تحدثنا أنفسنا كثيرًا أن نقسو وأن نصب جام غضبنا على من ظلمونا أو جرحوا مشاعرنا، لكن الضمير يمنعنا ويحول بيننا وبين القسوة والظلم وإيلام الآخرين. تحدثنا أنفسنا أن ننتزع السعادة انتزاعًا، وأن نحصل على مانريد مهما تألم الآخرون، لكن الضمير يقف حائط صد يمنعنا ويقومنا لأنه يدرك أن السعادة لا تبنى على حطام سعادة وحياة الآخرين. تحدثنا نفوسنا بالتخلى عمن هم فى حاجة إلينا ما دمنا فى غير حاجة لهم لكن الضمير يفتح أبوابًا للرحمة والتضحية والإيثار فى قلوبنا تمنعنا من جحود ونكران مشاعر وحاجات غيرنا. تحدثنا نفوسنا أن نستغل المواقف لصالحنا وننتهز الفرص ونحول نقاط ضعف الآخرين لصالحنا وأن نتلاعب بما تحت أيدينا من أسرارهم، لكن الضمير ينهرنا ويلقى بقيوده حول رغبات النفس لكى يحول بينها وبين العبور فوق أشلاء ضعيف أو من هو فى حاجة لمن يمد يده بالعون وينتشله من محنته لا من يدوس عليه ويقضى على ما تبقى منه. تحدثنا نفوسنا بأن نأخذ ما تحت أيدينا ونستغل نفوذنا ونعمل كل ما بدا لنا أنه يرفعنا وسط المجتمع ويعلى شأننا ما دام لا يرانا الناس، لكن الضمير يأبى علينا ويحكم قبضته المرة تلو الأخرى على نفوسنا الضعيفة، ويحول مسارها لتخدم الضعفاء والمحرومين والمظلومين. تحدثنا نفوسنا بالغرور والأنانية وحب الشهرة والمال، لكن ضميرنا يذكرنا بالله ويخوفنا عقابه وينزع عن عيوننا غشاوة حب النفس والأثرة وظلمة الرغبات الدنيئة فى نفوسنا البشرية. يحكم الضمير سيطرته تارة على نفوسنا وتتمرد هى تارة أخرى وتنفث عن غضبها وقسوتها وغرورها وضعفها تارات أخرى، لنعيش شدا وجذبا بين أهواء النفس والضمير، وما بين سيطرة ضميرنا على نفوسنا وتمردها هى وتغلبها علينا، تتكون مواقف كل منا وقيمه ومبادئه فى الحياة.