إزاء الخلل الذى تعانى منه سوق المصارف منذ العام 2007، والأزمة المالية فى 2008، رد المصرف المركزى الأوروبى بتعديل معدل الفائدة الرئيسى وأيضا بتبنى إجراءات "غير تقليدية"، واستخدم المصرف الأوروبى الذى يعتبر حامى الاستقرار المالى أداته الرئيسية وهى معدل إعادة التمويل. ومن خلال خفض هذا المعدل، فإن المصرف يعزز عرض قروض المصارف الأوروبية مما يجعل الاقتراض أقل كلفة بالنسبة إلى الأسر والمؤسسات مما له وقع إيجابى على النشاط الاقتصادى، إلا أن هذه الحركة تشجع أيضا على التضخم وهو ما يريد المصرف ومقره فرانكفورت إن يبقيه فى مستوى قريب إنما أدنى من 2%. وبعد اندلاع أزمة قروض الرهن العقارى عالية المخاطر والتى يظل رمزها إفلاس مصرف ليمان براذرز فى سبتمبر 2008، فإن المصرف المركزى الأوروبى اضطر إلى التدخل لمواجهة أزمة مالية عالمية لا سابق لها. وبسبب تركيز المصرف على مكافحة ارتفاع الأسعار، تأخر فى خفض معدله الأساسى لا بل إنه رفعه فى يوليو 2008 إلى 4,25%. إلا إن الأمر انتهى بالمصرف إلى الاحتذاء بالاحتياطى الفدرالى الأميركى ولو بعد تأخير، وقام بالتالى بخفض معدل الفائدة الرئيسى مرات عدة اعتبارا من أكتوبر 2008 ليصل إلى 1% فى مايو 2009،إلا أنه سيعود إلى رفعه فى إبريل ويوليو 2011، قبل إن يتسع نطاق أزمة الديون. ومنذ يوليو وهذا المعدل متوقف عند 0,75% وهو يعتبر مستوى آخر متدنيا فى تاريخ البنك. وبما إن الأزمة غير مسبوقة، فقد لجا المصرف إلى أدوات غير معهودة أو "غير تقليدية" على حد تعبيره، من أجل تسهيل وصول المصارف ذات الملاءة بشكل مستمر إلى السيولة. وكانت المبادرة الأولى فى أغسطس 2007 عندما وجه المصرف المركزى إشارة قوية عند قيامه بضخ سيولة مرتين بما مجمله 150 مليار يورو من خلال طلب استدراج عقود تلته عدة طلبات أخرى. وبعد ذلك، تدخل المصرف المركزى على جبهات عدة، ووسع نطاق المؤسسات المالية التى يحق لها الحصول على إعادة تمويل منه، وأيضا من خلال زيادة قائمة ديون الأوراق المالية التى تشكل ضمانات عند تبادل القروض. كما وقع المصرف اتفاقات لتبادل العملات مع مصارف مركزية أخرى تتيح مثلا الحصول على سيولة بالدولار أو الفرنك السويسرى. وفى الوقت الذى تتزايد فيه الضغوط على سوق المصارف، فإن الحذر بين مختلف مؤسسات الإقراض حال دون إن تقرض بعضها البعض، مما حمل المصرف المركزى أيضا على إطالة أمد القروض التى يمنحها، وعلاوة على عمليات إعادة التمويل المعتادة من سبعة أيام، لجأ المصرف المركزى الأوروبى إلى عمليات على المدى الطويل وذلك اعتبارا من 2008 بمهل تتراوح بين6 أشهر وعام، لقيم غير محددة وبمعدلات ثابتة. وفى ديسمبر وفبراير، قام المصرف المركزى بعمليتين غير مسبوقتين عندما منح قروضا على ثلاث سنوات بقيمة تجاوزت ألف مليار يورو، مما يشكل ضخا للسيولة أثار تأثيره جدلا. وواصلت القروض للقطاع الخاص فى المنطقة تراجعها فى يونيو وأظهرت الدراسات تشددا فى شروط القروض التى تمنحها المصارف. والأجراء الآخر الذى اتخذه المصرف المركزى، كان إطلاق فى مايو 2010 برنامج إعادة شراء سندات رئاسية على السوق الثانوية، حيث يتم تبادل سندات الدول التى تم إصدارها سابقا. إلا أن المصرف المركزى الأوروبى، الذى لم يحبذ هذه الأداة التى استخدمت أبان أزمة الديون اليونانية الأولى قبل إن يتم توسيع نطاقها فى صيف 2022 للحد من ارتفاع أسعار معدلات قروض أسبانيا وإيطاليا، لم يعد يلجا إليها منذ أواسط مارس، لا بل منذ فبراير إذا استثنينا عملية شملت مبلغا بسيطا. وبات إجمالى قيمة هذه العمليات 211,5 مليار يورو. إلا إن حاكم المصرف المركزى الأوروبى ماريو دراغى أعلن الخميس أن المصرف انطلاقا من تصميمه على بذل كل الجهود لإنقاذ منطقة اليورو، يمكن إن "يقوم بعمليات على أسواق السندات بحجم مناسب لتحقيق هدفه"، وذلك فى مواجهة معدلات قروض "غير مقبولة" يتعين على بعض دول منطقة اليورو إن تقبل بها.