صدر حديثًا عن دار العين للنشر، كتاب بعنوان "حول الناصرية والشيوعية المصرية" للمفكر السياسي المعروف سمير أمين، ينشر سمير أمين في هذا الكتاب نصا كُتب عام 1960، ونُشر بالفرنسية عام 1963 تحت عنوان "مصر الناصرية" بقلم "حسن رياض"، اسمه الحزبي فى تلك الأيام، وقامت المخابرات المصرية بترجمته للتوزيع المحفوظ على كوادر النظام. ويحتوي الكتاب أيضا على نصوص مستخرجة من مذكرات كُتبت فيما بعد، ساعيا الكاتب إلى إحاطة الأجيال الجديدة معرفة وخبرة بما كان الشيوعيون يقدمونه من آراء وأطروحات فى الفترة ما بين عام 1947 وعام 1967، وهى تخص تحاليلهم للنظام الناصري وكيف كانوا يرون اندماجه فى المنظومة العالمية لتلك الأيام. كان حكمه فى الناصرية قاسيا من الوهلة الأولى. ولا يزال، فالانقلاب الأول لعام 1952 ثم الانقلاب الثانى لعام 1954 لم يمثلا "نشأة الثورة" (ثورة يوليو كما يقال) بل كانت الناصرية محصلة لفترة المد الثوري انطلاقاً من 1919. فأنتج النظام ما كان يستطيع أن ينتجه فى ظرف 10 سنوات لا أكثر ثم فقد نفسه. وانتهز الاستعمار الأمريكى عن طريق الصهاينة هذا الضعف وضربه فى عام 1967م. ما حدث بعد ذلك أن بدأ جمال عبد الناصر نفسه الانفتاح عبر تفضيله خيار تقديم تنازلات لليمين عن طريق فتح باب انفتاح اقتصادى على خيار تجذير النظام. ثم عمق السادات الانفتاح وربطه بالتحيز والخضوع للولايات المتحدة والصهاينة واستمر مبارك فى نفس الطريق. إذن جاءت بعد المد الثورى الأول الذى استمر50 عاما، فترة من أربعين سنة أخرى تمتد من 1970 وحتى 2011، استغرق فيها المجتمع المصرى فى النوم، دون أن يكون له وزن فى المنطقة ولا فى العالم. إننا ندخل اليوم فى مد ثورى جديد، يمكن أن تكون حدوده أفضل من المد الثورى الطويل السابق. وأعتقد أن التوعية فى ظل الظروف العالمية والمحلية المختلفة يمكن أن يكون لها دور فى تحقيق ذلك.