ببالغ الأسى وقلوب يعتصرها الحزن، تنعى رابطة كتاب ونقاد الفن بنقابة الصحفيين المصريين رحيل المخرج الكبير داوود عبد السيد، الذي انتقل إلى رحمة الله اليوم، السبت الموافق 27 ديسمبر 2025، بعد رحلة إبداعية امتدت لعقود، قدّم خلالها أحد أهم المشاريع السينمائية في تاريخ الفن المصري والعربي. يُعد داوود عبد السيد واحدًا من أكثر المخرجين تأثيرًا في الوعي البصري لدى الجمهور وصناع السينما على حد سواء. فمنذ بداياته كمساعد مخرج في أعمال يوسف شاهين، مرورًا بأفلامه التسجيلية المهمة، وصولًا إلى تجربته الروائية التي صنعت له مكانة استثنائية، حافظ الراحل على خط سينمائي واضح وصارم، يقوم على التأمل والفلسفة والبناء الإنساني العميق للشخصيات. لم تكن أفلامه مجرد حكايات؛ كانت رؤى فلسفية مُحكمة، تضع الإنسان في قلب الأسئلة، وتعيد طرح العلاقة بين المجتمع وقيمه، وبين الفرد وصراعه الداخلي. وقد تميزت أعماله بقدرة نادرة على المزج بين الحس الواقعي والنبرة الشاعرية، وبين النقد الاجتماعي العميق والبناء الدرامي الرصين. كان داوود عبد السيد صوتًا فنيًا حرًا، يرفض الانسياق ويقاوم التنازلات، ويدافع عن قيمة السينما باعتبارها فنًا للوعي وتشكيل الوجدان، لا مجرد وسيلة للترفيه. ظل طوال حياته وفيًا لخطه الإبداعي، مخلصًا لأفكاره، زاهدًا في الظهور الإعلامي إلا فيما يخدم الفن ورسائل السينما. إن رحيل هذا المبدع الفذ يمثّل خسارة كبيرة للمشهد الثقافي والفني في مصر والعالم العربي؛ فقد فقدت السينما أحد أبرز مفكريها، وأكثر مخرجيها التزامًا بالإنسان وقضاياه. وسيبقى إرثه الفني مصدر إلهام للأجيال القادمة من السينمائيين والنقاد والباحثين. تتقدم رابطة كتاب ونقاد الفن بخالص التعازي إلى أسرة الفقيد، وإلى جميع محبيه وتلاميذه وزملائه في الوسط الفني، سائلين المولى عز وجل أن يتغمده برحمته الواسعة، ويسكنه فسيح جناته، ويلهم ذويه ومحبيه الصبر والسلوان.