سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
فريدوم هاوس: تحركات مرسى الأخيرة نحو تكميم أفواه المعارضة مثيرة للقلق.. واشنطن بحاجة للوقوف بحزم إلى جانب حقوق الإنسان.. تجب إعادة برمجة المساعدات الأمريكية لتخدم الإصلاحين السياسى والاقتصادى فى مصر
قالت منظمة فريدوم هاوس: إن واشنطن تواجه صعوبات فى التعامل مع السياسات المصرية الجديدة التى تتسم بالشجاعة. وأضافت أنه فى ظل تعدد مصادر السلطة فى مصر والجهات السياسية الفاعلة التى تقدم على أمور مفاجئة، والحقائق القديمة التى تنقلب كل يوم، فإن علاقة واشنطن بالقاهرة باتت فى موضع اختبار لم يحدث من قبل. ففى سعيها لفهم مصر اليوم قد تنزلق الولاياتالمتحدة فى خطر التعامل مع الرئيس الإسلامى محمد مرسى ووزير دفاعه عبد الفتاح السيسى بالطريقة نفسها التى سلكتها مع مبارك وطنطاوى، حيث الاعتماد عليهما فى حماية المصالح الأمريكية يبدأ من التعاون العسكرى ومكافحة الإرهاب، حتى دفع عملية السلام فى الشرق الأوسط. ويؤكد كلٌّ من ديفيد كرامر، رئيس المنظمة الحقوقية، وتشارلز دن، مدير برامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فى مقال مشترك، أن اتخاذ هذا النهج فى يومنا هذا يعد خطأ فادحًا، سواء على مستوى العلاقات الثنائية بين البلدين أو على مستوى استقرار الديمقراطية الوليدة فى مصر. وأشار مسئولو المنظمة الأمريكية إلى أن مصر اليوم أكثر من مجرد رجلين، وهذا شىء جيد، لأنهما - سواء مرسى أو السيسى - ليسا ديمقراطيَيْن، فرغم إشادات واشنطن المبكرة فإن تحركات مرسى الأخيرة نحو تكميم أفواه الصحافة، والاستيلاء على السلطتين التشريعية والتنفيذية، والسماح بغلبة فصيل واحد فى عملية تشكيل الدستور، كلها أمور تبعث على القلق. فبينما أبلغ السيسى وزارة الدفاع الأمريكية عزمه الحفاظ على العلاقات العسكرية القوية مع الولاياتالمتحدة؛ كان معروفًا على نحو واسع فى الشارع المصرى أنه الرجل الذى أمر بإجراء "كشوف العذرية"، سيئة السمعة، للمتظاهرات قبل عام، فى محاولة لترهيبهن. وتتابع المنظمة: إنه من الواضح أن مرسى ليس من المحتمل أن يعمل على تلبية توقعات الولاياتالمتحدة على الساحة الدولية، فإن زيارته المقررة لطهران أواخر أغسطس - وهى الأولى لرئيس مصرى منذ الثورة الإيرانية عام 1979 - تسجل تحولاً تاريخيًّا فى العلاقات الخارجية لمصر، غير أن تأييد مرسى لمجموعة اتصال تشمل إيران، لحل الصراع السورى بشكل سلمى، يضعه على خلاف مع الولاياتالمتحدة وحلفائها فى الخليج. ويتوقف الكاتبان ليتساءلا: كيف ينبغى للولايات المتحدة أن تقترب من مصر الجديدة دون الاعتماد على الرجال الأقوياء المعتادين لها؟ فأولاً ينبغى أن تكون المبادئ الأساسية هى دليل سياسة الولاياتالمتحدة، وهذه المبادئ لابد أن تكون واضحة فى العلن والسر، إذ يجب على واشنطن أن تقف بحزم إلى جانب حقوق الإنسان الأساسية، لاسيما الفئات الأكثر ضعفًا، بمن فيها المرأة والأقليات الدينية، ودعم حرية التعبير والصحافة وتكوين الجمعيات. ومن المهم على نحو خاص أن تضغط واشنطن على الحكومة المصرية لتحرير بيئة المجتمع المدنى وإنهاء الملاحقات القضائية ضد المنظمات الدولية غير الحكومية، لما بذلته من جهود لمساعدة المصريين فى دفعهم نحو الديمقراطية. وكذلك يجب وضع حد للتحقيق مع المنظمات غير الحكومية المحلية. فيجب أن يكون هناك مكافأة عن تقدم عملية التحول السياسى وعواقب حقيقية عن إعاقتها. ويتوجب على الولاياتالمتحدة الانخراط فى شراكة أوسع مع المجتمع المصرى، ومختلف القوى السياسية؛ فإنها بحاجة إلى الوصول إلى النشطاء الشباب والأحزاب الليبرالية والعلمانية، فأفكارهم حول الديمقراطية والحكم مثلت الأسس الأيديولوجية للثورة ضد مبارك، وكانت على نطاق واسع قبلة الجسد السياسى المصرى، بمن فيه جماعة الإخوان المسلمين، فإنهم سيستمرون فى لعب دور مهم فى السياسة المصرية. ومن الضرورى أيضًا للولايات المتحدة أن ترتبط بالحكومة المصرية على أساس أوسع نطاقًا؛ ففى الماضى مالت واشنطن للاعتماد على اتصالات الدبلوماسيين بوزارة الدفاع وضباط الجيش، إذ ابتعدت زيارتهم عن الجانب المدنى، وأدى ذلك بدوره إلى رؤية أمنية ضيقة للعلاقات؛ لذا تحتاج شراكة واشنطن والقاهرة حاليًّا إلى مزيد من التعاون المدنى والدبلوماسية التقليدية. وأخيرًا فإن الولاياتالمتحدة بحاجة لإخضاع العلاقات الثنائية إلى مراجعة واسعة النطاق للسياسات التى ظلت ثابتة إلى حد كبير فى السنوات ال 31 الماضية، والتى لم تخدم مصالح الأمريكان أو المصريين على حد سواء. كما أنها فرصة لإعادة التفكير فى مليارات الدولارات التى تقدمها واشنطن للجيش المصرى تلقائيًّا، وأن تنظر فى إعادة برمجة هذه الأموال لدعم الحاجة الماسة إلى الإصلاحين السياسى والاقتصادى. ففى ظل هذه الاضطرابات التى تموج المنطقة بها ينبغى على الأمريكيين أن يتوقعوا مزيدًا من العواقب الإيجابية على أموال دافعى الضرائب التى تشارك فى المساعدات الذاهبة إلى مصر. فرغم أنه هدف صعب المنال على الدبلوماسية الأمريكية فإنه ضرورى لوضع العلاقات الأمريكية المصرية على قاعدة ثابتة فى سبيل دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان وتعزيز الاستقرار الذى تأمله واشنطن.