"العائدون من تل أبيب" مثلما طاروا نحو العاصمة الإسرائيلية خفية دون أن يعرف أحد إلى أين ولماذا ذهبوا، عادوا دون أن يتعرف أحد على هويتهم، تلك السرية التى فرضها الوفد الاقتصادى المصرى عليهم طبيعة مهمتهم، والتى تمثلت فى حضور اجتماعات مع الجانب الإسرائيلى حول اتفاقية "الكويز" لم يستطع حتى كبار رجال الاقتصاد اختراقها، لدرجة جعلت عبد الرحمن فوزى رئيس قطاع الاتفاقات الخارجية بوزارة التجارة والصناعة، يقسم بعدم معرفته بأسمائهم، رغم أنه المسئول الأول عن مباشرة اتفاقية الكويز بل زاد على ذلك بقوله "لم يكن لدى علم بسفرهم من الأصل إلا من خلال ما نشر بالصحف". وبمجرد وصول الوفد إلى الأراضى المصرية بدأت التخمينات تدور حول هوية أفراده، وعلى الفور سرت نميمة فى الأوساط الاقتصادية مفادها أن جلال الزوربا رئيس اتحاد الصناعات ورئيس مجلس الأعمال المصرى الأمريكى، وعلاء عرفة رجل الأعمال المعروف، كانا على رأس الوفد باعتبارهما أكبر مصدرين منسوجات للخارج من خلال اتفاقية " الكويز"، وإن لم تكن تأكدت هذه النميمة حتى الآن. لكن ما تأكد لليوم السابع هو أن إسماعيل أبو السباع رجل الأعمال الشهير عضو اللجنة التنفيذية للكويز ورئيس المجلس التصديرى للمفروشات المنزلية سابقاً وصاحب مصانع أبو السباع بالمحلة، كان ضمن الوفد الاقتصادى المصرى الثلاثى بحسب تأكيدات مصدر مقرب منه كشف عن عدم عودة أبو السباع حتى الآن من تل أبيب على عكس باقى الوفد. ربما تكون أحداث غزة الأخيرة سببا فى فرض السرية التامة على تلك الزيارة التى ارتبط فيها ما هو سياسى بما هو اقتصادى، فبحسب مجدى طلبة رئيس المجلس التصديرى للملابس الجاهزة سابقا، فإن زيارة اللجنة المسئولة عن متابعة تنفيذ "الكويز" إلى تل أبيب لعقد اجتماعات مع الجانب الإسرائيلى تعد أمرا روتينيا، وبل وتضم أحيانا مسئولين حكوميين ودبلوماسيين. تصاعد أحداث غزة وتزايد أعمال العنف ضد الشعب الفلسطينى الشقيق هو ما أثار تلك الضجة حول زيارة الوفد لتل أبيب، ويضيف مجدى طلبة" ماذا سيفعل الرأى العام حينما يعرف أن الوفد سيعاود السفر إلى تل أبيب مرة أخرى لأنه عاد إلى القاهرة لاكتشافه وجود معلومات خاطئة فى الأوراق والمستندات الخاصة بالشركات المشاركة فى الكويز سيتم تصحيحها ثم السفر مرة أخرى؟". المثير هو ما كشف عنه الخبير الاقتصادى د.حسن عبد الفضيل، حيث قال إن السبب الحقيقى لانسحاب الوفد المصرى من المباحثات مع الجانب الإسرائيلى هو اعتراض مصر على أن إسرائيل تصدر إليها أسوأ ما لديها، فالسوست والزراير تنكسر بسهولة، كما أن إسرائيل تستورد من الصين ودول أسيوية أخرى بضائع رديئة وتصدرها لمصر على أساس أنها مصنوعة فى إسرائيل". مضيفا أن مصر تريد الآن وضع معايير جديدة لما تصدره لها إسرائيل التى تتلاعب ببند فى الاتفاقية اعتبرته مصر وقت توقيع الاتفاقية تفصيلة صغيرة (يشترط أن تكون الخامات قادمة من إسرائيل وليس مصنعة فيها). رجال الأعمال المطبعون مع إسرائيل ليسوا فى نعيم كما يظن البعض، فهم يتعرضون لمعاملة مهينة من قبل السلطات الإسرائيلية، وكشف عن هذا فى مارس 2007 رجل أعمال إسرائيلى يدعى "دانى روشين" صاحب شركة "كيتان" الإسرائيلية للنسيج الذى اشتكى للقيادة السياسية فى بلاده، أن ستة رجال أعمال مصريين أبلغوه بوقف زيارات العمل إلى إسرائيل، بسبب التفتيش المهين الذى يتعرضون له واحتجازهم لوقت طويل فى مطار "بن جوريون" قبل السماح لهم بالدخول. كما أن حراس المطار يسألونهم أسئلة مستفزة ومهينة، ويتعرضون لفحص مذل يحقر من شأنهم، وصفها البعض بأنها مسح لكرامة رجال أعمال لديهم صفقات تجارية مع الشركات الإسرائيلية تبلغ 100 مليون دولار، وحذر روشين آنذاك من التعامل المذل والمهين الذى يتعرض له رجال الأعمال المصريون، لأنه يهدد بإفساد العلاقات الاقتصادية الإسرائيلية معهم، وخاصة أنهم ذوو قوة هائلة وتأثير لقربهم من دوائر صنع القرار فى مصر. الوفد المصرى الذى سافر إسرائيل هو جزء من اللجنة المصرية الإسرائيلية المشتركة المكونة بموجب اتفاقية الكويز. لمعلوماتك.. 733عدد الشركات المصرية المُطبعة مع إسرائيل ضمن "الكويز".