"الخطاب والتأويل" عنوان كتاب للمفكر الراحل نصر حامد أبو زيد، يحمل فى طياته فكرة الدعوة إلى الحوار، لأن عدم الحوار كما يقول أبو زيد فى حواره، جدير بإشاعة جو من "العفن" الفكرى والركود العقلى، وهو عفن كلما تزايد تآكل عقل الأمة، موضحا أن هناك مفاهيم كثيرة مثل "العلمانية" و"الردة" و"الدولة الدينية" و"اللغز" و"الإيمان" و"العقيدة" والاجتهاد والنصوص تحتاج كلها للشرح والحوار لوضعها ضمن رؤية معاصرة. يطرح الكاتب هذه الفكرة من خلال كتابه ويناقشها من خلال أعمال مفكرين إسلاميين، ليبين حقيقة المثقف العربى والسلطة، وليشرح رؤيته الخاصة فى التراث والتأويل، وليقول إنه لا بد من محاورين، لأن الهدف من الحوار إقناع الطرف الآخر، وإن كان ذلك مطلوباً، بل الهدف الأسمى المشاركة الواسعة للطرف الثالث أبناء هذا الوطن بكل طوائفه، وذلك هو السبيل لنشر المعرفة وإشاعة جو الحوار فى ربوع الوطن للتحرر من الحوارات واللقاءات المغلقة، حوارات النخبة والصفوة. وفى ظل احتدام الصراع تحاول معظم الخطابات أن تستخدم ضد بعضها البعض أشد أسلحة "الاستبعاد" و"الإقصاء"، ويسعى كل خطاب لأن يتحول إلى سلطة، وكلما اقترب الخطاب من سدة السلطة السياسية ازدادت شهية القمع والتدمير عند ممثليه، رغم الفارق بين خطاب يمارس سلطة مستمدة من مصدر خارجة، وآخر يستمدها من آليات الإقناع والحفز المعرفى. ويوضح أبو زيد أن للسلطة تجليات وأشكالا شتى، فالإضافة إلى السلطة السياسية، هناك سلطة "العقل الجمعى"، وسلطة الواعظ فى المسجد والكنيسة، وهما سلطتان تساند إحداهما الأخرى وتشملها بالحماية، فإذا استطاع نمط من أنماط الخطاب أن يستخدم هاتين السلطتين، ويوظفهما لترويج أفكاره فإنه يكون مؤهلا لا لتهميش نقيضه فقط، بل يكون قادراً على تحدى السلطة السياسية، التى غالبا ما تسعى للتحالف معه.