإجازات الرسمية المقبلة في 2025.. إليك القائمة الكاملة    الداخلية تكشف ملابسات فيديو مشاجرة بقرية سياحية في مطروح    تولى نظافة المسجد بنفسه، وزير الأوقاف يكرم إمامًا ويمنحه 10 آلاف جنيه مكافأة    البورصة تواصل الصعود بمنتصف تعاملات أولى جلساتها عقب إجازة العيد    السعودية في مهمة صعبة أمام أستراليا لاقتناص بطاقة التأهل لمونديال 2026    مدير معهد بحوث الإرشاد الزراعي يتفقد محطة بحوث كوم امبو    الحكومة تستعد للإعلان عن القضاء على مرض الجذام    الحكومة تجهز فرصًا استثمارية في القطاع الصحي للسنوات العشر المقبلة    شيكابالا لإدارة الزمالك: لن أعتزل والفريق سيعانى فى غيابى (فيديو)    الأزهر للفتوى يوضح سبب تسمية بئر زمزم    وزير الري يشيد بجهود العاملين خلال عطلة عيد الأضحى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في محافظة قنا    أسعار اللحوم البلدي والكندوز اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    السيطرة على حريق شب داخل فيلا بالتجمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(حنظلة) وحال مسرح الطليعة
نشر في اليوم السابع يوم 06 - 11 - 2012

يعد عرض (حنظلة) للمخرج (إسلام إمام) من العروض الدالة على بداية حدوث تحول فى وعى المسرح بالثورة المصرية، ذلك أن المسرح انحصرت علاقته بالثورة - خلال الفترة الماضية – فى حدود التأريخ لها، ولأسباب تفجرها، ونقد النظام السياسى القمعى الذى قامت لتهدمه، وهو ما انعكس بالضرورة فى الطبيعة الاحتفالية والتبشيرية التى فاضت بها العديد من العروض، وهو انعكس كذلك فى نمو تيار مسرح الشارع الذى كان يعانى من القمع الأمنى، وكذلك رواج جلسات الحكى المسرحى التى ارتبطت فى معظمها بسرد العلاقات الشخصية التى تربط بين الأفراد والثورة كحدث اجتماعى وسياسى فارق.
إلا أن عرض (حنظلة) يسلك طريق مختلف بعض الشىء، حيث يتخطى تلك الأجواء الاحتفالية، والتفاؤل الساذج الذى تفيض به معظم العروض التى تتعرض للثورة، نحو محاولة استكشاف أثر ذلك الحراك الشعبى على علاقات السلطة داخل المجتمع، وهو ما يتجلى عبر تحديده للفئات التى استلبت تلك الثورة وأعادت أنتاج آليات التسلط والقمع ضد الطبقة التى قادت الحراك الثورى ، تلك الطبقة التى لم تلبث أن وجدت نفسها أمام إعادة إنتاج لذات النظام الاقتصادى والاجتماعى الذى يتم سحقها عبره.. وهو ما انعكس - بالعرض - فى صورة رؤية تشاؤمية وكفر بإمكانية تغيير الواقع أو زحزحة علاقات السلطة الحاكمة لتكون أكثر إنسانية.
إن تلك النافذة المعتمة التى يطل منها عرض (حنظلة) على الواقع ربما كانت هى المبرر الأساسى للتخلى عن الرؤية التى طرحها الراحل سعد الله ونوس فى نصه (رحلة حنظلة من الغفلة إلى اليقظة)، وهو ما يتجلى فى تخلى المخرج عن النص ذاته كمرجعية أساسية فى تشكيل العرض، لتصبح العلاقة بين العرض ونص (ونوس) شديدة الهشاشة ولا تتعدى استلهام بعض المشاهد وإعادة صياغتها بما يتلاءم مع توجهات العرض الذى وضعها المخرج.. وبالتالى ربما كان من الأجدى أن نهمل محاولة البحث عن العلاقة بين النص الأصلى وبين نص العرض لأنها لن تفيدنا كثيراً فى الاقتراب من تجربة عرض (حنظلة).. وإن كان يؤخذ على العرض، عدم وجود إشارة واضحة بالمواد الدعائية تشير إلى أن نص العرض هو إعادة كتابة وصياغة لنص سعد الله ونوس الذى هو بدوره إعادة كتابة وصياغة لنص بيتر فايس (كيف تخلص السيد موكينبوت من آلامه).
وبما أننا قد تخلينا عن نص ونوس كمرجعية فإننا يمكن أن ننطلق نحو العرض من خلال البحث عن شبكة العلاقات التى يحاول العرض تحليلها والسخرية منها.
ولعل أول ما يمكن أن نصادفه فى العرض هو حالة المسرحة والتعامل المباشر مع الجمهور وكشف عناصر اللعبة المسرحية من خلال تقديم العرض من قبل مهرجين (محمد على رزق/ رشا جابر) وتعمد إحداث تشوه كوميدى عبر عملية القلب الجنسى عبر ارتداء الممثل لملابس تهريجية ذات صبغة نسائية فى مقابل ارتداء الممثلة لملابس ذكورية بالإضافة للشارب المرسوم على وجهها.
وتتصاعد حالة المسرحة مع تقديمهم للمؤديين/ المطربين فى إطار ساخر وتهريجى وصولاً لدخول الممثل الذى يؤدى دور حنظلة (أحمد فتحى) للبحث عن المكنسة التى يفترض أنها من إكسسوار الشخصية التى يؤديها.. إلخ.
ويستمر تصاعد حالة المسرحة عبر تحطيم العرض لأية إمكانية للاندماج العاطفى مع شخصية (حنظلة) عبر الكوميديا التى تتعمد السخرية من الآلام الشخصية ومعاناتها بداية من خروجه من السجن بعد دفع رشوة مروراً لطرد زوجته له من المنزل وخيانتها الجنسية له وطرده من مقر عمله السابق لتغيبه برغم محاولته إقناع المدير أنه كان محتجزاً ظلماً بالسجن خلال فترة غيابه، ثم محاولته إيجاد إجابة عن أسباب ما يتعرض له عند رجل الدين ثم لدى مركز الطب الإعلامى.. وصولاً إلى تفتح وعيه وثورته ثم سلب ثورته من خلال تلك القوى التى كانت تقمعه منذ البداية (الشرطى/الطبيب /أحمد عبد الهادى) و(المدير/ رجل الدين/ ياسر عزت).
ترتفع وتيرة السخرية وتهبط لكنها تظل دائماً حاضرة كعنصر تغريبى تماماً كالغناء الذى يقوم على المحاكاة الساخرة للعديد من الأغانى العاطفية والتى ترتبط بالإطار الساخر الذى وضعت فيه المؤدين.
وأخيراً فإن توزيع (المؤدين/المطربين) بين مساحة المتفرجين ودورهم المهم فى نسف أى مساحة للاندماج.
وبهذا يصبح حضور المتفرج كمشارك سلبى عبر الضحك والوعى بالمسرحة جزءا أصيلا من بنية العالم المسرحى فى عرض (حنظلة) وهو ما ينعكس بالطبع على طبيعة تلقى المتفرج للعرض المسرح ووعيه بالعلاقات التى تشكل ذلك العالم، فالعرض يقذف ومنذ البداية بعدد كبير من الشخصيات إلى ساحة الأداء لا تقوم بدور مباشر فى تصنيع العالم المسرحى أو بناء مجتمع النص بل أن دور معظمها يقتصر على التأكيد على حالة المسرحة وإشاعة أجواء كرنفالية عبر الملابس غير المتناسقة تاريخياً (مثل الزى الفرعونى الذى يرتديه المطرب) أو فى علاقتها اللونية أو تكوينها (مثل زى بافروتا /أمجد الحجار المكون من سترة قائد الأوركسترا وسروال شبابى).
ولعل ذلك الدور التغريبى الذى تقوم به تلك الشخصيات (مجموعة المطربين) يمكن أن يفسر مجانية وجودهم بالعرض، وعدم وجود أدوار لهم فى تشكيل العالم الدرامى، فالمتلقى يمكن أن يكتشف عدم وجود ضرورة لتلك الشخصيات بالعالم الدرامى خاصة مع وجود (المهرجين/المعلقين) من ناحية، وانعدام وجود علاقة تداخل بينهم وبين العرض من ناحية أخرى فهم منفصلون عن شخصيات العالم الدرامى ولا توجد علاقة بينهم وبين عالم حنظلة سوى التعليق الغنائى أو الحكايات التى يرويها (بافروتا). وهى التعليقات التى يمكن حذفها دون أن يصاب العرض بأى خلل بنائى أو خطابى. لكن وجودهم يظل ممتلكاً لقدر من المعقولية فى ظل الفوضى الافتراضية التى تطرحها المسرحة التى تستخدم الفوضى المنظمة وتدمير جماليات العرض المسرحى لتأكيد وجودها..
ولكن كل تلك التبريرات لا تفسر حالة القلق التى تسود العرض نتيجة فشله فى تحقيق رهانه الأساسى والمتمثل فى جمع كافة السلطات التى تسهم فى بناء الواقع وتحديد إمكانياته وممكناته وهو ما ينكشف العرض فى سقوط العرض بدوامة كبيرة تتشكل من عناصر واضحة وصريحة وعناصر تبدو مضببة وغامضة نتيجة عدم قدرتها على أن تحمل أكثر من قدرتها مثلما يبدو الحال فى الديكور الذى يبدو شديد البساطة والتجريد للحد الذى يمكن معه أن يشعر المتفرج أنه بدون معنى تقريباً ومنعدم الصلة بالعرض.. لكن ما يجعل من الممكن تقبله هى حالة المسرحة التى أشرنا إليها.
ولكن ورغم حالة القلق تلك فإن المتلقى يخرج من العرض وهو يشعر بقدر كبير من المتعة المسرحية نتيجة الحالة المسرحية المتقنة التى أنتجها المخرج وفريق العمل بداية من بطل العرض (أحمد فتحى) مروراً بأمجد الحجار الذى يظهر تقدماًُ ملحوظاً فى أدائه التمثيلى بين عرض وآخر وكذلك أحمد عبد الهادى وياسر عزت محمد على رزق ورشا جابر وآيات مجدى وسماح سليم وشادى عبد السلام.
فى النهاية يبقى أن نشير إلى أننا أمام عرض جيد ومتماسك حاول من خلاله المخرج والممثلين تقديم كوميديا راقية وممتعة باستخدام تقنيات الكوميديا ديلارتى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.