مع كل رقم يعدي من أعمارنا، أحداث ومواقف تغير مسار حياتنا ليست صدفة بل محطات اختبار تكشف من ثبت ومن تراجع، ومن ظن أن التسلط طريق مختصر للسيطرة. عزيزي القارئ، أصدقك القول أن هذا العام لم يكن مجرد وقت، بل كان مواجهة صريحة مع النفس، دفعني لفتح المخزون داخل القلب وترتيب ما تراكم فيه على مدار سنين من حاجات وبشر وضعوا في أماكنهم الخطأ من يستحق البقاء ومن لا يصلح لأي مرحلة قادمة. وبرغم كل ذلك شكرا. نعم شكرا للناس السالكة، التي وجودها ترتيب وليس فوضى، حضنها أمان وليس عبء، والتي ما يخزنش يعاش. شكرا للكلمة الحلوة التي ترتب القلب، لضحكة صافية، ولنصيحة جاءت في وقتها ومنعت ما كان سيكسر. عزيزي القارئ وأنا اغلق السنة، أجدد عهدي مع نفسي، وأشكر الحياة لأنها منحتني بداية لا تعرف السقوط، علمتني أن بعض الدروس لا تأتي ناعمة، وأن الطريق للوعي يمر فوق أشواك التجربة، وأن الصمت أحيانا شراكة غير معلنة في الخطأ. لا تتعجب فالأرقام التي تمر في حياتنا ليست مجرد سنوات تعدي، بل محطات كشف حساب. القوة الحقيقية ليست في الصوت العالي، ولا في المنصب، ولا في تعطيل الحق، بل في الشجاعة على مواجهة الخطأ، والعدل في زمن الالتفاف، والوقوف في صف المظلوم حتى لو وقف وحده. على الرغم من أن في مجتمعاتنا أخطر ما نواجهه ليس الخطأ نفسه، بل تبريره. ليس الفساد، بل التعايش معه. ليس الظلم، بل تحويله إلى أمر واقع يطلب منا قبوله باسم الظروف أو المصلحة أو الخوف من الهاوية. ولكننا تعلمنا من خبراتنا الحياتية ومن قيادتنا السياسية أن الحقيقة أوضح من كل ذلك فالهاوية لا تدار، والتسلط لا يصلح، والصمت لا ينقذ أحدا. تعلمت أن الدفاع عن الحق ليس رفاهية، بل واجب، وأن تصويب الخطأ ليس خروجا على النظام، بل حماية له. الوطن لا يقوم على المجاملة، بل على الصراحة، ولا يحيا إلا بالوعي. ومن هنا، أتعهد لوطني أن أكون صوت حق لا يخشى غائرا ولا مخادعا، ولا ينحني لتدابير هاوية صنعت للاذى والسيطرة لا لحماية العدالة. نعم أتعهد أن أواجه الخطأ مهما تلون، وأن أدافع عن كل مظلوم، وأن أقول "لا" حين يصبح الصمت خيانة للمبادئ. عزيزي القارئ تأكد أن آخر رقم في العام ليس نهاية طريق، بل بداية جديدة. بداية وعي لا يشترى، وقلم لا يكسر، وموقف لا يدار من خلف الستار. وسند الأهل هو المعنى الحقيقي للقوة في ظهر لا ينحني، وقلب يعرف متى يحتوي ومتى يقسو ليحمي، وهو الذي يكسر كل تدبير ساقط حاول دفعنا نحو هاوية الاستسلام أو التطبيع مع الظلم. ولن ندار بمنطق الفوضى، ولن نخضع لإرادة من ظنوا أن السلطة ترهب، وأن الصمت يشترى. فالهاوية لا تصنع وطنا، والتسلط لا يبني مستقبلا. وطني يستحق الصدق، أهلي يستحقون الأمان، وأنا اخترت الطريق الأصعب أن أكون على الحق لا على الهامش. عزيزي القارئ، هذه شهادتي، وهذا عهدي، وهنا تبدأ الحكاية من جديد بقلب واع، وقلم مسؤول، وإيمان بأن مصر لا تحمل إلا بالحب ولا تحمى إلا بالوعي، وأن الأزمة لها عمر افتراضي، والقادم أفضل بالقلب الصافي والنية الصادقة للجميع، والله مع الجميع، ونتقابل على خير في 2026.