◄خبير مائى: مياه الآبار تحتاج إلى مراحل معالجة أكثر.. ومحطات التنقية لا تكفى أثار تلوث مياه قرية صغيرة بالمنوفية تساؤلات عن مدى كفاية مياه النيل، وصعوبة وصولها إلى منازل قرى تعيش بين فرعى رشيد ودمياط، ولا تبتعد كثيرا عن الهبة التاريخية التى منحت مصر الحياة منذ عهد بناء الأهرامات. ولأن مياه نهر النيل - على ما يبدو - لم تعد كافية لتكون المصدر الأول فى القرى والمناطق البعيدة عن المراكز الحضرية، فقد اعتمد بعض السكان على آبار ارتوازية عميقة وطلمبات حبشية ترويهم وأراضيهم أحيانا، لكن هذه الآبار تحمل أحيانا التلوث والموت مثلما تحمل الحياة. أربع قرى فى «المنوفية، والقليوبية، والشرقية والغربية»، صرخ سكانها فى أسبوع واحد لسقوط عدد كبير من أبنائهم مصابين بالتسمم نتيجة تلوث المياهو وكانت الكارثة أكبر فى المنوفية التى تعتمد أغلب قراها على المياه المستخرجة من الآبار. وتكمن أزمة محطات المياه التى تعتمد على الآبار الارتوازية كمصدر أساسى فى أنها تحتاج إلى أسلوب مختلف فى المعالجة والتنقية، بخلاف المتبع فى المحطات التى تتبع الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى، أو المحطات الأهلية التى يقيمها أفراد بالقرى الصغيرة، فمياه الآبار تتخطى مرحلة تنقية العكارة المعروفة فى المحطات العادية للنقاء الطبيعى للمياه، عكس المياه السطحية الواردة من نهر النيل، والتى تبدأ بالتطهير بالكلور مباشرة، بينما تحتاج هذه المحطات وحدات معالجة أكثر تطورا لفصل المعادن والأملاح الذائبة المرتفعة، مثل الحديد والمنجنيز. تمتلك شركة المياه 2705 محطات تنقية على مستوى الجمهورية، منها 911 محطة فى أربع محافظات فقط بالدلتا، بواقع 286 محطة فى المنوفية، و195 بالشرقية، و230 محطة بالغربية، و190 بالدقهلية حسب تقرير الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء 2011، ويختلف أسلوب معالجة مياه الآبار الارتوازية عن المحطات العادية بسبب عمق البئر، وزيادة تركيز الأملاح الذائبة والعناصر المعدنية، مثل الحديد والمنجنيز، كما يقول الدكتور محمد حلمى حبيش، رئيس قسم الجيولوجيا بكلية العلوم، جامعة قناة السويس. وأضاف: «من المفترض أن تكون مياه الآبار نقية، ولكنها أصبحت مصدر تلوث، وتكون لها طرق معالجة تبدأ بحقن الكلور فى المياه، ثم مراحل لفصل الأملاح والعناصر المعدنية». وأشار حبيش إلى أن «الكلور يتدخل فقط لفصل البكتيريا البيولوجية والفيروسات، ولكنه لا يتعامل مع الأملاح الذائبة والحديد والمنجنيز، والتى تحتاج إلى مراحل أخرى من التنقية والمعالجة ومرشحات عالية التركيز». الآبار الارتوازية التى تعتمد عليها المحطات فى أغلب قرى مصر، والمناطق الحدودية، ينفجر منها الماء تلقائيا من خلال تسرب مياه الأمطار إلى باطن الأرض، لتتجمع بشكل مضغوط فى طبقات الأرض، ثم تصعد للسطح مرة أخرى، وبقاء المياه فى بئر تحت الأرض يجعلها نقية، ولكن اقتراب الآبار من قرى تعانى من سوء مرافق الصرف الصحى، يؤدى إلى تسرب الصرف الصحى والزراعى والصناعى أحيانا إليها. الاستشارى الكيميائى الدكتور بهاء بدرالدين محمود، قال: «الأزمة فى المحطات التى تعالج مياه الآبار، لأن نسبة الحديد والمنجنيز تتركز بنسب عالية، وتكلفة التخلص منها أعلى من قدرات المحطات، لذلك تتم معالجتها بجرعات مضاعفة من الكلور، ويفضل أن يتم الاعتماد على محطات المياه البحارى وليس الآبار الارتوازية، رغم تكلفتها العالية أيضاً، والدولة تستطيع التحكم فى الأمر بزيادة الميزانيات».