ما حقيقة المزاعم التى رددتها إسرائيل حول حقوق ما أطلقت عليهم «اللاجئون اليهود» الذين زعمت أنهم تعرضوا للاضطهاد وطردوا من البلاد العربية ومن بينهم مصر بعد العدوان الثلاثى عام 1956؟، وما حقيقة ما حدث لليهود الذين عاشوا فى مصر بهذه الفترة؟.. أسئلة تم طرحها أخيرا بعد ما نشره عدد من وسائل الإعلام الإسرائيلية عن وجود حقوق لليهود الذين عاشوا فى البلاد العربية كلاجئين. «اليوم السابع» اطلعت على الصحف التى صدرت منذ أواخر الخمسينيات حتى الستينيات، ونقلت أغلب ما كتب عن اليهود وعلاقة الدولة بهم لنقل حقيقة ما حدث. البداية مع بيان نشرته جريدة «المصور» للطائفة اليهودية بالإسكندرية بتاريخ 28 مايو 1958، كذب البيان الادعاءات التى نشرتها وكالات أنباء يهودية بباريس على لسان حاخام القاهرة الذى ادعى أنه خرج من القاهرة سرا بعد ما تعرض له من اضطهاد. وأكد البيان على لسان الطائفة أنها كانت على علم تام بترتيبات وموعد سفره، مما يشير إلى أنه غادر البلاد بشكل قانونى. كما أعلنت الطائفة أنهم يزاولون كل شعائرهم بحرية مطلقة تحت رعاية حاخام الإسكندرية «شحاتة هارون»، دون أى ضغط، وعلى قدم المساواة مع جميع الطوائف الدينية الأخرى، كما أن لديهم الحرية المطلقة فى التنقل، والتعبير عن آرائهم بحرية. كما ذكر تقرير نشرته جريدة «الأهرام» بتاريخ مايو 56 أن عددا من أفراد هيئة التحرير اجتمع بنخبة من كبار التجار اليهود فى مصر، وأكدوا خلال اللقاء أن الثورة لا تميز بين الأفراد من مختلف العقائد، حيث إن الدين للديان وحده، ومصر حيث تكافح الصهيونية، لا تبغى بذلك مكافحة الدين اليهودى أو أبنائه فى مصر، لكنها تكافح الاستعمار فى أى دولة، وإن إسرائيل يوم أن تعتدى على مصر فهى تعتدى بذلك على كل شخص مسلم أو مسيحى أو يهودى. وأكد الحاضرون عظم إخلاصهم لمصر وعبدالناصر، كما أشادوا بتسامح مصر مع يهودها. وأكدت جريدة «الأهرام» فى تصريحات نشرتها فى الشهر نفسه على لسان عبدالقادر حاتم، مدير مصلحة الاستعلامات، أنه لم يتم طرد يهودى مصرى واحد من البلاد العربية. وأوضح حاتم أن ما تردد عن طرد اليهود هو محض افتراء وكذب لأن الدستور المصرى يمنع إبعاد أى فرد من مصر لأى سبب، أو حتى سحب الجنسية منه، ووقتها كان يقدر عدد اليهود فى مصر وفقا لما ذكرته الجريدة بحوالى 35 ألف يهودى. جاءت أيضا التصريحات للحاخام اليهودى والتى نشرتها «الأهرام» فى 21 ديسمبر 56 بنفس السياق «فأشاد الحاخام برعاية مصر لهم، رافضا قيام أى دولة حتى لو إسرائيل التحدث باسمهم، وأذاع حابم ناحوم، حاخام الطائفة اليهودية، بيانا باللغتين العربية والفرنسية قال فيه إن اليهود المصريين جزء لا يتجزأ من الأمة المصرية، وإنهم يتمتعون بكل ما يتمتع به المواطن المصرى، وعلى ذلك فليس لأى دولة أجنبية سواء كانت إسرائيل أو غيرها أى صفة للتحدث باسم اليهود المصريين». وفى تصريح مهم للكاتب اليهودى ألفريد ليلنتال نشر فى جريدة «الأهرام» بتاريخ 19 ديسمبر 1957، قال إنه لم يتعرض يهودى واحد بمصر للقتل، وأشار ألفريد الذى زار الشرق الأوسط وقتها ليحقق فيما تردد عن اضطهاد اليهود العرب إلى أنه لم يتم قتل يهودى واحد على أرض مصر، بينما تم قتل 386 عربيا فى حادثين خطيرين بخان يونس ورفح، وقتل 66 آخرون فى حوادث متفرقة. وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن مراسلها قابل عددا من اليهود المهاجرين إلى «نابولى» بإيطاليا أثناء خروجهم من مصر فى 21 يناير الماضى، ووجد بينهم 28 يهوديا من المعروفين بميولهم الصهيونية، واعترفوا لمندوب الصحيفة بهذه الميول. كما ذكر أن الحكومة المصرية لم تقم بترحيلهم بالقوة ولكن باختيارهم وجاء هذا فى خبر نشرته الصحيفة بتاريخ 28 فبراير 57. وفى حوار لعبدالناصر نشر بتاريخ مارس 68 قال إنه يوجد فى مصر حوالى 3400 يهودى تم القبض على عدد منهم بسبب ظروف الحرب، وتم بعدها إطلاق سراحهم. وفى حديث مهم لوزير الداخلية شعراوى جمعة نشر بجريدة «الأهرام» بتاريخ 23 ديسمبر 67 قال إنهم قاموا باعتقال عدد من اليهود كشكل من أشكال الطوارئ وقت الحرب، وإن عدد الأفراد الذين تم اعتقالهم من إجمالى أفراد الطائفة لا يتجاوز الألفين، وتم الإفراج عن عدد كبير منهم، وجار بحث باقى الحالات.